شرائط سقوط صلاة الجمعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وشرائط سقوطها أمور، منها : فلا تجب على
الصبي مطلقا، ولا على
المجنون، ولا على
المرأة مطلقا، ولا على
الخنثى، ولا على العبد مطلقا، ولا على المريض مطلقا، ولا على
الأعرج، ولا على
الأعمى، ولا على المسافر، ولا على البعيد بفرسخين أو أزيد.
فلا تجب على
الصبي مطلقا وإن صحّت من المميز تمرينا وأجزأته عن ظهره كذلك.
ولا على
المجنون حال جنونه.
ولا على
المرأة مطلقا. _أي : ولو أذن لها زوجها (منه رحمه الله)
ولا على
الخنثى إذا كان مشكلا على قول.
ولا على العبد مطلقا، أذن له السيّد أم لا، قنّا كان أو مدبّرا أو مكاتبا، أدّى شيئا أم لا، إلاّ إذا هايأه المولى فاتّفق الجمعة في نوبته فتجب الجمعة على قول.
ولا على المريض مطلقا ولو لم يشقّ عليه الحضور في ظاهر
إطلاق النص
والفتوى، وإن قيل بوجوب الحضور مع عدم المشقة التي لا تتحمل عادة إلاّ مع خوف زيادة المرض فلا تجب الجمعة.
ولا على
الأعرج إذا كان مقعدا قطعا لا مطلقا وفاقا لجماعة
وإن أطلق آخرون،
لعدم دليل عليه يعتدّ به عدا رواية مرسلة
لا جابر لها، عدا دعوى المنتهى إجماعنا على
اشتراط عدم العرج مطلقا،
لكنها كالرواية تحتمل
الانصراف إلى المتبادر منه وهو الذي ذكرناه، ويشعر به سياق عبارة المنتهى، مع أنه في التذكرة قيّده بالبالغ حدّ
الإقعاد وادّعى عليه إجماعنا،
وفيها وفي
نهاية الإحكام أنه إن لم يبلغه فالوجه السقوط مع المشقة والعدم بدونها.
ولا على
الأعمى مطلقا كالمريض، وقيل فيه أيضا ما مضى.
ولا على الشيخ الكبير العاجز عن الحضور أو الشاق عليه مشقة لا تتحمل عادة.
ولا على المسافر سفرا يجب عليه التقصير لا مطلقا.
ولا على البعيد بفرسخين أو أزيد. بلا خلاف في شيء من ذلك أجده إلاّ ما مرّ فيه الخلاف، بل عليه
الإجماع في عبائر جماعة وإن اختلفت في دعواه في الجميع كالمنتهى وغيره،
أو في البعض خاصة كالفاضل في التذكرة فقد ادّعاه في الحرّية و
انتفاء الشيخوخة وما عرفته،
كالشهيدين في الذكرى وروض الجنان
في الحرّية خاصة وإن كان ظاهرهما كغيرهما
انعقاد إجماعنا على الجميع، وهو الحجّة فيه.
مضافا إلى السنّة المستفيضة، ففي الصحيح : «وضعها عن تسعة : عن الصغير، والكبير، والمجنون، والمسافر، والعبد، والمرأة، والمريض، والأعمى، ومن كان على رأس فرسخين».
ونحوه في بعض خطب
أمير المؤمنين عليه السلام المروية في الفقيه.
قيل : وروي مكان المجنون الأعرج.
وفيه : «إلاّ خمسة : المريض، والمملوك، والمسافر، والمرأة، والصبي».
ولا تنافي بينهما واقعا وإن توهّم ظاهرا، لأن الهمّ والأعمى والأعرج كأنهم مرضى، والمجنون بحكم الصبي، و
الإعراض عن البعيد لأن المقصود حصر المعدود في المسافة التي يجب فيها الحضور، ولعلّه لذا لم يعبّر الماتن عن هذا الشرط بما ذكرناه، بل قال (وتسقط عنه) الجمعة (لو كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين) وما اعتبره من الزيادة عليهما هو الأشهر، بل عليه عامة من تأخر، وفي ظاهر
المنتهى دعوى الإجماع عليه،
كالخلاف والغنية كما حكاه بعض الأجلة،
وفيه الحجّة، مضافا إلى العموم والمعتبرة كالصحيحين : «تجب الجمعة على من كان منها على رأس فرسخين».
ونحوهما المروي في العلل والعيون : «إنما وجبت الجمعة على من كان منها على فرسخين لا أكثر من ذلك، لأن ما يقصر فيه الصلاة بريدان ذاهبا، أو بريد ذاهبا وجائيا، والبريد أربعة فراسخ، فوجبت الجمعة على من هو على نصف
البريد الذي يجب فيه التقصير، وذلك أنه يجيء فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر».
خلافا للصدوق وابن حمزة
فأسقطاها عمّن على رأس فرسخين، للصحيحة المتقدمة
. وأجيب عنها بالحمل على من زاد بقليل،
لامتناع الحصول على نفس الفرسخين حقيقة.
وحملت في المختلف على السهو.
والأوّل أقرب. وهنا قولان آخران يحتملان ـ كالصحيح المستدل به عليهما ـ الحمل على ما اخترناه.
وظاهر العبارة كغيرها عدم سقوط الجمعة عمّن اجتمعت فيه الشرائط المتقدمة فيه مطلقا مع أنّ في الصحيح : «لا بأس أن تدع
الجمعة في المطر».
وفي التذكرة : لا خلاف فيه، والوحل كذلك، للمشاركة في المعنى.
وفي
الذكرى : وفي معناه الوحل والحرّ الشديد والبرد الشديد إذا خاف الضرر معهما، وفي معناه من عنده مريض يخاف فوته بخروجه إليها أو تضرره به، ومن كان له خبز يخاف
احتراقه ، وشبه ذلك.
وفي المنتهى : السقوط مع المطر المانع والوحل الذي يشقّ معه المشي وأنه قول أكثر
أهل العلم، قال : لو مرض له قريب وخاف موته جاز له
الاعتناء به وترك الجمعة، ولو لم يكن قريبا وكان معنيّا به جاز له ترك الجمعة إذا لم يقم غيره مقامه، ولو كان عليه دين يمنعه من الحضور وهو غير متمكن سقطت عنه الجمعة، ولو تمكّن لم يكن عذرا.
وعن
الإسكافي : من كان في حقّ لزمه
القيام بها، كجهاز ميت أو تعليل والد أو من يجب حقه، ولا يسعه التأخير عنها.
وهو مشكل إن استلزم القيام بها والحال هذه الضرر أو المشقة التي لا تتحمل مثلها عادة، لعموم نفيهما في الشريعة المرجح على عموم التكليفات طرّا اتفاقا واعتبارا. ومنه يظهر الوجه في إلحاق بعض ما مرّ بشرط
البلوغ إلى هذا الحدّ، ويمكن فهمه من العبارة بجعل العنوان فيها كلّ مكلف، ولا تكليف معه.
(ولو حضر أحد هؤلاء) المدلول عليهم بالقيود المذكورة في العبارة ـ من الأعمى والمسافر والمريض والأعرج و
الهمّ والبعيد ـ محلا أقيم فيه الجمعة (وجبت عليه، عدا الصبي والمجنون والمرأة). أما وجوبها على من عدا هذه الثلاثة بعد الحضور فهو المشهور على الظاهر، المصرّح به في كلام بعض،
وعن ظاهر الغنية دعوى
الإجماع عليه مطلقا،
كما هو ظاهر
الإيضاح والمحقّق الثاني لكن فيمن عدا العبد والمسافر،
والمنتهى في المريض خاصة وصريحة في الأعرج،
وصريح التذكرة في المريض والمحبوس لعذر المطر أو الخوف،
وفي المدارك نفي الخلاف عنه في البعيد_ولم نعثر على نفي الخلاف في المدارك.
ولعلّه للعموم، و
اختصاص ما دلّ على وضعها عنهم من النصوص ـ بعد ضمّ بعضها إلى بعض ـ بإفادة وضع لزوم الحضور إليها لا مطلقا، وإلاّ لما جاز لهم فعلها عن الظهر، وهو باطل إجماعا كما هو ظاهر المدارك في الجميع،
والمنتهى في العبد والبعيد والمسافر،
والذكرى في الأخير.
هذا مضافا إلى الخبر المنجبر بعمل الأكثر وفيه : «إنّ الله عز وجل فرض الجمعة على جميع المؤمنين والمؤمنات، ورخّص للمرأة والمسافر والعبد أن لا يأتوها، فلمّا حضروها سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأوّل فمن أجل ذلك أجزأ عنهم».
وبما ذكر يذبّ عن النصوص الدالّة على كون الظهر فريضة المسافر،
بحملها على صورة عدم الحضور إلى مقام الجمعة كما هو الغالب المتبادر من إطلاقاتها. خلافا لظاهر
المبسوط والمنقول عن ابن حمزة والفاضل
في العبد والمسافر، فلا تجب عليهما وإن جاز لهما فعلهما، لما مرّ مع الجواب عنه. ويتأكد في الأخير، لورود النصر باستحبابها له، ففي الموثق المروي عن ثواب الأعمال والأمالي : «أيّما مسافر صلّى الجمعة رغبة فيها وحبّا لها أعطاه الله تعالى
أجر مائة جمعة».
وهو صريح في عدم وجوب الظهر معينة في حقّه، بناء على أن فعلها ولو مستحبة يسقط فرض الظهر إجماعا، كما صرّح به في المدارك وغيره.
فهو دليل على الحمل الذي قدّمناه في أخبار المسافر، أو حملها على أن الظهر فريضة تخييرا بينها وبين الجمعة حيث يحضرها، لكنه مبني على كون المراد بالوجوب في عبارة الأصحاب والنص الوجوب التخييري، دفعا لتوهم
احتمال وجوب الترك، وهو خلاف الظاهر، بل عن صريح التهذيب والكافي و
الغنية والسرائر ونهاية الإحكام
التصريح بالوجوب العيني، وعليه فيتعيّن الحمل الأول.
وحيث وجبت عليهم انعقدت بهم أيضا، بلا خلاف ظاهر فيمن عدا العبد والمسافر، بل في المدارك دعوى
الاتفاق عليه في البعيد والمريض والأعمى والمحبوس بعذر المطر ونحوه حاكيا له عن جماعة،
ولعلّ منهم فخر الدين في الإيضاح والمحقّق الثاني في شرح القواعد والفاضل في التذكرة،
لكنه لم يدّعه إلاّ في المريض والمحبوس بالعذر خاصة. وأمّا فيهما فقولان، أظهرهما نعم وفاقا للأكثر، للعموم، وظاهر الخبر المتقدم، مع نقل الإجماع عليه عن الغنية،
وضعف ما يقال في توجيه المنع.
وأمّا عدم الوجوب على
الصبي والمجنون فلا خلاف فيه، كما لا خلاف في عدم الانعقاد بهما وبالمرأة، بل عن
التذكرة وفي المدارك والذخيرة وغيرهما
التصريح بالاتفاق عليه فيها، ويعضده
الأصل مع اختصاص النصوص الدالة على
اعتبار العدد بحكم التبادر وغيره بغيرهم. وأما الوجوب عليها مع الحضور ففيه قولان. للأوّل ـ كما عن
التهذيب والمقنعة والنهاية والكافي و
الإشارة والتحرير والمنتهى
ـ الخبر المتقدم وغيره. وللثاني ـ كما عن ظاهر المبسوط،
وعزاه في الذكرى إلى الأشهر
ـ الأصل وضعف الخبر.
ولعلّه أقرب، لاختصاص الجابر للضعف بغير محل البحث، مع
إطلاق الصحيح بالكراهة الغير المجامعة للوجوب : «إذا صلّت المرأة في المسجد مع الإمام يوم الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها، وإن صلّت في المسجد أربعا نقصت صلاتها، لتصلّ في بيتها أربعا أفضل»
فتأمل. وهو صريح في الجواز. وقد حكى في المدارك القول بالمنع عن المعتبر،
وهو خلاف ظاهر الأصحاب، بل قيل : لا خلاف في جواز صلاتهن الجمعة إذا أمن
الافتتان و
الافتضاح وأذن لهنّ من عليهن استيذانه، وإذا صلّين كانت أحد الواجبين تخييرا.
رياض المسائل، ج۳، ص۳۴۱- ۳۴۹.