شروط الذبح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويشترط في
الذبح النية ويجوز أن يتولاه بنفسه وبغيره ويجب ذبحه بمنى ولا يجزئ الهدي الواحد إلاّ عن واحد في الحج الواجب وقيل : يجزئ عن سبعة وعن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان الواحد ولا بأس بإجزاء الهدي الواحد عن أكثر في الندب ولا يجب أن يباع ثياب التجمل في الهدي ولو ضلّ الهدي فذبحه غير صاحبه لم يُجزئ.
(ويشترط في
الذبح ) وبمعناه
النحر (النية) المشتملة على القربية وتعيين الجنس من ذبح ونحر، وكونه هدياً أو نذراً أو كفارة، وإن عيّن الوجه من وجوب أو ندب كان أولى كما في كل عبادة.
(ويجوز أن يتولاه) أي الذبح (بنفسه وبغيره) بلا خلاف أجده، وفي
المدارك والذخيرة
: إنه مقطوع به في كلامهم. قالوا : لأنه فعل تدخله النيابة، فتدخل في شرطه كغيره من الأفعال. وفي الصحيح : عن الضحيّة يخطئ الذي يذبحها، فيسمي غير صاحبها، أتجزي عن صاحب الضحيّة؟ فقال : «نعم، إنما له ما نوى».
(ويجب ذبحه بمنى) بإجماعنا الظاهر، المستظهر من جملة من العبائر كالمنتهى و
التذكرة والمدارك والذخيرة؛
للتأسي، والمعتبرة المستفيضة.
وأما الصحيح : «مكّة كلّه منحر»
فمحمول على هدي التطوع كما ذكره الشيخ وجماعة
أو على سياق العمرة كما في
الذخيرة ،
قال : ويؤيّده الموثق : «موسّع على من نحر الهدي بمكّة في منزله إذا كان معتمراً».
وأما الحسن : «إذا دخل بهديه في العشر فإن كان قد أشعره وقلّده فلا ينحره إلاّ يوم النحر، وإن كان لم يشعره ولم يقلّده فلينحر بمكّة إذا أقدم في العشر»
فيمكن حمله على الهدي المندوب.
(ولا يجزئ) الهدي (الواحد إلاّ عن واحد في) الحج (الواجب) لو بالشروع فيه مطلقاً ولو عند الضرورة على أصح الأقوال في المسألة أشهرهما، كما في ظاهر كلام جماعة،
وفي الخلاف
الإجماع ؛
للصحاح : منها عن النفر تجزيهم
البقرة ، فقال : «أما في الهدي فلا، وأما في
الأُضحيّة فنعم».
(وقيل : يجزئ عن سبعة وعن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان الواحد).
ولم أجد القائل بهذا القول، فنعم قال به الشيخ في النهاية والمبسوط و
الاقتصاد والجمل والعقود،
لكن زاد الخمسة، ولم يذكر قوله : لأهل خوان واحد، وتبعه كثير.
وعن المفيد : أنه تجزئ البقرة عن خمسة إذا كانوا
أهل بيت.
ونحوه عن الصدوق.
وعن
الديلمي : تجزئ البقرة عن خمسة
وأطلق، فلم يقيّده بضرورة ولا إجماع على خوان واحد. لأخبار كثيرة
أكثرها قاصر السند والدلالة أو ضعيفة، وباقيها ما بين قاصرة سنداً أو دلالةً.
مضافاً إلى اختلافها من وجوه عديدة، ولذا أن الشيخ ; بعد نقل جملة منها ومن الصحاح المتقدّمة قال : فالكلام على هذه الأخبار مع
اختلاف ألفاظها وتنافي معانيها من وجهين. أحدهما : أنه ليس في شيء منها أنه يجزئ عن سبعة وعن خمسة وعن سبعين على حسب اختلاف ألفاظها في
الهدي الواجب أو التطوع، فاذا لم يكن فيها صريح بذلك حملناها على أن المراد بها ما ليس بواجب، دون ما هو فرض؛ لأن الواجب لا يجزئ فيه إلاّ واحد عن واحد حسبما ذكرنا، والذي يدل على هذا التأويل ما رواه الحسين بن سعيد، ثم ساق الصحيحة التي قدمناها.
وقال بعدها : والوجه الآخر : أن يكون ذلك إنما ساغ في حال الضرورة دون حال
الاختيار ، واستشهد عليه بالصحيح : عن قوم غلت عليهم الأضاحي وهم متمتّعون، وهم مترافقون ليسوا بأهل بيت واحد، وقد اجتمعوا في مسيرهم، ومضربهم واحد، ألهم أن يذبحوا بقرة؟ قال : «لا أُحب ذلك إلاّ من ضرورة»
انتهى.
ونحوه في الذخيرة حيث قال : ويمكن الجمع بين الأخبار بوجهين،
ثم ساقهما كما ذكره الشيخ، لكن رجّح ثانيهما قائلاً على أوّلهما أنه لا يجزي في صحيحة عبد الرحمن، وأشار بها إلى الصحيحة الأخيرة المذكورة في كلام الشيخ؛ ولعلّ منشأه التصريح فيها بأنهم متمتّعون. وفيه : أنه معارض بالتصريح فيها بلفظ الأضاحي الظاهر في غير الهدي، كما يشهد له الصحيحة المتقدّمة، ولذا أن خالي العلاّمة المجلسي ; فيما نقل عنه حمل هذه الصحيحة على المستحبّة، قال : وليس في قوله «وهم يتمتّعون» صراحة أن السؤال عن الهدي لكن الظاهر ذلك.
أقول : نعم، ولكنه معارض بظهور لفظ الأضاحي في المندوب، فيتحقق
الإجمال في الرواية، بل ويمكن ترجيح ظهور الثاني بجوابه «لا أُحبّ ذلك إلاّ من ضرورة الظاهر في جواز الشركة في حال الاختيار، وهو مختص عندهم بالأُضحيّة. وبالجملة : المسألة محل إشكال، إلاّ أن الأظهر المصير إلى المنع، كما عليه الأكثر، لأظهريّة الجمع الأول في النظر، مضافاً إلى ظاهر الآية : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ) الآية،
المؤيد بالإجماع المنقول كما مرّ، وعليه فالانتقال إلى
الصوم هو الفرض.
(ولا بأس به) أي بإجزاء الهدي الواحد عن أكثر (في الندب) قالوا : وهو الأُضحيّة، والمبعوث من
الآفاق ، والمتبرع بسياقه إذا لم يتعيّن
بالإشعار أو التقليد. ولا يجوز أن يكون المراد به الهدي في الحج المندوب؛ لأنه يجب بالشروع فيه، فيكون فيه الهدي واجباً كما يجب في الواجب بأصل الشرع.
وقد نقل الفاضل في المنتهى الإجماع على
إجزاء الهدي الواحد في التطوع عن سبعة نفر سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم،
وقال في التذكرة : أمَّا التطوع فيجزي الواحد عن سبعة وعن سبعين في حال الاختيار، سواء كان من
الإبل أو البقر أو الغنم إجماعاً.
أقول : وقد عرفت المستند فيما مضى.
(ولا) يجب أن (يباع ثياب التجمل في الهدي) فيما قطع به الأصحاب، كما صرّح به جماعة،
مشعرين بدعوى الإجماع. ولا ريب فيه مع الحاجة إليها والضرورة؛ لاستثنائها في الديون ونحوها من حقوق الناس فهنا أولى. وأما مع الحاجة فكذلك؛ لإطلاق النصّ والفتوى، ففي
المرسل : عن رجل يتمتع بالعمرة إلى الحج وفي عيبته ثياب، إله أن يبيع من ثيابه شيئاً ويشتري به؟ قال : «لا، هذا ممّا يتزيّن به المؤمن، يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئاً».
وضعف السند مجبور بالعمل وبفتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد كالحلي في
السرائر .
مع أن في الصحيح : عن المتمتع يكون له فضل من الكسوة بعد الذي يحتاج إليه، فتسوى تلك الفضول مائة درهم، هل يكون ممن يجب عليه، فقال : «له بدّ من كراء ونفقة» _فقلت : _ له كراء وما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة، فقال : «وأيّ شيء كسوة بمائة درهم، هذا ممّن قال الله تعالى (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ)
».
ولو باعها واشتراه أجزأه، وفاقاً لجماعة؛
بناءً على أن الظاهر من
الأمر هنا وروده للرخصة. خلافاً لبعضهم فناقش بأنه
إتيان بغير الفرض.
ولا ريب أن الصوم أحوط.
(ولو ضلّ) الهدي (فذبحه غير) صاحبه (لم يُجزئ) عنه مطلقاً كما عليه الماتن هنا وفي
الشرائع ،
وتبعه الفاضل في
الإرشاد والقواعد،
مع أنه في التحرير والمنتهى
أفتى بالإجزاء إن ذبحه عن مالكه بمنى وإلاّ فلا. وهو الأقوى، بل عزاه إلى المشهور بعض أصحابنا؛
للصحيح : «إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه، وإن كان نحره في غير منى لم يجزئ عن صاحبه».
وليعرّفه قبل ذلك ثلاثة أيام يوم النحر واليومين بعده؛ للصحيح : «إذا وجد الرجل هدياً ضالاًّ فليعرّفه يوم النحر واليوم الثاني والثالث، ثم ليذبحه عن صاحبه عشيّة الثالث».
والظاهر الوجوب؛ للأمر بلا معارض، وللتحرز عن النيابة بلا ضرورة ولا
استنابة خصوصاً عن غير معيّن، وعن
إطلاق الذبح عما في الذمة إطلاقاً محتملاً للوجوب والندب، وللهدي وغيره، وللمتمتع وغيره، حج
الإسلام وغيره، ولعلّه لذا منع عنه الماتن، وتبعه الفاضل في بعض كتبه.
ثم إن القول بالإجزاء مشروط بما إذا ذبحه الواجد عن صاحبه، وإلاّ فلا يجزئ عنه ولا عن صاحبه، سواء نواه عن نفسه أو لا، وبذلك صرّح في التحرير والمنتهى،
قال : أما عن الذابح فلأنه نهي عنه، وأما عن صاحبه فلعدم النية. انتهى. وهو حسن لولا إطلاق النص بالإجزاء عن صاحبه. ولكن ظاهرهم
الإطباق على المنع هنا؛ ولعلّهم حملوا إطلاق النص على الأصل في فعل
المسلم من الصحة، فلا يتصور فيه الذبح بغير النيّة عن صاحبه. قيل : ولو قلنا بجواز الذبح قبل التعريف لم يبعد وجوبه بعده ليعلم المالك فيترك الذبح.
ومتى جاز الذبح فالظاهر وجوب الصدقة به و
الإهداء ، ويسقط وجوب
الأكل قطعاً.
•
لحم الهدي، لا يخرج شيئاً من لحم
الهدي عن منى، ويجب صرفه في وجهه.
•
تقديم الهدي، يذبح
الهدي أو ينحر يوم النحر وجوباً، مقدّماً على الحلق و في أنه لو قدّم
الحلق أجزأ مطلقاً ولو كان عامداً. وكذا يجزئ لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة.
رياض المسائل، ج۶، ص۴۰۰- ۴۱۱.