شروط المطلقة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يشترط في المطلّقة الزوجية والدوام والطهارة من
الحيض والنفاس، إذا كانت مدخولا بها، وزوجها حاضرا معها ولو كان غائبا صح؛ وفي قدر الغيبة اضطراب، محصلة: انتقالها من
طهر إلى آخر؛ ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صح طلاقها من غير تربص ولو اتفق في الحيض؛ والمحبوس عن زوجته كالغائب؛ ويشترط رابع، وهو أن يطلق في طهر لم يجامعها فيه؛ ويسقط اعتباره في الصغيرة
واليائسة والحامل؛ أما المسترابة، فإن تأخرت الحيضة صبرت ثلاثة أشهر ولا يقع طلاقها قبله؛ وفي اشتراط تعين المطلقة تردد.
ويشترط فيها الزوجية بالفعل، فلا يقع بالأمة، ولا الأجنبيّة ولو علقه بعقد المناكحة، بإجماع
الطائفة، حكاه جماعة
؛ اقتصاراً فيما خالف
الأصل على المتيقن جوازه من السنّة النبويّة وما جعله
الشارع سبباً للبينونة، وليس إلاّ
الطلاق في الزوجة.
مضافاً إلى النصوص المستفيضة، منها
الصحيح: «لا طلاق إلاّ بعد نكاح، ولا عتق إلاّ بعد ملك»
ونحوه أخبار أُخر
.
وليس المراد بالنكاح فيها
الوطء؛ إمّا لما مضى من كونه حقيقة في
العقد خاصة في
الشريعة؛ أو لعدم تمامية الحصر على تقدير إرادة الوطء بإجماع الأُمّة؛ أو لظهور القرينة من بعض المعتبرة، كالموثق: «لا يكون طلاق حتى يملك عقد النكاح»
.
والدوام فلا يقع بمتمتّع بها، ولا المحلّلة، بلا خلاف؛ لما مضى هنا من الأصل، والنصوص الحاصرة للطلاق في
النكاح المتبادر منه الدوام، مع عدمه بمعنييه في الأخيرة.
مضافاً إلى خصوص النصوص في الأُولى، منها الصحيح: وتبين بغير طلاق؟ قال: «نعم»
.
والخبر: كيف يتزوج
المتعة؟ قال: «يقول: يا أمة الله أتزوّجك كذا وكذا يوماً، فإذا مضت تلك الأيّام كان طلاقها في شرطها»
.
والطهارة من دم
الحيض والنفاس إذا كانت مدخولاً بها وحائلاً وزوجها معها حاضر فلا يجوز من دونها، بإجماع العلماء، حكاه بعض أصحابنا
، ولو طلّق والحال هذه فسد بإجماعنا للأصل، والصحاح المستفيضة التي كادت أن تكون هي مع غيرها من المعتبرة بحسب المعنى
متواترة، كما صرّح به بعض الأجلّة
.
ففي الصحيح: الرجل يطلّق امرأته وهي حائض، قال: «الطلاق على غير
السنّة باطل»
.
وفيه: «إذا طلّق الرجل في دم نفاس، أو طلّقها بعد ما يمسّها فليس طلاقه إيّاها بطلاق»
.
وفيه: كيف
طلاق السنّة؟ قال: «يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها، بشاهدين عدلين، كما قال
الله تعالى في كتابه، فإن خالف ذلك ردّ إلى
كتاب الله تعالى»
.
وإطلاق هذه
النصوص كغيرها وإن شملت المدخول بها وغيرها ممن لم يدخل بها أو غاب عنها زوجها والحبلى، إلاّ أنها قيّدت بمن عداها؛ لأخبار أُخر يأتي ذكر ما يتعلق منها بالثانية.
وأمّا المتعلّق بالأولى والأخيرة فالمستفيضة، منها الصحيح: «خمس يطلّقهنّ أزواجهنّ متى شاؤوا: الحامل المستبين حملها،
والجارية التي لم تحض، والمرأة التي قعدت عن المحيض، والغائب عنها زوجها، والتي لم يدخل بها»
ونحوه الصحيحان المروي أحدهما في
الكافي ، والآخر في
الخصال، وغيرهما
.
ومنه يظهر الوجه في أنه لو كان المطلِّق حيث الطلاق غائباً صحّ طلاقه ولو صادف الحيض أو طهر
المواقعة، مضافاً إلى
الإجماع عليه في الجملة.
ثم إنّ إطلاق هذه الأخبار في استثناء الغائب وإن شمل الغائب العالم بحال زوجته، إلاّ أنّ ظاهرهم الاتفاق على التقييد بالجاهل بها، ولعلّه للأصل، وعدم تبادر العالم من
إطلاق النص، وكيف كان فلا خلاف في
التقييد.
ولكن في تعيين قدر الغيبة المجوِّزة للطلاق المصحِّحة له وإن ظهر مصادفته الحيض اختلاف بين
الأصحاب و اضطراب في أخبار الباب، فبين مطلِق للجواز من دون تقدير للمدّة بقدر، كما عن
المفيد ووالد الصدوق والعماني والديلمي والحلبي؛ التفاتاً إلى عموم المستفيضة الماضية ونحوها من
المعتبرة، كالصحيح: عن رجل يطلّق امرأته وهو غائب؟ قال: «يجوز طلاقه على كلّ حال، وتعتدّ امرأته من يوم طلّقها»
. والخبر: في الرجل يطلّق امرأته وهو غائب فيعلم أنه يوم طلّقها كانت طامثاً، قال: «يجوز»
. والرضوي: «واعلم أن خمساً يطلقَّن على كل حال، ولا يحتاج ينتظر طهرهنّ: الحامل، والغائب عنها زوجها، والتي لم يدخل بها، والتي لم تبلغ المحيض، والتي قد يئست من المحيض»
.
ومقدِّرٍ لها بشهرٍ، كما عن
النهاية وابن حمزة؛ لبعض المعتبرة المقيَّد به إطلاق المستفيضة، ففي الخبرين
، أحدهما
الموثق: «الغائب إذا أراد أن يطلّقها تركها شهراً». وقصور
السند، وقلّة العدد، والمعارضة بما يأتي من الثلاثة أشهر الذي لراوي هذين الخبرين يمنع عن المكافأة لما مرّ.
ومقدِّرٍ لها بثلاثة أشهر، كما في
المختلف وعن
الإسكافي؛ للصحيح: «الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلّق حتى يمضي ثلاثة أشهر»
ونحوه غيره (ولعلّه هو الموثق الآتي
).
ولأنها كالمسترابة في الجهالة.
ومقدِّرٍ لأدناها بالأول، وأوسطها بالثاني، وأقصاها بالخمسة أو الستة أشهر
؛ جمعاً بين ما مرّ وبين الموثق: الغائب الذي يطلّق كم غيبته؟ قال: «خمسة أشهر أو ستة أشهر» قلت: حدّ دون ذا، قال: «ثلاثة أشهر»
.
وفي هذا الجمع نظر، بل الجمع بالاستحباب أظهر؛ لشدّة الاختلاف فيما مرّ مع كون الجميع لراوٍ واحد، ويشير إليه
الخبر الأخير؛ للتخيير أوّلاً بين العددين في الصدر، ثم التحديد بالثلاثة أشهر بعد سؤال
الراوي. وبالجملة: الظاهر بُعد ما مرّ من الجميع. كالجمع المحكي عن أكثر من تأخّر
تبعاً
للحلي والطوسي ممن تقدّم، و محصّله: التقدير بمدّة يعلم انتقالها فيها من طهر إلى آخر بحسب عادتها، وتحمل اختلاف النصوص على اختلاف عادات النساء في الحيض، فذو
العادة شهراً مدّة طلاقها التقدير الأوّل، وذو الثلاثة: الثاني، وذو الخمسة أو الستّة: الثالث.
ولا شاهد عليه سوى الشهرة المتأخّرة، وليست بنفسها
حجّة، مع استلزامه حمل أخبار الثلاثة وكذا الخمسة أو الستة على الفروض النادرة مع ورودها بعنوان القاعدة الكلّية. والذي يقتضيه التدبّر في النصوص قوّة القول الأول؛ لاستفاضتها، بل وعن العماني
دعوى تواترها، مع صحة أكثرها، ووضوح دلالتها على العموم، سيّما بملاحظة سياقها الذي كاد أن يلحقها بالخصوص.
وقصورِ الأخبار المقيِّدة سنداً في بعض، ودلالةً في آخر، وعدداً في الجميع، مع اختلافها في نفسها، ووضوح قرائن
الاستحباب منها زيادةً على الاختلاف، فحملها على الاستحباب ليس بذلك البعيد؛ لرجحانه هنا لما مضى على التقييد. إلاّ أنّ
الأحوط المصير إلى اعتبار الثلاثة أشهر؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن استفادته من النص المعتبر، وليس إلاّ هذه المدّة؛ لما في الرواية الدالّة عليها من الصحة.
وعلى اعتبار المدّة فلا خلاف في الصحة لو طلّق مع استمرار الاشتباه، أو تبيّن الوقوع في حالة الحيض، أو طهر غير
المواقعة؛ لاجتماع الشرائط النفس الأمرية في الصورة الأخيرة، واتفاق النصوص والفتاوي بالاغتفار في الثانية، وعدم مانعية الاشتباه بعد مراعاة المدّة المعتبرة التي هي الشرط خاصّة في الصحة في مفروض المسألة في الأُولى.
كما لا خلاف في البطلان لو طلّق قبلها مع تبيّن الوقوع في الحيض، أو طهر المواقعة؛ لفقد الشروط هنا قطعاً.
وإنّما الخلاف في مقامين: الأوّل: الصحة في الشقّ الأوّل مع تبيّن الوقوع في طهر المواقعة، فالأظهر الأشهر الصحة، كما في صورة السابقة؛ لحصول المدّة المشترطة، والأولوية المستفادة من الحكم في الصورة الثانية؛ لاستلزام ثبوت الصحة فيها مع تضمّنها فقد الشرطين: الطهر، وطهر غير المواقعة ثبوتها هنا بطريق أولى، من حيث تضمّنه فقد الشرط الثاني خاصّة.
وقيل
بالبطلان؛ لفقد الشرط
النفس الأمري، وكون اشتراط المدّة هنا مراعى بعدم ظهوره. وفيه نظر؛ لمنع اشتراط الأوّل هنا، ومنع التقييد الثاني، وإن هو إلاّ تقييد للأدلّة من غير دلالة.
الثاني: البطلان في الشقّ الثاني مع تبيّن الوقوع في الطهر غير طهر المواقعة، ففيه وجهان: البطلان؛ من حيث فقد المدّة المشترطة في الصحة في المقام، والصحة؛ لحصول الشرائط النفس الأمرية.
وهي غير بعيدة بالنظر إلى الجاهل باشتراط المدّة أو الوقوع قبلها، نظراً إلى الأولوية المستفادة من صحة مثل هذا الطلاق في الحاضر، فثبوتها في الغائب بطريق أولى؛ لأضعفيّة حكمه عن الأوّل قطعاً، نصاً وفتوى، فيكون اعتبار المدّة واشتراطها في الصحة حينئذٍ مراعى، فتأمّل جدّاً.
ولا كذلك العالم بالاشتراط والوقوع قبل المدّة، فإنّ البطلان فيه متوجّه جدّاً؛ لعدم إمكان
القصد منه إليه حينئذٍ أصلاً.
ولو خرج إلى السفر في طهر لم يقربها فيه صحّ طلاقها من غير تربّص وانتظار للمدة المعتبرة ولو اتفق وقوعه في الحيض جهلاً منه بذلك، بلا إشكال على القول بعدم اعتبارها، وكذا على اعتبارها مع تبيّن الوقوع في الطهر؛ للأولوية الماضية المقيّدة بها إطلاق المعتبرة باعتبار المدّة. ومعه على القول الثاني مع تبيّن الوقوع في الحيض؛ لإطلاق كل من النصوص المشترطة للطهر من الحيض والمعتبرة للمدّة.
فإطلاق الحكم بالصحة ولو في هذه الصورة في العبارة، تبعاً لجماعة
كالقاضي والشيخ في النهاية
محل تردّد ومناقشة، ولا وجه له بالمرّة سوى ما في
المسالك من حصول شرط الصحة من
الاستبراء بالانتقال من طهر إلى آخر، وأن الحيض بعد ذلك إنما هو مانع من صحة الطلاق، ولا يشترط في الحكم بصحة الفعل
العلم بانتفاء موانعه، بل يكفي عدم العلم بوجودها.
وفيه نظر؛ لاستلزامه أوّلاً تقييد إطلاق ما دل على اعتبار المدّة من غير وجه يظهر، وابتنائه ثانياً على انحصار الشرط في الاستبراء، وكون العلم بالحيض مانعاً، لا كون فقده شرطاً، وهو خلاف النصوص الماضية المعربة عن اشتراط الطلاق بفقد الحيض في نفس الأمر، لا بعدم العلم به، وأحدهما غير الآخر.
والمحبوس عن زوجته كالغائب فيطلّق مع
الجهل بحالها مطلقاً، أو بعد المدّة المعتبرة، شهراً أو ثلاثة، على اختلاف الأقوال المتقدّمة ولو صادف الحيض أو طهر المواقعة على الأظهر الأشهر، بل عليه كافّة من تأخّر إلاّ بعض من ندر.
للصحيح: عن رجل تزوّج امرأة سرّاً من أهلها، وهي في منزل أهلها، وقد أراد أن يطلّقها، وليس يصل إليها ليعلم طمثها إذا طمثت، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت؟ قال: فقال: «هذا مثل الغائب عن أهله يطلّقها بالأهلّة والشهور» قلت: أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان، والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها، كيف يطلّقها؟ فقال: «إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه فيطلّقها إذا نظر إلى غرّة الشهر الآخر بشهود» الخبر
.
خلافاً للحلي
، فكالحاضر؛ للأصل، وطعناً في الخبر بأنّه من الآحاد. وهو خروج عن طريقة السداد.
وحمل
الرواية على العلم بمصادفة الطلاق لطهر غير المواقعة كما ارتكبه بعض الأجلّة
يأباه
التشبيه بالغائب بالضرورة، ولا داعي إليه عدا عدم
حجية الآحاد، وفيه ما مرّ.
أو عدمِ المقاومة لما دلّ على اشتراط الخلوّ من الحيض والوقوع في الطهر غير المواقعة من حيث استفاضته واعتضاده بالأصل دون هذا الخبر.
وفيه نظر، فإنّ الشهرة العظيمة أرجح من الأمرين؛ مضافاً إلى جواز تخصيص قطعي السند بمثله ولو من دونها، على الأقوى، فتخصيص مثل هذه المستفيضة بمثل هذه الرواية الصحيحة المعتضدة بالشهرة العظيمة أولى ثم أولى.
وفي حكم الحاضر الغائب المطّلع، بلا خلاف، كما تقدّم مع وجهه.
ويشترط رابع، وهو أن يطلّقها في طهر لم يجامعها فيه بإجماعنا، حكاه جماعة من أصحابنا
، وبه استفاض أخبارنا، بل وربما احتمل تواترها
، وقد مضى شطر منها، ونحوها غيرها، ففي الصحيح: «المرأة إذا حاضت وطهرت من حيضها أشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقه»
الحديث.
ويسقط اعتباره في الصغيرة التي لم تبلغ تسعاً
واليائسة التي قعدت عن المحيض
والحامل المستبين حملها، إجماعاً، حكاه جماعة
؛ للنصوص المستفيضة الماضية، القائلة: إنّ خمساً يطلّقن على كل حال؟ وعدّ منها الثلاثة.
ومنها يظهر السقوط في الغائب عنها زوجها أيضاً؛ لعدّها منها، وإن أهملت العبارة ذكرها، ولعلّه غفلة، أو مصير إلى القول بالبطلان الذي مضى في طلاق الغائب بعد المدّة مع تبيّن الوقوع في طهر المواقعة، أو من حيث اختياره اعتبار العلم بالانتقال من طهر إلى آخر، كما عليه أكثر من تأخّر، والظاهر أنّه الوجه في
الإهمال.
ثم إنّ تفسير الصغيرة بغير البالغة صريح النهاية
، وظاهر الجماعة وبعض المعتبرة، كالصحيح المعبِّر عنها بالتي لم تبلغ المحيض
، وعليه يحمل إطلاق المستفيضة المعبِّرة عنها بالتي لم تحض
، التي هي أعمّ من الصغيرة والبالغة التي لم تحض مثلها عادةً، بل ربما كانت ظاهرة في الأُولى خاصّة، كما يكشف عنه التتبّع في أخبارهم:، ولا سيّما الواردة في
العدّة.
ففي بعض المعتبرة الذي ليس في سنده سوى سهل
الثقة عند جماعة
، ولا بأس بضعفه على المشهور بين الطائفة: «ثلاث يتزوّجن على كل حال: التي لم تحض ومثلها لا تحيض» قال: قلت: وما حدّها؟
قال: «إذا أتى لها أقلّ من تسع سنين» الحديث
.
وتحديدها بذلك كاشف عن عدم اختصاصها بالمورد.
خلافاً لبعض الأجلّة
، فاستوجه العمل بإطلاق المستفيضة. ولا ريب في ضعفه، بل المقطوع به إلحاق البالغة بالمسترابة ولو لم تحض مثلها عادة.
وأمّا
المسترابة بالحمل، وهي التي في سنّ من تحيض ولا تحيض، سواء كان لعارضٍ من
رضاع أو مرض، أو خلقيّاً فإن أخّرت الحيضة لذلك مع كونه خلاف عادتها صبرت ثلاثة أشهر من حين المواقعة عنها ثم يطلّقها.
ولا يقع طلاقها قبله
بالإجماع المحكي في كلام جماعة
، والمعتبرة، منها الصحيح: عن المسترابة كيف تطلّق؟ قال: «تطلّق بالشهور، وأقلّ الشهور ثلاثة»
.
وأظهر منه
المرسل: عن المرأة تستراب بها ومثلها لا تحمل ولا تحيض وقد واقعها زوجها، كيف يطلّقها إذا أراد طلاقها؟ قال: «ليمسك عنها ثلاثة ثم ليطلّقها»
وقريب منه الخبر
. وقصور سندهما بالعمل منجبر.
ووجه التقييد بكون التأخير خلاف عادتها تفصّياً من احتمال من يكون ذلك عادتها، فإنّ حكم هذه غير الاولى، بل يجب الصبر بها إلى أن تحيض ولو زاد عن ثلاثة أشهر؛ تمسّكاً بعموم ما دلّ على اعتبار
الطهر غير المواقعة، والتفاتاً إلى عدم تبادرها من إطلاق المسترابة في هذه المعتبرة، مع كونها من الأفراد النادرة الغير الصالحة لأن يحمل عليها
الإطلاق البتة، وبما ذكرنا صرح بعض الأجلّة
.
وفي اشتراط تعيين المطلّقة إن تعدّدت الزوجة، لفظاً أو
نيّة تردّد ينشأ:
من أصالة بقاء النكاح، فلا يزول إلاّ بسبب محقّق السببيّة، وأنّ الطلاق أمر معيّن فلا بد له من محلٍّ معيّن، وحيث لا محل فلا طلاق، وأنّ الأحكام من قبيل
الأعراض فلابد لها من محلٍّ تقوم به، وأنّ توابع الطلاق من العدّة وغيرها لا بد لها من محلٍّ معيّن.
ومن أصالة عدم الاشتراط. وتعارض بالأُولى. ومن عموم مشروعية الطلاق، ومحل المبهم جاز أن يكون مبهماً. وهما ممنوعان.
ومن أنّ إحداهما زوجة، وكل زوجة يصحّ طلاقها. وكلّية الكبرى ممنوعة، ولا دليل عليها سوى العموم المدّعى، وفيه بعد المنع المتقدّم أنّه ليس بنفسه دليلاً آخر قطعاً.
فإذاً القول الأوّل هو الأقوى والأشهر بين أصحابنا المتأخّرين منهم والقدماء، كما حكاه بعض الأجلاّء
، بل ادّعى عليه في
الانتصار إجماعنا
، ويشهد له بعض المعتبرة الآتية في أوّل الركن الرابع، وهو
الشهادة.
خلافاً للمبسوط
والفاضلين والشهيد في أحد قوليهم.
وعليه فهل الصيغة المبهمة هي بنفسها مؤثّرة في البينونة في الحال، أم لها صلاحية التأثير عند التعيين؟ قولان. ويتفرّع على الخلاف حرمة الزوجات جُمَع إلى تعيين الواحدة، وتكون العدّة من حين الطلاق على الأوّل، ولا على الثاني.
ويتفرّع على هذا القول فروع كثيرة قد كفانا ضعفه مئونة الاشتغال بذكرها.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۲۰۴-۲۱۷.