علامات أهل الأركان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وكيف كان فقد ذكر الأصحاب لأهل الأركان علامات :
فلأهل الشام جعل الجدي قال في المغرب : الجدي : العاشرة من البروج، ويقال لكوكب القبلة جدي الفرقد.. والمنجمون يسمّونه
الجدي على لفظ التصغير فرقا بينه وبين البرج.
خلف الكتف اليسرى، وسهيل عند طلوعه بين العينين، وعند غروبه على العين اليمنى، وبنات النعش عند غيبوبتها خلف
الأذن اليمنى.ولأهل اليمن جعل الجدي بين العينين، وسهيل عند غيبوبته بين الكتفين.ولأهل المغرب جعل الجدي على الخدّ الأيسر،
والثريّا والعيّوق على اليمين واليسار.
ولأهل السند والهند جعل الجدي إلى الاذن اليمنى، وسهيل عند طلوعه خلف الاذن اليسرى، وبنات النعش عند طلوعها على الخدّ الأيمن، والثريّا عند غيبوبتها على العين اليسرى.ولأهل البصرة وفارس جعل الجدي على الخدّ الأيمن، والشولة إذا نزلت للمغيب بين العينين، والنسر الطائر عند طلوعه بين الكتفين.ولأهل المشرق ما أشار إليه بقوله (يجعلون المشرق إلى المنكب) وهو مجمع العضد والكتف (الأيسر، والمغرب إلى الأيمن) هذه علامة (و) اخرى أن يجعلوا (الجدي) وهو نجم مضيء في جملة أنجم بصورة
سمكة يقرب من القطب الشمالي، الجدي رأسها والفرقدان ذنبها (خلف المنكب الأيمن، و) ثالثة أن يجعلوا (الشمس عند الزوال محاذية لطرف الحاجب الأيمن مما يلي
الأنف ) ورابعة ذكرها بعضهم،
وهي : جعل القمر ليلة السابع من كل شهر عند غروب الشمس بين العينين، وكذا ليلة إحدى وعشرين عند طلوع الفجر.
ومستندهم في هذه العلامات قوانين الهيئة، فإنّها مفيدة للظن الغالب بالعين، والقطع بالجهة، كما ذكره جماعة.
وإلّا فلم يرد بشيء منها نص ولا رواية، عدا العلامة الثانية
لأهل العراق ، فقد ورد بها نصوص، منها الموثق : «عن القبلة، فقال : ضع الجدي في قفاك وصلّ».
ومنها المرسل : أكون في السفر ولا أهتدي إلى
الكعبة بالليل، فقال : «أتعرف الكوكب الذي يقال لها جدي؟» قلت : نعم، قال : «اجعله علي يمينك، وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك».
ومنها المروي عن
تفسير العياشي في تفسير (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)
قال : «هو الجدي، لأنه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة، وبه يهتدي أهل البرّ والبحر».
ونحوه آخر مروي فيه أيضا في تفسيره.
وهي وإن كانت مطلقة ليس فيها التقييد بأهل العراق لكنّها خصّت بهم بقرينة الرواة، لكونهم منهم، لكنها مع ذلك لا تخلو من
إجماع ، سيّما الروايات الأخيرة، مع ضعف أسانيدها جملة
بالإرسال ، والضعف بالسكوني في المشهور بين الطائفة وقد وثقه الشيخ في العدة وحكي عن المحقق في الرسالة العزّية أنه ثقة أجمع الأصحاب على العمل بروايته، وحكاه عنهما في خاتمة الوسائل ووثقه أيضا المحقق الداماد في الرواشح السماوية فضعفه من المشهورات التي لا أصل لها. ولمزيد
الاطلاع راجع رجال
السيد بحر العلوم.
فإذا العمدة هو
استعمال قوانين الهيئة.
وعليه لا يستقيم جعل الأمور الأخيرة علامات لأهل العراق على
الإطلاق ، كما نبّه عليه جماعة من المحققين،
فقيّدوا المشرق والمغرب بالاعتداليين، حاكين له عن الأكثر، وجملة منهم
قيّدوا الجدي بحالة غاية
ارتفاعه ، بأن يكون إلى جهة السماء والفرقدان إلى جهة الأرض، أو غاية
انخفاضه عكس الأوّل.ومع ذلك فقالوا : إن بين العلامات الثلاث الأول اختلافا واضحا، فإن العلامة الأولى ـ سواء قيد المشرق والمغرب بالاعتداليين، أو كان المقصود أن يجعل مشرق يوم على اليسار ومغرب ذلك اليوم على اليمين ـ تقتضي محاذاة نقطة الجنوب، وكذا العلامة الثالثة، وأمّا الثانية فتقتضي انحرافا بيّنا عنها نحو المغرب، وهو الموافق لمعظم بلاد العراق.
والأولى حمل العلامة الاولى والثالثة على أطراف العراق الغربيّة، كالموصل، وبلاد الجزيرة، فإن قبلتهما تناسب نقطة الجنوب. والعلامة الثانية على أوساط العراق،
كبغداد والكوفة والحلة والمشاهد المقدّسة، فإنه تنحرف قبلتها عن نقطة الجنوب نحو المغرب. وأما أطرافها الشرقية ـ كالبصرة ـ فهي أشدّ انحرافا، ويقرب منها تبريز وأردبيل وقزوين وهمدان وما والاها من بلاد
خراسان . ونزّلوا إطلاق عبائر الأصحاب على ما ذكروه.وفيه بعد، ولذا جعل ذلك سبيلا إلى سهولة الأمر في القبلة
واتساع الدائرة فيها، وأنه لا ضرورة إلى ما ذكروه أرباب الهيئة.مضافا إلى خلوّ النصوص عن بيان العلامات بالكلية، إلّا ما مرّ إليه
الإشارة ، وقد عرفت أيضا
إجماله .
ومع ذلك فقد ورد في الصحيح وغيره : «ما بين المشرق والمغرب قبلة».
قيل : ويؤيّد ذلك بأوضح تأييد ما عليه قبور
الأئمة : في العراق من الاختلاف، مع قرب المسافة بينها على وجه يقطع بعدم انحراف القبلة فيه، مع
استمرار الأعصار والأدوار من العلماء الأبرار على الصلاة عندها، ودفن الأموات، ونحو ذلك، وهو أظهر ظاهر في التوسعة كما لا يخفى.
وفيه نظر، يظهر وجهه بالتدبّر فيما ذكره شيخنا في روض الجنان، فقال في جملة كلام له : وأما توهّم
اغتفار التفاوت الحاصل بينها ـ أي بين العلامات الثلاث ـ وعدم تأثيره في الجهة ففاسد، لما تقدم في تحقيق الجهة من
اعتبار تعيين-في «ل» و «ش» : تعيّن، وفي المصدر : يقين.- الكعبة أو -في النسخ : و. وما أثبتناه من المصدر.- ظنها أو احتمالها، وهذا القدر من
التفاوت لا يبقى معه شيء منها. فإنّ من كان بالموصل مثلا وكان عارفا مجتهدا في القبلة يقطع بكونه ـ إذا انحرف عن نقطة الجنوب نحو المغرب بنحو ثلث ما بين الجنوب والمغرب الاعتداليين ـ خارجا عن سمت الكعبة.
وكذا من كان بأطراف العراق الشرقية ـ كالبصرة ـ إذا استقبل خط الجنوب. وهذا
أمر لا يخفى على من تدبّر قواعد القبلة وما يتوقف عليه من المقدمات. ومن طريق النص إذا كان جعل الجدي على الأيمن يوجب مسامتة الكعبة في الكوفة التي هي بلد الراوي ونحوها كيف يوجب مسامتتها إذا كان بين الكتفين؟! لبعد ما بينهما بالنسبة إلى بعد المسافة، فإنّ
الانحراف اليسير عن الشيء مع البعد عنه يقتضي انحرافا فاحشا بينه وبين محاذاته، فإنّا إذا أخرجنا خطين من نقطة واحدة لم يزالا يزدادان بعدا كلّما ازدادا
امتدادا ، كما لا يخفى. وأيضا : فلو كان جعله بين الكتفين محصّلا للجهة كان الأمر بجعله على اليمنى لغوا خاليا عن الحكمة.
وإنما ذكرناه بطوله لحسن مفاده وجودة محصوله.
رياض المسائل، ج۲، ص۲۶۵-۲۶۹.