كيفية الوقوف بالمشعر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وفي الكيفية واجبات ومندوبات، فالواجبات : وجوب
النية ، وجوب الوقوف به، حدود المشعر، حكم
الارتفاع إلى الجبل، وقت الوقوف للمختار والمضطر، لو أفاض قبل الفجر عامدا عالما، جواز الإفاضة ليلا
للمرأة والخائف. والمندوبات : استحباب
صلاة الغداة قبل الوقوف، استحباب الدعاء بالمأثور، استحباب وطء الصرورة المشعر برجله، استحباب الصعود على جبل قزح، استحباب
الإفاضة قبل طلوع الشمس لمن عدا
الإمام ، استحباب عدم تجاوز محسر حتى تطلع الشمس، استحباب
الهرولة في محسر داعياً بالمرسوم، استحباب تأخر الإمام حتى تطلع الشمس.
(فالواجبات : النية) كما مرّ في عرفة وكلّ عبادة، ولينوي أن وقوفه لحجة
الإسلام أو غيرها كما عن التذكرة.
وهل تجب مقارنتها اختياراً لطلوع الفجر، و
استدامة حكمها إلى طلوع الشمس، أم يجوز إيقاعها في أيّ جزء من هذا الزمان أُريد، وقطعها متى أُريد؟ وجهان مبنيان على وجوب
استيعاب هذا الزمان اختياراً بالوقوف وعدمه.
قيل : والوجه العدم كما في
السرائر ؛ للأصل من غير معارض، بل استحباب تأخيره من
الصلاة كما سيأتي، وسيأتي استحباب الإفاضة قبل طلوع الشمس، وجواز
وادي محسِّر قبله، وظاهر الفخرية والدروس الأول، وتبعهما عليه جماعة، وليس بجيّد.
انتهى. وإلى ما استوجهه يميل في
الذخيرة ،
لكن احتاط بما ذكره الجماعة، وهو حسن. وعليه فيكون حال الوقوف هنا كما مرّ في عرفة من أن الواجب فيه المسمّى.
ثم إن كان الوقوف ليلاً فهل يجب استئناف النية بعد الفجر؟ وجهان، قيل : مبنيّان على كون الوقوف بالليل اختيارياً وعدمه.
وفي الدروس إن الأولى
الاستئناف ،
وكذا في الروضة.
(والوقوف به) أي بالمشعر.
(وحدّه ما بين المَأزمين إلى الحياض إلى وادي محسِّر) بغير خلاف ظاهر، مصرِّح به في الذخيرة،
وفي غيرها
الإجماع ،
بل في
المنتهى : لا نعلم فيه خلافا؛
للصحيح
والمرسل،
ويوافقهما معتبرة أُخر.
وفي الصحيح : «حدّها» يعني
المزدلفة «ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسِّر».
قيل : وكان الجبل من الحدود الداخلة، والمأزمان بكسر الزاي والهمزة، ويجوز التخفيف بالقلب ألفاً : الجبلان بين عرفات والمشعر، والمأزم في
الأصل : المضيّق بين الجبلين.
وعليه فلو وقف بغير المشعر اختياراً أو اضطراراً لم يجز (و) لكن (يجوز
الارتفاع إلى الجبل مع الزحام) بلا خلاف على الظاهر، المصرَّح به في جملة من العبائر، وفي الغنية وغيرها
الإجماع؛ للموثق : فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال : «يرتفعون إلى
المأزمين » قلت : فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون؟ فقال : «يرتفعون إلى الجبل» الخبر.
ولعلّ السياق مضافاً إلى فهم الأصحاب قرينة على كون «إلى» هنا بمعنى «على» فيكون
استثناءً للمأزمين والجبل، و
إرشاداً إلى دخولهما فيما يوقف عليه ولكن ضرورة.
(ويكره لا معه) كما هنا وفي ظاهر
المختلف وصريح الدروس وغيره،
بل عزي إلى المشهور،
مع أن ظاهر الأكثر عدم الجواز كما في صريح
الغنية وعن القاضي،
ولعلّه للصحيحة المتقدمة، حيث جعل فيها الجبل من حدود المشعر الخارجة عن المحدود، خرج حال الضرورة وبقي حال
الاختيار ، فتأمل. ولا ريب أن عدم الجواز إلاّ مع الضرورة أحوط، سيّما وفي الغنية الإجماع عليه.
(ووقت الوقوف) بالمشعر للمختار واحد، وهو على المشهور (ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) من يوم النحر. (وللمضطر) اثنان، أحدهما على الأشهر من طلوع الشمس (إلى الزوال) والثاني من أول ليلة النحر إلى الفجر، وقد يعبّر عنهما بواحد فيقال : من أول ليلة النحر إلى الزوال كما عن المنتهى.
ويقابل الأشهر في الأول ما قيل من أنه من أول
ليلة النحر إلى طلوع الشمس، إلاّ أن على مقدِّمه على الفجر دم شاة. وفي الثاني ما عن السيّد من امتداد
الاضطراري إلى غروب الشمس يوم النحر.
وهذان القولان نادران، بل على خلافهما الإجماع في
المدارك وغيره.
قيل بعد نقل نحو ما قلنا : والمحصَّل أنه لا خلاف في أنه من الفجر إلى طلوع الشمس اختياري، وأن ما بعد طلوع الشمس اضطراري، وإنما الكلام فيما قبل الفجر. ففي الدروس إنه اختياري؛
لإطلاق الصحيح في المتقدم من مزدلفة إلى منى : يرمون الجمار ويصلّون في منازلهم : «لا بأس».
وإطلاق الحسن : «وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة»
مع السكوت عن أمره بالرجوع. وإطلاق الأخبار بأن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس أدرك الحج.
وهو ظاهر الأكثر؛ لحكمهم بجبره بشاة فقط، حتى إن في المنتهى :
اتّفاق من عدا الحلّي على صحة الحج مع
الإفاضة من المشعر قبل الفجر عمداً اختياراً، وفيه مع ذلك وفي
الكافي : إنه اضطراري، وقد يستظهر من
جمل العلم والعمل . وما سمعته من المنتهى قرينة على أنه إنما أراد بالاضطراري ما يأثم باختياره وإن أجزأه، ويحتمله الجمل والكافي، ولكن الشيخ في الخلاف والحلّي لم يجتزئا به للمختار، ونصّ الحلّي على
بطلان حجه بناءً على أن الوقوف بعد الفجر ركن فيبطل بتركه الحج، ومنعه في المختلف والمنتهى، وقيّد المحقّق
اجتزاء المختار به بما إذا أدرك عرفات، وهو يعطي الاضطرارية، ويجوز أن يكون
إشارة إلى تقييد كلام الأصحاب والأخبار، وليس بعيداً.
أقول : وأشار بتقييد المحقّق اجتزاء المختار به إلى آخره بما ذكره هنا وفي
الشرائع من قوله : (ولو أفاض قبل الفجر عامداً عالماً جبره بشاة ولم يبطل حجه إن كان وقف بعرفات) اختياراً. ثم في كلام القيل : بقي الكلام في أن آخر
الاضطراري زوال يوم النحر، أو غروبه؟ فالمشهور الأول، وفي المختلف الإجماع عليه، والأخبار ناطقة به،
وفي السرائر عن انتصار السيّد الثاني، ويوافقه المنتهى في نقله عن السيّد، وليس في
الانتصار إلاّ أن من فاته الوقوف بعرفة فأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحج، وليس نصاً ولا ظاهراً في ذلك، ولذا ذكر في المختلف أن النقل غير سديد. قلت : وعلى القول به فلعلّ دليله الأخبار المطلقة، نحو : «من أدرك المشعر فقد أدرك الحج»
وضعفه ظاهر؛ فإنّ الكلام في
إدراك المشعر، فإنه بمعنى إدراك الوقوف به أي ما يكون وقوفاً به شرعاً، مع المعارضة بالأخبار المقيّدة.
انتهى كلامه عليه الرحمة وإنما نقلناه بطوله لجودة مفاده وحسن محصوله، مع تكفّله لشرح ما في المتن هنا وسابقاً بتمامه. لكن هنا قول آخر للغنية لم يتعرض له، وهو أن الاختياري ليلة النحر، والاضطراري من طلوع فجره إلى شمسه،
وهو غريب. واعلم أن ليس في المتن دلالة على وجوب المبيت بالمشعر، وعن ظاهر الأكثر وجوبه،
وعن
التذكرة العدم.
والأول أحوط إن لم يكن أظهر؛ للتأسي، والصحيح : «لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة».
(و) على القولين لا (يجوز الإفاضة) من المشعر (ليلاً) إلاّ (
للمرأة ) مطلقاً (والخائف) وكلّ ذي عذر فيجوز. أما الأول
فللإخلال بالواجب من الوقوف بعد الفجر. وأما الثاني فللإجماع الظاهر، المصرَّح به في عبائر جماعة؛
مضافاً إلى الصحاح المستفيضة وغيرها؛
و
انتفاء الحرج شرعاً، وفي المنتهى : إنه قول كلّ من يحفظ عنه العلم.
ولا يحتاج إلى جبرٍ بلا خلاف.
قيل : ولا بدّ لهم من الوقوف ولو قليلاً كما نصّت عليه الأخبار، فعليهم النية. والأولى أن لا يفيضوا إلاّ بعد
انتصاف الليل إن أمكنهم كما في الصحيح.
انتهى.
ولا بأس به.
•
مندوبات الوقوف بالمشعر، والمندوبات : استحباب صلاة الغداة قبل الوقوف، استحباب
الدعاء بالمأثور، استحباب وطء الصرورة المشعر برجله، استحباب الصعود على جبل قزح،
استحباب الإفاضة قبل طلوع الشمس لمن عدا
الإمام ، استحباب عدم تجاوز محسر حتى تطلع الشمس، استحباب
الهرولة في محسر داعياً بالمرسوم، استحباب تأخر الإمام حتى تطلع الشمس.
رياض المسائل، ج۶، ص۳۶۲- ۳۷۵.