ما يتعلق به الإرث
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يتعلّق
الإرث بكلّ ما يصدق عليه أنّه تركة الميّت عرفاً من الأموال والحقوق، بمقتضى
إطلاق آيات
تشريع الإرث وكذلك الروايات.
أمّا الأموال فيتعلّق الإرث بجميع ما يملك الميّت منها من الأعيان والمنافع
كسكنى الدار.
ومن الأموال الدية، فهي وإن تجدّدت بعد الموت في حكم مال المقتول، سواء قتل عمداً فأُخذت
الدية أو خطأً؛ لأنّها في الخطأ عوض عن النفس فيستحقّها الميّت عند خروج روحه، بل الظاهر كون الترتيب بينهما ذاتيّاً لا زمانيّاً كالعلّة والمعلول، وفي العمد يستحقّ عليه
إزهاق روحه؛ لقوله تعالى: «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ»
وهو شبه ضمان الشيء بمثله، فإذا صالح الوارث على الدية كان كدفع العوض عن المثل المستحق، و
استحقاقه إزهاق النفس قد حصل مقارناً لموته.
ثمّ إنّ ذلك مورد
اتّفاق الفقهاء.
قال الشيخ: «يرث الدية جميع الورثة سواء كانوا مناسبين أو غير مناسبين من الزوج والزوجة، وبه قال جميع الفقهاء».
قال
المحقق النجفي : «الدية عندنا...في حكم مال المقتول... بل في محكيّ المهذّب
الإجماع عليه».
ويدلّ عليه أيضاً النصوص:
منها: رواية
إسحاق بن عمّار عن
الإمام الصادق عليه السلام : «أنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا قبلت دية العمد فصارت مالًا فهي ميراث كسائر الأموال».
منها: عنه عليه السلام أيضاً قال: «قضى
علي عليه السلام في دية المقتول أنّه يرثها الورثة على كتاب اللَّه وسهامهم».
وغير ذلك من النصوص.
نعم دية الجناية على الميّت يستحقّها أحد من الورثة بل تصرّف في وجوه القرب عنه،
وحكي عن
علم الهدى : أنّها تكون لبيت المال،
وادّعي الإجماع عليه.
واستدلّ عليه بالأخبار، كرواية
علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليه السلام وفيها:...الدراهم لمن هي؟ لورثته أم لا؟ فقال
أبو عبد اللَّه عليه السلام : «ليس لورثته فيها شيء، إنّما هذا شيء اوتي إليه في بدنه بعد موته يحجّ بها عنه، أو يتصدّق بها عنه، أو تصير في سبيل من سبل الخير».
ومثلها غيرها من النصوص.
فقد اتّفق الفقهاء على أنّها تورث إذا احرز أنّها تركة الميّت، وذلك إذا صدق عرفاً بقاؤه بعد الموت كأن يكون قابلًا للانتقال إلى الغير، وأن لا يكون دائراً مدار عنوان خاص- كالحقوق المالية- فلا يورث ما لا يصحّ فرض بقائه بعد الموت كحقّ الولاية، بخلاف ما يمكن أن يكون باقياً كحقّ الخيار والقصاص.
واستدلّ عليه- مضافاً إلى تسالم الفقهاء
- بالكتاب، كقوله تعالى: «لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ».
قال
الإمام الخميني : «الآية دالّة باطلاقها على أنّ كلّ ما للميّت مورَّث، فعدم التوريث في بعض الحقوق محتاج إلى
الإثبات ».
وبالسنّة، كالنبوي المعروف المنجبر بعمل الفقهاء
: «ما ترك الميّت من شيء فلوارثه».
وقال
السيد اليزدي : «مقتضى العمومات المتقدمة موروثية كلّ ما ثبت كونه حقاً وقابلًا للانتقال، وغير دائر مدار عنوان خاص».
وقد يناقش فيه بأنّ الحق
أمر اعتباري متقوّم بذي الحق ويكون على وزان الملكية، فكما لا يعقل بقاء الملكية بعد موت المالك، كذلك لا يعقل بقاء الحق بعد موت ذي الحق.
واجيب عنه: ب «- أنّ المراد بهذه الآية وأشباهها- ولو بالقرائن العقلائية وفهم العرف- هو أنّ ما كان للميّت حال الحياة يكون لوارثه بعد موته، فالموت ليس سبباً لسلب الحق و
إعدامه ، بل سبب لنقله إلى الورثة، فيصدق أنّ الميّت ترك لوارثه ما كان له، لا أنّه ترك المال بلا
إضافة ثمّ اضيف إلى الوارث فإنّه مخالف للضرورة، فالحقوق كالأعيان المملوكة تنتقل بنفس الموت وتكون من متروكات الميّت، بل لها بقاء وإن تبادلت الإضافات، ولا تصير معدومة في حال».
ومن الملاحظ أنّ من الحقوق ما يفرض له بقاء عرفاً بعد موت المورّث، ومنها ما لا يفرض له بقاء كذلك، وعلى أساس ذلك قسّموا الحقوق إلى أقسام:
حقّ الخيار ، و
حقّ الرهانة، وحقّ القصاص، وحقّ القذف، و
حقّ التحجير ، و حقّ
الشفعة، وحقّ
الالتقاط، وحقّ الخيار في المفلّس إذا كان المبيع قائماً بعينه، وحقّ السبق في وجه، وحقّ التملّك في نصب الشبكة، وحقّ الشرط كما إذا اشترط الخياطة على المشتري فمات المشروط له قبل أن يعمل بالشرط،
و
ولاء العتق .
لكونها غير قابلة للانتقال أو كونها دائرة مدار عنوان خاصّ وقد عُدّ من ذلك: حقّ الولاية، وحقّ الابوّة، وحقّ
الاستمتاع بالزوجة، وحقّ الوصاية، وحقّ السبق، وحقّ الغيبة والشتم والأذيّة
بإهانة أو ضرب ونحوها، وحقّ الجار على جاره و
المؤمن على
أخيه ، وغيرها.
بأنّها تورث أم لا وعُدّ من ذلك حق السبق في
إمامة الجماعة .
وتفصيل إرث الحقوق وكيفية توريثها وتعيين الوظيفة عند الشكّ يأتي تحت عنوان
إرث الحقوق .
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۳۶-۳۹.