معرفة شهر رمضان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لقد استلزمت
المعرفة شرطا أوّليّا في طليعة الشروط الأساسية الّتي تستلزمها عملية الدخول إلى نطاق
الضيافة الإلهية. والمعرفة هذه تكتنز اُفقا وسيعا يبدأ بمعرفة معنى ضيافة اللّه، ويمتدّ إلى معرفة فلسفة
الصوم، والقيمة الّتي يحظى بها الصوم والصائم، ثُمَّ دور الصيام في الحياة المادية والمعنوية
للإنسان، وكذلك معرفة
مراتب الضيافة الربانية، فمن دون أن يدرك ضيوف اللّه هذه المسائل ويستوعبوها لا يمكنهم التهيّؤ للتزوّد من ضيافته سبحانه والنهل من عطاياها.
«يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
.
الإمام زين العابدين (علیهالسّلام): إنَّ اللّه َ افتَرَضَ خَمسا ولَم يَفتَرِض إلاّ حَسَنا جَميلاً:
الصَّلاةَ،
وَالزَّكاةَ،
وَالحَجَّ، وَالصِّيامَ، ووِلايَتَنا
أهلَ البَيتِ.
الإمام الرضا (علیهالسّلام) -فيما جَمَعَهُ
الفَضلُ بنُ شاذانَ مِن كَلامِهِ: فَإِن قيلَ: فَلِمَ اُمِروا بِصَومِ شَهرِ رَمَضانَ؛ لا أقَلَّ مِن ذلِكَ ولا أكثَرَ؟ قيلَ: لِأَ نَّهُ قُوَّةُ العِبادِ الَّذي يَعُمُّ فيهِ القَوِيُّ وَالضَّعيفُ. وإنَّما أوجَبَ اللّه ُ الفَرائِضَ عَلى أغلَبِ الأَشياءِ وأعَمِّ القُوى، ثُمَّ رَخَّصَ لِأَهلِ الضَّعفِ. وإنَّما أوجَبَ اللّه ُ ورَغَّبَ أهلَ القُوَّةِ فِي الفَضلِ، ولَو كانوا يَصلُحونَ عَلى أقَلَّ مِن ذلِكَ لَنَقَصَهُم، ولَوِ احتاجوا إلى أكثَرَ مِن ذلِكَ لَزادَهُم
.
الإمام عليّ (علیهالسّلام): حَرَسَ اللّه ُ عِبادَهُ المُؤمِنينَ بِالصَّلَواتِ وَالزَّكَواتِ ومُجاهَدَةِ الصِّيامِ فِي الأَيّامِ المَفروضاتِ؛ تَسكينا لِأَطرافِهِم، وتَخشيعا لِأَبصارِهِم، وتَذليلاً لِنُفوسِهِم، وتَخفيضا لِقُلوبِهِم، وإذهابا لِلخُيَلاءِ عَنهُم، ولِما في ذلِكَ مِن تَعفيرِ عِتاقِ الوُجوهِ (أي كرامها، العتيق: الكريم الرائع من كلّ شيء
) بِالتُّرابِ تَواضُعا، وَالتِصاقِ كَرائِمِ الجَوارِحِ بِالأَرضِ تَصاغُرا، ولُحوقِ البُطونِ بِالمُتونِ مِنَ الصِّيامِ تَذَلُّلاً
.
عنه (علیهالسّلام): فَرَضَ اللّه ُ الصِّيامَ ابتِلاءً
لاِءِخلاصِ الخَلقِ
.
الإمام الصادق (علیهالسّلام) -في بَيانِ عِلَّةِ الصِّيامِ-: إنَّما فَرَضَ اللّه ُ عز و جل الصِّيامَ لِيَستَوِيَ بِهِ الغَنِيُّ وَالفَقيرُ؛ وذلِكَ أنَّ الغَنِيَّ لَم يَكُن لِيَجِدَ مَسَّ
الجوعِ فَيَرحَمَ الفَقيرَ؛ لِأَنَّ الغَنِيَّ كُلَّما أرادَ شَيئا قَدَرَ عَلَيهِ، فَأَرادَ اللّه ُ عز و جل أن يُسَوِّيَ بَينَ خَلقِهِ، وأن يُذيقَ الغَنِيَّ مَسَّ الجوعِ وَالأَلَمِ؛ لِيَرِقَّ عَلَى الضَّعيفِ فَيَرحَمَ الجائِعَ
.
الإمام الرضا (علیهالسّلام) -فيما جَمَعَهُ الفَضلُ بنُ شاذانَ مِن كَلامِهِ -: فَإِن قيلَ: فَلِمَ اُمِروا بِالصَّومِ؟ قيلَ: لِكَي يَعرِفوا ألَمَ الجوعِ وَالعَطَشِ، ويَستَدِلّوا عَلى فَقرِ
الآخِرَةِ، ولِيَكونَ الصّائِمُ خاشِعا ذَليلاً مُستَكينا، مَأجورا مُحتَسِبا عارِفا، صابِرا عَلى ما أصابَهُ مِنَ الجوعِ وَالعَطَشِ؛ فَيَستَوجِبَ
الثَّوابَ مَعَ ما فيهِ مِنَ الإِمساكِ عَنِ الشَّهَواتِ، ولِيَكونَ ذلِكَ واعِظا لَهُم فِي العاجِلِ، ورائِضا لَهُم عَلى أداءِ ما كَلَّفَهُم، ودَليلاً لَهُم فِي الأَجرِ، ولِيَعرِفوا شِدَّةَ مَبلَغِ ذلِكَ عَلى أهلِ الفَقرِ وَالمَسكَنَةِ فِي الدُّنيا فَيُؤَدّوا إلَيهِم ما فَرَضَ اللّه ُ لَهُم في أموالهِمِ
.
عنه (علیهالسّلام) -في عِلَّةِ الصَّومِ-: اِمتَحَنَهُم بِضَربٍ مِنَ
الطّاعَةِ كَيما يَنالوا بِها عِندَهُ الدَّرَجاتِ؛ لِيُعَرِّفَهُم فَضلَ ما أنعَمَ عَلَيهِم مِن لَذَّةِ الماءِ وطيبِ الخُبزِ، وإذا عَطِشوا يَومَ صَومِهِم ذَكَروا يَومَ العَطَشِ الأَكبَرِ فِي الآخِرَةِ، وزادَهُم ذلِكَ رَغبَةً(في المصدر: «رقبة») فِي الطّاعَةِ
.
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): جَعَلَ اللّه ُ... قُرَّةَ عَيني فِي الصَّلاةِ وَالصَّومِ
.
عنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): قالَ حَبيبي
جَبرَئيلُ: إنَّ مَثَلَ هذَا الدّينِ كَمَثَل شَجَرَةٍ ثابِتَةٍ؛
الإِيمانُ أصلُها، وَالصَّلاةُ عُروقُها، وَالزَّكاةُ ماؤُها، وَالصَّومُ سَعَفُها (السَّعَفَة: غُصن النخل، والجمع سَعَف
)
.
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): قالَ اللّه ُ عز و جل: «الصَّومُ لي، وأنَا أجزي بِهِ»
.
عنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضاعَفُ؛ الحَسَنَةُ عَشرُ أمثالِها إلى سَبعِمِئَةِ ضِعفٍ، قالَ اللّه ُ عز و جل: «إلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لي، وأنَا أجزي بِهِ، يَدَعُ شَهوَتَهُ وطَعامَهُ مِن أجلي»
.
قال
أبو حامد الغزّالي في شرح
الحديث: إنّما كانَ الصومُ للّه ومشرّفا بالنسبةِ إليهِ -وإن كانت العبادات كلّها له كما شرّف البيت بالنسبةِ إليهِ والأرض كلّها له- لمعنيين: أحدهما: أنّ الصوم كفّ وترك، وهو في نفسه سرّ ليس فيه عمل يشاهد، فجميع الطاعاتِ بمشهد من الخلق ومرأى، والصوم لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى؛ فإنّه عمل في الباطن بالصبر المجرّد. والثاني: أنّه قهرٌ لعدوّ اللّه؛ فإنّ وسيلة الشيطان -لعنه اللّه -
الشهوات، وإنّما يقوى الشهوات
بالأكل والشرب؛ ولذلك قال (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): «إنَّ الشَّيطانَ لَيَجري مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ؛ فَضَيِّقوا مَجارِيَهُ بِالجوعِ»... فلمّا كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدّا لمسالكه وتضييقا لمجاريه، استحقّ التخصيص بالنسبة إلى اللّه؛ ففي قمع عدوّ اللّه نصرة للّه، ونصرة اللّه للعبد موقوفة على النصرة له؛ قال اللّه: «إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»
؛ فالبداية بالجهدِ مِنَ العَبدِ، والجزاء بالهداية مِنَ اللّه ِ؛ ولذلكَ قالَ: «وَ الَّذِينَ جَـهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا»
، وقالَ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ»
؛ وإنّما التغيير بكسر الشهواتِ، فهي مرتعُ الشياطين ومرعاهم، فما دامت مخصبة لم ينقطع تردّدهم، وما داموا يتردّدون فلا ينكشف للعبدِ جلال اللّه، وكان محجوبا عن لقائه؛ قال رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): «لَولا أنَّ الشَّياطينَ يَحومونَ عَلى قُلوبِ بَني آدَمَ لَنَظَروا إلى مَلَكوتِ السَّماءِ». فمن هذا الوجه صار الصوم بابَ العبادة وصارَ جُنّةً
. وفي
النهاية لابن الأثير: قد أكثر الناس في تأويل هذا الحديث وأنّه لِمَ خَصّ الصومَ والجزاءَ عليه بنفسه عز و جل، وإن كانت العبادات كُلّها له وجَزاؤها منه ؟ وذكروا فيه وجوها مدارُها كُلّها على أنّ الصوم سِرٌّ بين اللّه والعبد لا يَطَّلِع عليه سِواه، فلا يكون العبدُ صائما حَقيقةً إلاّ وهو مُخلص في الطاعة. وهذا وإن كان كما قالوا؛ فإنَّ غير الصَّوم من العبادات يشاركه في سرّ الطاعة، كالصلاة على غير
طهارة أو في ثوبٍ نجس، ونحو ذلك من الأسرار المقترنة بالعبادات الّتي لا يعرفها إلاّ اللّه وصاحبها. وأحسن ما سمعت في تأويل هذا الحديث: أنّ جميع العبادات الّتي يتقرّب بها العباد إلى اللّه عز و جل -من صلاة، وحجّ،
وصدقة،
واعتكاف، وتبتُّل، ودعاء،
وقُربان،
وهَدي، وغير ذلك من أنواع العبادات -قد عَبَدَ المشركون بها آلِهتَهم، وما كانوا يتَّخذونه من دون اللّه أندادا، ولم يُسمَع أنّ طائفة من طوائف المشركين وأرباب النِّحَلِ في الأزمان المُتَقادِمة عَبدت آلهتها بالصوم، ولا تقرَّبت إليها به، ولا عُرف الصوم في العبادات إلاّ من جهة الشرائع، فلذلك قال اللّه عز و جل: «الصَّومُ لي وأنَا أجزي بِهِ»؛ أي: لم يُشاركني أحدٌ فيه، ولا عُبد به غيري، فأنا حينئذٍ أجزي به وأتولَّى الجزاء عليه بنفسي، لا أكِلُه إلى أحد من ملك مقرّب أو غيره على قدر اختصاصه بي
.
«إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَـتِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَـتِ وَ الْقَـنِتِينَ وَ الْقَـنِتَـتِ وَ الصَّـدِقِينَ وَ الصَّـدِقَـتِ وَ الصَّـبِرِينَ وَالصَّـبِرَ تِ وَ الْخَـشِعِينَ وَ الْخَـشِعَـتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَ الْمُتَصَدِّقَـتِ وَ الصَّئِمِينَ وَالصَّئِمَـتِ وَ الْحَـفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحَـفِظَـتِ وَ الذَّ كِرِينَ اللَّهَ كَثِيرا وَ الذَّ كِرَ تِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَ أَجْرا عَظِيما»
.
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): في قَولِهِ تَعالى: «التَّئِبُونَ الْعَـبِ: السّائِحونَ (في الحديث: «سياحة هذه الاُمّة الصيام»، قيل للصائم: سائح؛ لأنّ الّذي يسيح في
الأرض متعبّد يسيح ولا زاد له ولا ماء،فحين يجد يطعم. والصائم يُمضي نهاره لا يأكل ولا يشرب شيئاً فشُبّه به
) وهُمُ الصّائِمونَ
.
عنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): إنَّ للّه مائِدَةً عَلَيها ما لا عَينٌ رَأَت، ولا اُذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَرَ عَلى
قَلبِ بَشَرٍ، لا يَقعُدُ عَلَيهَا إلاَّ الصّائِمونَ
.
عنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): لِلصّائِمِ فَرحَتانِ: فَرحَةٌ عِندَ فِطرِهِ، وفَرحَةٌ
يَومَ القِيامَةِ، يُنادِي المُنادي: «أينَ الظّامِئَةُ أكبادُهُم؟ وعِزَّتي، لَأَروِيَنَّهُمُ اليَومَ»
.
الإمام عليّ (علیهالسّلام): لَو دافَعتَ نَومَكَ -يا غافِلاً- بِالقِيامِ، وقَطَعتَ يَومَكَ بِالصِّيامِ، وَاقتَصَرتَ عَلَى القَليلِ مِن لَعقِ الطَّعامِ، وأحيَيتَ مُجتَهِدا لَيلَكَ بِالقِيامِ؛ كُنتَ أحرى أن تَنالَ أشرَفَ المَقامِ
.
الإمام الباقر (علیهالسّلام): إنَّ
المُؤمِنَ إذا قامَ لَيلَهُ ثُمَّ أصبَحَ صائِما نَهارَهُ لَم يُكتَب عَلَيهِ ذَنبٌ، ولَم يَخطُ خُطوَةً إلاّ كَتَبَ اللّه ُ لَهُ بِها حَسَنَةً، ولَم يَتَكَلَّم بِكَلِمَةِ خَيرٍ إلاّ كَتَبَ اللّه ُ لَهُ بِها حَسَنَةً، وإن ماتَ في نَهارِهِ صُعِدَ بِروحِهِ إلى عِلِّيِّينَ، وإن عاشَ حَتّى يُفطِرَ كَتَبَهُ اللّه ُ مِنَ الأَوّابينَ
.
الإمام الصادق (علیهالسّلام): مَن صامَ للّه ِ عز و جل يَوما في شِدَّةِ الحَرِّ فَأَصابَهُ ظَمَأٌ، وَكَّلَ اللّه ُ بِهِ ألفَ مَلَكٍ يَمسَحونَ وَجهَهُ ويُبَشِّرونَهُ، حَتّى إذا أفطَرَ قالَ اللّه ُ عز و جل لَهُ: «ما أطيَبَ ريحَكَ ورَوحَكَ !
مَلائِكَتِي، اشهَدوا أنّي قَد غَفَرتُ لَهُ»
.
الإمام الصادق عن آبائه (علیهمالسّلام): إنَّ النَّبِيَّ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) قالَ: «إنَّ اللّه َ عز و جل وَكَّلَ مَلائِكَتَهُ بِالدُّعاءِ لِلصّائِمينَ». وقالَ: «أخبَرَني
جَبرَئيلُ (علیهالسّلام) عَن رَبِّهِ أنَّهُ قالَ: ما أمَرتُ مَلائِكَتي بِالدُّعاءِ لِأَحَدٍ مِن خَلقي إلاَّ استَجَبتُ لَهُم فيهِ»
.
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): ما مِن صائِمٍ يَحضُرُ قَوما يَطعَمونَ إلاّ سَبَّحَت لَهُ أعضاؤُهُ، وكانَت صَلاةُ المَلائِكَةِ عَلَيهِ، وكانَت صَلاتُهُم استِغفارا
.
الإمام الصادق (علیهالسّلام): إنَّ الصّائِمَ مِنكُم لَيَرتَعُ في رِياضِ
الجَنَّةِ، تَدعو لَهُ المَلائِكَةُ حَتّى يُفطِرَ
.
الإمام الرضا (علیهالسّلام): إنَّ للّه تَبارَكَ وتَعالى مَلائِكَةً مُوَكَّلينَ بِالصّائِمينَ وَالصّائِماتِ، يَمسَحونَهُم بِأَجنِحَتِهِم، ويُسقِطونَ عَنهُم ذُنوبَهُم. وإنَّ للّه ِ -تَبارَكَ وتَعالى -مَلائِكَةً قَد وَكَّلَهُم
بِالاِستِغفارِ لِلصّائِمينَ وَالصّائِماتِ، لا يَعلَمُ عَدَدَهُم إلاَّ اللّه ُ عز و جل
.
•
بركات شهر رمضان، لشهر رمضان بركات عظيمة ونعَمِ الّتي لا تعدّ ولا تحصى. جلال هذا الشهر وعظمته وبركاته المعنوية والمادية الّتي تنهمر على أهل
الإيمان ، هي ممّا ينأى عن الوصف من منظور الأحاديث الإسلامية، فلو توفّر المسلمون على معرفةٍ صحيحةٍ ببركات هذا الشهر الفضيل، وأدركوا عظيم مواهبه وحبواته، لتمنّوا أن تكون السَّنة برمّتها
شهر رمضان ، على ما يفيده الحديث النَّبوي الشريف بهذا الشأن: «لَو يَعلَمُ العِبادُ ما في رَمَضانَ؛ لَتَمَنَّت أن يَكُونَ رَمَضانُ سَنَةً».
•
تصفيد الشياطين في شهر رمضان، أنَّ الشياطين تغلّ في شهر رمضان، وعندئذٍ يثار عدد من الأسئلة في هذا السياق، هي: ما
الشيطان؟ في نطاق ما يتّسم به نظام الخليقة والوجود من حكمة، لماذا سُمح للشيطان بإغواء
الإنسان؟ ما الثغور الّتي تمتدّ إليها سلطة الشيطان على الإنسان؟ لماذا صار اللّه سبحانه إلى تصفيد الشياطين ومنعها من ممارسة تأثيرها الضالّ في شهر رمضان، في حين تركها حرّة فيما عداه من الشهور؟ وأخيرا: إذا كانت الروايات الدالّة على هذا المعنى صحيحة، فلماذا يجنحعدد من الصائمين إلى ارتكاب
الذنوب واجتراح الخطايا في هذا الشهر؟
•
درجات الصيام، أنَّ الصوم يقسّم من حيث المراتب ومن زاوية الدور الّذي ينهض به في
تكامل الإنسان، إلى ثلاثة أقسام. وفي هذا السياق قسّم علماء الأخلاق وأرباب السَير والسلوك، الصيام إلى صوم العوام، وصوم الخواص، وصوم خواصّ الخواصّ.
مراقبات شهر رمضان، المحمدي الري شهري، الشيخ محمد، ص۴۷-۶۴.