مكروهات الحائض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يكره في غسل الميت أمور منها: كراهة
الخضاب، كراهة قراءة ما عدا العزائم، كراهة حمل المصحف ولمس هامشه، كراهة
الاستمتاع منها بما بين السرة والركبة، كراهة وطئها قبل الغسل.
(ويكره لها) كالجنب (
الخضاب )
بالاتفاق ، كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة.
والروايات في كل من النهي عنه ونفي البأس ـ مع اشتمالها في الجانبين على المعتبرة ـ مستفيضة.
وحمل الأوّلة على الكراهة طريق الجمع كما فعله الجماعة لرجحان الثانية بعملهم، مع أصالة
الإباحة والإجماعات المنقولة.
ولا ينافيها فتوى الصدوق بلا يجوز؛
لعدم البأس بخروجه مع معلومية نسبه، مع عدم صراحته في أمثال كلامه في الحرمة، فيحتمل شدة الكراهة، وبإرادته لها من تلك العبارة صرّح العلّامة.
ولا فرق فيه بين
الحنّاء وغيره، كعدم الفرق في المخضوب بين اليد والرجل وغيرهما في المشهور. و
المسامحة في أدلة السنن تقتضيه وإن كان إثباته فيهما بالدليل فيه ما فيه؛ لعدم عموم في المعتبرة، إذ غايتها
الإطلاق المنصرف إلى الأفراد المتبادرة التي ليس غير الحنّاء كما عدا اليدين والرجلين والشعور منها.
ولعلّه لذا اقتصر
سلّار على الحنّاء،
والمفيد على اليدين والرجلين
ولكن الأحوط ما قدّمناه.
(وقراءة ما عدا
العزائم ) الأربع مطلقاً حتى السبع أو السبعين المستثناة في الجنب، في المشهور، كما هنا وفي
الشرائع وعن
المبسوط والجمل والعقود والسرائر والوسيلة و
الإصباح والجامع؛
لإطلاق النهي عنه في المستفيضة، كالنبوي : «لا يقرأ الجنب ولا
الحائض شيئا من القرآن».
والمروي في
الخصال : «سبعة لا يقرؤون القرآن» وعدّ منها الجنب والحائض.
و
المرسل عنه عليه السلام في بعض الكتب : «لا تقرأ الحائض قرآناً».
وعن
مولانا الباقر عليه السلام : «إنّا نأمر نساءنا الحيّض أن يتوضأن عند وقت كل صلاة ـ إلى قوله ـ ولا يقربن مسجداً ولا يقرأن قرآناً».
وهي لضعفها ومخالفتها
الأصل وموافقتها العامة
محمولة على الكراهة، مع ما عن
الانتصار والخلاف والمعتبر
في الجواز من الإجماعات المنقولة.
وعن التحرير و
المنتهى ـ كبعض الأصحاب الذي حكي عنه في الخلاف
ـ قصر الكراهة كالجنب على الزائد على السبع أو السبعين آية.
وهو متجه لو لا المسامحة في أدلة الكراهة، بناءً على اشتراكها معه في أغلب الأحكام الشرعية كما يستفاد من الأخبار المعتبرة، فيغلب لحوقها به هنا،
لإلحاق الظن الشيء بالأعم الأغلب.
(وحمل المصحف ولمس هامشه) وبين سطوره للصحيح : «الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب».
مضافاً إلى ما عن المصنف في
المعتبر من الإجماع على كراهة تعليقه
فتأمل.
و
الأمر فيه محمول على
الاستحباب لنفي البأس عن مسّ الورق للجنب في الرضوي،
فتلحق هي به أيضاً، لما تقدّم، مع الأصل. فالقول
بالتحريم كما عن المرتضى
; ضعيف.
(و
الاستمتاع ) للزوج مطلقاً كالسيّد (منها بما بين السرّة والركبة) لظواهر المعتبرة كالصحيح : في الحائض ما يحلّ لزوجها؟ قال : «تتّزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرّتها، ثمَّ له ما فوق
الإزار »
ومثله الموثق
وغيره.
وحملت على الكراهة جمعاً بينها وبين المعتبرة المستفيضة الصريحة في الجواز، المعتضدة بالأصل والعمومات الكتابية والسنّية والشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، بل هي إجماع في الحقيقة، بل حكي صريحا عن جماعة كالتبيان والخلاف و
مجمع البيان،
المخالفة لما عليه أكثر العامة،
كالموثق بابن بكير فلا يضر
الإرسال بعده : «إذا حاضت
المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم».
ومثله الموثق الآخر وغيره في الصراحة
باختصاص المنع بموضع الدم.
وقريب منها الصحيح : ما للرجل من الحائض؟ قال : «ما بين أليتيها ولا يوقب».
للتصريح بحليّة ما عدا
الإيقاب ، فالمراد به هنا الجماع في القبل بالإجماع المركب. فيجوز الاستمتاع بما عداه ولو كان الدبر، كما عن صريح السرائر و
نهاية الإحكام والمختلف و
التبيان ومجمع البيان،
مع دعواهما
الإجماع عليه، وظاهر الخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة والتحرير والشرائع والمبسوط والنهاية و
الاقتصاد ،
وإن ضعف في الثلاثة الأخيرة، لتعليق الاستمتاع فيها بما عدا الفرج المحتمل للدبر أيضا؛ ولكنه بعيد.
وممّا ذكر ظهر ضعف مرتضى
المرتضى من تبديل الكراهة بالمنع؛
لضعف دليله المتقدم. كضعف باقي أدلته من الآيتين : الناهية عن قربهنّ حتى يطهرن والآمرة باعتزالهنّ في المحيض،
لعدم
إرادة المعنى اللغوي من القرب فينصرف إلى المعهود المتعارف، وكون «المحيض»
اسم مكان لا مصدر أو اسم زمان، وإلّا لزم
الإضمار أو التخصيص، المخالف كلّ منهما للأصل.
(ووطؤها قبل الغسل) مطلقاً وتتأكد إذا لم يكن شبقاً؛ للنهي عنه في بعض المعتبرة كالموثق : أ فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال : «لا حتى تغتسل».
وهو محمول على الكراهة؛
لإشعار الموثقين المتضمنين ل «لا يصلح» بها،
مع التصريح بالجواز إمّا مطلقاً أو مع الشبق في المعتبرة المستفيضة، المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، بل إجماع في الحقيقة، بل حكي صريحاً عن جماعة كالانتصار والخلاف والغنية وظاهر التبيان ومجمع البيان و
روض الجنان و
أحكام الراوندي والسرائر،
ومع ذلك مخالفة لما عليه العامة.
ففي الموثق : «إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء».
وفي آخر : عن الحائض ترى الطهر، يقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال : «لا بأس، وبعد الغسل أحبّ اليّ».
وفي الخبر : «إذا طهرت من الحيض ولم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل، فإن فعل فلا بأس به» وقال : «تمس الماء أحب إليّ».
ولا يبعد دلالة الآية (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)
عليه، بناءً على حجية مفهوم الغاية، وظهور يطهرن ـ بناءً على القراءة بالتخفيف ـ في
انقطاع الدم خاصة، لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية له في معنى المتشرعة، ويؤيده هنا السياق، مع ما في بعض المعتبرة من كون
غسل الحيض سنّة،
أي لا فريضة إلهية تستفاد من الآيات القرآنية. فتأمل.
ولا ينافيه القراءة بالتشديد، إمّا لمجي تفعّل بمعنى فَعَل مجازاً شائعاً، فيكون هنا من قبيله، لما تقدّم من الأدلة على الجواز من دون توقف على اغتسال؛ وإمّا لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية في التطهير في معنى المتشرعة أي
الاغتسال ، فيحتمل إرادة المعنى اللغوي ويكون
إشارة إلى غسل الفرج، كما يعرب عنه الصحيح : في المرأة ينقطع عنها
دم الحيض في آخر أيّامها، قال : «إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثمَّ يمسها إن شاء».
ولذا حكي عن ظاهر الأكثر وجوب الغسل المزبور،
إلّا أن الآية لا تساعد عليه، بل غايته الشرطية كما عن صريح
ابن زهرة .
وعن ظاهر التبيان والمجمع وأحكام الراوندي : توقف الجواز على أحد الأمرين منه ومن الوضوء.
ولا دليل عليه. وعن صريح التحرير والمنتهى والمعتبر و
الذكرى والبيان : استحبابه.
وهو غير بعيد؛ للأصل، وخلوّ أكثر الأخبار المجوّزة الواردة في الظاهر في مقام الحاجة عنه، فلو وجب الغسل أو اشترط لزم تأخير البيان عن وقتها، إلّا أن الأحوط مراعاته. وقول
الفقيه بالمنع فيما عدا الشبق
شاذ، كالصحيح الدال عليه. وربما حمل كلامه ـ كصحيحه ـ على شدة الكراهة، فلا شذوذ ولا مخالفة.
رياض المسائل، ج۱، ص۳۰۳- ۳۱۰.