أحكام خاصة بالأئمة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
تعرّض الفقهاء الى الأحكام المتعلّقة
بالأئمة عليهم السلام في غضون أبحاثهم في أبواب فقهية مختلفة، وسنذكرها باختصار تاركين التفصيل إلى محالّها، وقد حاولنا جمع تلك الأحكام المتفرّقة وترتيبها كما يلي:
وهو من المسلّمات عندنا، ومن ضروريّات مذهبنا ومن أركانه. قال
الشيخ الصدوق : «يجب أن يعتقد أنّ الإمامة حقّ كما اعتقدنا أنّ النبوّة حقّ، ويعتقد أنّ اللَّه عزّ وجلّ الذي جعل
النبي صلى الله عليه وآله وسلم نبيّاً هو الذي جعل
الإمام إماماً، وأنّ نصب الإمام
وإقامته واختياره إلى اللَّه عزّ وجلّ، وأنّ فضله منه... ويعتقد أنّ اللَّه عزّ وجلّ لا يقبل من عامل عمله إلّا
بالإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه جملة، وبالإقرار بنبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة صلوات اللَّه عليهم تفصيلًا، وأنّه واجب علينا أن نعرف النبي والأئمّة بعده صلوات اللَّه عليهم بأسمائهم وأعيانهم، وذلك فريضة لازمة لنا واجبة علينا، لا يقبل اللَّه عزّ وجلّ عذر جاهل بها أو مقصّر فيها... ويجب أن يعتقد أنّ المنكِر لواحد منهم كالمنكِر لجماعتهم، وقد قال
الصادق عليه السلام : «المنكِر لآخرنا كالمنكِر لأوّلنا».
.. ويجب أن يعتقد أنّ حجج اللَّه عزّ وجلّ على خلقه بعد نبيه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم الأئمّة الاثني عشر...
ويعتقد أنّ حجة اللَّه في أرضه وخليفته على عباده في زماننا هذا هو
القائم المنتظر ، ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن
عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، وأنّه هو الذي أخبر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن اللَّه عزّ وجلّ باسمه ونسبه، وأنّه هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلًا كما ملئت جوراً وظلماً...».
وقال
الشيخ المفيد : «ويجب على كلّ مكلّف أن يعرف إمام زمانه، ويعتقد إمامته وفرض طاعته، وأنّه أفضل أهل عصره وسيّد قومه، وأنّهم في العصمة والكمال كالأنبياء عليهم السلام... وأنّ الأئمّة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم حجج اللَّه تعالى وأوليائه وخاصّة أصفياء اللَّه، أولهم وسيّدهم: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن
هاشم بن عبد مناف عليه أفضل السلام، وبعده
الحسن والحسين ، ثمّ
عليّ بن الحسين ، ثمّ
محمّد بن عليّ بن الحسين ، ثمّ
جعفر بن محمّد ، ثمّ
موسى بن جعفر ، ثمّ
عليّ بن موسى ، ثمّ
محمّد بن عليّ بن موسى ، ثمّ
عليّ بن محمّد بن عليّ ، ثمّ
الحسن بن عليّ بن محمّد ، ثمّ الحجّة القائم بالحقّ ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام، لا إمامة لأحد بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم غيرهم، ولا يستحقّها سواهم، وأنّهم الحجّة على كافّة الأنام...».
وقال
الشهيد الثاني : «لا ريب أنّه يشترط التصديق بكونهم أئمّة يهدون بالحقّ، وبوجوب
الانقياد إليهم في أوامرهم ونواهيهم؛ إذ الغرض من الحكم بإمامتهم ذلك، فلو لم يتحقّق التصديق بذلك لم يتحقّق التصديق بكونهم أئمّة».
ودليل لزوم
الاعتقاد بإمامتهم هو ما دلّ على إمامتهم وتنصيبهم من قِبل اللَّه ورسوله، وفي الوقت نفسه يدلّ على لزوم
إطاعتهم ؛ فإنّ معنى الإمامة والخلافة للنبيّ هو لزوم الطاعة، بل صرّحت بعض الأدلّة بذلك، قال تعالى: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ».
والأمر بطاعتهم شامل لكلّ مكلّف إلى يوم القيامة كطاعة اللَّه ورسوله، وليس منحصراً بالزمن الماضي، قال
الفقيه الأقدم أبو الصلاح الحلبي- بعد أن أورد الآية-:«فأوجب سبحانه طاعة
أولي الأمر على الوجه الذي أوجب طاعته تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على كل مكلّف حاضر لنزول
الآية وناشئ إلى
انقضاء التكليف وفي كلّ أمر، فيجب عموم طاعة اولي الأمر كذلك؛ لوجوب
إلحاق المعطوف بحكم المعطوف عليه...».
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة».
وفي الجواهر: «... لوجوب طاعته وحرمة مخالفته عقلًا ونقلًا».
والاعتقاد بإمامتهم كما يجب في نفسه كذلك يكون شرطاً في جملة من الأحكام الشرعية والأبواب الفقهية؛ من قبيل:شرطية
الايمان في صحّة العبادة وفي القاضي وفي إمام الجماعة وفي المجتهد الذي يرجع إليه المقلِّد. ولتفصيل ذلك يراجع عنوان (إيمان).
•
وجوب محبة الأئمة،يجب محبّتهم، وهو من المسلّمات عندنابل وعند غيرنا أيضاً.
تجب الصلاة على النبي وآله عليهم السلام في تشهّد الصلاة، وهذا الحكم ممّا تسالم عليه الأصحاب، وقد ادّعى عليه
الاجماع غير واحد.
وذهب الشافعية والحنابلة في أحد الرأيين إلى وجوب الصلاة على الآل.
والرأي الآخر في المذهبين انّها سنّة، وهو قول الحنفية وأحد قولي المالكية.
والرأي الآخر عند المالكية أنّها فضيلة.
وتدلّ على الوجوب جملة وافرة من النصوص المتضمّنة عدم كفاية الصلاة بدون الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم المروية من طرق الخاصة والعامة.
منها: ما رواه الشيخ في الصحيح بسنده عن أبي بصير
وزرارة جميعاً عن أبي عبد اللَّه عليه السلام انّه قال: «من تمام الصوم
إعطاء الزكاة، كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تمام الصلاة. ومن صام ولم يؤدّها فلا صوم له إذا تركها متعمّداً، ومن صلّى ولم يصلّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وترك ذلك متعمّداً فلا صلاة له...».
بضميمة ثبوت الملازمة بين الصلاة عليه والصلاة على الآل المستفاد من روايات جمّة من العامّة والخاصّة،جمعها الشيخ الحرّ في الوسائل،
فقد روى
ابن حجر في صواعقه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم انّه قال: «لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صلّ على محمّد وتُمسكون. بل قولوا: اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد».
وروى البخاري عن
كعب بن عجرة ، قال: سألنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا:يا رسول اللَّه، كيف الصلاة عليكم
أهل البيت ، فإنّ اللَّه قد علّمنا كيف نسلّم عليكم؟ قال: قولوا: «اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل ابراهيم، انّك حميد مجيد. اللهم بارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انّك حميد مجيد».
إذاً نظراً لهذه الملازمة ففي كل مورد حكم بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يثبت وجوب الصلاة على آله تبعاً كما في خطبة صلاة الجمعة، وكل مورد حكم
بالاستحباب فكذلك أيضاً كما في استحباب الصلاة عليه كلما ذكر اسمه الشريف، وللتفصيل يراجع عنوان (تشهد) (الصلاة على النبي).
يستفاد عظمة أهل البيت عليهم السلام من الأدلّة عامّة كتعظيم الشعائر، وخاصّة كآية التطهير وقرن اسمهم باسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد رتّب الفقهاء على ذلك بعض الفروع:
أ- ذهب المشهور إلى حرمة مسّ المحدث لاسم الجلالة واسم النبي والأئمة،
وبناه بعض على
الاحتياط الوجوبي.
في حين اختار بعض عدم الحرمة في الجميع،
أو في خصوص أسماء الأنبياء والأوصياء، وقال بعض الفقهاء: «لا يجوز للمحدث مسّ كتابة
القرآن ... والأولى إلحاق أسماء الأنبياء والأوصياء وسيّدة النساء صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين».
ب- كراهة
الاستنجاء باليد إذا كان فيها خاتم عليه اسم اللَّه، والمشهور إلحاق أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام.
قال
الفاضل الاصبهاني : «ومنهم
فاطمة عليها السلام ».
وقال المحقق الكركي: «والظاهر أنّ اسم فاطمة عليها السلام كأسماء الأئمة عليهم السلام».
هذا، مع عدم التنجيس، وإلّا حرم قطعاً.
ج- إلحاق مشاهدهم بالمساجد في حرمة دخولها للجنب والحائض والنفساء.ويحرم تنجيسها ويجب على الفور
إزالة النجاسة عنها كالمساجد.
بل يلحق بذلك كل ما علم من الشرع تعظيمه
كتربة الحسين عليه السلام وتربة سائر الأئمة المعصومين عليهم السلام
فإنّ ذلك هتك لما عظّمه الشرع.وألحق الفقهاء مشاهدهم بالمساجد أيضاً في استحباب الصلاة فيها وأفضليتها.
فعن
جعفر بن ناجية عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «صلّ عند رأس
قبر الحسين عليه السلام ».
د- ذهب المشهور إلى كراهة التقدّم على قبور الأئمة في الصلاة،
وصرّح عدّة منهم بحرمة ذلك.
أ- يستحبّ
إعمار مشاهدهم ببنائها وتعاهدها
وحفظها عن
الاندراس وتجديد عمارتها؛ فانّها من شعائر اللَّه التي لا شك في مطلوبية تعظيمها.
ب- يستحب زيارة الأئمة
والاختلاف إلى مشاهدهم، قال أبو الصلاح الحلبي:«زيارة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عند قبره وكلّ واحد من الأئمة عليهم السلام من بعده في مشاهدهم من السنن المؤكّدة والعبادات المعظّمة في كل جمعة أو في كل شهر أو في كل سنة إن أمكن ذلك، وإلّا فمرّة في العمر».
والروايات في ذلك من الكثرة بمكان، منها:
ما رواه
أبو عامر الساجي - واعظ أهل
الحجاز - عن الصادق عليه السلام عن
أبيه عن جدّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: «يا أبا الحسن إنّ اللَّه جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وأنّ اللَّه جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من خلقه تحنّ إليكم وتحتمل المذلّة والأذى فيكم، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرّباً منهم إلى اللَّه ومودّة منهم لرسوله، اولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي والواردون حوضي، وهم زوّاري غداً في الجنّة، يا علي من عمّر قبوركم وتعاهدها فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء
بيت المقدس ...».
وقد وردت آداب خاصّة لزيارتهم كالغسل، وأيضاً وردت أذكار مأثورة في كيفية زيارة الأئمة عموماً، ولكلّ واحد منهم خصوصاً، وتعرّض لذلك فقهاؤنا في كتاب
الحج ، وأفرد بعضهم باباً خاصّاً لذلك تحت عنوان (المزار) وبعضهم صنّف كتباً خاصّة في ذلك.مثل كتاب «كامل الزيارات» لابن قولويه (ت/ ۳۶۸ ه) و «المزار الكبير» لمحمد بن المشهدي (من علماء القرن السادس) و «مصباح الزائر» للسيد ابن طاوس (ت/ ۶۶۴ ه) و «المزار» للشهيد الأوّل (ت/ ۷۸۶ ه).
ج- ينبغي
إحياء أمرهم بذكر فضائلهم وترويجها؛ فإنّ ذلك إحياء لأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وإحياء للدين ولشعائره، وقد روى الفضيل بن يسار عن
الإمام الصادق عليه السلام انّه قال: «فأحيوا أمرنا، رحم اللَّه من أحيا أمرنا».
د- يستحب البكاء على مصائبهم، سيما مصائب أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام وما نزل به في كربلاء يوم
عاشوراء ؛ فانّها مصيبة ما أعظمها وأعظم رزيّتها في
الإسلام ؛ فانّها ليست مصائب خاصّة بل هي مصائب الإسلام التي هتكت فيها حرماته وقتل فيها أهل بيت النبوّة، فالبكاء على ذلك من علامات التقوى، وقد وردت بذلك روايات جمّة.
لا شكّ في مشروعية التوسّل بهم إلى اللَّه لصرف بلاء أو جلب لطف دنيوي أو أخروي، فقد روي عن علي عليه السلام أنّه قال:قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «الأئمة من ولدي، من أطاعهم فقد أطاع اللَّه، ومن عصاهم فقد عصى اللَّه، هم العروة الوثقى، والوسيلة إلى اللَّه عزّ وجلّ».
وفيه: «الأئمة من ولد الحسين».ومن الواضح أنّ التوسل بهم كالتوسّل برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان رحمة للعالمين فلم ينزل العذاب على الامّة بسببه: «وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ»،
وكان هو الذريعة إلى اللَّه:«وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً».
•
التبرك بالأئمة،من الواضح أنّ التبرّك
بالأئمة - وهو تحصيل البركة والخير بسببهم- إنّما هو لأنّهم مقرّبون إلى اللَّه ولكونهم مقدّسين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
أ- يحرم الغلوّ في الأئمة بأن ينسب إليهم- معاذ للَّه- الالوهيّة، ويعدّ ذلك كفراً؛ وقد وقف الأئمة عليهم السلام من الغلوّ موقفاً شديداً، حتى أنّ
الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام أحرق قوماً نسبوا إليه الربوبية.
ب- وكذا يحرم بغضهم ومعاداتهم، فانّه ممّا يتنافى مع محبّتهم التي أمرنا بها بآية القربى،
مضافاً إلى أنّه يؤول إلى بغض رسول اللَّه الذي لا ريب في كونه كفراً.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنّة»؛
وأفاد
المحقق النجفي بأنّه لم يخالف أحد من فقهائنا في كفر الناصب ونجاسته
بل أجمعوا على ذلك.
نعم، ذهب بعض المعاصرين إلى طهارة الناصب.
ج- يحرم سبّهم، وفاعله كافر مرتدّ يجب قتله،
وهذا الحكم موضع وفاق عندنا،
ودمه هدر،
فعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من سبّ عليّاً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ اللَّه».
وقد علم بالضرورة بأنّ الأئمة والصدّيقة الطاهرة بمنزلة نفس النبي وأنّ حكمهم حكمه، وكلّهم يجرون مجرى واحداً.
ولا شك في كون السابّ نجساً مع نصبه، وأمّا إذا كان موالياً لهم وسبّهم لداعٍ آخر فلا يحكم بنجاسته وإن كان يجب قتله،
وأطلق بعضهم الحكم بنجاسة السابّ.
وقد أجمع فقهاء المذاهب الأخرى على أنّ من سبّ أحداً من آله صلى الله عليه وآله وسلم تغلّظ عقوبته حيث حكموا بأنّه يضرب ضرباً شديداً وينكّل به. إلّا أنّهم لم يحكموا بكفره.
أ- عقوبة مدّعي الإمامة، ولا شك في أنّ الامامة تشترك مع النبوّة في كونهما منصب إلهي مقدّس أمر تعيينه بيد اللَّه سبحانه، وهي نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وانتحال ذلك يوجب
إنزال أشدّ العقوبات، بل حكم بوجوب قتله.قال المحقق النجفي: «قد يلحق مدّعي الإمامة بمدّعي النبوّة»
في وجوب قتله. ولا غرابة في ذلك، فقد ورد تغليظ العقوبة فيمن ادّعى كذباً ما هو أدون من ذلك؛ إذ صرّح بعض الفقهاء من غير الإمامية بأنّ من انتسب كاذباً إلى آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فانّه يضرب ضرباً وجيعاً ويحبس طويلًا حتى تظهر توبته؛ وعلّل بأنّه
استخفاف بحق رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم.
ب- وجوب تصديق الإمام، ولا يطالب بالبيّنة ولا يجوز
إحلافه ، قال الشهيد الأوّل: «إنّ حلف الإمام غير مشروع...».
وذلك؛ لعصمته كما هو واضح، ويمكن أن يستدلّ له أيضاً بما ورد عن
الباقر عليه السلام من قول عليّ لشريح: «ويحك إمام المسلمين يؤمن من امورهم على ما هو أعظم من هذا».
ج- مفطرية الكذب عليهم، ولا إشكال في حرمة الكذب مطلقاً، وتتأكّد الحرمة فيما لو كان على اللَّه ورسوله وأهل بيته المعصومين. إنّما الخلاف في مفطريته
وإفساده للصوم.فذهب مشهور المتقدّمين إلى كونه مفسداً واختاره معظم المعاصرين،
ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «انّ الكذب على اللَّه ورسوله وعلى الأئمة يفطر الصائم».
ونسب المحقّق النجفي إلى أكثر المتأخّرين إن لم يكن جميعهم القول بعدم الفساد به، فإنّ الأخبار الصحيحة حصرت المفطر في غير ذلك، وقد ضعّفت الأخبار الدالّة على الإفساد سنداً ودلالة وادّعي أنها ناظرة إلى نقض الثواب.
وبنى بعضهم الحكم بالافساد على
الاحتياط .
وصرّح عدّة من الفقهاء بالحاق
الزهراء عليها السلام بالأئمة عليهم السلام في ذلك.
•
الولاية المطلقة للأئمة،لا ريب في سعة دائرة ولاية
النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى حدّ بحيث يكون هو أولى بالمؤمن من نفسه في كلّ التصرّفات الراجعة إليه.
الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۱۸۳-۲۰۲.