الانزجار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
المنع والطرد و
الانتهاء و
الامتناع .
الانزجار- لغة-: من الزجر وهو المنع والنهي و
الانتهار . يقال: زجره يزجره زجراً،
ويقال: زجره وازدجره فانزجر وازدجر.
وزجرته زجراً منعته فانزجر وازدجر ازدجاراً.
ويستعمل في الطرد تارة، وفي الصوت اخرى.
فالانزجار و
الازدجار :
الانتهاء و
الارتداع نتيجة الزجر. ويوضع الازدجار موضع الانزجار فيكون لازماً، كما في قوله تعالى: «وَازدُجِرَ»،
كان في
الأصل ازتجر، فقلبت التاء دالًا لقرب مخرجيهما واختيرت الدال؛ لأنّها أليق بالزاي من التاء.
ولا يخرج استعمال
الفقهاء له عن المعنى اللغوي.
وهو الكفّ عن الشيء، وردعه ردعاً فارتدع، أي كفّه فكفّ.
وارتدع الرجل، إذا رآك وأراد أن يعمل عملًا فكفّ، أو سمع كلامك.
والفرق بينهما أنّ الارتداع قد يكون ذاتياً وبوازع من نفس
الإنسان ، فيكون أعم من الانزجار من هذه الجهة.
وهو الكفّ
نتيجة الزجر والنهي عن الشيء بالفعل أو القول.
والانتهاء الانزجار عمّا نهي عنه،
فهما بهذا المعنى واحد.
قد يرد الزجر والانزجار في
الفقه كحكمة أو علّة لبعض الأحكام، فإنّ هناك جملة من
الأحكام الشرعية الغرض والهدف الظاهر منها زجر الإنسان عن
ارتكاب المعاصي والمخالفات الشرعية، منها:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ ولذا صرّح بعض الفقهاء بكفاية
إظهار الكراهية و
الإعراض عن المرتكب للمنكر أو التارك للواجب وهجره إن علم أنّه يحصل الانزجار بذلك.
وهذه هي أوّل مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا حاجة معه إلى
الانتقال إلى المراتب الاخرى من اللسان ثمّ اليد.
وهذا يعني أنّ الواجب هو النهي بالاسلوب والمقدار الذي يتحقّق معه الانزجار، ولا يصحّ أن يتعدّى ذلك إلى ما هو أغلظ.
وعليه فالأفضل للمكلّف أن يبدأ بالوعظ و
الإرشاد والتنبيه إلى قبح الفعل وعظم الجزاء، فإن كان هذا كافياً للانزجار اقتصر عليه وسقط عنه الواجب، وإلّا انتقل لما هو أشدّ كاللعن و
التغليظ في الزجر والتهديد، فإذا أثّر وإلّا انتقل إلى الضرب و
الإيلام إلى أن ينزجر بأن يأتي بالواجب أو يرتفع القبيح.
ومن ذلك القصاص في النفس و
الأطراف والحدّ،
وقتل المرتدّ والمحارب، ومقاتلة
أهل البغي والكفر،
ومقاتلة مانعي الزكاة والممتنع من
إقامة شعائر
الإسلام الظاهرة،
وبضرب الناشز، ورمي المطّلع على حريم غيره وبيته، وتأديب المجنون والصبي، و
تحريم المطلّقة ثلاثة والملاعنة والكفّارات الواجبة.
وغير ذلك من العقوبات والأحكام التي يكون الهدف والغرض منها الزجر عن
العصيان أو
الاستمرار عليه.
من هنا قالوا: لو اجتمعت حدود أو حقوق وقصاص، أو حدّ وقصاص، أو رجم جسدي بُدئ بما لا يفوت معه الآخر؛ جمعاً للحقّين، وتأكيداً للزجر.
وقالوا أيضاً: إذا كان المدّعى عليه سكران فينبغي أن لا يحلّفه الحاكم حتى يفيق؛ لأنّ اليمين للزجر والردع و
السكران لا ينزجر بها ولا يرتدع.
هذا،
وهناك أحكام اخرى للانزجار نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
لو اطّلع شخص على قوم بقصد النظر إلى ما يحرم عليه منهم فلهم زجره، فإن أصرّ ولم يرتدع وينزجر رموه بحصاة أو عود أو غيرها، فإن جني عليه بالرمي فالجناية هدر
إجماعاً ؛
للروايات،
فإن بدروه بالرمي من غير زجر ضمنوه.
ولو كان المطّلع رحماً لنساء صاحب المنزل بحيث يجوز له النظر إليهن كان لهم زجره ولا يجوز رميه، ولو رموه والحال هذه فجني عليه ضمن. وكذا بعد الزجر إذا لم ينزجر، إلّاأن يكون النظر ريبة فلا ضمان.
أمّا لو كان بعض النساء مجرّدات فيجوز زجره ومع عدم الانزجار يجوز رميه؛ لأنّه ليس للمحرم هذا
الاطّلاع المتضمّن للعورة.
ولو كان إنسان عارياً في طريق لم يكن له رمي من نظر إليه، ولو زجره فلم ينزجر ففي جواز الرمي نظر.
ولو كان باب المنزل مفتوحاً فاطّلع فيه مطّلع جاز زجره، فإن لم ينزجر فلصاحب المنزل رميه. وكذا لو كان في الباب ثقب واسع. ولو اطّلع فزجره فلم ينزجر فرماه فقال: لم أقصد الاطّلاع، لم يضمنه وليس لصاحب الدار رمي الناظر بما يقتله.
ولو اطّلع على العورة فزجره ولم ينزجر فرماه فجنى عليه، وادّعى عدم قصد النظر أو عدم رؤيتها، لم تسمع دعواه ولا شيء على الرامي في الظاهر.
ولو دخل شخص على أهل بيت من غير إذنهم فزجروه فلم ينزجر، فرموه بعد الزجر فأدّى الرمي إلى قتله أو فقأ عينه أو ذهاب بعض أعضائه، لم يكن عليهم شيء.
يشترط في كلب الصيد لإباحة ما يقتله أن يكون معلّماً،
وذلك بأن يسترسل إذا
أرسله، وينزجر إذا زجره.
وأطلق غير واحد الانزجار وهو يشمل ما قبل إرساله على الصيد وما بعده.
ولكن قيّده آخرون بما قبل
الإرسال ،
فلا يقدح عدم انزجاره بعده؛ لأنّه من الفروض النادرة، بل قلّما يتحقّق
التعليم بهذا الوجه، فلو كان معتبراً لزم سقوط الانتفاع بصيده، مضافاً إلى عدم منافاة مثل ذلك للتعليم عرفاً.
والتفصيل في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۱۶۰-۱۶۳.