آداب الخلوة والدخول بالمرأة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(القسم الثاني) (في
آداب الخلوة) والدخول بالمرأة وهي شاملة لمستحباتها ومنها:
صلاة ركعتين والدعاء، جعل يده على ناصيتها والدعاء بالمأثور، الدخول ليلاً، التسمية عند
الجماع ، ومكروهاته ومنها: الجماع ليلة الخسوف ويوم الكسوف، الجماع عند الزوال، الجماع في أول ليلة من كل شهر، الجماع مستقبل
القبلة ومستدبرها، الجماع عند من ينظر إليه.
وهي أُمورٌ منها:
(يستحبّ صلاة ركعتين إذا أراد الدخول، والدعاء) بعدهما، بعد أن يمجّد الله تعالى، ويصلّي على
النبيّ صلی الله علیه وأله وسلم ، بقوله : «اللهمّ ارزقني إلفها وودّها ورضاها، وأرضني بها، واجمع بيننا بأحسن اجتماع وآنس
ائتلاف ، فإنّك تحبّ الحلال وتكره الحرام» أو غيره من الدعاء. (وأن يأمرها بذلك عند
الانتقال ) فتصلّي ركعتين بعد الطهارة، وتدعو الله تعالى بمعنى ما دعا. كلّ ذلك للصحيح.
(وأن يجعل يده على ناصيتها) وهي : ما بين النزعتين من مقدم الرأس عند دخولها عليه، مستقبل
القبلة (ويكونا على طهر ويقول : «اللهمّ على كتابك تزوّجتُها، وفي أمانتك أخذتها، وبكلماتك استحللتُ فرجها، فإن قضيتَ لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سويّاً، ولا تجعله شرك الشيطان»). كما في الخبر،
وقريبٌ منه
الحسن وغيره.
(وأن يكون الدخول ليلاً) وقد تقدّم من الأخبار ما يدلّ عليه.
وفي الخبر : «زفّوا عرائسكم ليلاً، وأطعموا ضحى».
ويناسبه الحياء، فيستحبّ
إضافة الستر المكاني والقولي إلى الستر الزماني؛
لإشعار النبويِّين بذلك.
(وأن يسمّي عند الجماع) ويتعوّذ بالله من الشيطان؛ كما في المعتبر، بل الصحيح
على الصحيح. وأفضلها ما في المرتضوي : «إذا جامع أحدكم فليقل : بسم الله وبالله، اللهمّ جنّبني الشيطان، وجنّب
الشيطان ما رزقتني، قال : فإن قضى الله تعالى بينهما ولداً لا يضرّه الشيطان بشيء أبداً».
(و) أن (يسأل الله تعالى أن يرزقه ولداً ذَكَراً) فعن
مولانا الباقر عليه السلام : «إذا أردت الجماع فقل : اللهمّ ارزقني ولداً، واجعله تقيّاً زكيّاً، ليس في خلقته زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى خير».
و هي أمور منها:
(ويكره الجماع ليلة
الخسوف ويوم الكسوف). للصحيح : «يكره في الليلة التي ينكسف فيها القمر، واليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفيما بين غروب
الشمس إلى مغيب الشفق، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وفي الريح السوداء والصفراء والزلزلة، ولقد بات
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عند بعض نسائه فانكسف القمر في تلك الليلة، فلم يكن منه فيها شيء، فقالت له زوجته : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي كلّ هذا البغض، فقال : ويحك هذا الحادث من السماء، فكرهت أن أتلذّذ فأدخل في شيء، وقد عَيَّر الله تعالى قوماً، فقال عزّ وجلّ (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ)
وأيم الله لا يجامع في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعه ولداً وقد سمع بهذا الحديث فيرى ما يحبّ».
(وعند
الزوال ) كما في وصيّة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم لعليٍّ عليه السلام، معلّلاً فيها بأنّه : «إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، والشيطان يفرح بالحول في
الإنسان ». إلاّ زوال يوم الخميس كما فيها، فقال عليه السلام: «وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عند كبد السماء فقضي بينكما ولد، فإنّ الشيطان لا يقربه حتى يشيب ويكون قيماً،
يرزقه الله عزّ وجلّ السلامة في الدين والدنيا» رواها الصدوق في الفقيه في نوادر
النكاح .
(وعند الغروب حتى يذهب الشفق) للصحيح المتقدّم.
(وفي المحاق) وهو : الثلاثة أيّام من آخر الشهر؛ للخبر : «من أتى أهله في
محاق الشهر فليسلّم لسقط الولد».
وتتأكّد الكراهة في الليلة الأخيرة منه؛ للنهي عنه بخصوصه في بعض الأخبار.
(وبعد الفجر حتى تطلع الشمس) للصحيح المتقدّم.
(وفي أوّل ليلة من كلّ شهر، إلاّ
شهر رمضان .
وفي ليلة النصف) منه وآخره، عطف على «أوّل» لا على المستثنى. ففي
الوصيّة : «يا عليّ، لا تجامع امرأتك في أوّل الشهر ووسطه وآخره؛ فإنّ
الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها».
وعن
مولانا الصادق عليه السلام : «يكره للرجل أن يجامع في أوّل ليلة من الشهر وفي وسطه وآخره؛ فإنّه من فعل ذلك خرج الولد مجنوناً، ألا ترى أنّ المجنون أكثر ما يصرع في أوّل الشهر ووسطه وآخره؟!».
وروى الصدوق عن
علي عليه السلام أنّه قال : «يستحبّ للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان؛ لقول الله عزّ وجلّ (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)
».
(وفي السفر إذا لم يكن معه ماءٌ للغسل) للنهي عنه عن
مولانا الكاظم عليه السلام في الموثّق،
مستثنياً منه خوفه على نفسه.
(وعند الزلزلة، والريح الصفراء والسوداء) للصحيح المتقدّم.
وتعليل الكراهة في الخوف فيه مشعرٌ بها في كلّ آية، كما عن سلاّر وابن سعيد.
(ومستقبل القبلة ومستدبرها) للنهي عنه في الرواية.
ولضعفها بجهالة راويها، مع معارضة
الأصل لها حملت على الكراهة، فالقول بالحرمة كما عن بعض
فيه ما فيه. وقيل : وخوفاً من فقر الولد.
(وفي السفينة) للنهي عنه في الرواية.
وقيل : إنّ
النطفة لا تستقرّ فيها.
(وعارياً) للنهي عنه فيها.
(وعقيب
الاحتلام قبل الغُسل أو الوضوء) للنبوي : «يكره أن يغشى الرجل
المرأة إن احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى، فإن فعل ذلك وخرج الولد مجنوناً فلا يلومنّ إلاّ نفسه».
وليس فيها
الاجتزاء بالوضوء عن الغسل في رفع الكراهة، كما هنا وفي القواعد واللمعة، وعن النهاية والمهذّب والوسيلة.
ودليله غير واضح؛ ولذا اقتصر الحلّي على الغُسل،
وهو أحوط. وقيّده ابن سعيد بتعذّر الغُسل.
ولا تكره معاودة
الجماع بغير غُسل؛ للأصل، وفعل النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم؛
مع
اختصاص الرواية والفتوى بالاحتلام، و
القياس حرام. ولا ينافيه ما عن
الرسالة الذهبية المنسوبة إلى
مولانا الرضا عليه السلام : «الجماع بعد الجماع من غير فصلٍ بينهما بغسلٍ يورث الولد الجنون».
لاحتمال فتح الغين دون ضمّها، فغايته
استحباب غَسل الفرج، ونفى عنه الخلاف في المبسوط، لكن مع ضمّ وضوء
الصلاة .
وروى الوشّاء
الوضوء عن الرضا عليه السلام،
كابن أبي نجران مرسلاً عن الصادق عليه السلام في الجارية يأتيها ثم يريد
إتيان أُخرى.
هذا، والمسامحة في أدلّة الكراهة تقتضي
الاكتفاء في
الإلحاق بالاحتلام بمجرّد
احتمال الضمّ، مضافاً إلى كونه الظاهر، فتأمل.
(و) يكره أيضاً (الجماع، وعنده من ينظر إليه) بحيث لا ينظر إلى عورته، وإلاّ فيحرم. قال صلي الله عليه و آله وسلم: «والذي نفسي بيده، لو أنّ رجلاً غشي امرأته وفي البيت - صبيٌّ - مستيقظ، يراهما ويسمع كلامهما ونَفَسَهما، ما أفلح أبداً، إن كان غلاماً كان زانياً، وإن كانت جارية كانت زانية».
وعن مولانا الصادق عليه السلام قال : «لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبيّ، فإنّ ذلك ممّا يورث الزناء ».
وإطلاقهما ـ كإطلاق كلام أكثر الأصحاب ـ يقتضي عدم الفرق بين المميّز وغيره، مع ما عن بعض الكتب عن الصادق عليه السلام: «نهى أن توطأ المرأة، و
الصبي في المهد ينظر إليهما»
فالتخصيص بالمميّز لا وجه له.
نعم، عن
النعمان بن عليّ بن جابر ، عن الباقر عليه السلام: «إيّاك والجماع حيث يراك صبيٌّ يحسن أن يصف حالك» قال : قلت : يا
ابن رسول الله، كراهة الشنْعَة-الشنْعَة : القباحة والفضاعة-
؟ قال : «لا، فإنّك إن رُزِقت ولداً كان شهرةً وعلماً في الفسق والفجور».
فيمكن أن يراد بالتميّز ما تضمّنه الخبر، ولكن
الإطلاق أولى.
(والنظر إلى فرج المرأة) مطلقاً؛ لإطلاق النهي عنه في وصيّة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام.
وحال الجماع أشدّ كراهةً؛ لإيراثه العمى كما في الموثّق.
وإلى
الباطن أقوى؛ لوروده في بعض الأخبار.
وضعف الجميع، والتصريح بنفي البأس في الموثّق المزبور كغيره
المعتضد بالأصل، والشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً في الحقيقة، كما صرّح به في الخلاف
أوجب الجواز، لكن مع الكراهة؛ للمسامحة. فظهر ضعف قول ابن حمزة بالحرمة.
(والكلام عند الجماع بغير ذكر الله تعالى) فعن مولانا الصادق عليه السلام: «اتّقوا الكلام عند ملتقى الختانين، فإنّه يورث الخرس ».
ومن الرجل مع كثرته آكد، ففي وصيّة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم: «يا علي لا تتكلّم عند الجماع كثيراً؛ فإنّه إن قضي بينكما ولدٌ لا يؤمن أن يكون
أخرس ».
وتعليل المنع بذلك كالتعليلات السابقة يشعر باختصاصه بصورة احتمال تكوّن الولد لا مطلقاً، فلا كراهة في الحامل واليائسة، إلاّ أنّ متابعة الأصحاب أولى؛ للمسامحة في أدلّة
الكراهة .
رياض المسائل، ج۱۱، ص۳۰- ۳۸.