• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الاستحالة (الشك فيها)

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لتصفح عناوين مشابهة، انظر الاستحالة (توضيح) .
الشك في الاستحالة قد يكون بنحو الشبهة المفهوميّة، كما إذا صارت العذرة فحماً فشكّ في أنّ عنوان العذرة هل يصدق على الفحم الذي تبدّلت إليه العذرة أو لا؟ وقد يكون بنحو الشبهة الموضوعيّة وقد يكون الشكّ بنحو الشبهة الموضوعيّة كما إذا علم أنّ تبدّل الكلب ملحاً يكون استحالة له، ولكن قد يشكّ في أنّ هذا الكلب هل تبدّل إلى الملحيّة أو هو باقٍ على الكلبيّة.




الشك قد يكون بنحو الشبهة المفهوميّة كما إذا صارت العذرة فحماً فشكّ في أنّ عنوان العذرة هل يصدق على الفحم الذي تبدّلت إليه العذرة أو لا؟ فعلى الأوّل لا يكون تبدّلها إلى الفحم من باب الاستحالة وتبدّل الصورة النوعيّة، بخلاف الثاني فإنّه يكون من الاستحالة.
وقد يكون الشكّ بنحو الشبهة الموضوعيّة كما إذا علم أنّ تبدّل الكلب ملحاً يكون استحالة له، ولكن قد يشكّ في أنّ هذا الكلب هل تبدّل إلى الملحيّة أو هو باقٍ على الكلبيّة ولم يتبدّل؟ فالشكّ هنا في أمر خارجي لا في تطبيق المفهوم.
وفي المسألة أقوال هي كالتالي:

۱.۱ - القول بالنجاسة مطلقا


سواء كان الشكّ بنحو الشبهة المفهوميّة أو بنحو الشبهة الموضوعيّة، وهو ظاهر إطلاق عبارة بعض الفقهاء. واستدلّ عليه بأنّ الشكّ هنا إنّما هو في تحقّق المطهّر وهو الاستحالة، فيجري استصحاب عدم تحقّق الاستحالة، فإنّه الحالة السابقة التي تعلّق بها اليقين .

۱.۲ - القول بالطهارة مطلقا


وهو مختار بعض آخر كالسيّد الحكيم . و المستند في ذلك قاعدة الطهارة ؛ لعدم صحّة التمسّك بالأدلّة الاجتهادية هنا، وعدم جريان الاستصحاب المقتضي للنجاسة بأيّ نحو كان. و توضيح ذلك: أنّ الشكّ في الاستحالة إن كان بنحو الشبهة المفهوميّة فلا يصحّ التمسّك بعموم دليل ثبوت النجاسة للجسم القديم قبل استحالته؛ للشكّ في صدق العنوان السابق على الجسم الجديد. وكذا الاستصحاب غير جارٍ هنا؛ لأنّه تارةً يقرّر بنحو الاستصحاب الموضوعي ، واخرى بنحو الاستصحاب الحكمي ، ولا يجري هنا شي‏ء منهما كما لا يجري بنحو آخر على ما سيتّضح ذلك فيما يلي.

۱.۲.۱ - عدم جريان الاستصحاب الموضوعي


فلأنّ المراد به إمّا الاستصحاب في ذات الموضوع أو فيه بوصف كونه موضوعاً للحكم، فإن كان المراد الأوّل فوجه عدم جريانه هو أنّ الشكّ في المقام لم يتعلّق بالموجود الخارجي أصلًا؛ إذ المفروض أنّه يعلم أنّه فحم فعلًا، وأنّه تبدّلت إليه العذرة فلا ترديد في ذلك، وإنّما الشكّ و الترديد يكون في صدق مفهوم العذرة على هذا الفحم الخاصّ. و الحاصل أنّ عدم جريان استصحاب ذات الموضوع إنّما هو لفقد أحد أركانه وهو الشكّ اللاحق.
وإن كان المراد الثاني- أي استصحاب وصف الموضوعية- فوجه عدم جريانه هو أنّه راجع إلى استصحاب الحكم؛ لأنّ الموضوعيّة وترتّب الحكم أمران متضايفان ؛ إذ لا معنى للموضوعية إلّا ترتّب الحكم. وسيأتي أنّ استصحاب الحكم غير جارٍ هنا.

۱.۲.۲ - عدم جريان الاستصحاب الحكمي


فهو أنّه يشترط في جريان استصحاب الحكم إحراز بقاء الموضوع، وهذا الشرط مفقود هنا؛ لأنّ العذرة- مثلًا- لو كانت صادقة على الفحم الذي تبدّلت إليه فالموضوع باقٍ جزماً، وأمّا لو كانت مختصّةً بغير المحترق فهو غير باقٍ جزماً، ومع ذلك فلا يكون بقاء الموضوع محرزاً.

۱.۲.۳ - عدم جريان الاستصحاب في المفهوم نفسه


لأنّ الشكّ في الشبهة المفهوميّة يرجع إلى الشكّ في التسمية وسعة الموضوع له وضيقه، ففي المثال المذكور نشكّ في أنّ لفظ العذرة هل وضع لمطلق العذرة أو للعذرة غير المحترقة، وليس هنا أصل يعيّن سعة الموضوع له أو ضيقه؛ لأنّه إن كان المراد به استصحاب عدم ملاحظة الواضع الخصوصيّة في الموضوع له عند الوضع فهو غير جارٍ، فلأنّه أوّلًا: معارض باستصحاب عدم ملاحظته للعموم و الإطلاق ؛ لأنّ المفاهيم في حدّ مفهوميّتها متباينة، فالأمر دائر بين الوضع لمفهوم عام وسيع وبين الوضع لمفهوم خاصّ ضيّق، فكما يحتمل لحاظ الأوّل عند الوضع كذلك يحتمل لحاظ الثاني، وحيث إنّ كلّ واحد من اللحاظين حادث مسبوق بالعدم، فجريان الأصل في أحدهما معارض بجريانه في الآخر. وثانياً: أنّ هذا الأصل غير جارٍ في نفسه؛ لأنّ عدم لحاظ الخصوصيّة لا يثبت الوضع للأعم إلّا على القول باعتبار الأصل المثبت، وكذا العكس.

۱.۲.۴ - توجيه جريان الاستصحاب ورده


ويمكن أن يوجّه جريان الاستصحاب بأنّ المراد به استصحاب انطباق المفهوم على الموجود الخارجي، فالعذرة- مثلًا- إذا صارت فحماً يستصحب كون هذا الفحم الخاصّ عذرة، فإنّه قبل الفحميّة كانت العذريّة ثابتة له، فمع الشكّ فيها بعد الفحميّة تستصحب العذريّة فيحكم بالنجاسة لإحراز موضوعه تعبّداً.
إلّا أنّ هذا التوجيه غير وجيه؛ لأنّ الخصوصيّة لو كانت مأخوذةً في المعنى الموضوع له كانت مقوّمة للصدق و الانطباق ودخيلة في موضوعه، بحيث إذا انتفت تلك الخصوصية انتفى الانطباق والاتّصاف لانتفاء موضوعه، فمع الشكّ في دخالة هذه الخصوصيّة في الموضوع له يحصل الشكّ عند انتفائها في بقاء معروض الانطباق، فلا يصحّ استصحاب الانطباق؛ لعدم العلم ببقاء موضوعه، فلا يحرز أنّه إبقاء للحالة السابقة، بل يمكن أن يكون إسراءً للمستصحب من موضوع إلى آخر. وقد اتّضح إلى هنا أنّ الاستصحاب بأيّ نحو كان لا يجري في الشبهة المفهوميّة من الشكّ في الاستحالة، فالمرجع حينئذٍ قاعدة الطهارة .
وأمّا إن كان الشكّ بنحو الشبهة الموضوعيّة فالمرجع فيه أيضاً قاعدة الطهارة؛ إذ لا يجري فيه الاستصحاب لا الحكمي ولا الموضوعي، أمّا الحكمي- أي استصحاب النجاسة - فلأنّ الشكّ في الاستحالة وتبدّل الموضوع يوجب الشكّ في بقاء موضوع الحكم، ويشترط في جريان استصحاب الحكم إحراز بقاء الموضوع وعدم الشكّ فيه.
وأمّا الاستصحاب الموضوعي- أي استصحاب نفس العنوان الذي تعلّق به حكم النجاسة كعنوان الكلبيّة- فهو أيضاً غير جارٍ؛ لأنّ احتمال الاستحالة وتبدّل الصورة النوعيّة يمنع عن صحّة القول بأنّ هذا الموجود كان كلباً بنحو مفاد كان الناقصة ثمّ زالت عنه الكلبيّة واتّصفت بالملحيّة؛ إذ هذا الموجود على فرض الاستحالة مغاير للموجود السابق تماماً، لا أنّه هو بعينه بحيث بقيت ذاته وزالت صفته الأوّليّة واتّصفت بصفة جديدة اخرى. نعم، يصحّ استصحاب بقاء الموجود السابق- بنحو كان التامّة- إلّا أنّه لا يثبت اتّصاف الموجود الخارجي به.
ولكن في قبال ذلك ذهب بعض آخر إلى أنّ الاستصحاب الموضوعي جارٍ في الشبهة الموضوعيّة؛ لأنّ موضوع القضيّة المستصحبة هو الجسم المشترك و الهيولى المشتركة بين الصورتين- أي الكلب والملح مثلًا- وهذا الموضوع المشترك يبقى وإن تبدّل من صورة إلى اخرى؛ لأنّ العرف لا يرى أنّ هذا الموجود انعدم، وفي قباله تحقّق موجود آخر من دون أن يكون بينهما أمر مشترك باقٍ، بل يرى أنّ هناك أمراً مشتركاً ثابتاً بحيث تخلع صورة وتلبس صورة اخرى، وهو عبارة عن الجسم المشترك والهيولى.
وعلى هذا إذا شكّ في الاستحالة وتبدّل الموضوع صحّ أن يقال- مثلًا-: إنّ هذا الموجود كان كلباً وهو الآن باقٍ على ما كان، فلا مانع من جريان استصحاب القضيّة المذكورة، وهي قضيّة بنحو كان الناقصة لا التامّة؛ لأنّ الشكّ هنا من قبيل الشكّ في التبدّل والخلع واللبس، لا من قبيل الشكّ في انعدام الموجود السابق وتحقّق الموجود الجديد. وبذلك يحرز الموضوع بالاستصحاب، فيحكم بالنجاسة هنا لا بالطهارة؛ إذ بعد جريان الاستصحاب المزبور لا تجري قاعدة الطهارة».

۱.۳ - القول بالتفصيل في المسألة



۱.۳.۱ - الشك بنحو الشبهة المفهومية


فلو كان المورد من الأعيان النجسة وكان الشكّ بنحو الشبهة المفهوميّة فالحكم هو الطهارة. وأمّا إذا كان المورد من الأعيان النجسة وكان الشكّ بنحو الشبهة الموضوعيّة أو كان المورد من المتنجّسات فيحكم بالنجاسة. هذا ما ذهب إليه السيّد الخوئي ، و مستند الأوّل- أي ما إذا كان المورد من الأعيان النجسة وكان الشكّ بنحو الشبهة المفهوميّة- عنده قاعدة الطهارة بعد عدم جريان الاستصحاب المقتضي للنجاسة؛ لما تقدّم مفصّلًا في دليل القول الثاني.

۱.۳.۲ - الشك بنحو الشبهة الموضوعية


وأمّا اذا كان المورد من الأعيان النجسة وكان المورد بنحو الشبهة الموضوعية فالحكم هو النجاسة لجريان الاستصحاب الموضوعي، وقد تقدّم في الجواب عن القول الثاني أنّه لا مانع من جريانه؛ إذ يصحّ أن نشير إلى الموجود الخارجي ونقول- مثلًا-: إنّه كان كلباً بنحو كان الناقصة، وبعد الشكّ في بقائه على ذاك الاتّصاف يستصحب، فيترتّب على ذلك حكم النجاسة. ويحكم بالنجاسة أيضاً عند الشكّ في الاستحالة في الأشياء المتنجّسة إذا كان المورد بنحو الشبهة الموضوعيّة، فإذا شكّ في استحالة الخشب فحماً مثلًا فيجري استصحاب بقاء المادّة المشتركة بين الخشب والفحم على حالتها السابقة أي الاتصاف بالجسميّة السابقة وهي الخشبيّة فيحكم بذلك بالنجاسة.
ثمّ إنّه هل يمكن أن يتصوّر أن يكون الشكّ في الاستحالة في المتنجّسات بنحو الشبهة المفهوميّة حتّى يحكم بالطهارة أو لا؟

۱.۳.۳ - قول السيد الخوئي


قال: الصحيح عدم تصوّر الشبهة المفهوميّة في المتنجّسات، فلا تقاس من هذه الجهة بأعيان النجاسات، وذلك لأنّ موضوع النجاسة في الأعيان النجسة هو العناوين الخاصّة من الدم والعذرة والميتة ونحوها، ولذا نتردّد في سعة بعض تلك المفاهيم وضيقها ونشكّ في أنّ العذرة- مثلًا- اسم لغير المحروقة أو للأعمّ منها ومن غيرها، وهو المعبّر عنها بالشبهة المفهوميّة.
وأمّا المتنجّسات فليس موضوع النجاسة فيها العناوين الخاصّة من الثوب و الصوف ونحوهما حتى يمكن أن يتصوّر الشكّ في سعة هذه المفاهيم وضيقها، بل الموضوع فيها هو الجسم الملاقي للنجس ولا شكّ في سعة هذا العنوان وضيقه؛ لأنّه صادق على المتنجّسات قبل تبدّل شي‏ء من أوصافها الشخصيّة أو النوعيّة وبعده؛ لأنّها جسم على كلّ حال، فلا يتحقّق مورد يشكّ في سعة عنوان الموضوع وضيقه، فإنّ مقتضى الاستصحاب عند الشكّ في استحالة الخشب المتنجّس فحماً هو الحكم ببقاء الموجود الخارجي على الجسميّة السابقة وعدم تبدّله إلى جسم آخر فيحكم فيه بالنجاسة.
وليعلم أنّ البيان المذكور إنّما يتمّ بناءً على ما ذهب إليه السيّد الخوئي من أنّ الموضوع للنجاسة في المتنجّسات هو الجسم الملاقي للنجس. وأمّا بناءً على ما ذهب إليه بعض آخر من الفقهاء من أنّ الموضوع هو العناوين الخاصّة فحال المتنجّسات حال الأعيان النجسة في إمكان تصوّر الشبهة المفهوميّة للاستحالة فيها.


 
۱. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۶۸.    
۲. مستمسك العروة، ج۲، ص۹۵.    
۳. مستمسك العروة، ج۲، ص۹۵.    
۴. المحاضرات، ج۱، ص۲۴۲.    
۵. منتقى الاصول، ج۱، ص۳۴۵.    
۶. مستمسك العروة، ج۲، ص۹۵- ۹۶.    
۷. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۷۹.    
۸. فرائد الاصول (تراث الشيخ الأعظم)، ج۳، ص۲۹۹.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۱۹۲-۱۹۷.    



جعبه ابزار