الاستيلاد(بمعني الإنجاب)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاستيلاد(توضيح).
هناك أحكام متعدّدة تتعلّق بقابلية الرجل والمرأة على
الإنجاب وهي كما يلي:
المستفاد من كلمات بعضهم أنّ إنجاب المرأة
الحرّة وحصولها على ولد حقّ من حقوقها الزوجية الثابتة لها في
النكاح الدائم ، بل قيل: هو
الحكمة من منع الرجل من عزل مائه عن حليلته في نكاح الحرائر بناءً على ما ذهب إليه جماعة
من حرمة
العزل ؛ لما روي عن
الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «الوأد الخفي... فقد نهى
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يعزل عن الحرة إلّا بإذنها».
وروي أيضاً أنّه نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن عزل الحرّة
إلّابإذنها ، وأنّه الوأد الخفي.
وإن ذهب الأكثر إلى
كراهته ؛
لورود
روايات اخرى من طرقنا دالّة على الكراهة، كصحيحة
محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام حيث سئل عن العزل، فقال:«أمّا الأمة فلا بأس، وأمّا الحرّة فإنّي أكره ذلك إلّاأن يشترط عليها حين يتزوّجها».
وأمّا الروايتان فلم تردا من طرقنا، فلا يعوّل عليهما في مقام
الاستدلال ، ولو اتّضح سندهما لوجب حملهما على الكراهة؛ جمعاً بين الأدلّة.
ويمكن استفادة حقّ
الاستيلاد للزوج من
حرمة عزلها عنه، بمعنى منعها من
إنزاله في
رحمها بناءً على أنّ الحكمة من
التحريم هو الإنجاب، وكونه غرضاً مهمّاً من أغراض النكاح.
ليس الاستيلاد
وقابلية الزوج والزوجة على الإنجاب شرطاً في صحّة النكاح، فلا يثبت حقّ
الفسخ لأحدهما عند ثبوت
العقم في الآخر،
بل صرّح بعضهم بعدم صحّة اشتراط الاستيلاد في
العقد وعدم وجوب
الالتزام به؛ لإمكان زوال العقم عنهما بعد ذلك، كما حدث لسارة امرأة
إبراهيم عليه السلام
عندما حملت
بإسحاق وهي في سنّ التاسعة والتسعين من عمرها.
هذا، مضافاً إلى
احتمال أن يكون منشأ عدم
الحمل شيء آخر غير العقم، مع احتمال أن يكون عدم الحمل في الشارط دون المشروط عليه.
على أنّ الاستيلاد تابع
لإرادة اللَّه وقدرته، ولا دخل لإرادة الزوجين فيه، فلا يكون اشتراطه صحيحاً في عقد النكاح.
واورد عليه:
أوّلًا: بأنّ احتمال تحقّق الحمل في المستقبل كما تحقّق لامرأة إبراهيم عليه السلام لا يعوّل عليه؛ لأنّ حملها كان من
المعجزات ، ولم يكن أمراً عاديّاً.
وثانياً: بأنّ احتمال
إرجاع عدم الحمل إلى مانع آخر غير العقم مردود؛ لأنّ العقم لا يعني أكثر من عدم القابلية على الحمل.
وثالثاً: بأنّ احتمال أن يكون أحدهما عقيماً دون الآخر يمكن التحقّق منه بالطرق العادية أو العلمية.
ورابعاً: بأنّ دعوى عدم صحّة اشتراط الاستيلاد لكونه تابعاً لإرادة اللَّه تعالى وتقديره مردودة أيضاً؛ لأنّ المقصود من اشتراطه اشتراط وجود القابلية على الإنجاب في الرجل والمرأة، وهذه القابلية إمّا أن تكون موجودة فيكون النكاح صحيحاً، أو لا تكون موجودة فلا يكون صحيحاً.
من المسائل المستحدثة التي راج البحث عنها في العقود المتأخّرة الاستيلاد بالطرق غير المتعارفة المعبّر عنها ب (التلقيح الصناعي) والتي لها صور كثيرة أوصلها بعضهم إلى أربعة وعشرين صورة، نحاول فيما يلي
الإشارة إلى أهمّها- تاركين التفصيل إلى محلّه-:
وضع منيّ الزوج في انبوبة ثمّ نقله إلى رحم الزوجة لينمو وينشأ بصورة طبيعية.وهي صورة لا
إشكال في جوازها؛ للأصل، وعدم وجود ما يدلّ على حرمتها، كما لا إشكال في نسبة
الولد إلى صاحب المني وامّه التي حملته.
وضع منيّ
الأجنبي في رحم الأجنبية بغير جماع، وأكثر فقهائنا المعاصرين يرون أنّ هذه الطريقة من
التلقيح غير جائزة؛
لقوله تعالى: «وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ».
وقول الإمام الصادق عليه السلام في رواية
علي ابن سالم : «إنّ أشدّ الناس عذاباً
يوم القيامة رجل أقرّ
نطفته في رحم يحرم عليه».
هذا مضافاً إلى عموم ما دلّ على لزوم
الاحتياط في الفروج، كقول الإمام الصادق عليه السلام في رواية
شعيب الحدّاد :«وأمر الفرج شديد، ومنه يكون الولد...».
وهناك من أفتى بجواز ذلك.
وعلى كلّ حال لو فعل التلقيح وحملت المرأة ثمّ ولدت فالولد ملحق بصاحب الماء والمرأة معاً؛ لصدق بنوّته لهما في هذه الحالة، ولا يمنع من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«الولد للفراش وللعاهر الحجر»؛
لأنّ موضوعه الزنا، وليس هذا منه قطعاً.
تخصيب بويضة الأجنبية بالمني داخل رحمها ثمّ نقلها إلى رحم الزوجة.
وقد وقع الإشكال في حكم الولد
وانتمائه إلى امّه، حيث ذهب
السيّد الخوئي ومن تبعه إلى أنّ امّه التي ولدته؛
لقوله تعالى: «الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِسَائِهِم مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ»،
مضافاً إلى دعوى مساعدة
العرف على ذلك.
واورد عليه بأنّ حصر الامّهات باللاتي ولدنهم إنّما هو في مقابل الذين يظاهرون من نسائهم ويجعلونهنّ كامّهاتهم لا مطلقاً حتى ولو لم يكن لأجل
الظهار .
وذهب جماعة إلى أنّ امّه التي نشأ من بويضتها دون من ولدته،
مدّعين مساعدة العرف عليه.
وأمّا حكم التي ولدته فهي كامّه
بالرضاعة ، بل هي أولى به ممّن ترضعه؛ لأنّه كان قد نما من وجودها.
تخصيب البويضة بمنيّ الزوج خارج الرحم، ثمّ نقلها إلى رحم امرأة أجنبية بسبب عدم قدرة الزوجة على
الاحتفاظ بها. وقد استشكل السيّد الخوئي في حكم هذه الصورة،
بينما قطع بعضهم بحرمتها
وإن جوّز ذلك بعض المعاصرين.
ونفس الكلام المتقدّم في انتماء الولد إلى
امّه وأبيه يجري هنا أيضاً.
انتقال النطفة من زوجة إلى زوجة اخرى، وهي جائزة كما صرّح به بعضهم.
وفي انتماء الولد إلى امّه التي ولدته أو من كانت البيضة منها يجري البحث السابق أيضاً.
نقل بويضة امرأة أجنبية إلى رحم الزوجة العقيم ليقاربها زوجها فتحمل منه، وقد اختلف الفقهاء في حكم هذه الصورة، فمنهم من ذهب إلى عدم جوازها؛
لرواية علي بن سالم المتقدّمة التي استدلّوا بها بعد إلغاء الخصوصية، فيكون المنع فيها شاملًا لانعقاد نطفة الرجل مع نطفة امرأة لا تحلّ له.
وإن شكّك البعض في إلغاء الخصوصية عن الرحم؛
مستدلّاً بدلًا من ذلك برواية
ابن سيابة عن الإمام الصادق عليه السلام، قال:«إنّ النكاح أحرى وأحرى أن يحتاط فيه، وهو فرج ومنه يكون الولد».
ويشهد له أيضاً قوله تعالى: «وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ»؛
لأنّ تعريض البويضة لماء الأجنبي يتنافى مع الحفظ المطلوب في
الآية الشريفة .ومنهم من ذهب إلى جواز ذلك إذا زرعت البويضة داخل الرحم وصارت جزءً منه، وإلّا فمع عدم زرعها يكون التلقيح مخالفاً للاحتياط.
هي أخذ بويضة الزوجة لتخصيبها بمنيّ الزوج خارج الرحم ثمّ
إيداعها في رحم الزوجة لتنمو وتتطوّر هناك، ولا إشكال في مشروعية هذه الصورة، كما لا إشكال في صدق عنوان الأبوين لصاحبي النطفة والبويضة بالنسبة للطفل المتولّد بهذه الطريقة.
هي تخصيب بويضة المرأة بمنيّ زوجها خارج الرحم، ثمّ إيداعها في
رحم اصطناعية غير حقيقية لتتكامل فيها حتى تصير طفلًا سويّاً، ولا إشكال في جواز هذه الصورة أيضاً، كما لا إشكال في نسبة
الولد إلى أبويه؛ لحكم العرف بأنّه منهما رغم عدم تحقّق الوطء والنموّ داخل
الرحم الطبيعية .
تخصيب بويضة المرأة الأجنبية بماء الرجل الأجنبي خارج الرحم وإيداعها في رحم صناعية، وهي مختلف فيها بين الفقهاء، فمنهم من ذهب إلى عدم جوازها إذا لم يكن صاحب المني معروفاً، وإلّا كانت جائزة؛
إذ مع المعروفية لا تضيع
الأنساب التي حذّرت منه بعض الأخبار،كقول الإمام الرضا عليه السلام في رواية محمّد بن سنان: «وحرّم اللَّه الزنا لما فيه من الفساد من قتل النفس وذهاب الأنساب.
ولا يكون إيداع النطفة في رحم يحرم إيداعها فيه، كما دلّت عليه رواية علي بن سالم المتقدّمة.ومنهم من ذهب إلى عدم جوازها حتى مع معروفية صاحب المني؛
لمنافاة ذلك لقوله تعالى: «وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ».
وأمّا حكم الولد فهو لصاحب المني ولمن اخذت البويضة منها؛ لانتسابه إليهما، سواء قلنا بجواز هذه الطريقة من التلقيح أو لم نقل بجوازها.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۴۳۱-۴۳۶.