• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

التخيير بين الأرش والرد

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لا إشكال ولا خلاف في أنّ ظهور العيب يقتضي جواز الردّ أو أخذ الأرش في الجملة.نعم، هناك كلام على مستوى الدليل، وهل هو قائم على ثبوت الأرش ابتداءً على نحو التخيير بينه وبين الردّ أم يختصّ بصورة عدم إمكان الردّ بسبب التصرّف المانع أو تلف العين أو حدوث عيب أو غير ذلك من مسقطات الرد؟ومنشأ ذلك عدم وجود ما يدلّ على التخيير بين الأرش والردّ ممّا هو تامّ السند والدلالة من الأخبار، بل ما دلّ على الأرش منها يختصّ بصورة التصرّف المانع‌ ...... من الردّ والأخبار الدالّة على خيار العيب كثيرة:
منها: مرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام: في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيباً، فقال: «إن كان‌ الشي‌ء قائماً بعينه ردّه على صاحبه وأخذ الثمن، وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب».، ومنها: رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «أيّما رجل اشترى شيئاً وبه عيب وعوار لم يتبرّأ إليه ولم يبيّن له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئاً ثمّ علم بذلك العوار وبذلك الداء، أنّه يمضي عليه البيع ويردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به». ومنها: الروايات الدالّة على أنّ الأمة إذا ظهر فيها عيب غير الحمل بعد الوطء لا ترد، بل يثبت الأرش، والروايات الدالّة على أنّ الجارية ترد من أحداث السنة، من أحكام العيوب وليس في هذه الروايات ما يدلّ على ما ذهب إليه المشهور. وتفصيل ذلك أكثر في خيار العيب .فيجوز أن يكون الأرش في هذه الصورة لتدارك ضرر المشتري لا لتعيين أحد طرفي التخيير بتعذّر الآخر. ومع ذلك ذهب المشهور إلى التخيير لمعرفة من صرّح بالتخيير أو ظاهره ذلك مفتاح الكرامة، تركنا نقله هنا رعاية للاختصار واعتماداً على تفصيل ذلك في خيار العيب.
[۷] مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
وعدم اشتراط أخذ الأرش باليأس من الردّ، بل نفى عنه الخلاف بعضهم، وادّعى عليه الإجماع آخرون كما ستسمع.
نعم، ظاهر الشيخ في مواضع من المبسوط اشتراط الأرش باليأس من الردّ، ولكن ظاهره في مواضع أخرى منه التخيير في مسألة ما إذا باع عبدين أو ثوبين فوجد بأحدهما عيباً قال: «لم يكن له ردّ المعيب دون الصحيح، وله الخيار بين ردّ الجميع وبين أرش المعيب» إلّا أن يحمل على الترتيب. وكذا الكاشاني في المفاتيح.
[۱۰] المفاتيح، ج۳، ص۶۹.
[۱۱] المفاتيح، ج۳، ص۷۱.
هذا، وقد عرفت أنّ المشهور على التخيير رغم اعتراف بعضهم بعدم دلالة الروايات على ذلك، ولعلّ أوّل من نبّه على ذلك المقدّس الأردبيلي، وأنّه لا دليل على الخيار بين الردّ والقبول مع الأرش بعد ظهور العيب، بل الموجود في الأخبار يدلّ على الردّ بالعيب قبل الحدث والتصرّف، والأرش بعده. بل قال في موضع آخر بعد ذلك: «إنّي ما رأيت دليلًا صحيحاً صريحاً في التخيير مطلقاً، ولكن يظهر عدم الخلاف بينهم وهم أعرف». وكذا صرّح بذلك المحدّث البحراني ثمّ قال: «وبالجملة: فالدليل على التخيير المذكور غير ظاهر من الأخبار إلّا أن يكون الإجماع؛ لظهور اتّفاقهم على الحكم المذكور.نعم، ذلك مذكور في الفقه الرضوي حيث قال عليه السلام: «فإن خرج في السلعة عيب وعلم المشتري فالخيار إليه إن شاء ردّ، وإن شاء أخذه أو ردّ عليه بالقيمة مع أرش العيب» وفيه: «وردّ» بدل «أو ردّ».. وظاهر العبارة التخيير بين الردّ وبين أخذه من غير أرش أو أخذه مع الأرش، ويحتمل أنّ لفظة (أو) غلط، وإنّما هو بالواو فيكون مخيّراً بين الأوّل والثالث.والظاهر أنّ هذه العبارة هي المستند في ذلك في كلام المتقدّمين، وجرى عليه جملة المتأخّرين».
وبذلك صرّح غيرهما ممّن تأخّر عنهما كالسيّد العاملي والمحقّق النجفي والسيدين الخوئي والخميني، قال السيد العاملي في مفتاح الكرامة : «دليله الإجماع المنقول في الخلاف والغنية فيما إذا ظهر العيب في بعض المبيع، فإنّهما ادّعيا الإجماع على أنّه بالخيار بين ردّ الجميع أو أخذ أرش المعيب، ولا قائل بالفصل قطعاً، وزاد في الخلاف أنّ أخبار الفرقة على ذلك».ثمّ بعد أن ذكر القائلين بالتخيير والاختلاف فيما ينسب إلى الشيخ في المبسوط قال: «فالأصل في ذلك الإجماع بعد خبر نفي الضرر والأخبار المرسلة في الخلاف، وحينئذٍ يؤخذ مرسل جميل والفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه السلام مؤيّداً، على أنّ الثاني ممّا قد تجبره الشهرة ويعضده الإجماع، ولم أجد الخلاف إلّا من ظاهر صاحب المفاتيح وصاحب الحدائق، وقد تأمّل في ذلك مولانا الأردبيلي»..
[۱۸] مفتاح الكرامة،، ج۴، ص۶۱۴.
وفي الرياض: ليس في الأخبار ذكر الإمضاء مع الأرش، بل ظاهرها الردّ خاصّة، ولكنّ الإجماع ولو في الجملة كافٍ في التعدية، مضافاً إلى الرضوي. وفي الجواهر- بعد الاستدلال على خيار العيب بالإجماع، مضافاً إلى ما أرسله في الخلاف من الأخبار وخبر الضرار وخبر فقه الرضا بناءً على حجّيته ومرسل جميل وغيره- قال: «إلّا أنّه ليس فيها جميعاً ذكر الإمضاء مع الأرش، بل ظاهرها الردّ خاصّة كما اعترف به في الرياض...». وفي مكاسب الشيخ بعد التصريح بعدم ما يدلّ على التخيير بين الردّ والأرش في الأخبار عدا ما في الفقه الرضوي وما قد يتكلّف لاستنباط هذا الحكم من سائر الأخبار أو اعتباره مقتضى القاعدة ممّا يأتي بيانه والمناقشة فيه- قال: «وبالجملة: فالظاهر عدم الخلاف في المسألة، بل الإجماع على التخيير بين الردّ والأرش. نعم، يظهر من الشيخ في غير موضع من المبسوط أنّ أخذ الأرش مشروط باليأس من الردّ، لكنّه- مع مخالفته لظاهر كلامه في النهاية وبعض مواضع المبسوط- ينافيه إطلاق الأخبار بجواز أخذ الأرش».
ووافقهم على ذلك السيد الخوئي قائلًا ما ملخّصه: قد تسالم الفقهاء على كون المشتري مخيّراً بين فسخ العقد وإمضائه مجّاناً أو مع العوض، ولكن لم يوجد في الأخبار ما يدلّ على ذلك، وإنّما الأخبار تثبت الأرش بعد التصرّف الموجب لسقوط الخيار لا قبله، وعليه فالحكم هو الخيار فقط من دون أن يكون للمشتري حقّ مطالبة الأرش. نعم، إن كان هناك إجماع تعبّدي يوجب التخيير من الأوّل فهو، وإلّا فما ذكره الأصحاب مشكل جداً، ولكنّ إثبات الإجماع أيضاً مشكل، فإنّه يحتمل أن يكون مدركه الوجوه الاعتباريّة أو توهّم دلالة الأخبار على ذلك. وقال الإمام الخميني ما ملخّصه أيضاً-: إنّ خيار العيب عقلائي لا يختصّ بمحيط الشرع والمسلمين وليس لبناء المتعاملين ولا للاشتراط الضمني، بل لإقدام المشتري بتوهّم صحّة المبيع اتّكالًا على أصالة الصحّة أو أمر آخر، فإذا ظهر الخلاف يثبت له الخيار، والظاهر أنّ ما هو عقلائي هو خيار الفسخ ابتداءً، وأمّا الأرش فهو ثابت لدى العقلاء عند تعذّر الردّ، فالسرّ في ثبوت الأرش هو أنّ وصف الصحّة وإن لم يكن جزء للمبيع ولم يقع جزء من الثمن في قباله لكنّه لدخله في زيادة القيمة يكون كالعلّة لإعطاء مقدار من الثمن بإزاء المثمن، فإذا ظهر العيب فيه ظهر أنّ إعطاء ذلك المقدار كان بلا وجه عقلائي، ولا إشكال في أنّ العقلاء لا يرونه بعد تغيّر العين ملزماً بترك الفسخ؛ لخروج العين عمّا كانت عليه وترك المطالبة بالأرش، بل له أخذ الأرش. هذا بحسب القواعد العقلائية، وهو المتفاهم من روايات خيار العيب والمتبادر من سائر الروايات التي أثبتت الأرش مشروطاً بالتصرّف، بل هو مقتضى الجمع بين الروايات أيضاً، وذكر قدس سره للروايات المتفاهم منها التفصيل بين عدم التصرّف فيثبت الردّ ومعه يثبت الأرش مرسلة جميل ورواية ابن سنان وللروايات التي ظاهرها أنّ الحكم هو الردّ لا التخيير بينه وبين الأرش رواية ميسرة ثمّ قال ما مضمونه: يقيّد إطلاق الروايات الدالّة على أنّ الحكم هو الردّ لا التخيير بينه وبين الأرش بالروايات المفصّلة بين عدم التصرّف فيثبت الردّ ومعه فيثبت الأرش.ثمّ- بعد أن ناقش فيما يمكن أن يستدلّ به للتخيير- استدلّ عليه بقيام الشهرة المحقّقة من زمن الصدوق والمفيد إلى الأعصار المتأخّرة، وسيأتي بيان ذلك في المتن في سياق الأدلّة.......- هذا، والمستفاد من مجموع عباراتهم أنّ ما استدلّ أو يمكن الاستدلال به‌ للمشهور ما يلي:
أ- استفادة ذلك من الأخبار وقد ذكر لكيفية الاستفادة عدّة وجوه:
الأوّل: دعوى أنّها تدلّ على الردّ أعمّ من ردّ المبيع أو الأرش، وأنّ المراد ردّ البيع في الجملة أعمّ من أن يكون بالرجوع بتمام الثمن بأن يفسخ، أو بالرجوع بالأرش، فإن أخذ الأرش أيضاً ردّ للمبيع في الجملة حيث لم يبقه على حاله من مقابلة المبيع بتمام الثمن.
[۲۸] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۸۱- ۸۲.
لكن نوقش في ذلك بأنّه يتمّ فيما إذا كان الأرش بجزء من الثمن، فيكون أخذ الأرش حينئذٍ ردّاً للبيع في بعض مقتضاه، وكذا إن كان البيع مقتضياً لعدم الأرش فيكون أخذ الأرش نافياً لمقتضاه فيكون ردّاً له بهذا الاعتبار مع أنّه ليس كذلك. هذا مضافاً إلى أنّه خلاف الظاهر من الردّ في الأخبار.قال المحقّق الاصفهاني : «فيه: أنّ الأرش إن كان بجزءٍ من الثمن كان التكلّف وجيهاً لردّ البيع في بعض مقتضاه، وليس كذلك... وكذا إن كان البيع مقتضياً لعدم الأرش كان أخذ الأرش منافياً لمقتضاه، فيكون ردّاً له بهذا الاعتبار، مع أنّه لا شبهة في أنّ البيع بالإضافة إلى الأرش لا اقتضاء ، لا أنّه مقتضٍ لعدمه». وقال السيد الخوئي: «فيه أوّلًا: أنّ الظاهر من الردّ في الأخبار هو ردّ المبيع ولا يصدق ردّ المبيع على أخذ الأرش، وهو واضح، على أنّ الوصف لا يقابل بالثمن». ولعلّه لهذا وصف الشيخ الأنصاري الاستنباط المذكور بأنّه صعب جدّاً، ووصفه السيد الخميني بأنّه ساقط مخالف لفهم العرف.
الثاني: ما ذكره الفقيه الهمداني من أنّ: «ظاهر إطلاق جواز أخذ الأرش للمشتري في صورة التصرّف كون الأمر إليه في تدارك ضرره من أوّل الأمر من‌ دون مراعاة حقّ البائع، وإلّا لكان اللازم تقييد الجواز بما إذا لم يرض البائع بالفسخ وقبول العين التي حصل فيها تغيير، ففي الحقيقة على هذا التقدير كان اللازم على المشتري الرجوع إلى البائع ومطالبة رفع الضرر الوارد عليه من جهة العيب، إمّا بقبوله ردّ المعيب ولو بعد التصرّف أو بتدارك الفائت، وهذا خلاف ظاهر الأخبار، واحتمال عدم كون الحكم بالترتيب بمراعاة حقّ البائع، بل كلا الحكمين إنّما شرّعا لمراعاة حقّ المشتري فقط، ولكن موضوع أحدهما مترتّب على موضوع الآخر، مع بُعده في حدّ ذاته؛ لعدم كون الحكم على هذا التقدير مناسباً للموضوع بهذه الخصوصيّة، يبعّده أيضاً عدم سقوط الأرش بالتصرّف بعد العلم؛ إذ حينئذٍ له إيجاد سبب الأرش باختياره ، ومن المعلوم غرابة الالتزام بعدم جواز إلزامه بالأرش أوّلًا وبالذات وجوازه بعد إيجاد مقدّمة اختياريّة، فهذا الاستبعاد يوجب ظهور الرواية- بعد فرض دلالتها على إطلاق الحكم- في كون اعتبار الخصوصيّة لأجل تعيين أحد فردي الواجب المخيّر بتعذّر الآخر، لا لبيان حدوثه بحصول موضوعه».
[۳۴] حاشية المكاسب (الهمداني)، ج۱، ص۵۱۹- ۵۲۰.
وقريب منه بل هو تقرير آخر مختصر له ما ذكره المحقّق الاصفهاني بقوله:«إنّ الأرش ليس إلّا لتدارك الفائت، وهذه العلّة غير مخصوصة بعدم إمكان الردّ، فالاقتصار على الردّ ليس إلّا لأجل رعاية حال البائع، ولو كان كذلك لزم تقييد إطلاق الأرش بما إذا لم يرض البائع بالردّ، مع أنّه مطلق غير مقيّد، فيعلم منه أنّ علّة الأرش موجودة من أوّل الأمر، وأنّ الدليل الموجب للأرش في صورة عدم إمكان الردّ لبيان أحد فردي التخيير بعد تعذّر الفرد الآخر». وأجاب عنه ب «أنّ تدارك ضرر الفائت مقتضٍ للأرش وللردّ، إلّا أنّ نكتة الترتّب غير منحصرة في رعاية حال البائع حتى تجب رعايتها بعد عدم إمكان الردّ، بل من الممكن أن تكون نكتة أخرى للترتّب المزبور، ولا دليل على علّته التدارك بنحو التماميّة، ليقال بأنّها موجودة من أوّل الأمر، بل ظاهر الدليل تماميّة العلّة بعدم‌ إمكان الرد».
الوجه الثالث: أن يقال: إنّ تقييد الأرش بعدم إمكان الردّ وارد مورد الغالب؛ إذ العادة مقتضية لعدم إمساك المعيب، فلذا جعل الأرش بعد عدم إمكان الردّ بالتصرّف المانع منه. ونوقش فيه بأنّ احتمال ورود التقييد مورد الغالب إنّما يجدي فيما إذا كان إطلاق لدليل الأرش، حتى يجمع بينه وبين الدليل المقصور عدم إمكان الردّ بوروده مورد الغالب، والمفروض عدمه، ومجرّد عدم المانع إثباتاً لا يجدي مع عدم وجود المقتضي إثباتاً كما هو كذلك ثبوتاً.
الوجه الرابع: أنّ التصرّف الذي أخذ شرطاً للأرش لا شأن له، إلّا كونه دالّاً على الرضا بالعقد والالتزام به فلا مجال للردّ حينئذٍ، ويتعيّن الأرش، وهذه الحيثيّة موجودة من أوّل الأمر؛ إذ لا يقدم على أخذ الأرش، إلّا عند الالتزام بالعقد فلا حاجة إلى كاشف آخر. ونوقش فيه بأنّ التصرّف وإن كان دالّاً على الرضا بالعقد، إلّا أنّه لم يعلم أنّ ملاك شرطيّته لجواز أخذ الأرش- كما هو ظاهر دليله- هو كشفه عن الرضا حتى يقال بأنّه متحقّق بنفس الإقدام على أخذ الأرش من أوّل الأمر.
ب- أنّه مقتضى الجمع بين طوائف الأخبار؛ إذ هي على طوائف ثلاث:
الأولى: ما دلّ على الردّ مع السكوت عن الأرش، وهي كثيرة.
الثانية: ما أطلق الأرش من غير ذكر للردّ. كرواية يونس : في رجل اشترى جارية على أنّها عذراء فلم يجدها عذراء، قال: «يردّ عليه فضل القيمة إذا علم أنّه صادق»، بناءً على عدم ظهورها في صورة التصرّف.وخبر عمر بن يزيد قال: كنت أنا وعمر بالمدينة فباع عمر جراباً هرويّاً كلّ ثوب بكذا وكذا، فأخذوه فاقتسموه فوجدوا ثوباً فيه عيب، فقال لهم عمر: اعطيكم ثمنه الذي بعتكم به، قالوا: لا، ولكنّا نأخذ منك قيمة الثوب، فذكر ذلك عمر لأبي عبد اللَّه عليه السلام فقال: «يلزمه ذلك». وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام: «أنّ عليّاً عليه السلام قضى في رجل اشترى من رجل عكة فيها سمن احتكرها حكرة فوجد فيها رُبّاً فخاصمه إلى علي عليه السلام، فقال له علي عليه السلام : لك بكيل الربّ سمناً، فقال له الرجل: إنّما بعته منك حكرة، فقال له علي عليه السلام: إنّما اشترى منك سمناً ولم يشتر منك ربّاً»، وفيه: «لم يشتر» بدون الواو. بناءً على كون الربّ مخلوطاً بالسمن بحيث يعدّ عيباً فيه، وكون أخذ السمن بكيله من باب الأرش.
الطائفة الثالثة: ما تضمّن الأرش بعد التصرّف. وهي أخصّ من الطائفتين فتخصّص إطلاقهما من حيث التصرّف وعدمه، وإنّما التعارض بين إطلاقي الطائفتين من حيث إنّ مقتضى الأولى تعيّن الردّ إذا لم يتصرّف، والثانية تعيّن الأرش، ومقتضى الجمع بينهما الحكم بالتخيير بحمل كلّ منهما على بيان أحد فردي التخيير. أو يقال:إنّهما متعارضان فيحكم بالتخيير بينهما، ولازمه التخيير بين الردّ والأرش بناءً على المشهور بين الأصوليّين من كون التخيير بين المتعارضين تخييراً عمليّاً لا فتوائيّاً. لكن نوقش فيه:
أوّلًا: بعدم تسليم دلالة الطائفة الثانية على إطلاق الأرش، فإنّ رواية يونس الظاهر منها صورة التصرّف وأنّه حينما وطأها لم يجدها عذراء. ورواية عمر بن يزيد لا يظهر منها أنّ المراد من قوله عليه السلام:«يلزمه ذلك» هو الأرش، بل الظاهر خلافه. وكذا رواية السكوني، فإنّ الحمل على الأرش فيها يحتاج إلى التكلّف. وثانياً: بأنّه لا شاهد على الجمع المذكور؛ إذ هو إمّا حكم العرف وهو ممنوع؛ إذ مثل ذلك يعدّ عندهم من المتعارضين. وإمّا النصّ الخاصّ وهو مفقود، سوى الرضوي وهو غير صالح.هذا، مع أنّ الجمع غير منحصر فيما ذكر، بل يمكن حمل الثانية على ما بعد التصرّف، وهذا هو المتعيّن بمقتضى القاعدة لشهادة الأخبار المختصّة بما بعده، خصوصاً مرسلة جميل المفصّلة بين الصورتين. قال السيد الخميني - ما محصّله-: مقتضى الجمع بين الروايات اختصاص الأرش بعدم إمكان الردّ، وذلك بعد تقييد إطلاق ما دلّ على أنّ الحكم هو الردّ بالروايات المفصّلة بين قيام العين بعينها وعدم التصرّف فيها، يثبت أنّ الحكم أوّلًا هو الردّ، ومع التصرّف المغيّر هو الأرش. ونفى الجمع المذكور في المتن؛ لعدم وجدان رواية مطلقة تدلّ على الأرش. وأمّا الرجوع إلى التخيير بعد التعارض فمدفوعة- مضافاً إلى كونه مختصّاً بما إذا لم يمكن الجمع وهو في المقام ممكن ولو بحمل الطائفة الثانية على ما بعد التصرف كما عرفت- بأنّه فرع التكافؤ، وأخبار الردّ أكثر وأصحّ.
ج- أن يقال: إنّ ثبوت الأرش على القاعدة، وأنّ وصف الصحّة يقابل بجزءٍ من الثمن، فهو عوض جزءٍ من المبيع قد فات كمقابل أحد المبيعين من الثمن لو بطل البيع فيه، فيكون استحقاق المشتري له على طبق القاعدة كما في تبعّض الصفقة، ومن الأوّل يكون المشتري مخيّراً بين ردّ ما قابل الوصف من الثمن وبين فسخ العقد. حاشية مجمع الفائدة (البهبهاني)، ج۱، ص۲۷۳- ۲۷۵.    
[۵۵] مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۱.

وبعبارة أخرى: أنّ الصحّة وإن كانت وصفاً، لكنّها بمنزلة الجزء من المبيع فيتدارك فائته باسترداد ما قابله من الثمن، ويكون الخيار حينئذٍ لتبعّض الصفقة وفيه ما حاصله: أنّه بذلك يكون ثبوت الأرش على القاعدة، وأمّا الردّ فإمّا لتبعّض الصفقة فيكون تمام ما عليه المشهور ثابتاً بالقاعدة، وإمّا للأخبار والإجماع فيكون الدليل لما عليه المشهور ملفّقاً من القاعدة والأخبار والإجماع. لكن نوقش فيه بعدّة مناقشات:
الأولى: منع المنزلة عرفاً وشرعاً؛ لعدم ثبوت التوزيع المزبور، فإنّ وصف الصحّة وإن كان يوجب الزيادة في الماليّة، ولكن لا يكون الثمن في مقابل العين والوصف، بل في مقابل العين فقط، قال الآخوند: «كيف؟! ولم يكن البيع إلّا التمليك بالعوض، وما يكون قابلًا للتمليك والتملّك ليس إلّا نفس العين، فيكون الثمن بتمامه بإزائها، غاية الأمر وصف الصحّة كسائر الأوصاف في الجملة يوجب ازدياد الرغبة الموجبة لبذل زيادة على ما يبذل بإزاء فاقدها». ولذا لم يبطل البيع فيما قابله من الثمن، ولا يستحقّ من له الخيار المطالبة بعين ما قابله، بل يطلب التفاوت، مع أنّه لو كان الوصف يقابل بالثمن كان له مطالبة جزء من شخص الثمن الذي وقع في مقابل الوصف.
[۶۱] مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۱.

وبعبارة أخرى: لازم كون الوصف يقابل بجزء من الثمن بطلان البيع في الجزء المفقود ورجوع بعض الثمن إلى المشتري، مع أنّهم لا يقولون بالبطلان، بل باستحقاق المطالبة بحيث لو لم يطالب كان الثمن بتمامه للبائع، ولا يقولون عند المطالبة برجوع بعض الثمن بعينه، بل بما يوازيه في الماليّة. فهذا شاهد على أنّ وصف الصحّة غير مقابل بجزء من الثمن، والشاهد الآخر ما ذكره صاحب الجواهر من أنّ تصريحهم بأنّ الأرش يسقط بالإسقاط بعد العقد بحيث لا يصحّ الرجوع منه بعده ينافي كونه جزءاً من الثمن، فإنّ العين غير قابلة للإسقاط ولو كان بمنزلة الهبة لجاز الرجوع فيها، وهم لا يقولون بالرجوع بعد إسقاط الأرش، فهذه الآثار كاشفة عن أنّه لا تقسيط للثمن على المثمن بجميع أجزائه حتى التحليليّة. حيث قال: «لازمه كون الأرش ثابتاً من أوّل الأمر، فيكون الإمضاء بلا أرش من باب الإبراء أو الهبة، وليس كذلك».
المناقشة الثانية: أنّه لو كان وصف الصحّة يقابل بجزء من الثمن فلازمه الالتزام بذلك والقول بثبوت الأرش في‌ سائر الأوصاف؛ إذ لا فرق بين هذا الوصف وبين غيره من الأوصاف كالأوصاف الكماليّة، وهذا لا يلتزم به أحد.
[۶۷] مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۱.
والظاهر أنّه لم يدّع أحد أنّ القاعدة تقتضي ذلك، وأنّ هذه الأوصاف خرجت بالإجماع، بل قال السيد اليزدي : «دعوى أنّها خرجت بالإجماع كما ترى، وكذا دعوى الفرق بحسب القاعدة».
المناقشة الثالثة: ما أجاب به الشيخ الأنصاري من أنّه- مضافاً إلى منع كون الوصف بمنزلة الجزء- منع كون الجزء الفائت يقابل بجزء من الثمن إذا أخذ وجوده في المبيع الشخصي على وجه الشرطيّة، كما في بيع الأرض على أنّها جربان معيّنة، وما نحن فيه من هذا القبيل. لكن أجيب عن ذلك بأنّ المناط في كون الشي‌ء شرطاً في المعاملة أو جزء أو وصفاً ليس هو الذكر في اللفظ، وإنّما هو العرف أو اللبّ والواقع.قال السيد اليزدي في مقام الجواب:«يمكن أن يدّعى أنّ الجزء يقابل به ولو كان على وجه الاشتراط ، ففي بيع الأرض على أنّها جربان معيّنة إذا خرجت أقلّ ينقص من الثمن ما يقابل النقصان؛ إذ المدار على العرف وهم يجعلون العوض في مقابل المجموع، ولذا لا نحكم بالمقابلة إذا اعتبر الوصف في عنوان المبيع على وجه الجزئيّة، كأن يقول: هذا الموجود من العين الموصوفة، فإنّ إيراد البيع على الموصوف في عرض إيراده على الصفة، ومع ذلك لا يقابل بعوض...».
وقال المحقّق الاصفهاني: «التحقيق...أنّ الشرط على قسمين: فتارة لا يوجب وجوده وعدمه سعة وضيقاً في ذات المشروط كشرط الكتابة وشبهها، واخرى يوجب ذلك كشرط مقولة الكمّ المتّصل والمنفصل، فإنّه يزيد بهما المتكمّم وينقص، فيكون عقلًا وعرفاً من تخلّف ذات المتكمّم، فمثله سواء أخذ على وجه الجزئيّة أو الشرطيّة، فحاله حال بيع هذا الشي‌ء، على أن يكون حنطة، فإن تخلّف مثل هذا الشرط تخلّف حقيقة المشروط، والظاهر أنّ النصّ الوارد في بيع الأرض على أنّها جربان معيّنة يساعد ما ذكرنا من تقسيط الثمن...». وقال السيد الخوئي: «... المناط في كون شي‌ء شرطاً في المعاملة أو جزء ليس هو الذكر في اللفظ، بل المناط هو اللبّ والواقع، ومن الواضح أنّ المبيع في مثل الأمثلة المذكورة هو جميع أجزاء الأرض والحنطة، وقد تقدّم في شرائط العوضين أنّ المبيع ينحلّ إلى أمور متعدّدة كما هو واضح. وعلى الجملة: أنّ الصورة وإن كانت صورة شرط، ولكنّ الواقع أنّ المذكور بعنوان الشرطيّة هو جزء المبيع، فيكون البيع مع التخلّف عن المقدار المذكور منحلّاً إلى بيوع متعدّدة كما هو واضح، فما ذكر المصنّف (أي الشيخ الأنصاري‌) ثانياً من الإشكال ليس بصحيح».
هذا ما ذكره الفقهاء في مقام المناقشة في دعوى كون وصف الصحّة يقابل بجزء من الثمن فيكون ثبوت الأرش مقتضى القاعدة، وهو مبنيّ على تحليل المعقود عليه إلى أجزاء ثمناً ومثمناً، بمعنى أنّ وصف الصحّة يكون جزءاً ولو تحليليّاً للثمن أو المثمن يقابل بقسط من العوض المقابل. إلّا أنّ المحقّق الاصفهاني ذكر وجهاً آخراً لتصوّر مقابلة وصف الصحّة بجزءٍ من الثمن، ومن ثمّ تطبيق أخذ الأرش على القاعدة، وهو تنزيل وصف الصحّة منزلة الجزء عرفاً أو شرعاً في الأثر الملحوظ للعرف أو الشرع وهو مجرّد استحقاق الرجوع بما يوازي ماليّة بعض الثمن، وهذا لا يرد عليه ما اورد على الوجه الأوّل، فإنّ كلّ تلك الإيرادات من لوازم عود عين بعض الثمن، وظاهر مدّعي التطبيق على القاعدة وإن كان هو الوجه الأوّل- ولذا يجعل الخيار من باب خيار تبعّض الصفقة لا من باب خيار العيب- إلّا أنّ عدم اختصاص الأرش بصورة التصرّف لا يتوقّف على تلك الدعوى، بل مجرّد تنزيل الوصف منزلة الجزء يجدي في مدّعاه من دون لزوم محذور أصلًا، إلّا أنّه يرد على هذا الوجه عدم الدليل على‌ التنزيل، وإنّما دلّ الدليل على أخذ الأرش تداركاً للفائت، لا أنّه كالجزء حتى لا تتفاوت الجزئيّة بالتصرّف وعدمه.ثمّ ذكر وجهاً آخراً ربّما يقرّر به تطبيق أخذ الأرش على القاعدة، وهو أنّه بعد فرض استحقاق وصف الصحّة بتبع استحقاق الموصوف بما هو موصوف في العقد يدور الأمر بين أمور أربعة:
أحدها: بطلان البيع في خصوص وصف الصحّة، وهو غير معقول إلّا ببطلانه في الموصوف؛ لأنّ ما بالتبع لا ثبوت له ولا سقوط له إلّا بثبوت الأصل وسقوطه، ولا موجب للبطلان في الموصوف.
ثانيها: لزوم البيع مطلقاً، وهو ضرريّ مرفوع بالقاعدة.
ثالثها: التخيير بين الردّ والإمساك بلا أرش، وهو تخييرٌ بين ضررين، إمّا ضرريّة الإمساك بلا أرش فهي واضحة؛ لفوات ما يستحقّه على البائع بلا تدارك، وإمّا ضرريّة الردّ فلأنّه ربّما يتعلّق غرضه بإمساكه كما تعلّق غرضه ابتداءً بتملّكه.
رابعها: التخيير بين الردّ والإمساك مع الأرش، ومن الواضح أنّ الإمساك مع الأرش إذا لم يكن ضرريّاً فإذا كان ردّه منافياً لغرضه كان له مناص من دفع الضرر عن نفسه، فإذا أقدم عليه كان الضرر مستنداً إليه لا إلى الشارع.ثمّ أورد عليه أوّلًا: بأنّه منقوض بسائر الأوصاف المأخوذة في المبيع. وثانياً: بأنّه لو صحّ لصحّ فيما لم يكن له أرش أصلًا، لا إذا كان له الأرش في صورة التصرّف، فإنّه له دفع ضرر الردّ عن نفسه بالتصرّف الموجب لاستحقاق الأرش. هذا، وسوف يأتي الكلام مفصّلًا في ما عليه المحقّقون من الفقهاء من أنّ الأرش يثبت على خلاف القاعدة وليس على طبقها.
د- أولويّة ثبوت الأرش قبل التصرّف منه بعده، ذكره صاحب الجواهر ووصفها بأنّها واضحة المنع. ويمكن أن يكون مراده ما ذكره المحقّق الإيرواني من أنّ ثبوت الأرش مع التصرّف المسقط للردّ يكشف عن أنّه أقوى ثبوتاً من الردّ، فثبت مع ثبوت الردّ بالأحرى والأولى.
ه- ما في الفقه الرضوي حيث ورد فيه:«فإن خرج في السلعة عيب وعلم المشتري فالخيار إليه إن شاء ردّ، وإن شاء أخذه أو ردّ عليه بالقيمة مع أرش العيب» وفيه: «وردّ» بدل «أو ردّ».. قال المحدّث البحراني: «ظاهر العبارة التخيير بين الردّ وبين أخذه من غير أرش أو أخذه مع الأرش، ويحتمل أنّ لفظة (أو) غلط، وإنّما هو بالواو، فيكون مخيّراً بين الأوّل والثالث. والظاهر أنّ هذه العبارة هي المستند في ذلك في كلام المتقدّمين وجرى عليه جملة المتأخّرين...». وأمّا الاشكال فيه من حيث السند، فقد يقال: إنّها منجبرة بالعمل،
[۷۸] مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
مع أنّه قيل: إنّ الفقه الرضوي معتبر عندهم. حيث قال: «وهي منجبرة بعمل الأصحاب، مع أنّ الفقه الرضوي معتبر عندهم، ولذا كثير من أحكامهم نفس عبارة الفقه الرضوي سيّما المفيد والصدوق رحمهما الله».لكن ناقش في ذلك بعض المحقّقين المتأخّرين بعدم اعتبار الكتاب المذكور، فإنّ ذلك ظاهر المحقّق النجفي حيث إنّه بعد أن عدّ الحديث المزبور ضمن الأدلّة قال: «بناءً على حجّيته...» ثمّ ناقش في الجميع واعتمد في الحكم المشهور على الإجماع. ويؤيّده ما هو المعروف عنه من عدم اعتبار الفقه الرضوي عنده.وصرّح به السيد اليزدي حيث قال:«والرضوي لم يثبت خبريّته لينجبر ضعفه بالشهرة».
بل قال السيد الخميني : «لا ينبغي الإشكال في أنّه ليس من تصنيفات الرضا عليه السلام... وما حكي عنه في المقام بلفظ (روي) يكون مضمونه قريباً من سائر الروايات، سيّما مرسلة جميل، وما حكي عنه بلا لفظة (روي) يكون على الظاهر من فتوى صاحبه موافقاً للمشهور وليس رواية» وفيه تنبيه على أنّ ما يمكن الاستدلال به في المقام من الفقه الرضوي فقرتان وهما: قال في موضع: «وروي في الرجل يشتري المتاع فيجد به عيباً يوجب الردّ، فإن كان المتاع قائماً بعينه ردّ على صاحبه، وإن كان قد قطع أو خيط أو حدث فيه حادثة رجع فيه بنقصان العيب على سبيل الأرش». وفيه: «حدثت».. وهذا الذي ذكر السيد الخميني أنّ مضمونه قريب من سائر الروايات، والموضع الثاني هو ما استدلّ به الفقهاء وثبّتناه في المتن. والذي قال عنه السيد الخميني أنّ الظاهر أنّه من فتوى صاحبه موافقاً للمشهور وليس رواية.وكذا صرّح السيد الخوئي في المقام وغيره بعدم اعتبار الكتاب المزبور.
و- ما في الخلاف من إسناد الحكم إلى أخبار الفرقة، فإنّه في مسألة ما إذا اشترى ثوبين أو عبدين وظهر العيب في أحدهما ادّعى الإجماع وأخبار الفرقة على أنّه بالخيار بين ردّ الجميع أو أخذ أرش المعيب، ولا قائل بالفصل بين الصفقة وغيرها، فيحتمل أن تكون تلك الأخبار أخباراً مرسلة غير ما هو موجود في المقام من الأخبار،
[۸۷] مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
وتكون منجبرة بالعمل. لكن نوقش في ذلك بأنّه من المعلوم عدم عثوره على خبر غير ما بأيدينا، فلعلّه اجتهاد منه في فهمها، ويمكن أن يكون نظره إلى ثبوت الحكمين- أعني الردّ والأرش- في الجملة، وإسناد هذا إلى الأخبار.
ز- يمكن أن يقال: إنّ التخيير المذكور مستفاد من قاعدة نفي الضرر، بدعوى أنّ اللزوم بلا أرش حكم ضرري، ورفعه إمّا بالردّ وإمّا بالأرش.ذكر ذلك السيد اليزدي، ولعلّ هذا هو مراد السيد العاملي حيث عدّ من الأدلّة على التخيير خبر نفي الضرر.
[۹۱] مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
لكن ناقش فيه السيد اليزدي بما يلي:«أوّلًا: النقض بسائر الخيارات التي يستدلّ عليها بقاعدة (نفي‌) الضرر، فإنّهم لا يقولون فيها بالأرش. وثانياً: أنّ لازم ذلك كون الأمر إلى البائع، بمعنى أنّه إن‌ أدّى الأرش فلا خيار للمشتري، وإلّا فله الردّ، وهذا خلاف مذهب المشهور حيث إنّهم يقولون: إنّ الأمر بيد المشتري، وإنّه يجوز له إلزام البائع بالأرش. وثالثاً: أنّ معنى الخبر أنّ الحكم الضرري مرفوع، والحكم الذي يوجب الضرر في مقامنا هو اللزوم، لا اللزوم بلا أرش؛ إذ لا مقتضى للأرش حتى يكون عدمه موجباً للضرر، فالمرفوع هو اللزوم، ولا دليل على ثبوت الأرش. ورابعاً: أنّ إلزام البائع بالأرش ضرر عليه. نعم، لو لم يمكن الردّ- كما في صورة التلف أو التصرّف الموجبين لعدم جواز الفسخ- تجري قاعدة نفي الضرر لإثبات الأرش، فهذه القاعدة منطبقة على مذهب الشيخ لا المشهور» ومراده من مذهب الشيخ ما ينسب إلى الشيخ الطوسي ويفهم منه في بعض المواضع من المبسوط من القول باشتراط الأرش بصورة تعذّر الردّ، وقد تقدّمت الإشارة إليه.. ولعلّ ممّا يؤيّد ذلك أنّ ما دلّ من الروايات على الأرش يختصّ بصورة التصرّف المانع من الردّ، فيجوز أن يكون الأرش في هذه الصورة لدفع الضرر عن المشتري كما أشار إلى ذلك الشيخ الأنصاري؛ إذ قال: «... فيجوز أن يكون الأرش في هذه الصورة لتدارك ضرر المشتري لا لتعيين أحد طرفي التخيير بتعذّر الآخر».
ح- الإجماع الذي سمعت التصريح به في العبارات المتقدّمة، ففي الرياض أنّه كافٍ في التعدية، بل في الجواهر: أنّه العمدة في المقام. لكن نوقش فيه بعدم ثبوت الإجماع واحتماله المدركيّة.قال السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: مقتضى الأخبار والقواعد عدم التخيير، والإجماع على خلافه غير معلوم. وقال السيد الخوئي: إثبات الإجماع مشكل، فإنّه يحتمل أن يكون مدركه الوجوه الاعتباريّة أو توهّم دلالة الأخبار على ذلك. وقال الآخوند في حاشيته على المكاسب: «دعوى الإجماع مع مخالفة الشيخ، واحتمال أن يكون بعض القائلين به إنّما قال به بتوهّم أنّه مقتضى القاعدة لا يخلو عن إشكال، وإن كان مخالفة المشهور فيما صاروا إليه أشكل» وأشار بقوله: «مع مخالفة الشيخ » إلى ما هو ظاهره في مواضع من المبسوط وإن كان ظاهره في مواضع أخرى خلافه، وقد تقدّم الإشارة إلى ذلك.
ط- قيام الشهرة المحقّقة من زمن الصدوق والمفيد إلى الأعصار المتأخّرة وكون المتون الفقهيّة مشحونة بالفتوى بالتخيير- مع كون الحكم مخالفاً للقواعد والأخبار المتظافرة- يوجب رفض القاعدة وترك الأخذ بظاهر الأخبار، فإنّ الشهرة في مثل ذلك معتبرة والأخذ بها بيّن رشده.استدلّ به السيد الخميني واختار ما عليه المشهور لأجله. ويمكن أن يرد عليه: أنّ الشهرة وإن كانت محقّقة إلّا أنّه لا يتمّ إلّا على مبنى من يرى حجّية الشهرة.هذا مضافاً إلى إمكان اعتماد المشهور على الفهم من الروايات أو على بعض‌ الوجوه المتقدّمة كما اورد على الإجماع في المقام.
هذا كلّه على مستوى الدليل، وأمّا على مستوى النتيجة والفتوى فقد عرفت أنّ المشهور هو التخيير من الأوّل وعدم توقّف الأرش على تعذّر الردّ، إلّا أنّه لما سمعت من المناقشات في مستند ذلك استشكل أو تردّد جملة من العلماء المعاصرين- مضافاً إلى من تقدّم ذكره كالمقدّس الأردبيلي والمحقّق وغيرهما- في ذلك كالشيخ المامقاني
[۱۰۰] مناهج المتقين، ج۱، ص۲۳۴.
والشهيد الصدر في حاشية المنهاج،
[۱۰۱] المنهاج (الحكيم)، ج۲، ص۵۴، التعليقة رقم ۱۱۵.
حيث قال: «جواز المطالبة بالأرش مع إمكان الفسخ وعدم سقوط الخيار محلّ إشكال». بل ظاهر السيد الخوئي في المصباح اختيار الترتيب، بل جزم بذلك في المنهاج. حيث قال: «خيار العيب وهو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً فإنّ له الخيار بين الفسخ بردّ المعيب وإمضاء البيع، فإن لم يمكن الردّ جاز له الإمساك والمطالبة بالأرش».



 
۱. الوسائل، ج۱۸، ص۳۰، ب ۱۶ من الخيار، ح ۳.    
۲. الوسائل، ج۱۸، ص۳۰، ب ۱۶ من الخيار، ح ۲.    
۳. الوسائل، ج۱۸، ص۲۹، ب ۱۶ من الخيار.    
۴. الوسائل، ج۱۸، ص۹۸، ب ۲.    
۵. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۲، ب۴.    
۶. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۵.    
۷. مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
۸. المبسوط، ج۲، ص۱۲۶- ۱۳۲.    
۹. المبسوط، ج۲، ص۱۳۲.    
۱۰. المفاتيح، ج۳، ص۶۹.
۱۱. المفاتيح، ج۳، ص۷۱.
۱۲. مجمع الفائدة، ج۸، ص۴۲۹- ۴۳۰.    
۱۳. مجمع الفائدة، ج۸، ص۴۵۰.    
۱۴. فقه الرضا عليه السلام، ج۱، ص۲۵۳.    
۱۵. المستدرك، ج۱۳، ص۳۰۶، ب ۱۲ من الخيار،ح۳.    
۱۶. الحدائق، ج۱۹، ص۶۴.    
۱۷. الحدائق، ج۱۹، ص۱۰۹- ۱۱۰.    
۱۸. مفتاح الكرامة،، ج۴، ص۶۱۴.
۱۹. الرياض، ج۸، ص۲۵۸.    
۲۰. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۲۳۶.    
۲۱. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۵- ۲۷۶.    
۲۲. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۰- ۱۰۲.    
۲۳. البيع، ج۵، ص۸- ۹.    
۲۴. الوسائل، ج۱۸، ص۳۰، ب ۱۶ من الخيار، ح ۳.    
۲۵. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۲، ب ۴ من أحكام العيوب، ح ۱.    
۲۶. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۹، ب ۷ من أحكام العيوب، ح ۱.    
۲۷. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۶.    
۲۸. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۸۱- ۸۲.
۲۹. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۰.    
۳۰. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۴.    
۳۱. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۰.    
۳۲. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۶.    
۳۳. البيع، ج۵، ص۹.    
۳۴. حاشية المكاسب (الهمداني)، ج۱، ص۵۱۹- ۵۲۰.
۳۵. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۵.    
۳۶. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۵.    
۳۷. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۵.    
۳۸. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۵.    
۳۹. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۵.    
۴۰. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۵.    
۴۱. الوسائل، ج۱۸، ص۳۰، ب ۱۶ من الخيار، ح ۳.    
۴۲. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۹، ب ۷ من أحكام العيوب، ح ۱.    
۴۳. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۸، ب ۶ من أحكام العيوب، ح ۱.    
۴۴. الوسائل، ج۱۸، ص۲۹، ب ۱۶ من الخيار، ح ۱.    
۴۵. الوسائل، ج۱۸، ص۱۱۱، ب ۷ من أحكام العيوب، ح ۳.    
۴۶. الوسائل، ج۱۸، ص۳۰، ب ۱۶ من الخيار، ح ۲.    
۴۷. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۲، ب ۴ من أحكام العيوب.    
۴۸. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۶۸.    
۴۹. البيع (الخميني)، ج۵، ص۱۰.    
۵۰. البيع (الخميني)، ج۵، ص۹- ۱۰.    
۵۱. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۶۸.    
۵۲. حاشية مجمع الفائدة (البهبهاني)، ج۱،ص ۲۷۹.    
۵۳. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۲۳۶.    
۵۴. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۶.    
۵۵. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۱.
۵۶. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۶.    
۵۷. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۶۵.    
۵۸. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۲۳۶.    
۵۹. حاشية المكاسب، ج۱، ص۲۱۱.    
۶۰. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۶.    
۶۱. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۱.
۶۲. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۶.    
۶۳. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۲۳۶.    
۶۴. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۶.    
۶۵. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۶۷.    
۶۶. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۶۷.    
۶۷. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۱.
۶۸. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۶۷.    
۶۹. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۶.    
۷۰. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۶۷.    
۷۱. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۷- ۴۳۸.    
۷۲. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۱- ۱۰۲.    
۷۳. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۴، ص۴۳۶- ۴۳۷.    
۷۴. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۲۳۶.    
۷۵. فقه الرضا عليه السلام، ج۱، ص۲۵۳.    
۷۶. المستدرك، ج۱۳، ص۳۰۶، ب ۱۲ من الخيار، ح ۳.    
۷۷. الحدائق، ج۱۹، ص۶۴.    
۷۸. مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
۷۹. حاشية مجمع الفائدة (البهبهاني)، ج۱، ص۲۷۹.    
۸۰. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۲۳۶.    
۸۱. حاشية المكاسب، ج۳، ص۸۴.    
۸۲. البيع، ج۵، ص۱۰.    
۸۳. فقه الرضا، ج۱، ص۲۵۰.    
۸۴. المستدرك، ج۱۳، ص۳۰۶، ب ۱۲ من الخيار، ح ۳.    
۸۵. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۲.    
۸۶. الخلاف، ج۳، ص۱۱۵، م ۱۹۳.    
۸۷. مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
۸۸. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۶۸.    
۸۹. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۶۸.    
۹۰. حاشية المكاسب، ج۲، ص۶۸.    
۹۱. مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۱۴.
۹۲. حاشية المكاسب، ج۲، ص۶۸.    
۹۳. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۷۵.    
۹۴. الرياض، ج۸، ص۲۵۸.    
۹۵. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۲۳۶.    
۹۶. حاشية المكاسب، ج۲، ص۶۹.    
۹۷. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۰.    
۹۸. حاشية المكاسب، ج۱، ص۲۱۱.    
۹۹. البيع، ج۵، ص۱۱.    
۱۰۰. مناهج المتقين، ج۱، ص۲۳۴.
۱۰۱. المنهاج (الحكيم)، ج۲، ص۵۴، التعليقة رقم ۱۱۵.
۱۰۲. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۱۰۰- ۱۰۲.    
۱۰۳. المنهاج (الخوئي)، ج۲، ص۳۹.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۰، ص۱۴-۳۱.    



جعبه ابزار