خصال الكفارة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في بيان خصال الكفّارة وأحكامها، وهي كثيرة، إلاّ أنّ المهم الذي يجب التعرض لذكره في المقام هو الخصال الأربع المشهورة
العتق،
والإطعام،
والكسوة،
والصيام.
•
العتق في الكفارة، أما
العتق فيتعين على الواجد في
المرتبة؛ ويتحقق ذلك بملك الرقبة أو الثمن مع إمكان الابتياع
؛ ولابد من كونها مؤمنة أو مسلمة
، وأن تكون سليمة من العيوب التي تعتق بها
؛ وهل يجزئ
المدبر؟ قال في
النهاية: لا
، وفي غيرها بالجواز
وهو أشبه
؛ ويجزئ
الآبق ما لم يعلم موته
،
وأم الولد.
•
الصيام في الكفارة، فيتعين مع العجز عن العتق في المرتبة؛ ولا تباع ثياب البدن، ولا المسكن في
الكفارة، إذا كان قدر الكفاية، ولا الخادم
؛ ويلزم الحر في
كفارة قتل الخطأ أو
الظهار صوم شهرين متتابعين
، والمملوك صوم شهر
؛ فإذا صام الحر شهرا ومن الثاني شيئا ولو يوما أتم
؛ ولو أفطر قبل ذلك أعاد
، إلا لعذر
كالحيض،
والنفاس،
والاغماء، والمرض،
والجنون.
•
الإطعام في الكفارة، فيتعين في المرتبة مع العجز عن
الصيام؛ ويجب إطعام العدد لكل واحد مد من طعام
، وقيل مدان مع القدرة
، ولا يجزى إعطاؤه لما دون العدد؛ ولا يجوز التكرار من
الكفارة الواحدة مع التمكن
، ويجوز مع التعذر
؛ ويطعم ما يغلب على قوته
، ويستحب أن يضم إليه أدما
، أعلاه
اللحم، وأوسطه
الخل، وأدناه
الملح؛ ولا يجزى
إطعام الصغار منفردين
، ويجوز منضمين
؛ ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد
.
•
الكسوة في الكفارة، كسوة الفقير ثوبان
، مع القدرة
؛ وفي
رواية يجزى الثوب الواحد
، وهو أشبه
.
وكفّارة الإيلاء مثل
كفّارة اليمين بلا خلاف؛ تمسّكاً بالإطلاق؛ لأنّه
يمين خاصّ فيترتّب عليه أحكامه.
من عجز عن العتق فدخل في الصيام ثمّ تمكّن من العتق لم يلزمه العود مطلقا وإن كان أفضل على الأشهر الأقوى؛ للصحيح المروي في
التهذيب بسندين صحيحين، أكثر
رواة أحدهما المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه، وفيه: «وإن صام وأصاب مالاً فليمض الذي ابتدأ فيه»
.
خلافاً
للإسكافي فيما إذا لم يتجاوز النصف، فأوجب العتق؛ للمرسل كالصحيح: في رجل صام شهراً من
كفّارة الظهار، ثمّ وجد نسمة، قال: «يعتقها، ولا يعتدّ بالصوم»
.
ولقصوره عن المقاومة لما مرّ سنداً وعدداً واشتهاراً حمله الأصحاب على
الاستحباب، ولا ريب فيه، مع اعتضاده في جانب نفي
الوجوب بصدق الفاقد عند الشروع، وسقوط الأعلى، وتحقّق البدليّة، فيستصحب.
وهو وإن أمكن فيه المعارضة
باستصحاب شغل الذمّة، إلاّ أنّ اعتضاد الأوّل بالشهرة يقتضي المصير إليه البتّة.
ومنه يظهر الوجه في انسحاب الحكم إلى الأخذ في الإطعام للعجز عن الصيام القادر عليه بعد ذلك؛ مضافاً إلى عدم الخلاف فيه، وفقد المعارض للأصل من جهة
النص، وإن خلا عنه من أصله.
ثم إنّه يتحقق الشروع بصوم جزء من اليوم في الصوم ولو لحظةً، وبتسليم مدّ أو أخذ في أكل الطعام في الإطعام؛ لإطلاق الدليل.
كلّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين في
نذر أو كفّارة مطلقاً، مرتّبةً كانت أو مخيّرةً، كما يقتضيه عموم العبارة فعجز عنهما صام ثمانية عشر يوماً، فإن لم يقدر تصدّق عن كل يوم بمدٍّ من الطعام، فإن لم يستطع استغفر الله سبحانه كما عن
الشيخ وجماعة
، بل ادّعى في
المسالك الشهرة في كلّ من الأحكام الثلاثة، ولم نقف على ما يدل عليها من
آية، أو
أصل، أو
رواية.
والأجود التفصيل بين الظهار ورمضان والنذر، فيرتضى الحكم الأوّل في الأوّلين، لكن بعد العجز عن الخصال الثلاث، وفاقاً للنهاية
والقاضي وابن حمزة في الأوّل،
وللمفيد والمرتضى والحلّي في الثاني.
للموثق في الأوّل: عن رجل ظاهر من امرأته، فلم يجد ما يعتق، ولا ما يتصدّق، ولا يقوى على الصيام؟ قال: «يصوم ثمانية عشر يوماً»
.
وللخبر المنجبر ضعفه بالشهرة في الثاني أيضاً: عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين، فلم يقدر على الصيام، ولم يقدر على العتق، ولم يقدر على
الصدقة، قال: «فليصم ثمانية عشر يوماً عن كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام»
على إشكال فيه دون الأوّل؛ لخلوصه عن المعارض دون هذا؛ لما يأتي.
خلافاً للمفيد والإسكافي
في الأوّل، فلم يجعلا له بعد الخصال بدلاً؛ تمسّكاً بالأصل. ويندفع بما مرّ.
وللصدوقين فيه أيضاً، فجعلا البدل التصدّق بما يطيق. ولا شاهد لهما سوى التمسك بما يأتي من النص أو القاعدة، ولكن الأوّل
قياس، والثاني حسن لولا ما مرّ من الموثّقة المعتضدة بالشهرة.
ولهما ولجماعة من المتأخّرين
في الثاني، فجعلوا البدل هو التصدّق بما يطيق؛ للصحيحين: في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذرٍ، قال: «يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستّين مسكيناً، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق»
.
وهو ظاهر
الكليني؛ لاقتصاره بنقل أحدهما، والتهذيبين
؛
للفتوى بهما صريحاً، مع ذكره رواية الثمانية عشر بلفظة «روي» في
الاستبصار، ولفظة «قيل» في
التهذيب، المشعرتين بالتمريض.
ولا يخلو عن قوة؛ لذلك، ولموافقة قاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور في الجملة، بملاحظة أنّ الواجب عليه أحد الأُمور الثلاثة التي منها التصدّق والإطعام، فإذا اختاره ولم يمكنه التمام اجتزأ بالممكن منه؛ للقاعدة.
وللدروس تبعاً
للفاضل في
المختلف فيه أيضاً، فخيّرا بين الأمرين؛ جمعاً، والتفاتاً إلى ثبوت
التخيير بين نوعيهما في المبدل فكذا في البدل.
وللثاني في قوله الآخر مطلقاً، فأوجب الإتيان بالممكن من الصوم والصدقة إن تجاوز الثمانية عشر؛ لعموم: «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»
حتى لو أمكن الشهران متفرّقين وجب مقدّماً على الثمانية عشر
.
وهو حسن فيما عدا مورد ما مرّ من النص المعتبر، وهو النذر الذي هو القسم الثالث، ومنه يظهر دفع الحكم الأوّل فيه، والرواية المتقدمة بالثمانية عشر مشعرة بحكم السياق صدراً وذيلاً باختصاص الحكم بصيامها بصورة العجز عن الخصال الثلاث التي هي في الكفّارة خاصّة، فهذا القسم خارج عن موردها البتّة، فيذبّ عن هذا الحكم فيه.
كما يذبّ عن الحكمين الأخيرين فيه وفي صوم
رمضان وفي كفّارة الظهار؛ لعدم الدليل عليهما فيها، مع تصريح بعض المعتبرة المعتضدة بالشهرة، كما مرّت إليه الإشارة بنفي الثالث في الثالث، وإن عورض بالموثق؛ لضعفه بما مرّ.
وعن أوّلهما فيما عداها أيضاً؛ لما مرّ، ويرتضى ثانيهما فيه؛ للمعتبر الذي مرّ في بحث الظهار، النافي له فيها من دون معارض له هنا.
مضافاً إلى الاتفاق عليه في الظاهر،
والموثق في كفّارة اليمين: قلت: فإن عجز عن ذلك؟ قال: «فليستغفر الله عزّ وجلّ، ولا يعود»
.
والمعتبرة منه مرّة واحدة
بالنيّة عن الكفّارة، مضافاً إلى اللفظ الدالّ على الندم على ما فعل، والعزم على عدم العود إن كان عن
ذنب.
وفي وجوب الكفّارة مع تجدّد القدرة وجهان، وفي الموثّق في المظاهر أنّه يستغفر ويطأ، فإذا وجد الكفّارة كفّر
. وعمل به الشيخ في التهذيبين.
ثمّ في وجوب التتابع في الثمانية عشر حيث قلنا بوجوبه قولان،
والأحوط ذلك؛ لخبر: «الميسور لا يسقط بالمعسور»
وإن كان النص الدال عليه مطلقاً.
وهل المراد بالأيّام التي يتصدّق عنها بمدٍّ بعد العجز عن الصيام ثمانية عشر هي أو الستّون؟ وجهان، والأحوط الثاني، وإن كان
الأصل يقتضي الأوّل.
•
شروط المكفر، يشترط في المكفر
البلوغ، وكمال
العقل،
والايمان،
ونية القربة، والتعيين
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۴۴۳-۴۸۴.