دين المملوك
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الأوّل : في دين المملوك، و) اعلم أنّه لا خلاف حتى ممن قال بمالكيّته أنّه (ليس له ذلك) أي أخذ
الدين مطلقاً، ولو لمولاه؛ لمحجوريّته بالنصّ
والإجماع المانعين عن مطلق تصرّفاته.
(إلاّ مع
الإذن ، فلو بادر) إلى
الاستدانة من دون إذن من المولى بالمرّة (لزم) في (ذمّته، ويتبع به إذا أُعتق، ولا يلزم المولى) شيء، بلا خلاف فيه؛ للأصل، والصحيح : «إن لم يكن أذن له أن يستدين فلا شيء على المولى، ويستسعي العبد في الدين».
وقريب منه ظاهر الموثق : عن مملوك يشتري ويبيع قد علم بذلك مولاه حتى صار عليه مثل ثمنه، قال : «يستسعى فيما عليه».
وظاهرهما أنّه يتبع به في حال الرقّ بالاستسعاء، وبه أفتى ظاهراً بعض الأصحاب
تبعاً للفاضل في
المختلف .
ويشكل برجوعه إلى ضمان المولى في الجملة، فإنّ كسبه له بالضرورة.
ويمكن دفعه بجواز
التزامه في صورة علم المولى باستدانته مع عدم منعه عنها الراجع إلى الإذن بالفحوى، كما هو ظاهر الموثّقة والصحيحة،وإن كانت
بالإضافة إلى إذن الفحوى مطلقة أو عامّة، إلاّ أنّها محتملة للتقييد بالصورة المزبورة، جمعاً بين الأدلّة. ويفرق حينئذٍ بين الإذن الصريح والفحوى،
باستلزام الأوّل الضمان على السيد مطلقاً، حتى مع عجز المملوك عن السعي أصلاً،
واختصاص الضمان عليه بصورة قدرة العبد على السعي، وعدمه مطلقاً مع العجز على الثاني.
وفي الصحيح : في الرجل يستأجر مملوكاً فيستهلك مالاً كثيراً، فقال : «ليس على مولاه شيء وليس لهم ان يبيعوه، ولكن يستسعي، وإن عجز عنه فليس على مولاه شيء ولا على العبد شيء».
ونحوه الخبر،
لكن بتبديل «عجز عنه» بـ «حجر عليه مولاه». وعليه يمكن حمل الخبرين الآمرين بالسعي على صورة رضاء السيد وإلاّ فيتبع به بعد
العتق . وهو غير بعيد لو لم يكن في السند قصور وفي المتن تصحيف، هذا.
وربما يحمل
الاستسعاء على ما بعد العتق، فيندفع
الإشكال ، ولكن يلزم آخر وهو عدم استسعاء الحرّ فيما عليه، إلاّ أن يكون هذا مستثنى، لكنّه فرع ظهور الخبرين في الحمل، وهو محلّ نظر، بل لعلّهما في
الاحتمال الأوّل ظاهران، كما لا يخفى.
•
حكم استدانة المملوك،(ولو أذن له المولى) في
الاستدانة (لزمه) الدين (دون المملوك) بلا خلاف فيما لو كانت للمولى مطلقاً.
(و) كذا (لا يتأجّل الدين الحالّ) بتأجيله، بأن يعبّر عنه صاحب الدين بعبارة تدلّ عليه من غير ذكره في عقد، بأن يقول : أجّلتك في هذا الدين مدّة كذا؛ إذ ليس ذلك بعقد يجب الوفاء به، بل هو وعد يستحبّ الوفاء به. وأشار بقوله : (مهراً كان) الدين، (أو غيره) إلى خلاف بعض العامّة، حيث ذهب إلى ثبوت التأجيل في ثمن المبيع والأُجرة والصداق وعوض الخلع دون
القرض وبدل
السلف ،
وإلى خلاف آخرين منهم من ثبوته في الجميع .
(ولو غاب صاحب الدين غيبة منقطعة نوى المستدين قضاءه) وجوباً إجماعاً كما قيل،
وكذا الحكْم في كلّ من عليه حق، سواء كان ذو الحق غائباً أم حاضراً، وإنما ذكر الوجوب مع الغيبة المنقطعة تأكيداً، ووجّه الوجوب بأنه من أحكام
الإيمان ، كما قالوا في العزم على الواجب الموسّع، لا لكونه بدلاً عن التعجيل. وفيه نظر، إلاّ أن يكون إجماعاً.
والأجود
الاستدلال عليه في محلّ الفرض بالنصوص المروية في باب الدين في الكتب الثلاثة، الدالة على أن من استدان ديناً فلم ينوِ قضاءه كان بمنزلة السارق.
وبه صرّح في الرضوي أيضاً. وقصور الأسانيد منجبر
بالاعتبار وفتوى الأصحاب، ومؤيّد بالصحيح : عن الرجل يكون عليه الدين لا يقدر على صاحبه ولا على وليّ له ولا يدري بأيّ أرض هو؟ قال : «لا جناح بعد أن يعلم الله تعالى منه أنّ نيّته الأداء».
وفي الخبر : «من كان عليه دين ينوي قضاءه كان معه من الله عزّ وجلّ حافظان يعينانه على
الأداء من أمانته، فإن قصرت نيّته عن الأداء قصر عنه المعونة بقدر ما قصر من نيّته».
وفي آخر : «أُحبّ للرجل يكون عليه دين ينوي قضاءه».
(و) يجب عليه (عزله عند وفاته) وفاقاً للنهاية،
بل ربما احتمل في
المسالك عدم الخلاف فيه،
مشعراً بدعوى
الإجماع عليه، كما في شرح القواعد
للمحقق الثاني .
ولا دليل عليه عدا ما قيل من أنّه مناسب لتميّز الحق وأبعد عن تصرّف الورثة فيه.
وهو كما ترى.
مع أنّ في السرائر ادّعى إجماع المسلمين على العدم.
وهو أقوى؛
للأصل ، وإن كان الأوّل أحوط وأولى، وأحوط منه العزل مطلقاً، فقد حكي في المسالك قولاً.
ولكن لا يلزم منه انتقال الضمان بالعزل، بل عليه الضمان مع التلف على
الإطلاق ؛ لعدم الدليل على
الانتقال .
وعلى كلّ حال يجب أن يكون (موصياً به) عند الوفاة، بلا خلاف، كما في شرح الشرائع للمفلح الصيمري؛ لأنّه مع ترك
الوصية ربما أدّى إلى فوات المال وبقاء اشتغال الذمّة به، فتجب من باب المقدّمة. ويدلّ عليه أيضاً بعض النصوص الآتية، بل عن ظاهر جملة من الأصحاب وجوب التوصية بماله وعليه،
وعليه تدلّ جملة من الأخبار الآتية في كتاب الوصية إن شاء الله سبحانه.
(ولو لم يعرفه اجتهد في طلبه) ببذل الوسع في السؤال عنه في الأمكنة التي يمكن كونه أو خبره بها، ويستمر كذلك على وجه لو كان لظهر، بلا خلاف أجده، وبه يشعر الصحيح المتقدّم. مضافاً إلى صريح الصحيح : في رجل كان له على رجل حق ففقده ولا يدري أين يطلبه، ولا يدرى أحيّ هو أم ميت، ولا يعرف له وارثاً ولا نسباً ولا ولداً، قال : «اطلب» قال : إنّ ذلك قد طال فأتصدّق به؟ قال : «اطلب».
ونحوه خبران آخران
مرويّان هما كالأوّل والأخبار الآتية في الكتب الثلاثة في باب ميراث مفقود الخبر، في أحدهما : إنّه كان عند أبي أجير يعمل عنده
بالأجر ففقدناه وبقي له من أجره شيء ولا نعرف له وارثاً، قال : «فاطلبه» قال : قد طلبناه ولم نجده، فقال : «مساكين» وحرّك يديه، قال : فأعاد عليه، قال : «اطلب واجهد فإن قدرت عليه، وإلاّ فكسبيل مالك حتى يجيء له طالب، فإن حدث بك حدث فأوصِ به إن جاء له طالب أن يدفع إليه».
(ومع اليأس) عنه بحيث لا يحتمل الوقوف عليه عادةً (قيل :) يجب أن (يتصدق به عنه) كما عن
الطوسي والقاضي وجماعة
بل أكثر الأصحاب كما عن المحقق الثاني في شرح القواعد بل المشهور كما في الروضة بل المشهور كما في الروضة منه؛
لئلاّ يتعطّل المال ويخرج عن
الانتفاع ،
ولاحتياج من هو عليه إلى تفريغ ذمّته ولا سبيل غير الصدقة. وهو كما ترى.
نعم في الفقيه بعد الصحيح المتقدّم ـ : وقد روي في هذا خبر آخر : «إن لم تجد وارثاً وعلم الله تعالى منك الجهد فتصدّق به».
قيل
: ونحوه الخبران، في أحدهما : قد وقعت عندي مأتا درهم وأربعة دراهم.. فمات صاحبها ولم أعرف له ورثة، فرأيك في إعلامي حالها وما أصنع بها، فقد ضقت بها ذرعاً؟ فكتب : «اعمل فيها وأخرجها صدقةً قليلاً قليلاً حتى تخرج».
وفي الثاني : كان لأبي أجير كان يقوم في رحاه، وله عندنا دراهم وليس له وارث، فقال عليه السلام : «تدفع إلى المساكين» ثم قال : رأيك فيها، ثم أعاد عليه المسألة، فقال له مثل ذلك، فأعاد عليه المسألة ثالثة، فقال عليه السلام : «تطلب وارثاً فإن وجدت له وارثاً، وإلاّ فهو كسبيل مالك» ثم قال : «ما عسى أن تصنع بها» ثم قال : «توصي بها فإن جاء طالبها وإلاّ فكسبيل مالك».
وأسانيدها
بالإرسال والجهالة قاصرة، وعن المقاومة للصحيحين المتقدّمين سيّما الثانية وتاليها ضعيفة، ولقاعدة أصالة بقاء شغل الذمّة معارضة، ولذا أنكر الحلّي هذا القول وأوجب الدفع إلى الحاكم.
وهو أجود، وإن كان القول بجواز الصدقة عن المالك مع الضمان له إذا لم يرض بها لا يخلو عن قوّة، وفاقاً لشيخنا الشهيد الثاني وجماعة؛
لأنّه
إحسان محض، فإنّه إن ظهر المالك ضمن له العوض مع عدم الرضاء بها، وإلاّ فالصدقة أنفع من بقائها المعرض لتلفها، فتأمّل.
وأمّا الوجوب فقد عرفت ما فيه وما يستفاد من بعض الأخبار المتقدّمة من أنّه كسبيل ماله فشاذّ، وسند الدالّ عليه ضعيف، نعم ورد مثله في القريب من الصحيح في الفقيه.
(ولا تصحّ
المضاربة بالدين حتى يقبض) مطلقاً، ولو كان من هو عليه عاملاً، إجماعاً، كما عن التذكرة؛
وهو الحجة. مضافاً إلى بعض المعتبرة المنجبر قصور سنده بالشهرة : في رجل له على رجل مال فتقاضاه ولا يكون عنده ما يقضيه، فيقول : هو عندك مضاربة، قال : «لا يصحّ حتى يقبضه»
وفيها : «لا يصلح» بدل «لا يصحّ».
(ولو باع الذمّي ما لا يملكه المسلم) كالخمر
والخنزير (وقبض ثمنه جاز أن يقبضه المسلم عن حقّه) بلا خلاف، بل عليه
الإجماع في بعض العبارات؛
وهو الحجة. مضافاً إلى صريح الموثّقة : لي على رجل ذمّي دراهم فيبيع الخمر والخنازير وأنا حاضر، فهل لي أن آخذها؟ فقال : «إنّما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك».
مضافاً إلى إطلاق المعتبرة المستفيضة، منها الصحاح، في اثنين منها : في رجل كان له على رجل دراهم فباع خمراً أو خنزيراً وهو ينظر إليه فقضاه، فقال : «لا بأس، أمّا للمقتضي فحلال، وأمّا للبائع فحرام»
ونحوهما الثالث
والرابع.
وإطلاقها وإن شمل البائع المسلم، إلاّ أنّ الظاهر منه بحكم
التبادر والغالب هو الذمّي لا المسلم؛ لعدم
اعتياد بيعه لمثل الخمر والخنزير في بلاد
الإسلام التي هي مورد الروايات.
ثم على تقدير عمومها له يجب التخصيص بغيره؛ التفاتاً إلى عموم الأدلّة بعدم تملّكه ثمنها وفساد بيعه لهما، فكيف يجور اقتضاء ما لا يملكه ويكون باقياً على ملك المشتري يجب ردّه عليه، أو التصدّق به عنه مع الجهل، كما في المعتبرين
بحملهما عليه، أحدهما الصحيح : في رجل ترك غلاماً له في كرم له يبيعه عنباً أو عصيراً، فانطلق الغلام فعصر خمراً ثم باعه، قال : «لا يصلح ثمنه» إلى أن قال : «إنّ أفضل خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدّق بثمنها». واستناداً إلى فحوى بعض المعتبرة، كمرسلة ابن أبي نجران الصحيحة إليه، عن مولانا
الرضا عليه السلام : عن نصراني أسلم وعنده خمر وخنازير وعليه دين، هل يبيع خمره وخنازيره ويقضي دينه؟ قال : «لا».
فإنّ تحريم قضاء الدين من أثمانها على الذمّي بعد إسلامه يستلزم تحريم
الاقتضاء على المسلم من أصله بطريق أولى، فتأمّل جدّاً. وظاهر العبارة وصريح جماعة
اختصاص الذمّي بالحكم دون
الحربي .
وهو كذلك؛ لما مرّ من وجوب
الاقتصار فيما خالف
الأصل الدالّ على تحريم ثمن الأُمور المزبورة على المسلم مطلقاً على المتيقّن، وليس إلاّ الذمّي؛ لعدم إجماع على غيره لو لم نقل بالإجماع على عدمه، واختصاص النصوص المتقدّمة به صريحاً في بعضٍ وظاهراً بحكم الغلبة والتبادر في الباقي، لندرة وجود الحربي في بلاد الإسلام التي هي ظاهر مواردها. ومنه يظهر الوجه فيما قيّد به الحكم في الذمّي بعض الأصحاب أيضاً : من اشتراط أن يكون في بيعه مستتراً أي : ولو اقتضاءً..
وذلك فإنّه مع عدم
الاستتار يصير في حكم الحربي عند الأصحاب، مضافاً إلى جريان الوجه المتقدّم في
إخراجه عن الحكم في الذمّي المتجاهر بالفسق، لعدم
انصراف الإطلاق إليه بالضرورة (ولو أسلم الذمّي قبل بيعه) ما لا يملكه حال إسلامه (قيل :) كما عن
النهاية (يتولاّه غيره) ممن يجوز له بيعه؛ للخبر : إن أسلم رجل وله خمر وخنازير ثم مات وهي في ملكه وعليه دين قال : «يبيع ديّانه أو وليّ له غير مسلم خنازيره وخمره فتقضي دينه، وليس له أن يبيعه وهو حيّ ولا يمسكه».
(وهو ضعيف) وفاقاً للقاضي والحلّي والفاضلين؛
لأنّ المسلم لا يملك ذلك ولا يجوز بيعه مباشرة فلا يجوز تسبيباً، والرواية مقطوعة، ومع ذلك في سندها جهالة، ومن الجائز حملها على أن يكون له ورثة كفّار يبيعون الخمر ويقضون ديونه.
(ولو كان لاثنين) فصاعداً (ديون) مشتركة بينهما في ذمّة ثالث فصاعداً (فاقتسماها فما حصل) كان (لهما، وما تَوى) بالمثناة من فوق بمعنى : هلك، كان (منهما) على الأشهر الأقوى، وفاقاً للإسكافي والطوسي والقاضي والحلبي وابن حمزة وابن زهرة
مدّعياً الإجماع عليه كالثاني؛ وهو الحجة.
مضافاً إلى النصوص المستفيضة المروية في
التهذيب في بابي الدين والشركة، منها الموثق : عن رجلين بينهما مال منه دين ومنه عين، فاقتسما العين والدين، فَتَوي الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه، وخرج الذي للآخر، أيردّ على صاحبه؟ قال : «نعم ما يذهب بماله».
ونحوه الباقي،
والصحيح المروي في التهذيب والفقيه في كتاب الصلح.
وقصور الأسانيد فيما عداه منجبر بالشهرة العظيمة، والإجماعات المحكيّة، وبعض الوجوه الاعتبارية المذكورة في المختلف
من أنّ المال مشترك، فإنّ التقدير ذلك، فإذا دفع إلى أحدهما فإنّما دفع عمّا في ذمّته، والدفع إنّما هو للمال المشترك، فلا يختصّ به القابض. ولا دليل على لزوم القسمة في نحو المسألة، مع أنّ الأصل عدمه بالضرورة. خلافاً للحلّي،
فحكم به؛ قياساً على ثبوته فيما لو أوهبه أحدهما أو أبرأ ذمّة من عليه الحق الذي صار من نصيبه، بلا خلاف كما حكاه، فكذا فيما نحن فيه.
وهو كما ترى، وإن مال إليه في المختلف أخيراً،
وتبعه بعض المتأخّرين؛
لضعف القياس أوّلاً، وعدم معارضته على تقدير حجّيته لما قدّمناه من الإجماعات المحكية والمعتبرة المستفيضة ثانياً، فالقول بمقالته ضعيف جدّاً. قيل
: وقد يحتال للقسمة بأن يحيل كلّ منهما صاحبه بحصّته التي يريد
إعطاءها صاحبه ويقبل الآخر، بناءً على صحة الحوالة من البريء، أو فرض سبق دين عليه. ولو اصطلحا على ما في الذمم بعضاً ببعض جاز، وفاقاً للشهيدين.
وعلى أحد الأُمور المذكورة يحمل إطلاق الصحيح المروي عن كتاب علي بن جعفر وقرب الإسناد : عن رجلين اشتركا في السلم، أيصلح لهما أن يقتسما قبل أن يقبضا؟ قال : «لا بأس».
أو على الصحة دون اللزوم، وعلى عدمه خاصّة تحمل الأخبار السابقة. ولا بأس به؛ جمعاً بين الأدلّة، وإن كان اعتبار المراضاة مرّة ثانية بعد الأخذ أحوط البتّة.
(ولو باع الدين بأقلّ منه) عيناً أو قيمة على وجه لا يحصل فيه الربا، ولا
الإخلال بشروط الصرف لو كان العوضان من الأثمان (لم يلزم الغريم أن يدفع إليه) أي إلى المشتري (أكثر ممّا دفع) إلى البائع، وفاقاً للطوسي والقاضي
(على تردّد) فيه ينشأ من الخبرين، في أحدهما : رجل اشترى ديناً على رجل ثم ذهب إلى صاحب الدين فقال له : ادفع إليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه، قال : «يدفع إليه ما دفع إلى صاحب الدين، وبرئ الذي عليه المال عن جميع ما بقي عليه»
وقريب منه الثاني.
ومن قصور سندهما بالجهالة، وعدم جابر لهما في المسألة، مع مخالفتهما للقواعد الثابتة من الكتاب والسنّة، فإنّ ما وقع عليه العقد الذي يجب الوفاء به ليس إلاّ جميع الدين دون بعضه، فلا وجه في الاقتصار عليه، ومع ذلك فلا وجه لبراءة ذمّة المديون كما صرّحت به الرواية الأُولى. ومع ذلك فالثانية غير صريحة في المطلوب، بل ولا ظاهرة، ولذا لم يذكرها حجة في المسألة جماعة، وهذا هو الأظهر الأشهر بين الطائفة.
وبما ذكرناه لا يبقى وجه للتردّد في المسألة، كما في صريح العبارة وظاهر اللمعة،
فلتطرح الروايتان، للجهالة، والمخالفة للقواعد المقرّرة، المعتضدة بالإجماع من أصلها، وبالشهرة في خصوص المسألة، أو تحملا على ما تلتئمان معها من
إرادة الضمان من
البيع مجازاً، لشبهه به في المعاوضة، أو فساد البيع
للربا وغيره، فيكون الدفع مأذوناً فيه من البائع في مقابلة ما دفع، ويبقى الباقي لمالكه، ويكون المراد ببراءة المديون في الرواية الأُولى البراءة من حق المشترى لا مطلقاً.
رياض المسائل، ج۹، ص۱۴۶-۱۸۳.