مسائل الكفن والدفن والغسل
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويلحق بهذا الباب مسائل: الأولى: كفن المرأة على زوجها ولو كان لها مال؛ الثانية: كفن
الميت من أصل تركته قبل
الوصية والدين والميراث؛ الثالثة: لا يجوز نبش
القبر ولا نقل الموتى بعد دفنهم؛ الرابعة:
الشهيد إذا مات في
المعركة لا يغسل ولا يكفن، بل يصلى عليه ويدفن بثيابه وينزع عنه الخفان والفرو؛ الخامسة: إذا مات ولد الحامل قطع وأخرج، ولو ماتت هي دونه يشق جوفها من الجانب الأيسر وأخرج، وفي
رواية، يخاط بطنها؛ السادسة: إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر فهو كما لو وجد كله؛ وإن لم يوجد الصدر غسل وكفن ما فيه عظم، ولف في خرقة ودفن ما خلا من عظم، قال الشيخان ولا يغسل
السقط إلا استكمل شهورا أربعة، ولو كان لدونها لف في خرقة ودفن؛ السابعة: لا يغسل الرجل إلا رجل وكذا المرأة، ويغسل الرجل بنت ثلاث سنين مجردة، وكذا المرأة، ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب وكذا المرأة؛ الثامنة: من مات محرما كان كالمحل، لكن لا يقرب
الكافور؛ التاسعة: لا يغسل
الكافر ولا يكفن ولا يدفن بين مقبرة
المسلمين؛ العاشرة: لو لاقى كفن الميت نجاسة غسلت ما لم يطرح في القبر وقرضت بعد جعله فيه.
كفن المرأة الواجب على الزوج ولو كان لها مال إجماعاً كما عن صريح
الخلاف ونهاية الإحكام وظاهر
المعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى
للخبر: «على الزوج كفن امرأته»
ونحوه
المرسل في
الفقيه، وقصور سندهما منجبر بالعمل.
وإطلاقهما ككلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين الصغيرة والكبيرة، المدخول بها وغيرها، الدائمة وغيرها. فإن كان
إجماع وإلّا فهو محل كلام لعدم انصراف الإطلاق إلى نحو المتمتع بها والناشزة.
وفي إلحاق سائر المؤن الواجبة به إشكال. والأصل يدفعه. خلافاً للمحكي عن
المبسوط والسرائر ونهاية الإحكام، فملحق به
. وهو
أحوط.
ولو أعسر بعدم مالكيته لما يزيد عن قوت يومه وليلته والمستثنيات في دينه كفّنت من تركتها إن كان، كما عن
نهاية الإحكام؛ لتقدم
الكفن على
الإرث. وإلّا دفنت عارية، ولا يجب على المسلمين بذله لها ولا لغيرها إجماعا كما حكي
.
ولا يلحق بها ما عداها من واجبي
النفقة؛ للأصل، وفقد
النص، مع حرمة
القياس، وإن اقتضى الإلحاق بعض تعليلاتهم في المسألة، وهي قاصرة. نعم يجب للمملوك على مولاه لدعوى الإجماع عليه
وإن كان مدبّراً أو مكاتباً، مشروطاً أو مطلقاً لم يتحرر منه شيء أو أمّ ولد. ولو تحرّر فبالنسبة.
كفن الميت الواجب يخرج من أصل تركته اقبل
الدين والوصية بإجماع الطائفة وأكثر
العامة حكاه جماعة
؛ للمعتبرة منها الصحيح: «الكفن من جميع المال»
.
والصحيح: عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن كفنه، قال: «يجعل ما ترك في ثمن كفنه، إلّا أن يتّجر عليه إنسان يكفنه ويقضي دينه ممّا ترك»
.
والخبر: «أول شيء يبدأ به من المال الكفن ثمَّ الدين ثمَّ الوصية ثمَّ
الميراث»
.
ولأن المفلّس لا يكلّف بنزع ثيابه، وحرمة
المؤمن ميتاً كحرمته حياً.
وإطلاقها كالعبارة هنا وفي كلام الطائفة يقتضي تقديمه على حق المرتهن وغرماء المفلّس. وفيه إشكال؛ للشك في الانصراف إلى مثله. وأولى منهما حق المجني عليه، ولذا احتمل تقديمهما عليه بعض الأصحاب
، وأفتى به في الأول في
الذكرى.
•
نبش القبر، لا يجوز نبش القبر، ولا نقل
الموتى بعد دفنهم إلى غير المشاهد المشرفة
.
•
دفن الشهيد،
الشهيد وهو
المسلم ومن بحكمه الميّت بمعركة قتال أمر به
النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) أو
الإمام (علیهالسّلام)، أو في كل
جهاد حقّ
؛ ولا يجري عليه الأحكام إلّا إذا مات في المعركة ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فحينئذ لا يغسّل ولا يكفّن إلّا إذا جرّد فيكفّن حينئذ
؛ بل يصلّى عليه ويدفن بثيابه وجوباً
؛ وينزع عنه الخفّان
.
إذا مات ولد الحامل في بطنها فإن أمكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بعلاج فعل، وإلّا قطع واخرج بالأرفق فالأرفق، إجماعاً كما عن الخلاف
.
ويتولّى ذلك النساء، فإن تعذّر فالرجال
المحارم، فإن تعذّر جاز أن يتولاه غيرهم للضرورة، والخبر: في المرأة في بطنها الولد فيتخوف عليها، قال: «لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء»
.
والرضوي: «إن مات الولد في جوفها ولم يخرج أدخل إنسان يده في فرجها وقطع الولد بيده وأخرجه»
.
وقصور الأسانيد منجبر بالعمل.
ولو ماتت هي دونه شقّ جوفها وجوباً من الجانب الأيسر واُخرج مطلقاً ولو كان ممّن لا يعيش عادةً، توصلا إلى بقاء الحي، ولا يعرف فيه خلاف كما عن الخلاف
، والنصوص به مستفيضة.
ففي الصحيح: عن المرأة تموت وولدها في بطنها يتحرك، قال: «يشق عن الولد»
.
وإطلاقه كغيره ينزل على الغالب من عدم إمكان إخراجه بدون شق، وإلّا فلو علم إمكان ذلك تعيّن كما عن الذكرى
.
وإطلاقها يقتضي عدم الفرق في الشق بين أن يكون من الأيمن أو الأيسر. ولكن عن
المقنعة والنهاية والمبسوط
والمهذّب والسرائر
والجامع والتحرير والمنتهى والتلخيص ونهاية الإحكام والشرائع: تعيّن الأيسر
، كما هنا ولعلّه للرضوي: «إذا ماتت المرأة وهي حاملة وولدها يتحرك في بطنها شقّ من الجانب الأيسر واخرج الولد»
.
وبهذه العبارة عبّر
الصدوق في الفقيه
.
وليس في هذه النصوص الأمر بخياطة المحل ولكن في رواية صحيحة أو حسنة إلى
ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن
مولانا الصادق (علیهالسّلام) إذ سئل: أيشق بطنها ويخرج الولد؟ فقال: نعم ويخاط بطنها
ورواه
الشيخ في
التهذيب عنه عن
ابن أُذينة مقطوعاً
. وهو وإن ضعف إلّا أن الأول مسند إلى الإمام، وإرساله غير ضارّ؛ لإجماع العصابة في الراوي على تصحيح ما يصح عنه وغير ذلك، مضافاً إلى أن الظاهر كون البعض هو ابن أذينة الثقة بقرينة رواية الشيخ، فتأمل.
فلا وجه للتأمل في
الوجوب، وبه أفتى المقنعة والنهاية والسرائر والمبسوط والمهذّب والجامع
والشرائع.
وليس في عدم التعرض له في باقي الأخبار دلالة على عدمه، إذ محطّ النظر فيها ليس إلّا جواز الإخراج وعدمه، وفيه مع ذلك الصيانة عن هتك حرمتها والمثلة بها وتسهيل لتغسيلها.
إذا وجد بعض الميت وفيه صدر كما عن السرائر
، أو الصدر وحده أيضاً كما عن الكتب الآتية فهو كما لو وجده كلّه فيجب تغسيله وتكفينه
والصلاة عليه، كما في الشرائع وعن صريح النهاية والمبسوط
والمراسم والسرائر
، وظاهر المقنعة والخلاف
والوسيلة والمعتبر
؛ لذكرهم الصلاة عليه المستلزمة للأحكام الباقية.
للأولوية المستفادة من ثبوتها فيما عدا الصدر ممّا وجد فيه العظم بالإجماع، كما عن الخلاف
والمنتهى.
ومن هنا يظهر دلالة المعتبرة الناصة على وجوب الصلاة على النصف الذي فيه القلب كما في الصحيح
، أو مطلق العضو الذي فيه القلب كما في الخبرين
، أو الصدر واليدين كما في
الخبر على ما ذكره
المصنف وغيره
.
وضعف هذه الأخبار مجبور بأن الحكم مشهور معتضد بما في المعتبرة من عدم سقوط الميسور بالمعسور
، وإطلاق
الحسن: «إذا قتل قتيل فلم يوجد إلّا لحم بلا عظم لم يصلّ عليه، فإن وجد عظم بلا لحم صلّي عليه»
.
وعن
الإسكافي: إيجابه الصلاة على العضو التام بعظامه والتغسيل خاصة في غيره
؛ للخبرين، في أحدهما: «إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو تام صلي عليه ودفن، وإن لم يوجد له عضو تام لم يصلّ عليه ودفن»
.
وفي الثاني المروي في المعتبر عن
علي بن المغيرة قال: بلغني أن
أبا جعفر (علیهالسّلام) قال: «يصلّى على كل عضو رجلاً كان أو يدا أو الرأس، جزءاً فما زاد، فإذا نقص عن رأس أو يد أو رجل لم يصلّ عليه»
.
وهو أحوط، ويؤيده القاعدة المستفادة من المعتبرة وإطلاق الحسن المتقدم، وإن كان في لزومه نظر للمعتبرة المتقدمة الظاهرة في اختصاص الصلاة بما فيه القلب والصدر المعتضدة بالشهرة، فيخصّص بها القاعدة المزبورة.
مضافاً إلى معارضتهما مع ضعفهما بالنص في عدم لزوم الصلاة على ما ذكر، كالخبر: «لا يصلى على عضو رَجُل من رجل أو يد أو رأس منفرداً، فإذا كان البدن فصلّ عليه وإن كان ناقصاً من الرأس واليد والرجل»
.
وقال
الكليني: روي أنه لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد
.
وقصور
السند بما تقدّم منجبر، فخلافه شاذ، ومختار المشهور متعيّن. نعم: ما ذكره أحوط، وأحوط منه العمل بإطلاق الحسن المتقدم وإن لم يوجد قائل به.
وإن لم يوجد الصدر غسّل وكفّن ما فيه عظم في المشهور بين الأصحاب، بل عن الخلاف والمنتهى عليه الإجماع
. وهو
الحجة فيه، كالقاعدة المستفادة من المعتبرة من عدم سقوط الميسور بالمعسور، خرج منها الصلاة بما تقدم وبقي الباقي.
لا الصحيح الآمر بتغسيل عظام الميت وتكفينها والصلاة عليها
؛ لظهوره في مجموع العظام، مع اشتماله على ما لم يقل به أحد من الأعلام لو عمّم العظام فيه ما يشمل الأبعاض.
وظاهر العبارة تخصيص الحكم بالمبانة من الميت دون الحي، وهو مقتضى
الأصل، مع عدم جريان ما ذكرناه من الأدلة فيه. خلافاً لجماعة فعمّموه فيهما
. وهو أحوط.
وفي إلحاق العظم المجرّد به قولان، أحوطهما ذلك وإن كان في تعيّنه نظر.
ثم ظاهر المتن كالمحكي عن المقنعة والمبسوط والنهاية والسرائر والجامع والمراسم والمنتهى
والإرشاد والتلخيص
والتبصرة:
التكفين؛ ولعلّه للقاعدة، فيعتبر القطع الثلاث على المختار وإن لم تكن بتلك الخصوصيات. وربما احتمل اختصاص وجوبها بما تناله الثلاث عند الاتصال بالكل، فإن كان ممّا تناله اثنان منها لفّ فيهما، وإن كان ممّا لا تناله إلّا واحدة لفّ فيها
.
وفي الشرائع وعن التحرير
والتذكرة ونهاية الإحكام: اللفّ في خرقة
؛ فكأنهما حملا التكفين عليه. ولكن ينافيه التعبير بالتكفين هنا وباللف في الخرقة فيما يأتي.
والمعيّن الأول؛ للقاعدة. ومنها يستفاد وجوب
التحنيط لو كان الباقي محله كما عن التذكرة
. وعليه يحمل إطلاق كلام جماعة
.
ولفّ في خرقة ودفن ما خلا عن عظم كما في الشرائع
والقواعد وعن
سلّار. ومستنده غير واضح، والقاعدة توجب التكفين، فهو كسائر الأحكام دون الصلاة متعيّن إن لم يجمع على خلافه. وإلّا كما هو الظاهر كان اعتبار ما في المتن أحوط لعدم الدليل على لزومه، مع أن الأصل ينفيه، وفاقاً للمعتبر وغيره
.
ويمكن أن يقال: لم يقع الإجماع إلّا على عدم التكفين بالقطع الثلاث، ولا يستلزم ذلك الإجماع على عدم القطعة الواحدة، فالإجماع المخرج عن القاعدة مختص بما عدا القطعة الواحدة، فيقتصر في تخصيصها عليه، وتجب هي لعمومها. وهو قوي.
قال الشيخان وأكثر الأصحاب لا يغسّل السقط إلّا إذا استكمل شهوراً أربعة
فيغسّل حينئذ، قيل: ولا يعرف فيه خلاف إلّا من العامة
.
وهو ظاهر المحكي عن المعتبر
.
للمرفوع: «إذا تمَّ للسقط أربعة أشهر غسّل»
.
والموثق: عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه
الغسل واللحد والكفن؟ قال: «نعم كل ذلك يجب إذا استوى»
.
وضعف الأول منجبر. والثاني في نفسه معتبر، ودلالته واضحة بملاحظة المعتبرة المستفيضة الدالة على حصول الاستواء بالشهور الأربعة، ففي الصحيحين: «إذا وقعت
النطفة في الرحم استقرت فيها أربعين يوماً، وتكون
علقة أربعين يوماً، وتكون
مضغة أربعين يوماً، ثم يبعث
اللّه ملكين خلّاقين فيقول لهما: اخلقا كما أراد اللّه تعالى ذكراً أو أنثى»
الحديث.
ونحوهما من المعتبرة المروية في
الكافي في
النكاح باب بدء خلق الإنسان.
وصرّح بالأمرين جميعاً الرضوي: «إذا أسقطت المرأة وكان السقط تاماً غسّل وحنّط وكفّن ودفن، وإن لم يكن تاماً فلا يغسّل ويدفن بدمه، وحدّ تمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر»
.
ويستفاد منه كالموثق السابق وجوب التكفين والدفن، كما عن المبسوط والمقنعة والنهاية والمراسم والجامع والمنتهى والتبصرة ونهاية الإحكام
. وفي ظاهر الشرائع وعن التحرير: اللفّ في خرقة
، حملاً للتكفين عليه. وهو مشكل، فالتكفين أولى.
وعن ظاهر الإرشاد
والتلخيص وأكثر الكتب المذكورة وجوب التحنيط؛ ولعلّه للرضوي المتقدم، أو عموم أدلة تحنيط الأموات.
وعن الذكرى التردد في الجميع
؛ لما دلّ من الأخبار على عدم حلول
الحياة إلّا بمضي الخمسة أشهر
. وهو مع قصور سنده غير مكافئ لما تقدّم من وجوه.
ولو كان لدونها لم يجب تغسيله، وعن المعتبر أنه مذهب العلماء خلا
ابن سيرين. وفي صريح الرضوي كمفهوم الخبرين دلالة عليه.
نعم لفّ في خرقة ودفن ومستند اللف غير واضح، بل في الرضوي المتقدم وغيره الاقتصار على الدفن بدمه الظاهر في عدم اللف، ولذا خلا عنه كلام الشيخ وغيره. ولكنه منقول عن
المفيد وسلّار
والقاضي والكيدري. وهو أحوط.
•
شروط غاسل الميت، يشترط في الغاسل المماثلة أو
المحرمية فلا يغسّل الرجل إلّا الرجل أو ذات محرم له وكذا المرأة لا يغسّلها إلّا المرأة أو ذو محرم لها
؛ ويغسّل الرجل بنت ثلاث سنين مجرّدة اختياراً واضطراراً وكذا المرأة تغسّل صبيا له ثلاث سنين
؛ ويغسّل الرجل محارمه المحرّمات عليه مؤبدا
بنسب أو
رضاع أو
مصاهرة ويشترط في المشهور كونه من وراء الثياب
؛ وكذا الحكم في المرأة تغسّل
محارمها من وراء الثياب
؛ وأما في الزوجين الحكم بجواز
التغسيل مجرداً وحال الاختيار
.
•
كفن الميت المحرم، من مات
محرماً كان كالمحلّ في الأحكام حتى ستر الرأس
، لكن لا يقرب
الكافور بتغسيله بمائه أو بتحنيطه به
.
•
غسل الكافر وكفنه ودفنه، لا يجوز أن يغسل
المسلم الكافر ولا يكفنه ولا يدفنه بين المسلمين لكون الكل عبادة توقيفية ووظيفة شرعية موقوفة على الثبوت عن صاحب
الشرع، ولم يصل إلينا فيها رخصة، ففعلها
بدعة.
•
ملاقاة الكفن للنجاسة، لو لقي كفن
الميت نجاسة خارجة منه غسلت ما لم يطرح في
القبر، وقرضت بعد جعله فيه
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۴۵۳-۴۷۹.