النجاسات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في بيان النجاسات، والنظر في أعدادها وأحكامها.
•
أعداد النجاسات، وهي أي جنسها عشرة:
•
البول والغائط، البول والغائط ممّا لا يؤكل لحمه شرعا ذي النفس والدم القوي الذي يخرج بقوة من العرق عند قطعه،
بإجماع العلماء كافة.
(و) الثالث : المني ممّا له نفس سائلة، بإجماع الطائفة كما عن ظاهر
المنتهى وصريح التذكرة وغيرهما من كتب الجماعة.
وهو الحجّة فيه، دون المستفيضة، لما مرّ سابقا، ولاختصاصها بحكم
التبادر بالإنسان دون مطلق
الحيوان .نعم : في الصحيح : ذكر المني فشدّده وجعله أشد من
البول .
وهو دالّ بفحواه على تبعية نجاسة
المني للبول. ولكن ثبوت نجاسة المتبوع مطلقا إنما هو بمعونة
الإجماع أيضا، فيكون هو الحجّة فيه أيضا جدا.والتقييد بما ذكرنا ـ وهو ظاهر المتن ـ هو المشهور بين الأصحاب، بل كاد أن يكون إجماعاً.فالحكم في غير محل القيد
الطهارة .خلافا للمحكي عن
المعتبر والمنتهى فتردّدا فيها.
ويدفعه الأصل، مع
اختصاص الأخبار ـ كما مرّ ـ
بالإنسان ، وعدم إجماع على النجاسة هنا، هذا.وأما الصحيحان المشعران بطهارة المني مطلقا كما في أحدهما،
أو إذا كان جافا كما في الثاني،
فشاذان محمولان على
التقية ، لكون الأوّل مذهب جماعة من العامة،
والثاني مذهب شرذمة منهم
كما حكاه بعض الأجلة،
فلا يرفع اليد بهما عن الإجماع القطعي والنصوص الصريحة الجليّة.
•
الميتة،
الميتة ممّا له نفس سائلة
آدميا كان أو غيره.
•
نجاسة الدم، وكذا الدم نجس إذا كان ممّا له نفس سائلة، وهو الخامس.
•
الكلب والخنزير، الكلب والخنزير البرّيان بإجماعنا، ووافقنا عليه أكثر من خالفنا، واستفاض حكايته في كلام جماعة من أصحابنا.
•
الكافر، الكافر أصليا ومرتدّا وإن انتحل
الإسلام مع جحده لبعض ضرورياته، وضابطه من أنكر الإلهية أو الرسالة أو بعض ما علم ثبوته من الدين ضرورة.
•
المسكرات المائعة، كل مسكر مائع بالأصالة،كما عن الأكثر الفقهاء،لتعبيرهم بالشراب المسكر.
واعلم أن الأظهر الأشهر بين قدماء الطائفة في عرق الجنب من الحرام مطلقا، حين
الجنابة كان أم بعدها وربما خص بالأول هو النجاسة، بل عدّه في الأمالي من دين
الإمامية ،
وصرّح بالإجماع في الخلاف شيخ الطائفة،
وهو الظاهر من عبارة ابن زهرة.
ونحوها عبارة سلّار،
إلّا أن اختياره الطهارة بعد الحكاية بلا فاصلة يعيّن
إرادته منها الشهرة العظيمة.للنصوص المستفيضة، منها الرضوي : «إن عرقت في ثوبك وأنت جنب وكانت الجنابة من
الحلال فتجوز الصلاة فيه، وإن كانت من حرام فلا تجوز الصلاة فيه حتى يغسل».
ونحوه المروي في
الذكرى عن زياد الكفرثوثي،
وفي البحار عن
مناقب ابن شهرآشوب نقلا من كتاب المعتمد في الأصول عن
علي بن مهزيار ،
وفيهما : «إن كان من حلال فصلّ فيه، وإن كان من حرام فلا تصلّ فيه».ونحوهما خبر آخر مروي في
البحار .
وقصور أسانيدها منجبر بالشهرة العظيمة بين القدماء والإجماعات المحكية، والدلالة وإن لم تكن ناصة بالنجاسة إلّا أنّ الملازمة بينها وبين عدم جواز الصلاة المصرّح به فيها هنا ثابتة، بناء على عدم القائل بما فيها خاصة من القائلين بالطهارة، والقول به خاصة دون الأحكام الأخر المترتبة على النجاسة
إحداث قول في المسألة.هذا مضافا إلى التأيد بالروايات الواردة في الحمّام الناهية عن غسالته معلّلة
باغتسال الزاني فيها والجنب عن حرام.
فتأمل.وكيف كان : فخلاف المتأخرين ومصيرهم إلى الطهارة ضعيف، وأدلتهم من
الأصل والعمومات بما تقدّم مخصّصة.
ونحوه في النجاسة عرق
الإبل الجلّالة في الأظهر الأشهر بين قدماء الطائفة، بل ربما يستشعر الإجماع عليه من عبارة ابن زهرة،
ومن عبارة سلّار الشهرة العظيمة،
للصحيحين : «فإن أصابك من عرقها شيء فاغسله».
والثاني منهما عام
للإبل وغيرها.
وبه صرّح بعض الأصحاب
وحكى عن النزهة.
خلافا للأكثر فخصّوا الحكم بالأوّل.وبهما يخصّ أدلة الطهارة التي تمسّك (بها) ما بين المعقوفين أثبتناه
لاقتضاء السياق.
الجماعة المتأخرة البالغين حدّ الشهرة. لكنها
بالإضافة إلى شهرة القدماء مرجوحة. وعلى فرض التساوي فترجيحها عليها يحتاج إلى دلالة واضحة، وهي منتفية. والأصل والعمومات بالصحيحين المرجّحين لشهرة القدماء مخصّصة، وهما أدلة خاصة، وتلك عامة، والخاص مقدّم بالضرورة. فالمرجّح مع الشهرة القديمة البتة، مضافا إلى المخالفة للتقية، لتصريحهم بالطهارة كما حكاه بعض الأجلة. قال المحقق في بعد نقل قول سلّار باستحباب غسل الثوب : وهو مذهب من خالفنا. ولم نعثر على غيره نسب التصريح بالطهارة إلى العامة.
(و) الأظهر طهارة (لعاب المسوخ)قد وردت روايات في بيان أنواع المسوخ في الوسائل،
عدا
الخنزير (وذرق الدجاج) غير الجلّال، وفاقا للأشهر (سيّما)-ليست في «ش» - بين من تأخر، للأصل، والعمومات، وخصوص النصوص في الأول في بعضها كالعقرب والفأرة والوزغة والعاج ونحوها،
وخصوص الخبر في الثاني : «لا بأس بخرء الدجاج والحمام يصيب الثوب».
خلافا للمراسم والوسيلة والإصباح في الأول فالنجاسة.
وليست مستندة إلى دلالة واضحة، وعلى تقديرها فهي لما تقدّم من الأدلة غير مكافئة، سيّما مع
اعتضادها بالشهرة العظيمة، بل والضرورة في بعض أفرادها كالزنبور ونحوه ممّا يوجب القول بوجوب التحرز عنه مخالفة الطريقة المستمرة بين المسلمين في الأعصار السابقة واللاحقة، مضافا إلى
استلزامه العسر والحرج المنفيين في الشريعة السهلة السمحة.فأبواب المناقشات في هذا القول مفتوحة،
كانفتاحها في القول بنجاسة عينها ولعابها كما عن
المبسوط في موضعين منه،
مدّعيا في أحدهما
الإجماع . وهو غريب. ولا يبعد جعله أمارة لإرادته الخباثة من النجاسة لا المعنى المتعارف بين المتشرعة.
ويقربه المحكي عن
اقتصاده من أنّ غير الطير على ضربين : نجس العين ونجس الحكم، فنجس العين هو
الكلب والخنزير ، فإنّه نجس العين نجس السؤر نجس اللعاب، وما عداه على ضربين : مأكول وغير مأكول، فما ليس بمأكول كالسباع وغيرها من المسوخات مباح السؤر وهو نجس الحكم.
انتهى.فيحتمل إرادته من النجاسة فيما مضى ما فسّرها به هنا. ويؤيده حكمه في الخلاف بجواز التمشط بالعاج
واستعمال المداهن منه مدّعيا عليه الإجماع.
وللصدوقين،
ولم نعثر على من نقله عن والده بل إنما نسبوه إلى الصدوق خاصة.
والشيخين
في الثاني فنجّسوه، للخبر : عن ذرق الدجاج تجوز فيه الصلاة؟ فكتب : «لا».
وفيه ـ مع الضعف
والإضمار وكونه مكاتبة محتملة لأجلها الحمل على التقية ـ : قصور الدلالة، إلّا على تقدير الملازمة بين نفي جواز الصلاة معه والنجاسة. وهي منتفية،
لانتفائها في مواضع كثيرة. إلّا أن ينجبر بعدم القول بالفرق بينه وبينها هاهنا. وكيف كان : لا ريب في قصوره عن المقاومة لما مرّ من الأدلة بالضرورة، فينبغي طرحه، أو حمله على الجلّال، لعدم خلاف في نجاسة ذرقه كما في التنقيح،
بل عليها الإجماع في المختلف.
ويؤيده عموم ما دلّ على نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه مطلقا، كما مضى.
(و) في نجاسة (الثعلب والأرنب والفأرة والوزغة اختلاف) بين الطائفة : فبين حاكم بنجاسة الأربعة، كما عن موضع من المبسوط وموضع من النهاية،
مع حكمه بكراهة الرابع في الموضع الآخر من الأول،
وكراهة الثالث في الموضع الآخر من الثاني،
أو الأخيرين خاصة، كما عن
المراسم والمقنعة.
أو الأوّلين كذلك، كما عن الحلبيين.
أو هما مع الرابع مكرها للثالث، كما عن القاضي.
وعن الغنية الإجماع على القول الثالث.
(والكراهية) في الجميع (أظهر) وفاقا لعامة من تأخر، للأصول والعمومات فيها أجمع.وخصوص النصوص في الأول الدالة على قبولها
التذكية ، منها الصحيح : عن الصلاة في جلود الثعالب، قال : «إن كانت ذكية فلا بأس»
ولو كان نجس العين لما قبل التذكية.
والنصوص المستفيضة في الثالث، منها الصحاح وغيرها، فمن الاولى الصحيح : عن
الفأرة تقع في السمن والزيت ثمَّ تخرج منه حيا، فقال : «لا بأس بأكله».
وفي الصحيح : «لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الإناء أن تشرب منه وتتوضأ منه».
ونحوه الخبر من الثاني المروي عن
قرب الإسناد .
وفي آخر منه : عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ؟ قال : «يسكب منه ثلاث مرّات، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة، ثمَّ تشرب منه وتتوضأ منه، غير
الوزغ فإنه لا ينتفع بما وقع فيه».
وخصوص الصحيح في الرابع : عن الوزغ يقع في الماء فلا يموت فيه، أيتوضأ منه للصلاة؟ قال «لا بأس».
والمراد بعدم
الانتفاع بما وقع فيه في الخبر السابق ـ ونحوه الرضوي
ـ الكراهة، أو المنع منه في مثل الشرب من جهة السّمّية لا النجاسة.
ولا معارض لهذه الأدلة سوى المرسل في الأوّلين : هل يجوز أن يمسّ الثعلب
والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا؟ قال : «لا يضره ولكن يغسل يده».
وهو ـ مع
إرساله وعدم مكافأته لما مرّ ـ دالّ بظاهر إطلاقه على نجاسة السباع أيضا، ومع ذلك شامل لحالتي الملاقاة برطوبة وبدونها جدّا، ولا قائل بالإطلاقين قطعاً.والنصوص في الثالث، أجودها سندا ودلالة الصحيح : عن الفأرة الرطبة قد وقعت على الماء تمشي على الثياب، أيصلّى فيها؟ قال : «أغسل ما رأيت من أثرها، وما لم تره فانضحه بالماء».
وهي ـ مع قصور سند أكثرها ودلالته ـ ضعيفة أجمع عن
المكافأة لما مرّ من وجوه عديدة، فلتحمل على
الاستحباب . ومع ذلك محتملة للحمل على التقية، لحكاية نجاسة الفأرة في المنتهى عن بعض العامة.
وأما حكاية الإجماع المتقدمة عن الغنية فهي بمصير عامة المتأخرين إلى الطهارة موهونة، ومع ذلك فغايتها أنها رواية صحيحة لا تعارض ـ كسابقتها ـ شيئا من الأدلة السابقة.
•
أحكام النجاسات،هنا يأتي أحكام النجاسات التي يجب على المكلف وجوب الحرمة فيها.
•
الأواني والجلود، ويلحق بأحكام النجاسات النظر في الأواني استعمالا وتطهيرا.
رياض المسائل، ج۲، ص۶۴-۱۴۱.