أحكام النجاسات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هنا يأتي أحكام النجاسات التي يجب شرعا إزالتها عن الثوب والبدن.
•
وجوب إزالة النجاسة ،(كل النجاسات يجب) شرعا (إزالة قليلها وكثيرها عن الثوب والبدن) للصلاة
والطواف الواجبين، وشرطا لهما، مطلقا إجماعا.
•
أحكام الدم ،يأتي أحكام إزالة الدم ونجاسته في الحيض والنفاس وغيره.
(تجوز الصلاة فيما لا تتم الصلاة) للرجال (فيه منفردا) ولو كان (مع نجاسة) مغلّظة (كالتكة والجورب والقلنسوة) ونحوها. مطلقا كما هو الأشهر الأقوى، وفاقا للمرتضى،
أو من الملابس خاصة مطلقا كما عن الحلّي وغيره،
أو مقيدا بكونها في محالّها كما عليه العلّامة في أكثر كتبه.
ولا خلاف في
أصل الحكم في الجملة، بل عليه
الإجماع عن الانتصار والخلاف والسرائر وظاهر التذكرة،
وصرّح به أيضا جماعة،
والنصوص به مع ذلك مستفيضة، منها الموثق : «كلّ ما كان لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس أن يكون عليه الشيء، مثل القلنسوة والتكة والجورب».
والمرسل كالصحيح على الصحيح : «إذا كان مما لا تتم الصلاة فيه فلا بأس».
وظاهرهما ـ كغيرهما ـ تعليق الحكم بجواز الصلاة فيما لا تتم فيه منفردا على هذا الوصف.وأظهر منهما الرضوي : «إن أصاب قلنسوتك أو عمامتك أو التكة أو الجورب أو الخف منّي أو بول أو غائط فلا بأس بالصلاة، وذلك أن الصلاة لا تتم في شيء من هذا وحده».
ومقتضاه عدم
اختصاص الحكم بالملابس فضلا عن
اشتراط كونها في محالّها، وإن كان هذا غير بعيد بعد ثبوت الأول، نظرا إلى
التبادر من المذكورات في سياق الأخبار.ويقرّب العموم مضافا إلى ما مرّ من التعليل والتعليق على الوصف. منه رحمه الله.
الإتيان بلفظه في بعضها، والترديد بين كون تلك الأشياء عليه أو معه في المرسل.
وبجميع ما ذكر يخص الأصل في العبادة كما مرّ.
وما ربما يقال : من
إثبات أصل الحكم هنا بأصالة البراءة عن إزالة النجاسة عن مثل هذه الأشياء السالمة عن المعارض، لخلو الأخبار عن
الأمر بها، لاختصاص الآمرة منها بالثوب الغير الصادق على مثل هذه الأشياء.ليس في محلّه، كيف لا؟! وهو بعد معارضته بالأصل المتقدم ذكره الذي هو منه أقوى يدفعه تصريح الأصحاب ـ كظواهر النصوص ـ
باستثنائها الملازم لدخولها تحت أدلة المنع عنها.ومنه يظهر التمسك بمثل ذلك لإثبات العفو عن النجاسة في العمامة تبعا للصدوقين.
ومستندهما من النصوص غير واضح، سوى الرضوي المتقدم.
ومع ذلك فهو غير ظاهر أيضا؛ لاحتماله
إرادة العمامة الصغيرة كما يشعر به التعليل في ذيله، فإنّ الكبيرة تتأتى الصلاة فيها قطعا، فلا وجه لتعليل الحكم بجواز الصلاة فيها بما ذكر، وعليها حمل الراوندي كلامهما.
•
وجوب غسل الثوب والبدن من البول ،(يغسل الثوب والبدن من البول مرّتين) على الأظهر الأشهر، بل عن ظاهر المعتبر الإجماع عليه.
(إذا علم موضع النجاسة غسل) خاصة بلا إشكال (وإن جهل) وكان محصورا (غسل كل ما يحصل فيه
الاشتباه ) وجوبا، وفي النجس بالأصالة، وفي الباقي من باب المقدمة، تحصيلا
للبراءة اليقينية الغير الحاصلة بغسل مقدار ما وقع عليه النجاسة بالضرورة، وإن احتمله بحسب القاعدة بعض الأجلة.
وإن هو إلّا غفلة واضحة.والأصل في الحكم بعد ذلك إجماع الطائفة وكثير من العامة المحكي عن
المعتبر والمنتهى والتذكرة،
وصرّح به جماعة.
والنصوص به مع ذلك مستفيضة، منها الصحيح : «تغسل ثوبك من الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك».
وفيه إشارة إلى ما مرّ إليه
الإشارة من القاعدة وردّ للقاعدة التي ادعاها بعض الأجلّة. ومنها يظهر عدم نجاسة الملاقي له ناقصا عن مقدار ما حصلت فيه النجاسة، وأنّ الأصل فيه الطهارة إلّا إذا لاقى الجميع، فيحكم بالنجاسة حينئذ بالضرورة.
(ولو نجس أحد الثوبين ولم يعلم عينه) وفقد غيرهما وتعذّر التطهير (صلّى الصلاة الواحدة في كل واحد) منهما على حدة ـ ناويا فيهما الوجوب ـ على الأظهر الأشهر بين الطائفة، لتمكنه معه من الثوب الطاهر
واستيفاء الشرائط، وللحسن : عن رجل كان معه ثوبان، فأصاب أحدهما بول ولا يدري أيهما هو، وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء، كيف يصنع؟ قال : «يصلّي فيهما جميعا».
(وقيل :) كما عن ابني إدريس وسعيد
(يطرحهما ويصلي عريانا) لوجوب الجزم عند
الافتتاح بكونها هي الصلاة الواجبة وهو منتف في كل منهما.وفيه : منع ذلك أوّلا. ثمَّ
إسقاطه فيما نحن فيه ثانيا، لمكان الضرورة، وليس بأولى من الستر والقيام واستيفاء الأفعال بل هي أولى، لكونها واجبات متعددة لا يعارضها الواجب الواحد البتة. ثمَّ النقض به في الصلاة عريانا ثالثا، لعدم الجزم عند الافتتاح بكونها الصلاة الواجبة، لاحتمال كونها ما ذكرناه، وليس يندفع إلّا على النص القاطع بكونها ما ذكره ولم نقف عليه. نعم جعله في
المبسوط رواية،
وهي ـ كما ترى ـ مرسلة غير مسندة، والقائل لا يعمل بالمسندة فضلا عن مثلها، ولذا لم يستند إليها في المسألة. ثمَّ على تقدير كونها مسندة لا تعارض الحسنة المتقدمة من وجوه متعددة أقواها
الاعتضاد بالشهرة العظيمة.
(إذا لاقى الكلب أو
الخنزير أو
الكافر ثوبا أو جسدا وهو رطب غسل موضع الملاقاة وجوبا) إجماعا نصا وفتوى، إلّا من الصدوق في كلب الصيد خاصة فأوجب الرش لملاقاته مع الرطوبة.
ولم نجد له دلالة مع أنه انعقد على خلافه في الظاهر إجماع الطائفة.(وإن كان) كل من الثلاثة حين الملاقاة (يابسا رشّ الثوب بالماء استحبابا) لا وجوبا، على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع عن المعتبر.
وبه مع الأصل يصرف الأمر في الصحيحين في الأوّلين إلى
الاستحباب ، ففي أحدهما : «إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله، وإن مسّه جافا فاصبب عليه الماء».
وفي الثاني : في الخنزير يمسّ الثوب، قال : «وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب (من) ثوبه إلّا أن يكون (فيه) أثر فيغسله» وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر..
ولم أقف للحكم في الثالث على نص إلّا أنه لا بأس بالمصير إليه،
للتسامح في مثله بما لا يتسامح في غيره.والحكم بالوجوب فيه وفي سابقيه مشكل وإن حكي عن الصدوق وابن حمزة والمفيد في المقنعة،
لما تقدمت إليه الإشارة، مضافا إلى كثرة ورود الأمر بالنضح في مواضع عديدة المحمول فيها على الاستحباب بإجماع الطائفة.ثمَّ مقتضى العبارة تبعا لظاهر الصحيحين اختصاص الحكم بالثوب خاصة. وهو كذلك، للأصل، وحرمة التعدية إلّا بدلالة واضحة هي في المقام مفقودة.
•
حكم الإعادة على من صلى في النجس ،يأتي هنا البحث عن أحكام
الإعادة والقضاء على من صلى في النجس عامدا أو نسيانا قبل الصلاة أو في أثناءها.
(المربية
للصبي إذا لم يكن لها إلّا ثوب واحد اجتزأت بغسله في اليوم والليلة مرة) على الأظهر الأشهر بين الطائفة، لرواية قصور سندها منجبر بالشهرة، وفيها : عن امرأة ليس لها إلّا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال : «تغسل القميص في اليوم مرة».
وبها يخص
الأصل والقاعدة.إلّا أن اللازم
الاقتصار على المتيقن من موردها، وهو الصبي خاصة، للشك في إرادة الصبية من المولود وإن كان مطلقا، لعدم التبادر، مع حصول الفرق بين بوليهما فيكتفي بالصب في بوله دونها. ولعلّه لذا اقتصر عليه في العبارة وكلام جماعة،
بل حكى عليه الأكثرية بعض الأجلّة.
وأظهر منه الاقتصار على البول خاصة، كيف لا؟! وهو عين مورد الرواية، لا يحتمل الغائط بحسب الحقيقة. واحتمال الإرادة مجازا محتاج إلى القرينة الصارفة، وليست. وعدم تعقل الفرق مدفوع بوجوده في الشريعة، للاكتفاء بالصبّ في البول خاصة.ونحوه الكلام في التعدي إلى المربي،
وذات الولدين،
والبدن،
وغير ذلك من التعديات،
التي ذهب إلى كل منها قائل، التفاتا إمّا إلى عدم تعقل الفرق، أو إلى
الاشتراك في وجه الحكمة، وهو المشقة بتكرار الغسل والإزالة.
والمناقشة فيهما واضحة :
أمّا في الأول فقد تقدّمت إليه الإشارة، مضافا إلى عدم الملازمة بين عدم التعقل وعدم الفرق، كيف لا؟! وأحكام الشرع تعبدية مبنية على جمع المختلفات وتفريق المتماثلات.وأما في الثاني فلأنه علة مستنبطة، ولا ريب في التعدية مع حصولها، كيف لا؟! ولا عسر ولا حرج في الشريعة، ولكن تتقدّر الرخصة بقدرها، ولا دخل لها بمورد الرواية ولا خصوص اليوم والليلة، ولا معنى حينئذ للتعدية، وإنما الكلام في التعدية مع عدمها
وإثبات الحكم في الرواية لما عدا موردها، وليس فيما ذكر عليه دلالة.ثمَّ إن إطلاق العبارة والرواية يقتضي جواز
الإتيان بالغسل مرة في أيّ وقت شاء من يوم أو ليلة.إلّا أن المصرّح به في كلام جماعة
أفضلية الإتيان به في آخر النهار، مقدّمة له على الظهر، آتية بعده بالأربع صلوات طاهرات.ولا ريب فيها، بل ربما احتمل الوجوب.
ويدفعه إطلاق النص وكلام الأصحاب، إلّا أنه أحوط.
(من لم يتمكن من تطهير ثوبه) ولا تبديله (ألقاه وصلّى عريانا) وجوبا عينيا على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع عن الخلاف،
وهو الحجة فيه، كروايات ثلاث
منجبر قصور أسانيدها بالشهرة العظيمة، بل وإجماع الطائفة عليها في الجملة، فإنهم ما بين موجب للعمل بها، ومخيّر بينه وبين ما يأتي من الصحاح، ويستفاد من ذلك الإجماع على الرضا بالعمل بها، وقد صرّح به شيخنا في المنتهى.
مع أن فيها الموثق : عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه إلّا ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء، كيف يصنع؟ قال : «يتيمم ويصلي عريانا قاعدا ويومئ».
خلافا لمن شذّ ممن تأخر،
فأوجب العمل بما في الصحاح المستفيضة :
منها : عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كلّه، أيصلّي فيه أو يصلّي عريانا؟ فقال : «إن وجد ماء غسله، وإن لم يجد ماء صلّى فيه ولم يصلّ عريانا».
التفاتا إلى عدم مقاومة ما مرّ من الأخبار لها سندا وعددا واعتبارا، من حيث أوفقية هذه بالمرجحات للصلاة في الثوب على الصلاة عريانا
بالاشتمال على الستر والقيام واستيفاء الأفعال.
وفيه نظر : فإنّ شيئا من ذلك لا يكافئ الشهرة المعتضدة بالإجماع المحكي بل الحقيقي، كما عرفت وادّعي، ولذا لم يجرأ في «ش» و «ل» : لم يجسر.جماعة ممّن ديدنهم طرح الأخبار القاصرة الأسانيد وقصرهم العمل بالصحيح على طرح تلك والأخذ بهذه، وحاولوا الجمع بينهما بالعمل بالتخيير.
وهو حسن لو تساويا في الرجحان، وهو محل كلام، سيّما مع قصور الأخيرة عن الصراحة، وإنما غايتها
الإطلاق ، ويحتمل الحمل على الضرورة، كما هو الغالب، وقد ارتكبه شيخ الطائفة.وكيف كان : فالأحوط الجمع بينهما في العمل إن أمكن، وإلّا فيتعين الأول.
(و) أما (لو منعه مانع) من التعرّي من برد ونحوه (صلّى فيه) قولا واحدا، عملا بإطلاق الصحاح المتقدمة الشاملة لهذه الصورة بالضرورة، والتفاتا إلى خصوص الرواية : عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس معه ثوب غيره، قال : «يصلّي فيه إذا اضطرّ إليه».
(و) لكن (في الإعادة) مع التمكن من الطهارة (قولان، أشبههما أنه لا إعادة) وهو الأشهر بين الطائفة، استنادا إلى
أصالة البراءة وظواهر الصحاح المتقدمة الواردة في مقام الحاجة، مع تضمن بعضها
الأمر بغسل الثوب خاصة بعد زوال الضرورة، من دون تعرض لإعادة الصلاة بالمرة.خلافا للنهاية وجماعة ونسبه في
المدارك إلى جمع من الأصحاب.
فأوجبوها، للموثق : عن رجل ليس معه إلّا ثوب ولا تحلّ الصلاة فيه ولا يجد ماء يغسله، كيف يصنع؟ قال : «يتيمم ويصلّي، فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة».
وهو أحوط.
•
حكم المطهرات ،هنا يأتي البحث عن مطهرات وأحكامها ورفع النجاسة بالمطهرات.
رياض المسائل، ج۲، ص۹۵-۱۴۱.