هدي القران
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولو هلك هدي القران قبل
الذبح أو النحر لم يُقم بدله. ولو كان مضموناً لزمه
البدل ولو عجز عن الوصول نحره أو ذبحه وأعلمه ولا يتعيّن هدي السياق في حج أو عمرة للصدقة إلاّ بالنذر
•
موضع ذبح هدي القران، يجب ذبحه أو نحره بمنى إن قرنه بالحج ، وبمكّة إن قرنه بالعمرة، وأفضل مكّة فناء
الكعبة بالحَزْوَرة.
(ولو هلك) قبل
الذبح أو النحر (لم يُقم بدله. ولو كان مضموناً) أي واجباً بالأصالة لا بالسباق، وجوباً مطلقاً لا مخصوصاً بفرد كالكفارة والنذر (لزمه
البدل ) بلا خلاف أجده، وبه صرّح بعض.
للأصل من غير معارض في الأول؛ وللصحاح وغيرها فيه وفي الثاني، ففي الصحيح : عن
الهدي الذي يقلّد أو يشعر ثم يعطب، قال : «إن كان تطوعاً فليس عليه غيره، وإن كان جزاءً أو نذراً فعليه بدله».
وصريحه كغيره،
كظاهر الماتن وغيره وصريح
الدروس والتذكرة كما في الذخيرة
: أن هدي السياق لا يشترط فيه أن يكون متبرعاً به
ابتداءً ، بل لو كان مستحقاً كالنذر والكفارة تأدّت به وظيفة السياق. قيل : وعبارة الأصحاب كالصريحة في ذلك،
فلا ضرورة إلى التأويل في العبارة بجعل الضمير المستكن في «كان» عائداً إلى مطلق الهدي، وكون إدخاله في باب هدي القران من باب
الاستطراد ، مع أن الظاهر المتبادر منها عود الضمير إلى هدي السياق.
وأما ما ينافي الحكم الثاني كالمرسل : «كل شيء إذا دخل الحرم فعطب فلا يدل على صاحبه تطوعاً أو غيره»
فلضعف سنده وعدم ظهور قائل به محمول على العجز عن البدل، أو عطب غير الموت كالكسر، أو تعلّق الوجوب بالعين فإنه لا بدل فيه كما صرّح بعض المحدّثين. فقال في شرح الحديث المتقدم بعد قوله : «إن كان جزاءً أو نذراً» : ينبغي حمل
النذر فيه على النذر المطلق؛ فإنه إذا تلف هنا رجع إلى الذمة. أما لو كان نذراً معيّناً بهذه
البدنة يكون حينئذ قد زال ملكه عنها وتكون في يده أمانه للمساكين كالوديعة لا تضمن إلاّ بالتعدي والتفريط، وهذان القسمان على ما حرّرنا مما ادّعي عليهما
الإجماع . انتهى. وهو حسن، وبه صرّح جمع.
(ولو عجز عن الوصول) إلى محلّه الذي يجب ذبحه فيه (نحره أو ذبحه) وصرفه في وجوهه في موضع عجزه. (و) لو لم يوجد فيه مستحق (أعلمه) علامة التذكية و
الصدقة بأن يغمس نعله في دمه ويضرب بها صفحة سنامه، أو يكتب رقعة ويضعها عنده تؤذن بأنه هدي، ويجوز التعويل عليها هنا في الحكم بالتذكية و
الإباحة بلا خلاف أجده؛ للمعتبرة المستفيضة :
ففي الصحيح : رجل ساق الهدي، فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه ولا يعلم أن هدي، قال : «ينحره ويكتب كتاباً أنه هدي ويضعه عليه ليعلم من مرّ به أنه صدقة».
وفيه : «أيّ رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها أو عرض لها موت أو هلاك فلينحرها إن قدر على ذلك، ثم ليطلخ نعلها الذي قلّدت به بدمه حتى يعلم من يمرّ بها أنها قد ذكّيت فيأكل من لحمها إن أراد».
وظاهرها عدم وجوب
الإقامة عنده إلى أن يوجد المستحق وإن أمكنت، وبه صرّح جماعة.
•
كسر هدي القران، ولو أصابه كسر جاز بيعه و
الصدقة بثمنه أو
إقامة بدله.
(ولا يتعيّن) هدي السياق في حج أو عمرة (للصدقة إلاّ بالنذر) وما في معناه؛ لما مرّ من المعتبرة الآمرة بتثليثه في
الأكل والهدية والصدقة. لكن مقتضاه وجوبه كما عن الحلّي، والموجود في
السرائر ما قدّمناه في هدي التمتع،
نعم التثليث ظاهر الدروس بل صريحه وتبعه جماعة.
ومقتضى العبارة وما شاكله أن الواجب فيه هو النحر أو الذبح خاصة، فإذا فعل ذلك صنع به ما شاء إن لم يكن منذوراً للصدقة؛ ولعلّ وجهه
الأصل مع ما قدّمناه ثمّة من صرف الأوامر بالتثليث في الآية والمعتبرة إلى
الاستحباب ، كما هو المشهور هنا وثمة، وهو الأقوى. ونبّه بقوله : (وإن أشعره أو قلّده) إلى أنّ بهما لا يتعين للصدقة، وإنما الواجب بهما نحره أو ذبحه خاصة. وأما قبلهما فله التصرف فيه بما شاء وإبداله؛ فإنه ماله، كما في الصحيح : «إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها وإن شاء باعها، وإن كان أشعرها نحرها».
•
حكم الهدي الضال، ولو ضلّ فذبحه عن صاحبه أجزأ،
ولو ضلّ فأقام بدله ثم وجده ذبحه،
فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول.
(ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضرّ) به أو (بولده) بلا خلاف في الهدي المتبرع به، بل عليه الوفاق في المدارك،
وفي غيره الإجماع مطلقاً إلاّ من
الإسكافي في الواجب.
أقول : وتبعه الفاضل في المختلف وغيره،
وعن
المنتهى الإجماع على المستثنى.
فإن تمّ وإلاّ كما هو الظاهر، لإطلاق المتن وكلام كثير فالوجه عدم الفرق في الحكم بين الواجب والمتبرع به؛ لإطلاق النص كالصحيح : «إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لم يضرّ بولدها ثم انحرهما جميعاً» قلت : أشرب من لبنها وأسقي؟ قال : «نعم» وقال : «إنّ علياً عليه السلام كان إذا رأى ناساً يمشون وقد جهدهم المشي حملهم على بُدنِه وقال : إن ضلّت راحلة الرجل أو هلكت ومعه هدي فليركب على هديه».
ونحوه أخبار أُخر صحيحة.
نعم، يمكن القول بذلك في الواجب المعيّن؛ لخروجه عن الملك فيتبعه النماء، مع عدم معلومية
انصراف إطلاق النصوص إليه مع احتماله أيضاً فيشكل. أما الواجب المطلق كدم التمتع وجزاء الصيد والنذر الغير المعيّن فالأجود فيه العمل بالإطلاق وإن كان الأحوط فيه وفي النذر المعيّن المنع، فإن فعل غرم قيمة ما يشرب من لبنها لمساكين الحرم.
وأما الخبر : ما بال البدنة تقلّد النعل وتشعر؟ فقال عليه السلام: «أما النعل فيعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله، وأما
الإشعار فيحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها فلا يستطيع الشيطان أن يتسنّمها»
فمحمول على الكراهة. قيل : أو الجواز على الضرورة أو غير المتعين.
وفي قوله : أو بولده،
إشارة إلى أن الهدي إذا نتجت فالولد هدي، كما عن النهاية والمبسوط والتهذيب والسرائر والجامع،
ونصّ عليه ما مرّ من الأخبار. ويؤيده
الاعتبار إذا كان موجوداً حال السياق مقصوداً بالسوق أو متجدداً بعده مطلقاً. أما لو كان موجوداً حال السياق ولم يقصد بالسوق لم يجب ذبحه قطعاً، كذا قيل،
ولكن النص مطلق إلاّ أن يمنع انصرافه إلى الأخير.
•
حكم جلود الهدي، ولا معطي الجزّار من
الهدي الواجب كالكفّارات والنذور ولا يأخذ الناذر من جلودها.
•
حكم الأكل من الهدي، ولا يجوز أن يأكل منها، فإن أخذ وأكل ضمنه
ويستثنى من هذه الكلية
هدي التمتع ، فإنه هدي واجب والأكل منه واجب أو مستحب.
(ومن نذر بدنة فإن عيّن موضع
النحر تعيّن بلا إشكال، وإلاّ نحرها بمكة) مطلقاً سواء كان المنذور هدياً وفي طريق الحج أم لا، على ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا وفي الشرائع والقواعد وعن النهاية والمبسوط والسرائر،
والخبر : عن رجل جعل لله تعالى بدنة ينحرها _ بالكوفة في شكر، فقال لي : عليه أن ينحرها _حيث جعل لله تعالى عليه، وإن لم يكن سمّى بلداً فإنه ينحرها قبالة الكعبة منحر البُدن»
وفي سنده جهالة.
ومقتضى الأُصول جواز النحر حيث شاء، كما أستوجهه بعض متأخري الأصحاب.
لكن قيل : إن الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب. فإن تمّ إجماعاً كما عن الخلاف،
أو شهرةً جابرةً، وإلاّ فالأخذ بمقتضى الأُصول أقوى، وتقييد الرواية ونحو العبارة بما إذا نذر في طريق
الحج كما عن جماعة، أو نذر الهدي خاصة كما عن
ابن زهرة أن عبّر به مدّعياً على الحكم الإجماع.
وينبغي أن يقيّد الحكم بما إذا لم يكن هناك فرد ينصرف إليه الإطلاق، وإلاّ فلا يجب النحر بمكة حيث لا يكون هو الفرد المنصرف إليه
الإطلاق بلا إشكال.
رياض المسائل، ج۶، ص۴۵۱- ۴۶۶.