الأسير (حقوقه في الإسلام)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابه انظر
الأسير (توضيح) .
حثّ
الإسلام على حسن
التعامل مع
الأسير والرفق به
والإحسان إليه وحفظ
كرامته ، وذلك يعرف من خلال الموارد التالية:
تقدّم أنّ
الفقه الإسلامي حفظ للأسير حقّه، وجعل أمره بيد
الإمام ، ولم يحكم عليه بالقتل لو اسر بعد
انتهاء الحرب على المشهور، وكذلك ضمن فئات من الناس تحسب على المدنيّين من القتل
والاعتداء ، فحقّ الحياة ثابت للأسير في الإسلام، إلّا في بعض الموارد المحدودة، وقد اتّضح ذلك كلّه ممّا تقدّم.
صرّح غير واحد من الفقهاء بوجوب
إطعام الأسير وسقيه وإن كان محكوماً بالقتل،
بل نفى بعضهم الخلاف فيه.
حيث قال: «ولعلّ دليل وجوب إطعام الأسير.هو الإجماع».واستدلّوا له بما روي عن
علي عليه السلام أنّه قال: «إطعام الأسير
والإحسان إليه حقّ
واجب وإن قتلته من الغد».
وبصحيح
زرارة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إطعام الأسير حقّ على من أسره وإن كان يراد من الغد قتله، فإنّه ينبغي أن يُطعم ويُسقى ويُرفق به، كافراً كان أو غيره».
لكن هناك من حمل هذا النوع من الروايات على
الاستحباب ، خصوصاً خبر
أبي بصير الوارد في تفسير قوله سبحانه وتعالى: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً»
المنساق للمدح، ولأنّ المشرك لا حرمة له؛ لكونه شرّ الدوابّ.نعم، قال
المحقّق النجفي : «قد يقال بإطعامه لبقاء حياته حتى يصل إلى الإمام عليه السلام».
لابدّ من توفير المسكن للأسير باعتباره من مستلزمات
الحياة والحقوق الأوّليّة لكلّ
إنسان ، فقد كان يؤتى بالأسير
لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول: «أحسن إليه»، فيكون عنده اليومين والثلاثة.
وقد ورد الحثّ على
إظلاله كناية عن
إسكانه ،
ففي رواية
جرّاح المدائني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «... ينبغي أن يُطعم ويُسقى ويُظلّ ويرفق به، كافراً كان أو غيره».
وربما يشمله عنوان (الرفق) الوارد في صحيح زرارة المتقدّم.ومع عدم وجود مكان لدى المسلمين يوضع في
المسجد ،
أو يخصّص
الحاكم لهم مكاناً يأويهم؛ حيث لا خصوصية للمسجد في النصوص والفتاوى.
إنّ مقتضى الإحسان
والرفق بالأسير القيام بمداواته
ومعالجة جراحه، وقد فعل ذلك
أمير المؤمنين عليه السلام بجرحى
الخوارج حيث أمر
بإدخال أربعين مجروحاً منهم إلى
الكوفة ، وأمر بمداواتهم، ثمّ قال لهم:«الحقوا بأيّ البلاد شئتم».
ذكرت بعض الروايات التي استعرضناها عند الحديث عن حقّ الغذاء والطعام أنّ الرفق بالأسير حقّ واجب، وهو عنوان يشمل مطلق أنواع المعاملات الحسنة معه، والرأفة به والرحمة، وعدم ممارسة العنف ضدّه إلّابحقّ وموجب.
حرص الإسلام على
مراعاة الجانب العاطفي للأسرى وعدم جرح عواطفهم وأحاسيسهم، فقد نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن تساق المرأة المسبيّة على طريق ترى فيه جثث أعزّائها،
حيث ورد: أنّه لما افتتح القموص
حصن ابن أبي الحقيق اتي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بصفيّة
بنت حيّ بن أخطب ، وباخرى معها، فمرّ بهما بلال- وهو الذي جاء بهما- على قتلى من قتلى
اليهود ، فلمّا رأتهم التي معها صفيّة صاحت وصكّت وجهها، وحثت
التراب على رأسها... وقال صلى الله عليه وآله وسلم
لبلال لمّا رأى من تلك اليهودية ما رأى: «أنزعت منك الرحمة يا بلال، حيث تمرّ بامرأتين على قتلى رجالهما؟!»،
ممّا يعني لزوم مراعاة الجانب العاطفي للأسرى، والمنع من
إثارة أحاسيسهم.
من هنا ذهب المشهور
إلى عدم جواز التفريق بين الأطفال وامّهاتهم ببيع وغيره قبل
استغنائهم عنهم،
بل ادّعي عليه
الإجماع ؛
وذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من فرّق بين والدة وولدها فرّق اللَّه بينه وبين أحبّائه في الجنّة».
ومن الروايات الواردة في هذا المجال صحيح
معاوية بن عمّار ، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «اتي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بسبي من اليمن، فلمّا بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم، فباعوا جارية من السبي كانت امّها معهم، فلمّا قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع بكاءها، فقال: ما هذه؟ قالوا: يا رسول اللَّه، احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها، فبعث بثمنها فاتي بها، وقال: بيعوهما جميعاً أو أمسكوهما جميعاً».
ومنها: موثّق
سماعة ، قال: سألته عن
أخوين مملوكين هل يفرّق بينهما وبين المرأة وولدها؟ فقال عليه السلام: «لا، هو
حرام إلّا أن يريدوا ذلك».
قال: «دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم».
ومنها: صحيح
ابن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: في الرجل يشتري
الغلام أو
الجارية وله أخ أو اخت أو أب أو امّ بمصر من الأمصار، قال: «لا يخرجه إلى مصر آخر إن كان صغيراً، ولا يشتريه، وإن كان له امّ فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت».
وذكر بعضهم أنّ الأخبار غير صريحة في التحريم،
وإنّما يراد بأمثالها
الكراهة ، خصوصاً مع عدم تقييد جواز
التفريق بالاستغناء في موثّقة سماعة،
وتقييده به في روايات اخرى ممّا يعني عدم وجوب
الالتزام به وعدم دلالتها على حرمة التفريق.ولو فرض دلالتها عليه- ولو من باب حمل المطلق على المقيّد- فإنّ مقتضى الجمع بينها وبين ما دلّ على الجواز- من الأصل والإجماع
والعقل،
وعموم تسلّط الناس على أموالهم
- هو الحكم بالكراهة؛
ولعلّه لذلك ترك جماعة
الإفتاء بالتحريم واختاروا الكراهة.
ومن الروايات الواردة في هذا المجال صحيح معاوية بن عمّار، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «اتي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بسبي من
اليمن، فلمّا بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم، فباعوا جارية من السبي كانت امّها معهم، فلمّا قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع بكاءها، فقال: ما هذه؟ قالوا: يا رسول اللَّه، احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها، فبعث بثمنها فاتي بها، وقال: بيعوهما جميعاً أو أمسكوهما جميعاً».
ومنها: موثّق سماعة، قال: سألته عن أخوين مملوكين هل يفرّق بينهما وبين المرأة وولدها؟ فقال عليه السلام: «لا، هو حرام إلّا أن يريدوا ذلك».
قال: «دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم».
ومنها: صحيح ابن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: في الرجل يشتري الغلام أو الجارية وله أخ أو اخت أو أب أو امّ بمصر من الأمصار، قال: «لا يخرجه إلى
مصر آخر إن كان صغيراً، ولا يشتريه، وإن كان له امّ فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت».
وذكر بعضهم أنّ الأخبار غير صريحة في التحريم،
وإنّما يراد بأمثالها الكراهة، خصوصاً مع عدم تقييد جواز
التفريق بالاستغناء في موثّقة سماعة،
وتقييده به في روايات اخرى ممّا يعني عدم وجوب الالتزام به وعدم دلالتها على حرمة التفريق.ولو فرض دلالتها عليه- ولو من باب حمل المطلق على المقيّد- فإنّ مقتضى الجمع بينها وبين ما دلّ على الجواز- من
الأصل والإجماع والعقل،
وعموم تسلّط الناس على أموالهم
- هو الحكم بالكراهة؛
ولعلّه لذلك ترك جماعة الإفتاء بالتحريم واختاروا الكراهة.
هذا بالنسبة للُامّ
وولدها ، وأمّا غير الامّ من الأرحام الذين تربطهم بالطفل علاقة عاطفيّة- كالأب
والاخت والأخ- فقد ذهب بعضهم إلى شمول الحكم لهم؛ لعدم اختصاص الحكم المذكور بالامّ»، بينما ذهب أكثر من قال بحرمة التفريق بين الامّ وولدها أو كراهته إلى اختصاص الحكم المذكور بالامّ
وقد وردت بعض الروايات الدالّة على
الاهتمام بأهل الحشمة والشرف وحفظ حرمتهم، فقد جاء عن
الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: «لمّا قدمت ابنة
يزدجرد بن شهريار- آخر ملوك الفرس وخاتمتهم- على عمر وادخلت المدينة، استشرفت لها عذارى المدينة، وأشرق المجلس بضوء وجهها، ورأت عمر فقالت: آه بيروز باد
هرمز، فغضب عمر وقال: شتمتني هذه العلجة، وهمّ بها، فقال له علي عليه السلام: ليس لك
إنكار على ما لا تعلمه، فأمر أن ينادى عليها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يجوز بيع بنات الملوك وإن كنّ كافرات، ولكن اعرض عليها أن تختار رجلًا من المسلمين حتى تتزوّج منه، وتحسب صداقها عليه من
عطائه من بيت المال يقوم مقام الثمن، فقال عمر:أفعل...».
لا يجوز قتل الأسير بعد إعطائه
الأمان،
بل ادّعي عدم الخلاف فيه.
نعم، لو عقد الحربي الأمان لنفسه قبل الأسر على أن يسكن في دار لكنّه نقض الشرط والتحق بدار الحرب للاستيطان، انتقض الأمان لنفسه، فلو اسر بعد ذلك كان الإمام بالخيار بين المنّ والفداء والقتل والاسترقاق؛ تبعاً للأحكام والحالات المتقدّمة.
سَلَب الأسير لا يكون لمن أسره، سواء قتله الإمام أم لم يقتله؛
لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل السلب للقاتل، وليس الآسر بقاتل.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۱۳۴-۱۳۸.