الإدغام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو بمعنى
الإدخال الشيء في الشي ء ومزجهما.
الإدغام- وزان إفعال-
مصدر ادغم، معناه
إدخال الشيء في الشيء
يقال:أدغمه اللَّه أي أدخله القبر،
وأدغمت
الفرسَ اللجامَ إذا أدخلته في فيه،
واستعمل
مجازاً في إدغام
الحروف والكلمات ببعضها بمعنى إدخال بعضها في بعض ليفيد معنى
الدمج والإدراج.
والادّغام-
بتشديد الدال- بمعنى الإدغام
بتخفيفها، يقال: أدغمت الحرف، وادَّغمته على افتعلته.
والإدغام
باصطلاح علماء الصرف والتجويد هو
التلفّظ بحرفين حرفاً كالثاني، مشدّداً،
وبتعبير آخر هو رفعك
اللسان بالحرفين رفعة واحدة، ووضعك إيّاه بهما
موضعاً واحداً.
والفقهاء استعملوا الإدغام في معناه عند
أهل اللغة والتجويد، وليس لهم فيه
اصطلاح خاصّ به، ولم تتعدّ موارد
استعمالهم له
حدود الإدغام في اللفظ.
نعم، قد يطلق الإدغام في كلماتهم أحياناً على
إسقاط بعض الحروف من التلفّظ، وعدم
إظهارها أصلًا فيه، وحمل بعض ما في
الروايات عليه،
كما حمل على حالة
المسارعة في التلفّظ بالحروف بما يؤدّي إلى دمجها واتّصالها. لكنّ الظاهر
رجوعهما إلى
المعنى اللغوي؛ لأنّه دمج لبعض الكلمات ببعض.
وهو في
القراءة يقابل الإدغام
تقابل الضدّين؛ لأنّه يستدعي
إخراج كلّ حرف من مخرجه من غير
غُنّة،
والإدغام يستدعي
إدراج حرف بحرف آخر أو إسقاطه.
وهو في القراءة حالة
وسط بين الإدغام
والإظهار مع مراعاة الغُنّة،
فهو يقارب الإدغام لتقارب مخارج الحروف فيه، لكن لا يجعلها حرفاً واحداً كما في الإدغام.
وهو في القراءة
إبدال حرف بحرفٍ آخر يلتقي معه مخرجاً مع
مراعاة الغُنّة
مثل (أنبئهم) و (من بعدهم)، وهو يشابه الإدغام من جهة أنّه يقارب بين مخارج الحروف وإن لم يدخل أحدهما بالآخر.
وهو في
اللغة بمعنى
التبيين، ويقابله
الإعجام والإدغام ببعض معانيه أيضاً.
وهو ما كان الحرف الأوّل من الحرفين
المتماثلين أو
المتجانسين أو
المتقاربين متحرّكاً،
فيسكن ثمّ يدغم في الحرف الثاني،
والمراد بالمتماثلين
اتّفاق الحرفين مخرجاً وصفةً من قبيل (الكتاب بالحقّ) (والناس سكارى)، والمراد بالمتجانسين ما اتّفقا مخرجاً واختلفا صفةً نحو (يعذّب من يشاء)، والمراد بالمتقاربين ما تقاربا مخرجاً وصفةً
نحو (حيث شئتما).
وسمّي كبيراً لكثرة
وقوعه؛ إذ
الحركة أكثر من
السكون، وقيل: لتأثيره إسكان المتحرّك قبل إدغامه، وقيل: لما فيه من
الصعوبة، وقيل: لشموله نوعي المثلين والجنسين والمتقاربين.
وقيل: لأنّ فيه عملين وهما الإسكان والإدراج، خلافاً للإدغام
الصغير الذي يقتضي عملًا واحداً هو الإدراج فقط.
وهو أن يكون أوّل الحرفين ساكناً
أصلًا فيندرج في الثاني المتحرّك، سواء أ كان الحرفان متماثلين نحو (هل لك)، أم متقاربين نحو (من ربّك).
تترتّب على الإدغام بعض
الأحكام التكليفيّة بسبب عروض بعض
العناوين الاخرى عليه، كعروض
الوجوب له بسبب
وقوعه جزءاً في القراءة، وعروض
الحرمة له بسبب بطلان
العبادة به- بناءً على أنّ فعله في غير موضعه
وتركه في موضعه مبطلان للعبادة المشروطة ببعض الألفاظ، وبناءً على حرمة إبطال العبادة عموماً أو في خصوص بعض العبادات- وعروض
الكراهة له بسبب منافاته؛ لما دلّ على
استحباب تحسين
الصوت في قراءة
القرآن.
قال
الشيخ الطوسي في ذلك: «فأمّا من قرأ (القرآن)
بالألحان نظرت، فإن كان يبيّن الحروف ولا يدغم بعضها في بعض فهو مستحبّ، وإن كان يدغم بعض الحروف في بعض ولا يفهم ما يقول، كره ذلك».
نعم، الإدغام بمعنى إسقاط بعض حروف ألفاظ العبادات أو بمعنى المسارعة وعدم
التأنّي فيها أو في بعض الأعمال قد يكون مكروهاً أو مستحبّاً تركه عند بعض الفقهاء بناءً على عدم إبطال ذلك للعبادة.
قال
ابن إدريس الحلّي في
الأذان والإقامة: «وينبغي أن يفصح فيهما بالحروف، وبالهاء في
الشهادتين، والمراد بالهاء هاء إله... لأنّ بعض الناس ربّما أدغم الهاء في لا إله إلّا اللَّه...».
وقال
العلّامة الحلّي: «ويستحبّ له (المؤذّن) أن يظهر الهاء في لفظتي (اللَّه) و (الصلاة)... لما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «لا يؤذّن لكم من يدغم الهاء»،
قلنا: وكيف يقول؟ قال: «يقول: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه..»».
وقال أيضاً: «يكره أذان اللاحن...
ولا يسقط الهاء من اسمه تعالى، واسم
الصلاة، ولا الحاء من الفلاح، قال عليه السلام: «لا يؤذّن لكم من يدغم الهاء...».
وقال
الشهيد الأوّل: «يستحبّ التأنّي في الأذان... لقول
الباقر عليه السلام: «الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء، والإقامة حدر».
قلت: الظاهر أنّه ألف (اللَّه) الأخيرة غير المكتوبة، وهاؤه في آخر الشهادتين. وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يؤذّن...»، وكذا الألف والهاء في الصلاة من (حيّ على الصلاة)».
وقال
المحقّق النراقي في مستحبّات الأذان والإقامة: «ومنها:
الإفصاح بالألف والهاء... والظاهر أنّ المراد بالألف والهاء- كما صرّح به في
البحار... - كلّ ألف وهمزة وهاء؛ لإطلاق الأخبار... وإدغام كثير من الناس أو إدراجهم في البعض جارٍ في البواقي أيضاً...».
وقال
المحقّق الهمداني فيها أيضاً:
«والثاني: أن يقف على أواخر
الفصول في كلّ من الأذان والإقامة... قال
أبو جعفر عليه السلام: «الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء...»... ثمّ إنّ المراد بالألف والهاء المأمور بإفصاحهما في هذه الرواية...يحتمل أن يكون مطلق الألف والهاء
الواقعتين في الأذان وتخصيص الحرفين بذلك؛ لوقوع
اللبس والإدغام فيهما
غالباً».
وقد عدّ بعض الفقهاء ترك الإدغام الكبير من
سنن القراءة في الصلاة أيضاً.
قال الشهيد الأوّل: «من سنن القراءة... ترك الإدغام الكبير في الصلاة».
لكن بعض هذه الكلمات قد تكون له
علاقة بالإدغام، من
جهة أنّ فيه
تقليلًا لعدد الحروف المتلفّظ بها فيقلّ
الأجر تبعاً لذلك، فالمكروه هو ذلك
العنوان لا خصوص الإدغام.
قال
بهاء الدين العاملي معلّقاً على عبارة الشهيد الأخيرة: «العاشر (من التروك المستحبّة في الصلاة): ترك الإدغام الكبير، فإنّ الحرف الواحد في الصلاة
قائماً بمائة
حسنة،
وقاعداً بخمسين كما في
الخبر».
بل سيأتي أنّ
جملة من الفقهاء عدّ ذلك في شروط صحّة العمل، لا من مستحبّاته أو مكروهاته أو سننه، ودليلهم فيما يذكرونه
الأدلّة المذكورة هنا حيث يحملون
النهي الوارد في الروايات المتقدّمة على
الإرشاد إلى البطلان لا على
النهي التكليفي. إلّا أن يكون ذلك من جملة القراءات المعتبرة فيكون النهي
تنزيهيّاً حينئذٍ.
الموسوعة الفقهية ج۸، ص۵۸-۶۸.