فهو مرادف للاقتصاد .
وقيل: الاعتدال توسّط حال بين حالين في كمّ أو كيف ، كقولهم: جسم معتدل بين الطول و القصر ، وماء معتدل بين البارد و الحارّ ، ويوم معتدل طيّبالهواء ، وكلّ ما تناسب فقد اعتدل، وكلّ ما أقمته فقد عدلته.
قام بناء الشريعة و الأخلاقالإسلامية على الاعتدال بين الإفراط و التفريط ، فالجبن قبيح و التهوّر كذلك، فيما الشجاعة التي تمثّل الوسط بينهما ممدوحة ، ولهذا لا نجد في الفقه الإسلامي أحكاماً تجانب الطريق الوسط الذي يراعي تمام الامور على المستوى المادّي والمعنوي وغيرهما.
وعلى أيّة حال، فهناك بعض الموارد الفقهية اخذ فيها الاعتدال بمعنى التوسّط بين حالتين، وهي كالتالي:
وقد وردت روايات عديدة ترغّب في الاقتصاد ، وتنهى عن الإفراط والتفريط في المعيشة:
منها: ما رواه سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال: «من علامات المؤمن ثلاث: حسن التقدير في المعيشة، و الصبر على النائبة ، و التفقّه في الدين »، وقال: «ما خير في رجل لا يقتصد في معيشته، ما يصلح لا لدنياه ولا لآخرته».
وهي الالتزام بما دان به قولًا وفعلًا و اعتقاداً ، بمعنى عدم الانحراف عن جادّة الشرعيميناً و شمالًا و البقاء عليها- سواء كان في أمر من الامور الاعتقادية، أم في حكم من الأحكام ، أم في أمر أخلاقي - ومراعاة ما عيّنه الشارع لنظم امور الدنيا و الآخرة للإنسان.
ولا فرق في الانحراف عن الدين- وهو الصراط المستقيم الذي لا يمكن ولا يعقل أن يكون أكثر من واحد؛ لأنّه أقصر مسافة بين المبدأ و المعاد - أن يكون بالإفراط أو التفريط، سواء كان كثيراً أم لا وإن اختلف شدّة وضعفاً، عذاباً وعفواً. وهذا هو الأساس و الركن .
وقد حثّ الشارع المقدّس على الاستقامة في الدين بقوله: «فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ »،
ومعناه: فما داموا باقين معكم على الطريقة المستقيمة- أي عدم نكث العهد و الغدر بكم- فكونوا باقين على العهد بينكم معهم، فجعل اللَّه تبارك وتعالى الوفاء بالعهد وعدم نكثه طريقة مستقيمة كانت من التقوى .
وقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ».
اعتبر الفقهاء في العدالة الاستقامة في الدين بأن يكون اعتناء الشخص بدينه وخوفه من المعصية بالغاً إلى حدّ يبعثه في العادة على الخروج عن عهدة تكاليفه الشرعية.