وظيفة المستحاضة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
حيث إنّ
الاستحاضة على ثلاثة أقسام(قليلة ومتوسّطة وكثيرة) قد يختلف بعضها عن الآخر في بعض الأحكام يجب على المستحاضة الاختبار ومعرفة أنواعها حتى عملت بما وجب عليها.
•
حكم الاستحاضة القليلة، يجب على المستحاضة بالاستحاضة القليلة أمران: الأوّل- تبديل القطنة لكلّ صلاة، الثاني- الوضوء لكل صلاة.
•
حكم الاستحاضة المتوسطة، للفقهاء تعبيرات مختلفة في تعريف
الاستحاضة المتوسّطة كما تقدّم، ومن جملتها أنّها بمعنى غمس الدم في القطنة وعدم سيلانه من الخرقة إلى خارجها، وقد صرّح بعضهم هنا بكفاية الغمس في بعض أطرافها، ولا يعتبر الغمس في جميع أطرافها؛ وذلك لإطلاق الأدلّة.
•
حكم الاستحاضة الكثيرة، يجب على المستحاضة بالاستحاضة الكثيرة امور: الأوّل- تبديل القطنة لكلّ صلاة أو تطهيرها، الثاني- تبديل الخرقة أو تطهيرها، الثالث- الوضوء لكلّ صلاة، الرابع- الإتيان بثلاثة أغسال.
•
معرفة نوع الاستحاضة، حيث إنّ
الاستحاضة على ثلاثة أقسام قد يختلف بعضها عن الآخر في بعض الأحكام يجب على المستحاضة
اختبار حالها بإدخال القطنة في الموضع، والصبر عليها بالمقدار المتعارف لتعرف نوع استحاضتها وتعمل بوظيفتها الخاصّة كما صرّح بذلك جملة من الفقهاء.
•
الاستظهار في الاستحاضة، يجب
الاستظهار(المنع من خروج الدم) على المستحاضة، وهو بمعنى التحفّظ من خروج الدم مع
الأمن من الضرر، وذلك بحشو الفرج بقطنة أو غيرها وشدّها بخرقةٍ، فإن احتبس فهو، وإلّا فبالاستثفار، وهو أن تشدّ وسطها بتكّة مثلًا وتأخذ خرقة اخرى مشقوقة الرأسين تجعل إحداهما قدّامها والاخرى خلفها وتشدّهما بالتكّة.
•
مبادرة المستحاضة إلى الصلاة، يقع الكلام هنا أوّلًا: في وجوب المبادرة إلى الصلاة بعد الغسل، وثانياً: في وجوبها بعد الوضوء.
•
وظيفة المستحاضة في غير الصلوات اليومية، ما ذكرناه إلى هنا إنّما هو في
وظيفة المستحاضة بالنسبة إلى الصلوات اليوميّة، سواء كانت مستحاضة بالاستحاضة القليلة أو المتوسّطة أو الكثيرة، وأمّا وظيفتها بالنسبة إلى غيرها ممّا تشترط الطهارة في صحّته أو جوازه.
•
وظيفة المستحاضة في الصوم، المعروف بين الفقهاء أنّ المستحاضة إذا عملت بما وجب عليها من الأغسال صحّ صومها، وأمّا إذا أخلّت بها فلا يصحّ الصوم منها إجمالًا.
•
وظيفة المستحاضة في الطواف وصلاته، فالبحث فيه من جهتين: ۱- في الطواف المستحب، ۲- في الطواف الواجب.
يجوز للمستحاضة بالاستحاضة القليلة دخول المساجد والمكث فيها من دون توقّف على الوضوء لهما مستقلّاً ولا على الوضوء للصلاة، قال
المحقّق النجفي : «لم أعرف أحداً قال بوجوبه (الوضوء) بالنسبة إلى دخول المساجد وقراءة
العزائم ونحو ذلك».
وذلك لعدم منع الحدث الأصغر عن دخول المساجد والمكث فيها ونحوهما، ولأصل
البراءة .
وأمّا بالنسبة إلى
الاستحاضة المتوسّطة والكثيرة فقد صرّح بعض الفقهاء بعدم توقّف جواز الدخول والمكث على الغسل فيها، واستدلّ على ذلك بالأصل،
مع عدم قيام دليل على حرمة قراءة العزائم أو الدخول في المسجدين- أي
المسجد الحرام ومسجد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أو المكث في المساجد على المستحاضة حتى تغتسل، وأمّا الأخبار فإنّما تدلّ على حرمة الامور المذكورة على الحائض فحسب.
نعم، قد ادّعي
الإجماع على الحرمة، إلّا أنّ جملة من الفقهاء
لم يعتمدوا على هذا الإجماع؛ نظراً إلى أنّ تحقّق الإجماع هنا غير معلوم، بل عدم تحقّقه معلوم لنا؛ لذهاب جملة من الفقهاء إلى الجواز،
على أنّ هذا الإجماع إجماع منقول، وهو ليس بحجّة.
وقد يقال: إنّ المستحاضة إذا كانت مسبوقةً بالحيض يكون المنع مقتضى
الاستصحاب .
ويرد عليه:
أوّلًا: أنّه على تقدير عدم الغسل للحيض يكون المنع معلوماً، فلا حاجة إلى جريان الاستصحاب، وعلى تقدير الغسل له فلا
إشكال في الجواز بعد الغسل- بناءً على التداخل- للاكتفاء بغسل الحيض حينئذٍ، فيكون الجواز مقتضى الاستصحاب لا المنع.
وثانياً: أنّ هذا الاستصحاب غير جارٍ هنا؛ لعدم
اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة؛ لأنّ الحيض والاستحاضة متقابلان في الأخبار، والحرمة قد ثبتت في حقّ الحائض، وبعد انقطاع الحيض وارتفاعه ترتفع الحرمة الثابتة لأجله، والمستحاضة موضوع ثانٍ، فالشكّ في حرمة تلك الأفعال في حقّها- لو قلنا فيها بالحرمة- إنّما هو شكّ في حرمة مغايرة لتلك الحرمة الثابتة على الحائض. على أنّ استصحاب الحرمة يكون من الاستصحاب في الشبهات الحكميّة، وهو غير جارٍ باعتقاد بعض الفقهاء كالسيّد الخوئي.
وهناك من فصّل في المسألة بين الكعبة- زادها اللَّه شرفاً- فلا يجوز للمستحاضة دخولها وبين سائر المساجد حتى المسجدين فيجوز.
وقد اورد عليه بأنّه لا مستند له سوى مرسلة يونس بن يعقوب عمّن حدّثه عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «المستحاضة تطوف بالبيت وتصلّي ولا تدخل الكعبة».
وهي لضعفها وإرسالها لا يمكن
الاعتماد عليها.
لا إشكال في أنّه لا يجوز للمستحاضة مسّ
المصحف الشريف ونحوه قبل تحصيل الطهارة من الوضوء أو الغسل؛ إذ المفروض أنّها محدثة، ولا يجوز للمحدث مسّ المصحف الشريف. وأمّا بعد الوضوء والغسل فيظهر من جماعة من الفقهاء جوازه.
وقد استدلّ على الجواز بالإجماع المدّعى على أنّ المستحاضة إذا أتت بوظائفها فهي بحكم الطاهرة.
قال
السيد الحكيم : «الظاهر منهم التسالم على الجواز... والتأمّل في قولهم: (إنها إذا فعلت ذلك كانت بحكم الطاهر) يقتضي أن يكون الجواز عندهم من الواضحات».
لكن يرد عليه: أنّ تماميّة
الاستدلال به تتوقّف على أن يكون المراد أنّها بعد
الإتيان بوظائفها تكون بحكم الطاهرة مطلقاً وبالنسبة إلى جميع ما تشترط فيه الطهارة كالطواف الواجب والمسّ، إلّا أنّ هذا غير معلوم؛ إذ يحتمل أن يكون المراد أنّها بحكم الطاهرة بالنسبة إلى صلاتها، بمعنى أنّ الدم الخارج منها بعد العمل بوظائفها لا يكون حدثاً ناقضاً لصلاتها وطهارتها حال الصلاة، وعلى هذا فلا يستفاد من هذه الجملة أنّها بحكم الطاهرة بالنسبة إلى الأعمال المشروطة بالطهارة كالمسّ.
ومن ناحية اخرى فإنّ غاية ما يمكن استفادته من الأخبار أنّ تلك الأفعال من الوضوء والغسل وغيرهما إنّما توجب
استباحة الصلاة في حقّها.
ومن هنا استشكل
السيّد الخوئي في جواز مسّه وإن فعلت ما وجب عليها من الطهارة. نعم، إذا كان المسّ واجباً وجب عليها التطهّر والمسّ إن اضطرّت إليه كما إذا أرادت
إزالة ما يستلزم وجوده الهتك، وإن كان وجوده في مدّة التطهّر والتوضّؤ مستلزماً للهتك أيضاً فيجب المسّ وإن لم تتطهّر.
قال في منهاجه: «لا يجوز لها مسّ المصحف ونحوه قبل الغسل والوضوء، بل الأحوط وجوباً عدم الجواز بعدهما أيضاً، ولا سيّما مع الفصل المعتدّ به».
ولعلّ عدم جزمه بعدم الجواز إنّما يكون لعدم مخالفة ما ذهب إليه الأصحاب من الجواز، فإنّهم قد أرسلوه
إرسال المسلّمات.
ثمّ إنّه بناءً على الجواز والمشروعيّة هل يجب عليها الغسل أو الوضوء له مستقلّاً أو لا، فتكتفي بالغسل أو الوضوء الذي أتت به للصلاة؟
ذهب
السيّد اليزدي إلى لزوم تجديد الوضوء للمسّ على المستحاضة بالاستحاضة القليلة على سبيل
الاحتياط الوجوبي. وأمّا بالنسبة إلى المستحاضة المتوسّطة والكثيرة فأفتى وجزم بلزوم تجديد الوضوء، وأمّا الغسل فيكفي الغسل للصلاة. نعم، قال في آخر كلامه: «بل الأحوط ترك المسّ لها مطلقاً».
قال
الإمام الخميني : «الأحوط عدم
الاكتفاء بمجرّد
الإتيان بوظائف الصلاة فتأتي بالوضوء أو الغسل له مستقلّاً. نعم، الظاهر جوازه حال
إيقاع الصلاة التي أتت بوظيفتها».
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۹۴- ۱۵۴.