أحكام العقد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
و من أحكام العقد:
نكاح الصبي والمجنون والسكران، عدم اشتراط
الإشهاد ، ادعاء الرجل زوجية
امرأة وادعاء اُختها زوجيته ،
اشتراط تعيين الزوج والزوجة.
( الاولى : لا حكم لعبارة الصبي ) والصبيّة مطلقاً - أي مميّزاً كان أم غيره ، وخصّهما الولي في
إجراء الصيغة أم لا ، أجاز بعده أم لا. - ( ولا المجنون ) والمجنونة كذلك وإن كان أدواريّاً ، بشرط عدم
الإفاقة حين العقد.للأصل ، مع عدم الدليل على اعتبارها ، مضافاً إلى فقد القصد الباطني المشترط في الصحّة إجماعاً في بعض الصور. ( ولا السكران ) مطلقاً ، موجباً كان أو قابلاً ، أجاز بعد الإفاقة أم لا ، على أصحّ القولين وأشهرهما ؛ لعين ما ذُكِر. وليس في صورة
الإجازة من الفضولي فيلحق به لعموم أدلّة جوازه ؛ لاختصاصه بالصحيح لا الفاسد من أصله. وعلى تقدير كونه منه يمنع
الإلحاق بمنع العموم ؛ لاختصاص المصحّح له بما ذكرنا ، فلا يقيّد الأصل إلاّ بدليل.
(الثانية : لا يشترط) في صحّة العقد (حضور شاهدين) عدلين مطلقاً، دائماً كان أو منقطعاً، تحليلاً أو ملكاً؛ لعموم بعض النصوص،
مع الإجماع فيما عدا الأوّل. ولا ينافيه
اختصاص الباقي أو التخصيص فيها بالأوّل؛ لوروده في مقام الردّ على جمهور الجمهور المعتبرين له فيه، فلا عبرة بمفهومه لو كان. وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب، بل كاد أن يكون إجماعاً، بل حكي صريحاً عن الانتصار والناصريات والخلاف والغنية والسرائر و
التذكرة ،
والنصوص به مستفيضة،
منها : الحسان بل الصحاح على الصحيح والموثّقان.
ففي الحسن : في الرجل يتزوّج بغير بيّنة، قال : «لا بأس».
خلافاً للحَسَن،
فاشترطه؛ للخبر : «التزويج الدائم لا يكون إلاّ بوليّ وشاهدين».
وهو مع ضعفه سنداً، وقصوره عن المقاومة لما تقدّم عدداً واعتباراً محمولٌ على التقيّة، ويؤيّده كونه مكاتبة؛ مع
إشعار متنه بذلك أيضاً، كتصريح غيره به، كالموثّق
وغيره.
نعم، يستحبّ ذلك؛ لدفع
التهمة وتحقّق النسب والميراث والقسم والنفقات، وبه بعض المعتبرة.
(ولا) حضور (وليّ) مطلقاً (إذا كانت الزوجة بالغةً رشيدةً، على الأصحّ) الأشهر، كما يأتي.
(الثالثة : لو ادّعى) رجل (زوجيّة
امرأة ، وادّعت أُختها زوجيّته) : فمع عدم البيّنة منهما والدخول بالمدّعية، الحكم له في قطع دعواها مع اليمين، وكذلك معه -أي مع الدخول - على الأظهر؛ لترجيح الأصل على الظاهر. ولها مع الردّ، فتحلف على الدعوى، وعلى نفي العلم بما ادّعى. وكذا الحكم له مع اختصاص البيّنة به، فيحلف معها. وقيل بعدم لزومه.
وهو مشكل. ولا فرق فيه بين الدخول والعدم، كما تقدّم.
ومع اختصاصها بها فالحكم لها مع
الحلف على نفي العلم. ومعها لهما مطلقاً -أي سواء كانت البيِّنتان مطلقتين أو مؤرّختين بتأريخين متساويين، منه -، (فالحكم لبيّنة الرجل). قيل : لرجحانها على بيّنتها؛ لإنكارها فعله الذي لا يعلم إلاّ من قبله، فلعلّه عقد على الاولى قبل العقد عليها.
وفيه نظر، مضافاً إلى اختصاصه بصورة
إطلاق البيّنتين، أمّا مع تأرّخهما بتاريخين متساويين فلا.
فالأصل في المسألة الخبر الذي ضعفه ولو من وجوه، بالشهرة بل وعدم الخلاف و
الإجماع المحكيّ
قد انجبر ـ : في رجل ادّعى على امرأة أنّه تزوّجها بوليّ وشهود، وأنكرت المرأة ذلك، وأقامت أُخت هذه المرأة على هذا الرجل البينة أنّه تزوّجها بوليّ وشهود ولم توقّت وقتاً : «أنّ البيّنة بيّنة الزوج، ولا تقبل بيّنة المرأة؛ لأنّ الزوج قد استحقّ بضع هذه المرأة، وتريد أُختها فساد هذا
النكاح ، ولا تصدّق ولا تقبل بيّنتها إلاّ بوقت قبل وقتها أو دخول بها».
وإشكال بعضهم فيه بأنّ الزوج منكر فلا وجه لتقديم بيّنته؛
مدفوعٌ بصراحته بإنكار الاولى زوجيّته، فاعتبار بيّنته بالإضافة إليها لكونه مدّعياً في مقابلها. وأمّا التقديم فلعلّه للرجحان المتقدّم، مع أنّه لا يمكن الجمع بين قضيّتهما؛ للتنافي، كذا قيل.
وهو حسن، إلاّ في وجه التقديم، وفيه النظر السابق.
نعم، يتوجّه عليه حينئذٍ : أنّ الإشكال في التقديم إنّما هو من حيث ارتكابه بلا مرجّح لا من حيث إنّه منكر فلا وجه لتقديم بيّنته، ففيه المخالفة للقاعدة من هذه الجهة؛ ولذا يستشكل في
انسحاب الحكم في مثل البنت و
الأُمّ : من التساوي، والخروج عن النصّ، وهو الأقوى، لا لما ذكره. نعم،
الإشكال من تلك الجهة أيضاً متوجّه على إطلاق -المشتمل لما إذا لم تكن المرأة الأُولى منكرة. منه - عبائر الأصحاب، إلاّ أن يُخَصَّ بما في النص. وظاهر إطلاقه كإطلاق كلام الأكثر
الاكتفاء في التقديم بالبيّنة من دون يمين، وإلاّ للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة. وربما قيل بعدمه ولزوم ضمّها إليها؛ جمعاً بينه وبين القاعدة، فيحلف الرجل؛ من حيث إنّ بيّنته إنّما هي
لإثبات ما ادّعاه على المرأة الأُولى، وبينه وبين أُختها دعوى اخرى، وهو منكر بالنسبة إليها، فلا بُدّ من
اليمين لقطع دعواها، ولا يضرّ إقامتها البيّنة؛ لإمكان سبق العقد على الاولى.
وهو أحوط، فتقدّم بيّنته معها.
(إلاّ أن يكون مع) بيّنة (المرأة) المدّعية (ترجيحٌ) على بيّنة الرجل (من دخول، أو) سبق (تاريخ) فيحكم لها حينئذٍ مطلقاً، كما في ظاهر الخبر.
وربما يشترط في المرجّح الأول حلفها على نفي العلم بما ادّعى؛ لاحتمال تقدّم العقد على الاولى، ولتعارض البيّنتين في أنفسهما بالنظر إلى المرأتين وإن كانت مدّعية خاصّة، والدخول غايته رفع مرجّح بيّنته، فيبقى التعارض إلى أن تحلف. وليس في ذلك خروجٌ عن النصّ؛ إذ غايته ترجيح البيّنة، وهو لا ينافي
إيجاب اليمين، وهو كالسابق وإن خالف ظاهر الخبر، إلاّ أنّه أحوط.
(ولو عقد على امرأة، وادّعى آخر زوجيّتها، لم يلتفت إلى دعواه، إلاّ مع
البيّنة ) فتقبل دعواه حينئذٍ لا مطلقاً، بلا خلاف؛ للنصوص :
منها الحسن : إنّ
أخي مات وتزوّجت امرأته، فجاء عمّي فادّعى أنّه كان تزوّجها سرّاً، فسألتها عن ذلك فأنكرت أشدّ
الإنكار ، فقالت : ما كان بيني وبينه شيء قطّ، فقال : «يلزمك إقرارها ويلزمه إنكارها».
والخبر : عن رجل تزوّج امرأة في بلد من البلدان، فسألها : ألك زوج؟ فقالت : لا، فتزوَّجَها، ثم إنّ رجلاً أتاه فقال : هي امرأتي، فأنكرت المرأة ذلك، ما يلزم الزوج؟ فقال : «هي امرأته، إلاّ أن يقيم البيّنة».
وأمّا الموثّق الناهي عن القرب منها إن كان المدّعى ثقة،
فشاذّ، فحمله على
الاستحباب متعيّن.
ثم إنّ مقتضى الأصل كإطلاق العبارة والنصوص الماضية
انقطاع الدعوى بعدم البيّنة مطلقاً ولو لم تحلف المرأة، ولا خلاف فيه بالإضافة إلى نفي الزوجيّة للمدّعي.
وأمّا بالإضافة إلى ما يترتّب عليه فكذلك؛ لما مرّ من
الأصل وإطلاق النصّ. خلافاً لجماعة، فأوجبوا اليمين عليها بالإضافة إلى هذا؛
تمسّكاً بعموم : «اليمين على من أنكر»
فيخصّ به الأصل وإطلاق ما مرّ. وفيه نظر؛ لعدم عمومٍ فيه يشمل ما نحن فيه؛ نظراً إلى أنّ المتبادر منه لزوم الحلف لقطع أصل الدعوى لا لوازمه، والعمدة في التعدية هو الإجماع، وليس؛ لظهور إطلاق عبائر الأكثر فيما مرّ. ولكن الأحوط : اليمين. ثم ظاهر الحصر في العبارة : انحصار
انقطاع الدعوى بالبيّنة، فلا يتحقّق بإقرار المرأة، وبه صرّح جماعة؛
ولعلّ الوجه فيه مع خلوّ النصوص الماضية عنه الأصل، وأنّه إقرارٌ في حقّ الغير، فلا يسمع.
(الرابعة) : يشترط تعيين الزوج والزوجة بالاسم، أو
الإشارة ، أو الوصف القاطع للشركة، إجماعاً؛ للأصل، ولزوم الضرر والغرر بعدمه، المنفيّين بالأدلّة القطعيّة، وللصحيح الآتي في الجملة.ويتفرّع عليه ما (لو كان لرجل عدّة بنات فزوّج واحدة) منهنّ (ولم يُسَمِّها) ولا ميّزها بغيره، فإن لم يقصد معيّنة بطل
النكاح مطلقاً -أعمّ من أن يكون الزوج قصد إحداهنّ أم لا. منه -، كبطلانه بقصده مع عدم قصد الزوج، أو قَصْده الخلاف؛ لعدم التعيين في شيء من ذلك. وإن قصدا معيّنة (ثم اختلفا في المعقود عليها) بعد
الاتّفاق على صحّة العقد، المستلزم لورود الطرفين على واحدة بالنيّة المتّفق عليها بينهما فيبطل أيضاً مطلقاً عند الحلّي و
المسالك والروضة؛
لعين ما ذكر في الصور السابقة.
ويصحّ على الأظهر، وفاقاً للأكثر كما في المسالك،
ومنهم : النهاية والقاضي والفاضلان واللمعة،
وغيرهم.
لكن بشرط يأتي ذكره، لا مطلقاً.
(فالقول قول
الأب ، وعليه أن يسلّم إليه التي قصدها في العقد إن كان الزوج رَآهُنّ) هذا شرط للتقديم، لا وجوب
التسليم ، وهو المراد بما وعدناه.
(وإن لم يكن رَآهُنّ فالعقد
باطل ) كما في الصحيح،
وعليه العمل؛ لصحّة سنده، مع عمل الأكثر بمضمونه، فتُخصَّص به القاعدة؛ لمخالفته لها بدلالته على صحّة العقد مع عدم التسمية مع الرؤية، وعدمها مع العدم. ومقتضاها
البطلان مطلقاً مع الرؤية وعدمها. ولا يتصوّر الفارق بينهما إلاّ ما قيل من ظهور رضاء الزوج بتعيين الأب، وتفويضه ذلك إليه مع الرؤية، وعدمه مع عدمها فيبطل.
وهو مشكل؛ لأعمّية الرؤية من التفويض المدّعى، كأعمّية عدمها من عدمه. ودعوى ظهورها فيه كدعوى ظهور عدمها في عدمه ممنوعة. فالاعتذار بالتعبّدية أولى من
ارتكاب التوجيه في الفَرْق بمثل ذلك. وللمخالفة المزبورة طَرَحَه-أي الصحيح منه - الحلّي رأساً؛
بناءً على أصله لكونه من الآحاد. ولا وجه لطرحه سوى ذلك، فمتابعة شيخنا في المسالك
له فيه لا وجه لها، مع عدم موافقته له على أصله.
رياض المسائل، ج۱۱، ص۱۸- ۲۶.