الاستغفار (المستحب)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاستغفار (توضيح).
الظاهر
استحباب الاستغفار في جميع الأوقات
والأحوال،
وقد وردت نصوص كثيرة من الكتاب
والسنّة تحثّ عليه.فمن
الكتاب قوله تعالى: «وَاسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».
وقوله تعالى أيضاً: «وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ».
وقوله تعالى: «وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً».
وقد روي أنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمّا نزلت هذه
السورة كان يكثر من قول: «سبحانك اللهمّ وبحمدك، اللهمّ اغفر لي إنّك أنت التوّاب الرحيم».
وروي أيضاً أنّه كان لا يقوم ولا يقعد ولا يجيء ولا يذهب إلّاقال: «سبحان اللَّه وبحمده، استغفر اللَّه وأتوب إليه».
وربما يستدلّ
لذلك بقوله تعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللّهُ»،
وقوله تعالى: «وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِيماً».
ومن السنّة رواية
عبيد بن زرارة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «إذا أكثر
العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ».
وقوله عليه السلام: «... إنّ اللَّه لم يعلّمكم الاستغفار إلّاوهو يريد أن يغفر لكم».
هذا، مضافاً إلى
الأدعية والمناجاة الكثيرة الواردة في الاستغفار، والتي ليس هنا محلّ ذكرها.ورغم استحباب الاستغفار في كلّ حال هناك موارد ورد النصّ في استحباب الاستغفار فيها، وهي كما يلي:
ذكر الفقهاء في مقام
الاستدلال على استحباب الدعاء بعد الفراغ من
الوضوء بعض الروايات المتضمّنة لطلب تمام المغفرة وتمام الوضوء،
كقوله عليه السلام: «من قرأ بعد
إسباغ الوضوء إنّا أنزلناه في ليلة القدر وقال: اللهمّ إنّي أسألك تمام الوضوء... وتمام مغفرتك، لم يمرّ بذنب قد أذنبه إلّامحته».
وورد في
تفسير الإمام العسكري عليه السلام:«قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ العبد... إن قال في آخر وضوئه:... سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّاأنت أستغفرك وأتوب إليك... تحاتت عنه ذنوبه كلّها».
ورد الاستغفار في بعض النصوص الواردة في أدعية دخول
المسجد والخروج منه ونقلها بعض الفقهاء في المقام،
كخبر
عبد اللَّه بن الحسن عن امّه فاطمة عن جدّته
فاطمة قالت: كان
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل المسجد صلّى على النبي وقال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك»، فإذا خرج صلّى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «اللهمّ اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك»،
وغيره.
•
الاستغفار (في أذكار الصلاة وتعقيباتها) ،ورد
الاستغفار في بعض أذكار
الصلاة كما يأتي بين التكبيرات الفتتاح
والقنوت.
يستحبّ للحائض أيّام
حيضها الوضوء والجلوس في مصلّاها بمقدار زمان صلاتها ذاكرة للَّهتعالى، وقد ذكر بعض الفقهاء الاستغفار من الذكر الذي يستحبّ لها،
قال
الشهيد : «جلوس الحائض في مصلّاها... مسبّحة بالأربع، مستغفرة، مصلّية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقدر الصلاة».
يأتي أنّ من آثار الاستغفار نزول الخيرات والبركات، وأنّه بحدّ ذاته وسيلة إلى
الاستسقاء ، كما ورد في بعض الروايات: أنّ رجلًا شكى إلى
الإمام الحسن عليه السلام الجدوبة، فقال له: «استغفر اللَّه»،
إلّاأنّ الكلام هنا حول صلاة الاستسقاء التي هي كصلاة
العيد ، إلّاأنّ القنوت هنا بالاستغفار والدعاء
بإنزال الرحمة وتوفير المياه.
فإنّه يستحبّ للناس أن يخرجوا إليها حفاة مكثرين من الاستغفار،
كما يستحبّ للإمام أن يبالغ في الاستغفار حال
الخطبة ،
ويأمر الناس بالاستغفار وقت الصلاة.
ينبغي
التوبة والاستغفار حال
الاحتضار ؛ لما فيه من
إسقاط الذنب،
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «... من تاب وقد بلغت نفسه هاهنا- وأشار بيده إلى حلقه- تاب اللَّه عليه».
ومن آداب الاحتضار
تلقين الاستغفار للمحتضر،
فقد ورد عن
سالم بن أبي سلمة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «حضر رجلًا
الموت ... فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قُل:اللهمّ اغفر الكثير من معاصيك، واقبل منّي اليسير من طاعتك».
وعنه عليه السلام أيضاً قال: «اعتقل لسان رجل من أهل
المدينة فدخل عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال له:... قل: يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل منّي اليسير، واعفُ عنّي الكثير، إنّك أنت العفوّ الغفور...».
ورد الاستغفار للميّت في مواطن متعدّدة:
منها: الاستغفار له عند تغسيله، فقد عدّ بعض الفقهاء من جملة المسنونات الذكر والاستغفار عند
التغسيل .
ورواه
سعد الإسكاف عن
الإمام الباقر عليه السلام قال: «أيّما مؤمن غسّل مؤمناً فقال إذا قلّبه: اللهمّ (إنّ) هذا بدن عبدك المؤمن قد أخرجت روحه منه وفرَّقت بينهما فعفوك عفوك، إلّا غفر اللَّه (عزّوجلّ) له ذنوب سنة إلّا الكبائر».
ومنها: الاستغفار له عند
تشييعه، فإنّه يستحبّ
أن يقول حامل
الجنازة بما في خبر عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام:«... بسم اللَّه وباللَّه، وصلّى اللَّه على محمّد وآل محمّد، اللهمّ اغفر
للمؤمنين والمؤمنات».
وقد ورد
أيضاً عنه عليه السلام أنّه قال: «ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت بموته، فيشهدون جنازته، ويصلّون عليه، ويستغفرون له، فيكتب لهم
الأجر ، ويكتب للميّت الاستغفار، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب له من الاستغفار».
ومنها: الاستغفار له بعد
الدفن ؛
لرواية
سالم بن مكرم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «... ثمّ ضع يدك على
القبر وادعُ للميّت واستغفر له».
وغيرها من الروايات.
وكذا يستحبّ الاستغفار للمؤمنين عند زيارة قبورهم.
فقد روي عن
علي عليه السلام عندما مرّ بالمقابر أنّه قال: «... يا لا إله إلّااللَّه، بحقّ لا إله إلّااللَّه، اغفر لمن قال: لا إله إلّا اللَّه...».
وروى
يونس عن الإمام الصادق عليه السلام زيارة السيدة فاطمة عليها السلام قبر
حمزة عليه السلام واستغفارها له.
مضافاً إلى أنّ الاستغفار للمؤمنين يشمل
الوالدين المسلمين إلّاأنّهما خُصّا بالاستغفار في الكتاب والسنّة، فقد جاء على لسان
إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى:«رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ»،
وعلى لسان
نوح عليه السلام في قوله تعالى: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِي».
بل يكتب الرجل- ببركة الاستغفار للوالدين- بارّاً بهما بعد وفاتهما، وإن كان عاقّاً لهما في حياتهما، فعن محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «إنّ العبد ليكون بارّاً بوالديه في حياتهما ثمّ يموتان فلا يقضي عنهما الدين ولا يستغفر لهما فيكتبه اللَّه عاقّاً، وإنّه ليكون في حياتهما غير بارٍّ بهما، فإذا ماتا قضى عنهما الدين واستغفر لهما فيكتبه اللَّه (عزّوجلّ) بارّاً».
اشتملت بعض الأدعية والأذكار المستحبّة في بعض المواقف والمواطن في
الحجّ على الاستغفار:
منها: الدعاء عند
المستجار في الشوط السابع من
الطواف ، فقد ورد عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «... ليس من عبد مؤمنٍ يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلّاغفر اللَّه له إن شاء اللَّه، وتقول:... اللهمّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي، واغفر لي ما اطّلعت عليه منّي وخفي على خلقك...».
ومنها: الدعاء عند
استلام الحجر، فممّا جاء في خبر معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام: «... قل: اللهمّ إليك بسطت يدي، وفيما عندك عظُمت رغبتي، فاقبل مسحتي، واغفر لي وارحمني».
ومنها: الدعاء عند
الوقوف على
الصفا أو الدعاء بين الصفا
والمروة ،
فقد ورد في مرفوعة
علي بن النعمان عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه كان إذا صعد الصفا استقبل
القبلة ثمّ يرفع يديه ثمّ يقول:«اللهمّ اغفر لي كلّ ذنب أذنبته قطّ، فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة، فإنّك أنت الغفور الرحيم...».
وأمّا الاستغفار بين الصفا والمروة فعن معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «ثمّ انحدر ماشياً وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة، وهي طرف المسعى، فاسْعَ ملء فروجك، وقل: بسم اللَّه واللَّه أكبر، وصلّى اللَّه على محمّد وآله، وقل: اللهمّ اغفر وارحم واعف عمّا تعلم، إنّك أنت الأعزّ الأكرم».
ومنها: عند الوقوف في
عرفات ، فإنّه ينبغي الاستغفار في عرفة بعد التوجّه إلى القبلة
والإقرار بالذنوب ذنباً ذنباً، بل ويستغفر من الذنوب التي لم يتذكّرها في الجملة،
بل يشغل زمانه بذلك وبالدعاء والتوبة،
كما أكّدت ذلك بعض النصوص، كخبر أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إذا أتيت الموقف...تقول: أسألك... باسمك الأعظم الأعظم الأعظم الذي من دعاك به كان حقّاً عليك أن لا تردّه وأن تعطيه ما سأل، أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك فيّ».
بل صرّح بعضهم باستحباب طلب المغفرة للنفس وللغير من
إخوانه المؤمنين
وأخواته المؤمنات.
وقد اختلفوا في وجوب صرف زمان الوقوف كلّه بالدعاء والذكر والاستغفار أو استحبابه، فالذي يظهر من الحلبي الوجوب،
وهو المنسوب إلى
القاضي .
بينما ذهب آخرون إلى الاستحباب.
ومنها: الاستغفار عند
الإفاضة من عرفات
والمشعر الحرام ، حيث ذكروا أنّه إذا غربت الشمس في عرفات فليفض منها، ويكثر من الاستغفار؛
لقوله تعالى: «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».
ولصحيحة معاوية بن عمّار عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «إذا غربت الشمس فأفض... من حيث أفاض الناس، واستغفر اللَّه، إنّ اللَّه غفور رحيم...».
وحسنته عنه عليه السلام أيضاً قال: «...وأفض بالاستغفار؛ فإنّ اللَّه عزوجلّ يقول: «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ...»».
وكذا عند الإفاضة من المشعر الحرام إلى
منى ؛
لقول الإمام الصادق عليه السلام في صحيحة معاوية: «... وإنّما أفاض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم خلاف أهل الجاهلية... بالسكينة والوقار والدعة، فأفض بذكر اللَّه والاستغفار، وحرّك به لسانك...».
يستحبّ للعاطس أن يدعو بالمغفرة لمن سمّته، كأن يقول لمن قال: (يرحمك اللَّه) : (يغفر اللَّه لك ولنا).
والأولى أن يقول في الردّ: (يغفر اللَّه لكم ويرحمكم)،
فقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال: «إذا عطس أحدكم فسمّتوه، قولوا: يرحمكم اللَّه، وهو يقول:يغفر اللَّه لكم ويرحمكم، قال اللَّه عزوجلّ:«وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا»
».
بل قد يستفاد من بعضهم وجوب الردّ بالاستغفار للمسمّت حتى في
الصلاة .
حيث ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه قال: «دعاني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال:يا عليّ إذا أخذت مضجعك فعليك بالاستغفار».
كما ورد التأكيد على الاستغفار في آخر
الليل ، وأنّه كلّما قرب من
الفجر كان أفضل، وسيأتي تفصيله في أفضل أوقات الاستغفار.
يستحبّ التختّم بما نقش عليه بعض الأدعية والأذكار،
من جملتها الاستغفار.ففي مرفوعة محمّد بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «من كتب على خاتمه: ما شاء اللَّه، ولا قوّة إلّا باللَّه، أستغفر اللَّه، أمن من الفقر المدقع».
وكان أحد خواتيم
الإمام السجاد عليه السلام منقوشاً عليه ثلاثة أسطر: ما شاء اللَّه، لا قوّة إلّاباللَّه، أستغفر اللَّه.
وقد عدّ
السيد اليزدي من جملة آداب
السفر ومستحباته
استصحاب خاتم من
عقيق مكتوب على أحد جانبيه: (ما شاء اللَّه ولا قوّة إلّاباللَّه أستغفر اللَّه)، وعلى الجانب الآخر: (محمّد وعلي).
وهناك موارد اخرى للاستغفار غير ما تقدّم نشير إليها إجمالًا، وهي: الاستغفار في صلاة الآيات،
وعند
استيلاء الهموم، وعند تعسّر
الرزق ، وجدوبة الأرض، والحرمان من
الولد ،
وعند زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
والمعصومين عليهم السلام،
وفي خطبة الزواج،
وعند الخروج إلى السفر،
وعند توديع الإخوان ومفارقتهم،
وعند لبس الجديد.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۷۴-۸۸.