المستحبات حال الأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يستحب حال الأذان والإقامة
الطهارة والقيام
والاستقبال وأمور التي يأتي.
يستحبّ حال الأذان والإقامة امور، وهي ما يأتي:
وهي ليست شرطاً في الأذان وإنّما يستحبّ أن يكون
المؤذّن متطهّراً من
الحدث ؛
للنبويّ المشهور، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «حقّ وسنّة أن لا يؤذّن أحد إلّا وهو طاهر».
ولخبر
الدعائم عن
جعفر بن محمّد عليهما السلام قال: «لا بأس أن يؤذّن الرجل على غير طهر، ويكون على طهر أفضل».
وذهب بعض المتأخّرين- بعد استضعاف الروايات- إلى أنّ العمدة في المقام هو
التسالم والإجماع كما ادّعاه غيرواحد،
فحينئذٍ يجوز أذان المحدث ذهب العلّامة في
نهاية الإحكام،إلى كراهيّة أذان المحدث.
وقال في
جواهر الكلام : الكراهة مقتضى المرسل في كتب الفروع، وهو: «لا تؤذّن إلّا وأنت متطهّر».
وإن كان عن جنابة؛
لرواية
إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللَّه عن أبيه عليهما السلام: «أنّ عليّاً عليه السلام كان يقول: ولا بأس بأن يؤذّن المؤذّن وهو جنب، ولا يقيم حتى يغتسل».
نعم، لو أذّن
الجنب في المسجد ففي
الاعتداد به خلاف، فقد ذهب بعض إلى إجزائه وإن كان الجنب عاصياً بلبثه في
المسجد .
وذهب بعض آخر إلى عدم الاعتداد به، للنهي المفسد للعبادة.
ولكن استضعفه بعض المحقّقين بعدم جزئيّة الكون منه،
فالمعصية في اللبث لا تنافيه، كالأذان في الدار المغصوبة بناءً على أنّ التلفّظ ليس تصرّفاً فيها.
وقد اختلف الفقهاء في اشتراط
الطهارة حال الإقامة على قولين، فذهب جماعة منهم إلى اشتراط
الإقامة بالطهارة، وهو قول
الصدوق والمفيد والسيّد وغيرهم،
واختاره الشيخ والعلّامة في أحد قوليهما،
وكذا مال إليه السيّد السند
والسيّد الطباطبائي .
واستدلّوا لذلك ببعض الروايات:
منها: صحيح
زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام:أنّه قال: «... ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيّئاً للصلاة».
ومنها: صحيح
الحلبي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «لا بأس أن يؤذّن الرجل من غير
وضوء ، ولا يقيم إلّا وهو على وضوء».
ومنها: رواية
ابن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «... ولا تقيم إلّا وأنت على وضوء».
ومنها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يؤذّن أو يقيم وهو على غير وضوء أ يجزيه ذلك؟قال: «أمّا الأذان فلا بأس، وأمّا الإقامة فلا يقيم إلّا على وضوء»، قلت: فإن أقام وهو على غير وضوء أ يصلّي بإقامته؟ قال «لا».
إلى غير ذلك من الأخبار.
ويستفاد من هذه الروايات اشتراط الطهارة حال الإقامة.
لكن جملة من الفقهاء ذهبوا إلى عدم اشتراط الطهارة حال الإقامة،
بل قيل:إنّ المشهور استحباب الطهارة فيها.
واستدلّوا لذلك
بالأصل وإطلاق الأدلّة، وحمل تلك الروايات الظاهرة في الاشتراط على تأكّد
الاستحباب أو كراهة الترك.
والمراد بإطلاق الأدلّة هو ما يدلّ على استحبابها ولو بدون الطهارة.ونوقش فيها بأنّ الأصل مقطوع بالروايات، والإطلاق مقيّد بها. وأمّا حمل تلك النصوص على شرطيّة الكمال وتأكّد الطهارة فهو يحتاج إلى المعارض، وهو غير موجود، فليس إلّا الأصل الذي عرفت أنّه مقطوع بها.
وقال
الفقيه الهمداني في
مصباح الفقيه بما ملخّصه: إنّ فهم المشهور هو القرينة على الحمل المزبور حيث إنّهم لم يفهموا من خصوص الباب إلّا إرادة الحكم التكليفي- أعني كراهة ترك الطهارة أو استحباب فعلها- لا الوضعي- أي شرطيّة الطهارة أو مانعيّة الحدث- ولو لا ذلك كان مقتضى
القاعدة حمل المطلق على المقيّد؛ لكون الأوامر والنواهي في باب المركّبات إرشاداً إلى الجزئيّة أو الشرطيّة أو المانعيّة، فعدم فهمهم الشرطيّة كاشف عن خصوصيّة في المورد، وبذلك يرتكب التخصيص في تلك القاعدة.
ذهب أكثر الفقهاء إلى استحباب كون المؤذّن قائماً حال الأذان،
وادّعي عليه الإجماع
من دون فرق بين أذاني الإعلام والصلاة، كما لا فرق بين أن تكون الصلاة جماعة أو فرادى.
وذهب الشيخ الصدوق إلى وجوب
القيام في
إمام الجماعة فقط، قال:«لا بأس أن تؤذّن... قائماً وقاعداً...وإن كنت إماماً فلا تؤذّن إلّا من قيام».
ولعلّ عليه تحمل عبارة [[|القاضي]] في
المهذّب حيث قال: «يجب على المصلّي جماعة. أن يكون قائماً (حال الأذان) إلّا لضرورة تمنعه من ذلك».
واستدلّ للمشهور بأنّ استحباب القيام مقتضى الجمع بين الروايات الظاهرة في اشتراط القيام عند الأذان كخبر
حمران ،قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأذان جالساً؟ قال: «لا يؤذّن جالساً إلّا راكب أو مريض».
وبين الصريحة في جوازه من غير قيام كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:«تؤذّن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائماً أو قاعداً...».
ورواية
محمّد بن مسلم ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: يؤذّن الرجل وهو قاعد، قال:«نعم، ولا يقيم إلّا وهو قائم».
فيجوز الأذان وإن كان المؤذّن جالساً.
نعم، صرّح
المحقق النجفي بأنّ الجمع بينها وبين خبر حمران يقتضي كراهة
الجلوس لغير
الراكب والمريض.
وأمّا الإقامة فقد اختلف الفقهاء في
اعتبار القيام فيها.فذهب عدّة منهم إلى اشتراطها به، وهو ظاهر المفيد والحلبي والشيخ وغيرهم،
بل لعلّه صريحهم، كما يستفاد ذلك من عبارة
الفاضل الاصفهاني أيضاً،
ويظهر من السيد الطباطبائي الميل إليه،
وقوّاه أيضاً الميرزا القمّي.
وقيّد
ابن البرّاج وجوب القيام في الإقامة بالمصلّي جماعة.
وقد استدلّوا لذلك بالأخبار:
منها: خبر ابن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «لا بأس للمسافر أن يؤذّن وهو راكب، ويقيم وهو على الأرض قائم».
ومنها: خبر أحمد بن محمّد عن
عبد صالح عليه السلام قال: «... ولا يقيم إلّا وهو قائم».
ومنها: صحيح محمّد بن مسلم الذي تقدّم قبل قليل.إلى غير ذلك من الروايات
الظاهرة في اعتبار القيام حال الإقامة.
وذهب الأكثر
إلى استحبابه، ونسبه بعضهم إلى المشهور،
ورجّحه
السيد الحكيم في أحد قوليه؛ اعتماداً على
فتوى المشهور.
واستدلّ لذلك- مضافاً إلى الشهرة- بالأصل، وإطلاق الأدلّة على استحباب الإقامة بدون القيام، وبأنّ استحباب ذي الكيفيّة مع وجوب الكيفيّة ممّا لا يجتمعان.وحينئذٍ تحمل الروايات الظاهرة في اعتبار القيام على تأكّد الاستحباب، بل الكراهة في
الترك .
قال المحقّق النجفي بعد أن استجود اعتبار القيام حال الإقامة-: «اللهمّ إلّا أن يقال: إنّه بملاحظة الشهرة بين الأصحاب، وما عن المنتهى من الإجماع على تأكّد القيام فيها وغير ذلك يمكن إرادة شدّة التأكّد، بل الكراهة في الترك».
ولكن اجيب عنه بأنّ الروايات لا معارض لها حتى رواية ضعيفة، وبها تقيّد إطلاقات الإقامة، ولا سبيل للحمل على التأكّد وأفضل الأفراد بعد أن كان
التقييد بلسان النهي، على حذو ما تقدّم في اعتبار الطهارة من غير فرق.
يستحبّ
استقبال القبلة حال الأذان والإقامة بغير خلاف فيه،
بل الإجماع عليه.
واستدلّ
له بالمرسل المروي عن دعائم الإسلام عن
عليّ عليه السلام: «يستقبل المؤذّن القبلة في الأذان والإقامة، فإذا قال: (حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح) حوّل وجهه يميناً وشمالًا»،
وبإطلاق قوله عليه السلام: «خير المجالس ما استقبل به القبلة».لكن ناقش فيهما
السيد الخوئي أمّا في الأوّل فبأنّه لمكان ضعف السند لا يصلح إلّا
للتأييد ، وأمّا في الثاني فبأنّه- مضافاً إلى ضعف سنده
بالإرسال - ناظر إلى كيفيّة الجلوس، ولا ربط له بالأذان من حيث هو أذان الذي هو محلّ الكلام.
كما استدلّ أيضاً
بالتأسّي بمؤذّني
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم الذين كانوا يؤذّنون مستقبلي القبلة.
لكنّ الأخبار الواردة بذلك ضعيفة أيضاً بالإرسال، مضافاً إلى عدم الأمر بالتأسّي بهم ما لم يرجع إلى أمره صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى ما ذكر فلا دليل على استحباب الاستقبال حال الأذان والإقامة بخصوصهما.
نعم، جعل غير واحد من الفقهاء الإجماع
والتسالم العمدة في الحكم باستحباب الاستقبال حال الأذان أو الإقامة.
لكنّ الإجماع المذكور مدركيّ أو محتمل المدركيّة، فلا يعتمد عليه حجّة في المقام.هذا، ويستفاد من كلمات بعض الفقهاء وجوب الاستقبال في الشهادتين من الأذان،
كما يستفاد ذلك من بعض النصوص أيضاً، كصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يؤذّن وهو يمشي... فقال: «نعم، إذا كان
التشهّد مستقبل القبلة فلا بأس».
ونحوها صحيحة الحلبي.
فإنّ مقتضى مفهوم الشرط فيهما ثبوت البأس إذا لم يكن مستقبلًا حال التشهّد.
واجيب عن ذلك بأنّ الجمع بين الجميع يقتضي حملهما على تأكّد استحباب الاستقبال في الشهادتين،
أو كراهة تركه
بقرينة صحيحة زرارة المفصّلة بين الأذان والإقامة والمصرّحة في الأوّل بقوله عليه السلام: «أينما توجّهت»
الظاهر في عدم اعتبار الاستقبال في شيء من فصول الأذان بما في ذلك الشهادتان بقرينة المقابلة بينه وبين الإقامة.
وكيف كان فقد عبّر غير واحد من الفقهاء بدلًا عن استحباب الاستقبال حال الأذان والإقامة بكراهة الترك؛ استناداً إلى أنّ التقابل بين الكراهة والاستحباب تقابل النقيضين لا الضدّين،
وهو خلاف المشهور،
وعلى فرضه فلا فرق في كراهة ترك الاستقبال المذكور- بناءً على ثبوته- بين أن يكون
الالتفات إلى طرفيه بالبدن أو بوجهه خاصّة وإن كان الأوّل آكد،
إلّا أنّ المستفاد من عبارة
الشيخ الطوسي اختصاص الكراهة بما إذا كان الالتفات بجميع البدن حيث قال: «يكره أن يلتوي ببدنه كلّه عن القبلة في حال الأذان».
ونظراً إلى كراهة ترك الاستقبال لا يسنّ الدوران حال الأذان في المأذنة.
وذهب
ابن البرّاج إلى وجوب الاستقبال في الأذان والإقامة في خصوص الجماعة.
كما ذهب جماعة إلى وجوب الاستقبال في الإقامة فقط،
وتنظّر فيه في الجواهر.
يستحبّ الوقوف- بترك
الإعراب - على أواخر الفصول إجماعاً؛
استناداً إلى صحيح زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام قال:«الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء».
وخبر
خالد بن نجيح عن
الصادق عليه السلام أنّه قال: «الأذان والإقامة مجزومان».
واستحباب
الوقف بالمعنى المزبور يقتضي استحباب ترك
الروم والإشمام والتضعيف؛ فإنّ فيها شائبة الإعراب،
وأمّا الوقف الذي بمعنى قطع النفس والسكوت فلا دليل على استحبابه؛ لأنّ الإجماع بل الشهرة لم يثبت إلّا على التسكين، وكذلك الخبر؛ فإنّه يتضمّن الجزم. أمّا قوله عليه السلام في خبر ابن نجيح الآخر: «موقوفان»
فغير دالّ على استحباب السكوت أو قطع النفس؛ لعدم كون الوقف- سيّما إذا نسب إلى الحرف حيث يقال: إنّه موقوف- في ذلك المعنى.
وأمّا اشتراطه مع ترك الحركة فلا دليل عليه أيضاً، وإنّما هو شيء ذكره القرّاء.
ثمّ نظراً إلى استحباب الوقوف في أواخر الفصول صرّح بعض الفقهاء بكراهة الإعراب فيها،
ولم يتعرّض لها الأكثر.
اتّفق الفقهاء على أنّه يستحبّ أن يتأنّى في الأذان ويحدر في الإقامة.
والمراد بالتأنّي هو الترسّل والتمهّل،بمعنى
إطالة الوقف في محلّه،
وقد عبّر عنه بالترتيل في كلمات عدّة من الفقهاء،
كما عبّر عنه بالترسّل.
وقيل: إنّ
الترتيل هو التبيين في تثبّت وترسّل.
وبمقابلته الحدر، وهو
الإسراع ، بمعنى تقصير الوقف في محلّه لا تركه بالكلّية.
وقد استدلّ على استحبابهما:
۱- بما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لبلال: «إذا أذّنت فرتّل، وإذا أقمت فاحدر».
۲- وبخبر
الحسن بن السري عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «الأذان ترتيل والإقامة حدر...».
۳- وبأنّ المقصود من الأذان
إعلام الغائب والبُعُد، والتثبّت فيه أبلغ للإعلام؛ لأنّ المقصود من الإقامة إعلام الحاضرين
وافتتاح الصلاة فلا فائدة من
التطويل فيها.
إلّا أنّ الظاهر من
الشيخ المفيد لزوم الترتيل حيث قال: «لا بدّ في الأذان من ترتيل».
وممّا يستحبّ في الأذان والإقامة الإفصاح بالحروف،
والمراد به التبيين
والإظهار .
ويدلّ عليه صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا أذّنت فافصح بالألف والهاء».
وكذا صحيحه الآخر عنه عليه السلام:«الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء، والإقامة حدر...».
وخبر
خالد بن نجيح عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «التكبير جزم في الأذان مع الإفصاح بالهاء والألف».
وقد اشتملت هذه الأخبار على الأمر بالإفصاح بالألف والهاء، إلّا أنّه اختلف في المراد بها.فذهب
ابن إدريس إلى أنّ المراد بالهاء هاء (إله)، لا هاء (أشهد) ولا هاء (اللَّه)؛ لأنّ الهاء في أشهد مبيّنة.
وقال
الشيخ البهائي في
الحبل المتين بعد نقل كلامه- «وكأنّه فهم من الإفصاح بالهاء
إظهار حركتها لا إظهارها نفسها».
واورد عليه بأنّ كونها مبيّنة لا يستلزم عدم
اللحن بها، بل كثير من المؤذّنين لا يظهر الهاءات المزبورة، بل الحاء من الفلاح لا يظهرها بخلاف هاء (إله) المتحرّكة،
بل كثير من المؤذّنين لا يظهرون الهمزات في أوّل الكلمات أيضاً.
وذهب
العلّامة الحلّي والشهيد إلى أنّ المراد بالهاء في لفظتي (اللَّه) و (الصلاة)، والحاء من (الفلاح).
وفي الذكرى أيضاً: الظاهر أنّ المراد من الألف ألف (اللَّه) الأخيرة غير المكتوبة وهاؤه في آخر الشهادتين. وكذا الألف والهاء في (الصلاة) من حيّ على الصلاة.
وقريب منه ما قاله
الشيخ البهائي والفيض الكاشاني والمحقّق النجفي.
واختصّه بعض المتأخّرين بالألف والهاء من لفظ الجلالة في آخر كلّ فصل هو فيه.
واورد على هذه التفاسير أيضاً بأنّه لا وجه لها؛
ولذا ذهب جمع آخر إلى أنّ المراد بالألف والهاء كلّ ألف وهمزة وهاء،
وذلك لإطلاق الأخبار.
يستحبّ ذكر اللَّه تعالى بالمدح
والتسبيح بين فصول الأذان والإقامة.
وكذا يستحبّ للمؤذّن أن يقول في نفسه إذا فرغ من قوله: (حيّ على الصلاة) : لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، وكذلك يقول عند قوله: (حيّ على الفلاح).
وكذا يستحبّ للمقيم أن يقول عند قوله:
(قد قامت الصلاة) : اللهمّ أقمها وأدمها واجعلني من خير صالحي أهلها عملًا، وكذلك يقول في نفسه إذا فرغ من قوله:(قد قامت الصلاة) : اللهمّ ربّ هذه الدعوة التامّة، والصلاة القائمة (الدائمة)، أعط محمّداً صلواتك عليه وآله سؤله يوم القيامة، وبلّغه الدرجة والوسيلة من الجنّة وتقبّل شفاعته في امّته.
المشهور بين الفقهاء استحباب الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام عند ذكر اسمه الشريف في الأذان والإقامة.
واستدلّوا لذلك:
۱- بعموم قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً».
۲- وبصحيح
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «وصلّ على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كلّما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره».
وذهب
المحدّث البحراني إلى وجوبه؛ لما استظهره من الرواية.
وأفتى به أيضاً
الحرّ العاملي ، حيث ذكرها في باب وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وكذا مال السيد الخوئي إلى الفتوى بالوجوب؛ لظاهر الأمر، إلّا أنّه عدل إلى الاستحباب، بل قوّاه؛ لأنّ المسألة كثيرة الدوران جدّاً، بل من أعظم ما تعمّ به البلوى، فلو كان الوجوب ثابتاً لاشتهر وشاع، مع أنّه لم يفت به معظم الفقهاء، ولم تجر عليه سيرة المتشرّعة إلّا القليل.
ثمّ ذكر بعض الفقهاء استحباب عدم الفصل بين جمل الإقامة، كما يفصل بين جمل الأذان.
بل ذهب
الشيخ جعفر كاشف الغطاء إلى استحباب
الإسراع في فصول الإقامة، إلّا في ذكر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيستحبّ توسيط الصلاة عليه وآله، وذكر عليّ عليه السلام بخصوصه لا بقصد الجزئيّة».
•
استحباب الفصل بين الأذان والإقامة، يستحبّ الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة
ركعتين أو خطوة أو قعدة أو
سجدة أو ذكر أو
دعاء أو سكوت، بل أو تكلّم أو غيرها على اختلاف فيما يثبت منها بالنسبة إلى كلّ صلاة.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۱۳۰-۱۴۵.