ميراث الأجداد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
حاول بعض
الفقهاء ضبط مراتب
الإرث بأنّ القريب إن تقرّب إلى الميّت من غير واسطة فهو الطبقة الاولى، وإن كان بينه وبين الميّت واسطة واحدة فهو الطبقة الثانية، وإن كان بينه وبين الميّت أزيد من واسطة فهو الطبقة الثالثة، ثم يبحث عن ميراث الطبقة الاولى و هم وهم الأولاد و
الأبوان وفيما يلي تفصيل ميراثهم ضمن جهات: الاولى- ميراث
الأبوين والأولاد، الثانية- ميراث أولاد الأولاد، الثالثة- ميراث الجدّ والجدّة مع الطبقة الاولى، الرابعة-
الحبوة ، الخامسة-
الطعمة ، وفيما يلي تفصيل ميراث الأجداد.
إنّ
تشريع ميراث الأجداد وكونه بعد عدم الآباء والأولاد وإن نزلوا ولا يحجبهم غير هؤلاء ولا يشاركهم إلّا الإخوة وأولادهم، كلّ ذلك ثابت إجمالًا بالكتاب والسنّة و
الإجماع .
أمّا الكتاب، قال اللَّه تعالى: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً»
الدالّ على أنّ ذوي القرابات بعضهم أولى ببعض في
التوارث .
منها: رواية
أبي أيّوب الخزّاز عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنّ في
كتاب علي عليه السلام أنّ كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به، إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه».
ومنها: قول
الإمام الصادق عليه السلام : «إذا التقت القرابات فالسابق أحقّ بميراث قريبه، فإن استوت قام كلّ واحد منهم مقام قريبه».
ومنها: رواية
زرارة عن
الإمام الباقر عليه السلام في قول اللَّه: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ» : «أنّ بعضهم أولى بالميراث من بعض؛ لأنّ أقربهم إليه رحماً أولى به».
ومنها: النصوص الخاصّة الواردة في تفاصيل ميراثهم، مثل ما عن
سالم بن أبي الجعد : أنّ عليّاً عليه السلام أعطى الجدّة المال كلّه،
وما عن
أبي عبيدة عن
أبي جعفر عليه السلام ، قال: سئل عن ابن عمّ وجدّ، قال: «المال للجدّ».
وأمّا الإجماع، قال
المحقق الأردبيلي : «دليل كون المال للجدّ أو الجدّة أو لهما للأب أو للُامّ ظاهر، وهو الإجماع، وظاهر النصوص مثل عموم (اولو الأرحام)، والأخبار المتقدّمة في تقديم الأقرب، و
الاعتبار ».
وقال
المحقّق النجفي : «لا خلاف بيننا في أنّ الجدّ وإن علا يقاسم الإخوة؛ لصدق
اسم الجدّ فضلًا عن أولادهم، بل عن بعض العامّة سقوط كلالة
الأبوين أو الأب مع الجدّ له وإن تواترت نصوصنا بخلافه».
وقد استفاد الفقهاء من الآية والنصوص العامّة- بضميمة ما ورد من الأخبار في تفاصيل ميراثهم- اموراً وهي:
لا يحجب الجدّ والجدّة من الميراث إلّا الولد وإن نزل و
الأبوان المتّصلان، ولا يرث معهم إلّا الأخوة وأولادهم والزوجان،
ولا يحجب الإخوة ولا أولادهم بالجدّ؛ لأنّهما صنفان، خلافاً للعامّة.
قال
الشيخ الطوسي : «أولاد
الأخ يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الجدّ، ولم يوافقنا عليه أحد».
لو اجتمع الأجداد بطوناً متصاعدة كجدّ الميّت وجدّ أبيه وهكذا، فالجدّ الأقرب إلى الميّت يحجب الجدّ الأبعد؛ لقاعدة القرب،
من غير فرق بين اتّحاد جهة القرب واختلافها، فلا يرث الجدّ الأعلى للأب ولو كان ذكراً مع الأدنى للُامّ ولو كان انثى، وكذا العكس.
قال
الفاضل الإصفهاني : «ولا يشترط عندنا في حجب القريب من الأجداد البعيد اتّحاد الجهة، فلا يرث الأعلى للأب مع الأدنى للُامّ، وكذا العكس».
ويدلّ عليه رواية
محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: «إذا لم يترك الميّت إلّا جدّه أبا أبيه، وجدّته امّ امّه فإنّ للجدّة الثلث، وللجدّ الباقي»، قال: «وإذا ترك جدّه من قبل أبيه وجدّ أبيه وجدّته من قبل امّه وجدّة امّه كان للجدّة من قبل الامّ الثلث وسقط جدّة الامّ، والباقي للجدّ من قبل
الأب وسقط جدّ الأب».
قال
السيّد الخوئي : «هذا مع المزاحمة، أمّا مع عدمها كما إذا ترك إخوة لُامّ وجدّاً قريباً لأب وجدّاً بعيداً لُامّ، أو ترك إخوة لأب وجدّاً قريباً لُامّ وجدّاً بعيداً لأب فإنّ الجدّ البعيد في الصورتين يشارك الإخوة، ولا يمنع الجدّ القريب من إرث الجدّ البعيد»؛
إذ المفروض أنّ الامّ مع عدم الولد ترث الثلث، فعلى تقدير عدم
ابن الأخ من الامّ يكون الثلث بتمامه للجدّ من الامّ؛ لأنّ سهمه سهم الامّ، والأقرب إنّما يمنع عن الأبعد فيما يكون سهم الأبعد. وبعبارة اخرى: إنّما يكون الأقرب حاجباً لانتقال
الإرث إلى الأبعد، وفي المقام لا يكون كذلك؛ إذ لا ينتقل السدس إلى الأخ من الأب، فإنّ الثلث على كلّ حال ينتقل إلى المتقرّب بالامّ، غاية
الأمر إن لم يكن غير الجدّ وارثاً ينتقل إليه بتمامه، وإلّا ينتقل إليهما.
يرث الأجداد حالة انفرادهم عن
الإخوة أثلاثاً فللجدّ والجدّة للأب ثلثا المال وللجدّ والجدّة للُامّ ثلثه وفق قاعدة
التنزيل المستفادة من قوله عليه السلام: «كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به، إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه»،
فيرث المتقرّب بالامّ الثلث؛ لأنّه فرض الامّ في الكتاب،
ويرث المتقرّب بالأب الثلثين. هذا على المشهور،
بل ادّعي
الاتّفاق عليه،
وإليه ذهب من المتقدّمين والد الصدوق والشيخ الطوسي والقاضي وابن حمزة والحلّي، ومن المعاصرين
السيّد الحكيم و
الإمام الخميني والسيّد الخوئي.
ويدلّ عليه رواية محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام: «إذا لم يترك الميّت إلّا جدّه أبا أبيه وجدّته امّ امّه فإنّ للجدّة الثلث وللجدّ الباقي».
۱- قال
الشيخ الصدوق : للجدّ من الامّ مع الجدّ للأب السدس والباقي للجدّ للأب.
۲- وقال
الفضل بن شاذان : «لو ترك جدّته امّ امّه واخته للأبوين فللجدّة السدس».
۳- وقال
العماني : «إنّه لو ترك جدّته امّ امّه وجدّته امّ أبيه فلُامّ الامّ السدس، ولُامّ الأب النصف، وما بقي ردّ عليهما على قدر سهامهما».
۴- وقال الحلبي وابن زهرة والكيدري: إنّ للجدّ أو الجدّة للُامّ السدس ولهما الثلث بالسويّة.
إلّا أنّ مستند هذه الأقوال غير واضح، وما ذكر لها غير تامّ، ومن هنا حكم متأخّروا الفقهاء ببطلانها وشذوذها.
وأمّا إذا اجتمعوا مع الإخوة فيكون كأحدهم فالجدّ أو الجدّة للُامّ بمنزلة الأخ أو الاخت منها والجدّ أو الجدّة للأب بمنزلة
الأخ أو الاخت منه بغير خلاف،
بل ادّعي عليه الإجماع من الكليني والشيخ الطوسي و
الفاضل المقداد .
منها: رواية
أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الإخوة من الامّ مع الجدّ، قال: «الإخوة من الامّ فريضتهم الثلث مع الجدّ».
ومنها: رواية
الحلبي عنه عليه السلام أيضاً في الإخوة من الامّ مع الجدّ، قال: «الإخوة من الامّ مع الجدّ نصيبهم الثلث مع الجدّ».
ومنها: روايته الاخرى عنه عليه السلام قال: سألته عن الإخوة من الامّ مع الجدّ، قال: «للإخوة فريضتهم الثلث مع الجدّ».
ومنها: رواية
عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سألته عن أخ لأب وجدّ، قال: «المال بينهما سواء».
ومنها: روايته الاخرى عنه عليه السلام أيضاً قال: سألته عن رجل ترك إخوة وأخوات لأب وامّ وجدّاً، قال: «الجدّ كواحد من الإخوة المال بينهم، للذّكر مثل حظّ الانثيين».
ومنها: رواية
أبي الربيع عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كان علي (عليه السلام) يورث الأخ من الأب مع الجدّ ينزّله بمنزلته».
ومنها: رواية
الفضلاء عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام قال: «إنّ الجدّ مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا»، قال: قلت: رجل ترك أخاه لأبيه وامّه وجدّه... فقال: «المال بينهما، وإن كانا أخوين أو مائة فله مثل نصيب واحد من الإخوة»، قال: قلت: رجل ترك جدّه واخته، فقال: «للذّكر مثل حظّ الانثيين، وإن كانتا اختين فالنصف للجدّ والنصف الآخر للُاختين، وإن كنّ أكثر من ذلك فعلى هذا الحساب، وإن ترك إخوة وأخوات لأب وامّ أو لأب، وجدّاً فالجدّ أحد الإخوة والمال بينهم، للذّكر مثل حظّ الانثيين»، وقال زرارة: هذا ممّا لا يؤخذ عليَّ فيه، قد سمعته من أبيه ومنه قبل ذلك، وليس عندنا في ذلك شكّ ولا اختلاف.
هذا مضافاً إلى
إطلاق النصوص التي نزّلت الأجداد منزلة الإخوة كقول أبي عبد اللَّه عليه السلام: «إنّ الجدّ شريك الإخوة، وحظّه مثل حظّ أحدهم ما بلغوا، كثروا أو قلّوا».
وقول أبي جعفر عليه السلام في رواية
إسماعيل الجعفي : «الجدّ يقاسم الإخوة ولو كانوا مائة ألف».
فالجدّ أو الجدّة للُامّ إذا اجتمع مع الأخ أو الاخت لها يرث الثلث ويقسّم بالسويّة. والجدّ أو الجدّة للأب إذا اجتمع مع الأخ أو
الأخت له يرث الباقي، فإن كانا متّحدين يقسّم بالسويّة أيضاً، وإن كانا مختلفين يرث الذّكر مثل حظّ الانثيين.
في ميراث الأجداد من حيث انفرادهم واجتماعهم مع الزوجين والإخوة ثلاث حالات:
۱- إذا انحصر الوارث بالجدّ أو الجدّة للأب أو للُامّ أو لهما، كان له المال كلّه؛
لقول الإمام الباقر عليه السلام في رواية أبي عبيدة: «المال للجدّ»،
ولما روي أنّ
عليّاً عليه السلام أعطى الجدّة المال كلّه.
۲- إذا اجتمع الجدّ والجدّة معاً فإن كانا لأب كان المال لهما يقسّم بينهما للذكر ضعف الانثى، وإن كانا لُامّ فالمال أيضاً لهما يقسّم بينهما بالسويّة،
كما تقدّم.
۳- إذا اجتمع الأجداد أو بعضهم وكان بعضهم لُامّ وبعضهم لأب كان لمن يتقرّب بالامّ الثلث وإن كان واحداً. نعم، إن تعدّد يقسّم المال بالسويّة، ولمن يتقرّب بالأب الثلثان للذّكر مثل حظّ الانثيين، حيث تقدّم أنّ كلّ قريب يرث نصيب من يتقرّب به، ومن المعلوم أنّ نصيب الامّ الثلث والأب الثلثان،
ولا فرق بين الجدّ الأدنى والأعلى إلّا إذا اجتمعوا فيكون الميراث للأدنى، ولا يرث الأعلى شيئاً؛ لما تقدّم.
ثمّ لاجتماع الجدودة تسع صور حاصلة من ضرب ثلاث صور وجود المتقرّب بالامّ- الجدّ أو الجدّة أو هما- في ثلاث صور وجود المتقرّب بالأب كذلك، بعضها إجماعي وبعضها مختلف فيه
نذكرها تباعاً:
أ- اجتماع الجدّين للُامّ مع الجدّين للأب. ب- اجتماع الجدّين للُامّ مع الجدّ للأب. ج- اجتماع الجدّين للُامّ مع الجدّة للأب. وقد اتّفقوا
في هذه الصور الثلاث على أنّ للمتقرّب بالامّ الثلث، وللمتقرّب بالأب الثلثين. د- اجتماع الجدّة للُامّ والجدّة للأب، وقد خالف في هذه الصورة الفضل والعماني- كما تقدّم- فجعلا للجدّة للُامّ السدس تنزيلًا لها منزلة كلالة الامّ، وللجدّة للأب النصف تنزيلًا لها منزلة كلالة الأب. ه- اجتماع الجدّ للُامّ مع الجدّ للأب، وخالف الشيخ الصدوق فجعل السدس للجدّ للُامّ والباقي للجدّ للأب. و- اجتماع الجدّة للُامّ مع الجدّ للأب. ز- اجتماع الجدّة للُامّ مع الجدّين للأب. ح- اجتماع الجدّ للُامّ مع الجدّين للأب. ط- اجتماع الجدّ للُامّ مع الجدّة للأب، وخالف في غير الصور الإجماعيّة الحلبي و
ابن زهرة والكيدري فجعلوا للمتقرّب بالامّ السدس والباقي للأب،
كما تقدّم تفصيله.
إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج نصف المال وللزوجة ربعه، ويعطى المتقرّب بالامّ الثلث والباقي من التركة للمتقرّب بالأب؛
لقول الباقر عليه السلام: «إنّ اللَّه أدخل الزوج والزوجة على جميع
أهل المواريث، فلم ينقصهما من الربع والثمن»،
كما يأتي.
ونصيب المتقرّب بالامّ هو الثلث؛ للإجماع وقاعدة التنزيل كما تقدّم، والباقي كثر أم قلّ للمتقرّبين بالأب؛ لأنّهم الذين يزادون وينقصون.
إذا اجتمع الإخوة مع الأجداد فالجدّ كالأخ والجدّة كالأُخت، فالجدّ وإن علا يقاسم الإخوة وكذلك الجدّة، فإذا اجتمع الإخوة والأجداد فإمّا أن يتّحد نوع كلّ منهما مع
الاتحاد في جهة النسب بأن يكون الأجداد والإخوة كلّهم للأب أو كلّهم للُامّ أو مع
الاختلاف فيها كأن يكون الأجداد للأب والإخوة للُامّ، وإمّا يتعدّد نوع كلّ منهما بأن يكون كلّ من الأجداد والإخوة بعضهم للأب وبعضهم للُامّ أو يتعدّد نوع أحدهما ويتّحد الآخر بأن يكون الأجداد نوعين: بعضهم للأب وبعضهم للُامّ والإخوة للأب لا غير أو للُامّ لا غير، أو يكون الإخوة بعضهم للأب وبعضهم للُامّ والأجداد كلّهم للأب لا غير أو للُامّ لا غير، ثمّ إنّ كلّاً منهما إمّا أن يكون واحداً ذكراً أو انثى أو متعدّداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً، فهنا صور:
أن يكون الجدّ واحداً ذكراً أو انثى، أو متعدّداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً من قبل الامّ وكان الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً من قبل الامّ فيقسّمون المال بينهم بالسويّة؛
لأنّ المفروض أنّه لا وارث إلّا من يتقرّب بالامّ والمفروض أنّ المتقرّبين بالامّ لا تفاضل بينهم بالذكورة والانوثة، فالمال يقسّم بينهم بالسوية بمقتضى النصوص الدالّة على أنّ الجد شريك الإخوة- كما تقدمت مجموعة منها- فإنّ المستفاد منها أنّه لو اجتمع الجدّ مع الأخ يكون حكمه حكم الأخ، فكما أنّ سهم الأخوين من الامّ الثلث كذلك سهم الأخ من الامّ مع الجدّ من الامّ الثلث.
أن يكون كلّ من الجدّ والأخ على أحد الأقسام المذكورة فيهما للأب، فيقسّمون المال بينهم أيضاً بالسويّة إن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً، وإن اختلفوا في الذكورة و
الأنوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذّكر مثل حظّ الانثيين.
ويدلّ عليه- مضافاً إلى
الإجماع - رواية الفضلاء عن الإمام الباقر أو الصادق عليهما السلام قال: «إنّ الجدّ مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا»؛
لأنّ المفروض أن لا وارث غيرهم، فعلى هذا لو كان كلّهم ذكوراً أو إناثاً يقسّم المال بينهم بالسويّة؛ لعدم التفاضل، ومع الاختلاف يكون سهم الذّكر ضعف الانثى.
أن يكون الجدّ للأب والأخ للأبوين والحكم فيها كالمسألة السابقة.
أن يكون الأجداد متفرّقين بعضهم للأب وبعضهم للُامّ ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً، والإخوة كذلك بعضهم للأب وبعضهم للُامّ ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً، فللمتقرّب بالامّ من الإخوة والأجداد جميعاً الثلث يقتسمونه بالسويّة، وللمتقرّب بالأب منهم جميعاً الثلثان يقتسمونهما للذّكر مثل حظّ الانثيين، مع الاختلاف بالذكورة والانوثة وإلّا فبالسويّة.
أن يكون الجدّ على أحد الأقسام المذكورة للأب والأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً للُامّ، فيكون للأخ السدس إن كان واحداً والثلث إن كان متعدّداً يقسّم بالسويّة، والباقي للجدّ واحداً كان أو متعدّداً، ومع الاختلاف في الذكورة والانوثة يقتسمونه بالتفاضل، كما تقدّم.
أن يكون الجدّ بأقسامه المذكورة للُامّ والأخ للأب، فيكون للجدّ الثلث؛ لما تقدّم أنّ حصة الجدّ للُامّ منفرداً الثلث، وللأخ الثلثان، وإذا كانت مع الجدّ للُامّ اخت للأب فإن كانتا اثنتين أو أزيد لم تزد الفريضة على السهام؛ لأنّ الثلث للجدّ والثلثين للُاختين فما زاد، وذلك تمام الفريضة. وإن كانت واحدة كان لها النصف وللجدّ الثلث ويبقى سدس، وهل يردّ على الاخت خاصّة أو عليهما؟ هذا يبتني على أنّ المتقرّب بالأب إذا اجتمع مع المتقرّب بالامّ هل يردّ الزائد على المتقرّب بالأب خاصّة أو عليهما؟ والأكثر على الأوّل، كما تقدّم.
نعم، أفتى جماعة من أعلام المعاصرين بلزوم
الاحتياط بالصلح وإن كان الأرجح الردّ على خصوص المتقرّب بالأب،
ولعلّ منشأه فتوى بعض الفقهاء بالردّ على الجميع،
كما تقدّم. وقيل: لا اشكال في حسن الاحتياط، أمّا لزومه فلا وجه له مع التصريح في حديث بكير بن أعين المتقدّم بأنّ الإخوة للأب هم الذين يزادون وينقصون،
ولعلّ هذا هو سبب
الترجيح عندهم.
إذا كان الأجداد متفرّقين وكان معهم أخ أو أكثر لأب، كان للجدّ للُامّ وإن كان انثى واحدة الثلث، ومع تعدّد الجدّ يقتسمونه بالسويّة ولو مع الاختلاف في الذكورة والانوثة، والثلثان للأجداد للأب مع الإخوة له يقتسمونه للذّكر مثل حظّ الانثيين، وإذا كان معهم بدل الأخ للأب أخ لُامّ، فللجدّ من الامّ والأخ لها الثلث بالسويّة ولو مع الاختلاف بالذكورة والانوثة، وللأجداد للأب الثلثان يقتسمونه بالتفاضل.
إذا كان الجدّ للأب لا غير والإخوة متفرّقين فللإخوة للُامّ السدس إذا كان واحداً والثلث إن كان متعدّداً يقتسمونه بالسويّة، وللإخوة للأب مع الأجداد للأب الباقي.
ولو كان الجدّ للُامّ لا غير والإخوة متفرّقين كان للجدّ للُامّ مع الإخوة للُامّ الثلث بالسوية، وللأخ للأب الباقي.
للأجداد مراتب عديدة متصاعدة:
الأجداد المباشرون وهم أربعة: أب أب الميّت، وامّ أب الميّت، وأب امّ الميّت، وامّ امّ الميّت.
وهي فوق المرتبة الاولى ويكون عددهم ضعف عدد المرتبة الاولى؛ لأنّ لكلّ من اولئك الأربعة أباً وامّاً، فيكونون ثمانية: أبُ أب الأب، وامّ أب الأب، وأبُ امّ الأب، وامّ امّ الأب، وأبُ أب الامّ، وامّ أب الامّ، وأبُ امّ الامّ، وامّ امّ الامّ.
وهي فوق المرتبة الثانية، ويكون عددهم ضعف المرتبة الثانية، فيبلغ عددهم إلى ستّة عشر جدّاً، وهكذا تتصاعد المراتب. نعم، كلّ مرتبة قريبة تحجب المرتبة البعيدة، فلا ترث المرتبة الثانية لو بقي واحد من المرتبة الاولى ولو انثى، وهكذا. وقد تقدّم تفصيل ميراث المرتبة الاولى، وأمّا المرتبة الثانية فإنّهم إمّا يوجدون كلّهم حال وفاة المورّث أو يوجد بعضهم دون بعض فتكون صورها عديدة،
ويُقتصر هنا على ذكر ما تعرّض له الفقهاء، وهي كيفيّة إرث الأجداد الثمانية، وقد اختلفوا فيها إلى ثلاثة أقوال:
المشهور
- بل قيل
: لم يوجد مخالف إلّا
معين الدين المصري و
البرزهي - على أنّ لأجداد الامّ الأربعة الثلث يقتسمونه أرباعاً بالسويّة، ولأجداد الأب الأربعة الثلثين، يقتسمون بينهم بالتفاضل للذّكر مثل حظّ الانثيين وكلّ فريق من هؤلاء يقسمون الثلثين أثلاثاً أيضاً، فلأبوي أب أب الميّت ثلثا الثلثين للذّكر مثل حظّ الانثيين، ولأبوي امّ أبيه الثلث يقسمان للذّكر ضعف الانثى أيضاً.
ووجه ذلك ملاحظة جهة
الانتساب إلى نفس الميّت،
فالذي ينتسب إليه بالامّ يأخذ بالسويّة، وإن كان جدّ أب امّ الميّت؛ لأنّ لكلّ ذي رحم نصيب قريبه، ونصيب أب أب الميّت- أي جدّه لأبيه- الثلثان، فهما لمن يتقرّب به، ونصيب امّ أبيه الثلث، فهو لمن يتقرّب بها.
وتصحّ المسألة على هذا القول من مائة وثمانية؛
لأنّ أصل الفريضة ثلاثة،
واحد منها ۳ ۱ وهو فرض أقرباء امّه غير قابل للتقسيم عليهم؛ لأنّهم أربعة، واثنان منها ۳ ۲ لأقرباء أبيه وهو أيضاً غير قابل للتقسيم عليهم؛ لأنّ سهامهم تسعة؛ لأنّ ثلثي الثلثين لجدّ أبيه يقسّم أثلاثاً وثلثهما لجدّ امّ أبيه أثلاثاً أيضاً، فتبلغ سهامهم تسعة من ضرب ثلاثة في ثلاثة. وبين عدد سهم كلّ فريق ونصيبه تباين، فإنّ سهم أقرباء الامّ أربعة ونصيبهم واحد وهما متباينان. وكذا بين عدد سهم أقرباء الأب ونصيبهم، فإنّ سهامهم تسعة ونصيبهم اثنان، فتطرح النصيب وتضرب أحد العددين في الآخر، فيكون الحاصل ستّة وثلاثين وتضرب في أصل
الفريضة وهي ثلاثة تبلغ مائة وثمانية،
ومنها تبدأ القسمة.
وهو قول معين الدين المصري الذي ذهب إلى أنّ ثلث الثلث لأبوي امّ الامّ يقسّم بينهما بالسويّة، وثلثيه لأبوي أبيها أيضاً بالسويّة، وثلث الثلثين لأبوي امّ الأب يقسّم بينهما بالسويّة أيضاً، وثلثي الثلثين لأبوي أبيه أثلاثاً.
ووجهه هو ملاحظة أنّ جهة الانتساب والواسطة إلى الميّت في كلا الطرفين هي الامّ، فيلحظ في الميراث والقسمة نصيبها.
وهو قول البرزهي الذي ذهب إلى أنّ نصيب قرابة الأب يقسّم بينهم كما قال المشهور، وأمّا قرابة الامّ فيقتسمون نصيبهم بينهم أثلاثاً، ثلثه لأبوي امّ الامّ بالسويّة، وثلثاه لأبوي أبيها أثلاثاً.
ووجهه هو ملاحظة جهة الانتساب إلى الميّت في كلا الطرفين هي الأب، فيلحظ في الميراث والقسمة نصيبه.
وأورد في
الجواهر - حتى على قول المشهور- بأنّه «مجرّد اعتبارات لا تصلح مدركاً للحكم الشرعي... ومن ثمّ كان الاحتياط ولو بالصلح أو غيره لا ينبغي تركه».
وفي
الرياض - بعد أن استشكل في المسألة؛ لعدم وضوح الدليل، وضعف الاعتبارات- قال: «إنّ العمل بالمشهور متعيّن في أمثال المحال لو لم يكن بدّ، ولا يمكن احتياط».
ثمّ إنّه تصحّ المسألة على هذين القولين من أربعة وخمسين وإن اختلف وجه
الارتفاع فيهما؛ لأنّه على القول الأوّل سهام قرابة الامّ ستّة وسهام قرابة الأب ثمانية عشر، وعلى القول الثاني سهام قرابة الامّ ثمانية عشر وسهام قرابة الأب تسعة، وعلى التقديرين يجتزي ثمانية عشر التي هي عدد الأكثر كما هو القاعدة في الأعداد المتداخلة، وتضرب في أصل الفريضة وهي ثلاثة فتبلغ أربعة وخمسين وتبدأ القسمة من ذلك.
وذهب
الفاضل النراقي إلى أنّ الأظهر في تقسيم الثلثين بين الأجداد الأربعة للأب هو ما ذكره الأكثر، وفي تقسيم أصل الثلث بين الأربعة للُامّ هو القولان الآخران، من انقسامه بينهم أثلاثاً وفي تقسيم ثلثي الثلث بين أبوي أب الامّ هو ما ذكره البرزهي، وفي تقسيم ثلثه بين أبوي امّها هو التفاوت أيضاً. ووجهه أنّ أصل التقسيم أثلاثاً ممّا قام عليه الإجماع، وأنّه وفق قاعدة: كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به.
وكذا تقسيم الثلثين بين الأجداد للأب أثلاثاً الثلثان لأبوي أب الأب والثلث لأبوي امّه، وأمّا تقسيم قرابة الامّ بالسويّة فلا دليل عليه إلّا الإجماع وهو مفقود هنا؛ لوجود الخلاف، وما دام أنّ المسألة فيها الخلاف، فيعمل بمقتضى قاعدة التفضيل. وأجاب عمّا يمكن أن يلاحظ عليه من أنّه خروج عن دائرة الأقوال الثلاثة بأنّه لا ضير فيه؛ لعدم ثبوت
الإجماع المركّب في المقام. وليعلم أنّه تصحّ القسمة على هذا القول عن سبعة وعشرين.
قال المحقق النجفي: «ولو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على أجداد الأب الأربعة دون أجداد الامّ؛ لما سمعته فيعطى سهمهما الأعلى وهو النصف أو الربع، فالباقي حينئذٍ على المشهور لقرابة الأب ثمانية عشر من المائة والثمانية، ثلثها- وهو ستّة- للجدّين من امّه أثلاثاً وثلثاها- وهو اثنا عشر- لهما من أبيه كذلك...
وأمّا على القولين الآخرين فالباقي لهم تسعة، لكن ينقسم عليهم على الثالث أثلاثاً، ثلاثة للجدّين من الامّ أثلاثاً، وستّة لهما من الأب كذلك، بخلاف قول المصري، فإنّ الثلاثة لا تنقسم على الجدّين من الامّ بالسويّة فيحتاج حينئذٍ إلى ضرب الاثنين في الأربعة والخمسين، فتبلغ مائة وثمانية وتبقى لهم حينئذٍ ثمانية عشر كما في المشهور».
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۲۱۵- ۲۲۹.