واجبات الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
( فالواجب ثلاثة. )
الأول : (
النية ، وهو أن يقصد بقلبه إلى )
إيقاع المنوي مع مشخصاته الأربعة من (الجنس من الحجّ أو العمرة، والنوع من التمتع أو غيره) القران و
الإفراد (والصفة من واجب أو غيره، و
حجّة الإسلام أو غيرها) متقرباً إلى الله تعالى، كما في كل عبادة.
ولا خلاف ولا إشكال في
اعتبار القربة، وكذا في الباقي حيث يتوقف عليه التعيين؛ لتوقف
الامتثال عليه مطلقاً؛ وظواهر الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة هنا، ففي الصحيح : «ينوي العمرة ويحرم بالحجّ».
وفيه : «ولا تسمِّ حجاً ولا عمرة، وأضمر في نفسك المتعة، فإن أدركت متمتعاً، وإلاّ كنت حاجّاً».
وفيه «انو
المتعة ».
وغير ذلك من الأخبار الكثيرة الآمرة بتشخيص المنوي وتعيينه، المعتضدة بأخبار
الدعاء المتضمنة لتعيينه،
وبأنه لو جاز
الإهمال كان هو الأحوط لئلاّ يفتقر إلى العدول إذا اضطرّ اليه، ولما احتاج إلى
اشتراط : إن لم يكن حجة فعمرة.
خلافاً للمحكي عن
المبسوط والمهذّب والوسيلة،
فيصحّ
الإحرام من غير نية كونه لحجّ أو عمرة، وينصرف إلى
العمرة المفردة إن كان في غير
أشهر الحج ، ويتخير بينهما إن كان فيها.
قيل : وهو خيرة
التذكرة والمنتهى. ولعلّه أقوى؛ لأن النسكين في الحقيقة غايتان للإحرام غير داخلين في حقيقته، ولا يختلف
حقيقة الإحرام نوعاً ولا صنفاً باختلاف غاياته، فالأصل عدم وجوب التعيين، وأخباره مبنية على الغالب أو الفضل، وكذا العدول والاشتراط.
انتهى.
وفيه نظر كسائر ما استدل به لهذا القول.
وأما اعتبار نية الوجه ففيه حيثما لا يتوقّف عليه التعيين الكلام المعروف المتقدم في كتاب
الطهارة .
(ولو نوى نوعاً) مثلاً (ونطق بغيره) عمداً أو سهواً (فالمعتبر النية) أي المنوي؛ كما في بعض الصحاح المتقدّمة؛
مضافاً إلى أن النية أمر قلبي فلا اعتبار بالنطق، فيصحّ الإحرام بمجرد النية ولو من دونه.
وعليه يدل نحو الصحيح : إني أُريد
التمتع بالعمرة إلى الحجّ، فكيف أقول؟ فقال : «تقول : اللهمّ إني أُريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنّة نبيك، وإن شئت أضمرت الذي تريد».
•
التلبيات الأربع،
•
صورة التلبيات،
•
تلبية الأخرس،
(الثالث :
لبس ثوبي الإحرام ، وهما واجبان) بغير خلاف أجده، وبه صرّح جماعة،
مؤذنين بدعوى
الإجماع عليه، كما في صريح التحرير وغيره،
بل في
المنتهى : لا نعلم فيه خلافاً.
و
الأصل فيه بعده التأسي، والصحاح المستفيضة المتضمنة للأمر به.
وضعف دلالته على الوجوب فيها لكونه من
الأئمّة :، ووروده في سياق الأوامر المستحبة مجبور بالإجماع عموماً وخصوصاً كما عرفته.
وما يقال على الأول من أن اللبس من العادات التي لم يثبت كونه من العبادات، فيه ما فيه؛ فإن
الاستمرار على مثل هذا النوع من اللبس، والتجرد من المخيط في الوقت، ممّا يقطع بكونه من العبادات، فتأمل.
وهل هو شرط في صحة الإحرام حتى لو أحرم عارياً أو لابساً مخيطاً لم ينعقد، كما عن ظاهر
الإسكافي ؛
أم لا، بل يترتب عليه
الإثم خاصة، كما صرّح به من المتأخرين جماعة
؟
ظاهر الأصحاب كما ذكره الشهيد العدم،
قال : لأنهم قالوا : لو أحرم وعليه قميص نزعه ولا يشقه، ولو لبسه بعد الإحرام وجب شقه و إخراجه من تحت، كما هو مروي.
ويضعف : بأن كلامهم هذا قد يدل على عدم
الانعقاد ، فإن الشق و
الإخراج من تحت للتحرز عن ستر الرأس، فلعلّهم لم يوجبوه في الأول لعدم الانعقاد.
وفيه نظر؛ لبعد
الاحتمال ، إذ لو كان لعدم الانعقاد للزمهم التصريح كي لا يتوهم الخلاف، سيّما وأنه ظاهر جملة من النصوص الدالّة على هذا الحكم :
منها : الخبر فيمن أحرم في قميصه وهو ينتف شعره ويضرب وجهه بعد ما لامه الناس وقالوا له : عليك
بدنة والحجّ من قابل وحجك فاسد، فدنا من
مولانا الصادق عليه السلام فقال له عليه السلام: «اسكن يا عبد الله، ما تقول؟» قال : كنت رجلاً أعمل بيدي، فاجتمعت لي نفقة فجئت أحجّ لم أسأل أحداً عن شيء، فأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي وأنزعه من قبل رجلي وأن حجي فاسد وأن عليّ بدنة، فقال عليه السلام: «متى لبست قميصك، أبعد ما لبّيت أم قبل؟» قال : قبل أن أُلبّي، قال : «فأخرجه من رأسك فإنه ليس عليك بدنة، وليس عليك حجّ من قابل، أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه، طُف بالبيت سبعاً، وصلّ عند
مقام إبراهيم ، واسعَ بين الصفا والمروة، وقصّر من شعرك، فاذا كان
يوم التروية فاغتسل وأهلّ بالحجّ واصنع كما يصنع الناس».
وقريب منه آخر.
وفرقهما بين الجهل والعمد الظاهر أنه إنما هو
بالإضافة إلى نفي
الكفارة ، وإلاّ فالجهل ليس عذراً لصحة العبادة مع المخالفة وعدم المطابقة، فتأمل.
هذا، ويؤيد عدم الاشتراط
إطلاق ما مرّ من الصحاح من أن الإحرام ينعقد بالتلبية وما في معناه، وأنه عبارة عنها، فتدبر.
والمراد بالثوبين
الإزار والرداء بلا إشكال فيه، ولا في كون المعتبر من الأول ما يستر العورة وما بين الركبتين إلى السرّة، ومن الثاني ما يوضع على المنكبين، كما في صريح المسالك وظاهر غيره،
ويستفاد من النصوص.
ففي الصحيح : «والتجرد في إزار ورداء أو إزار وعمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء».
وفي التوقيع المروي في
الاحتجاج ، عن
مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه : «جائز أن يتّزر
الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثاً بمقراض ولا
إبرة يخرجه عن حدّ المئزر وغرزه غرزاً،
ولم يعقده ولم يشدّ بعضه ببعض، وإذا غطّى السرة والركبتين كليهما، فإن السنّة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرّة والركبتين، والأحب إلينا والأكمل لكل أحد شدّه على السبيل المألوفة المعروفة _ للناس _جميعاً إن شاء الله تعالى».
وما فيه من النهي عن عقد الإزار الأحوط مراعاته، فقد ورد في غيره كالقولي، أو الصحيح كما قيل ـ : نهى عن عقده في عنقه.
والمروي في
قرب الإسناد : «المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته، ولكن يثنّيه على عنقه ولا يعقده».
وحكي عن الفاضل والشهيد في
الدروس وغيرهما.
ولم أقف في كيفية لبس الرداء على نصّ، وظاهر الأصحاب عدم الخلاف في جواز
الارتداء به، _أي جَعْله على المنكبين. _ وزاد جمع جواز التوشح، _أي جَعْله على منكب واحد كما عن الشهيد في بعض حواشيه وعن جماعة من أهل اللغة أنه إدخاله تحت اليد اليمنى وإلقاؤه على المنكب الأيسر. (منه رحمه الله). _ كشيخنا في المسالك، نافياً
الإشكال عنه،
ولا بأس به، عملاً بالإطلاق.
والظاهر أنه لا يجب
استدامة اللبس، كما صرّح به جماعة؛
لصدق
الامتثال ، وعدم دليل على وجوب
الاستمرار .
•
شرائط ثوبي الإحرام،
رياض المسائل، ج۶، ص۲۰۷- ۲۳۲.