ذهب الفقهاء إلى أنّ أشهر الحجّ إجمالًا هي: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجّة، وهذا المقدار لا إشكال ولا خلاف فيه.
إنّما الخلاف في أنّ شهر ذي الحجّة كلّه من أشهر الحجّ أو قسم منه؟ فيه أقوال:
الأوّل: أنّه كلّه من أشهر الحجّ. ذهب إليه أكثر الفقهاء،
هذا، وقد ذكر غيرواحد من الفقهاء أنّ هذا النزاعلفظي لا ثمرةعمليّة فيه إلّافي نحو النذر وأخويه؛ وذلك لأنّه إن كان ا لمراد من أشهر الحجّ الأشهر التي يصحّ إيقاعأعمال الحجّ فيها فإنّ ذا الحجّة كلّه من أشهر الحجّ؛ لأنّه لا خلاف في أنّ بعض الأعمال يجوز إيقاعها في جميع أيّام ذي الحجّة كطواف النساء والسعي ونحوهما، وهذا يرجع إلى القول الأوّل، وإن كان المراد منها ما يصحّ إنشاء الإحرام فيها فلا خلاف- أيضاً- في أنّه لا يصحّ إلّا في شوّال وذي القعدة والعشر الاول من ذي الحجّة، وهذا يرجع إلى باقي الأقوال، على خلاف فيه من حيث الاختلاف في وقت إدراك الوقوفين على ما تقرّر في محلّه ، فالنزاع في هذه المسألة يرجع إلى تفسير هذا اللفظ في الآية ، وإلّا فالمراد واضح على المستوىالفقهي .
صرّح غير واحد من الفقهاء بأنّ الإحرام بالحجّ على اختلاف أنواعه لا يصحّ إلّا في أشهر الحجّ، وكذا الإحرام بالعمرة المتمتّع بها، وأمّا الإحرام بالعمرة المفردة فيصحّ في جميع أيّام السنة ، أيّ وقت شاء،
لو أحرم في غير هذه الأشهر فلا خلاف في عدمالانعقاد بهما؛ لما تقدّم من اشتراطوقوع الإحرام بهما في هذه الأشهر، ولا فرق في ذلك بين وقوع جميع أفعال الإحرام في غير أشهر الحجّ أو بعضها.
خلافاً لابن البرّاج حيث قال: «من اعتمر عمرة- غير متمتّع بها إلى الحجّ- في شهور الحجّ، ثمّ أقام بمكّة إلى أن أدرك يوم التروية، كان عليه أن يحرم بالحجّ ويخرج إلى منى ، ويفعل ما يفعله الحاج ّ ، ويصير بعد ذلك متمتّعاً... ومن دخل مكّة بعمرة مفردة في أشهر الحجّ جاز له أن يقضيها ويخرج إلى أيّ موضع أراد، ما لم يدركه يوم التروية»؛
إذا استأجر أجيراً ليحجّ عنه بنفسه، فإمّا أن يعيّن الزمان أو لا، فإن عيّنه وجب أن يكون الأجير على صفة يمكنه معها التلبّس بالإحرام في أشهر الحجّ، فإن لم يمكنه ذلك- إمّا لضيقالوقت أو لمرض أو لغيرذلك- بطل العقد ؛ لأنّه عقد على ما لا يصحّ، بناءً على ما تقدّم من اشتراطوقوع إحرام الحجّ في أشهره، وكذا إذا كان الأجير حين العقد ممّن يصحّ منه الحجّ فأخّر حتى فات الوقت، فيبطل العقد؛ لأنّ الوقت الذي عيّنه قد فات، بلا فرق فيه بين ما كان تأخيره لعذر أو لغير عذر.
لا يصحّ نذر الإحرام للحجّ أو لعمرة التمتّع في غير أشهر الحجّ؛ لما تقدّم من عدم مشروعيّته و اشتراط وقوع إحرامهما في هذه الأشهر. وكذا ما يشبه النذر من العهد و اليمين .