تستعمل كلمة (اولو الإربة) في الروايات وكلمات الفقهاء مضافاً إليه لكلمة (غير) بتبع القرآن في قوله تعالى: «أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ»،
وأمّا الأخبار فصريح أكثرها أنّه خصوص الأحمق الذي لا حاجة له في النساء:
منها: رواية زرارة ، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله عزّوجلّ: «أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ» إلى آخر الآية ، قال: «الأحمق الذي لا يأتي النساء».
نعم، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: «وأمّا قوله: «أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ» فهو الشيخ الكبير الفاني الذي لا حاجة له في النساء...».
====قول المحدث البحراني====
قال المحدّث البحراني : «قد دلّت الآية على استثناء «التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ» من تحريم النظر إلى الأجنبية، فيجوز لهم النظر حينئذٍ».
وإنّما الخلاف في حدوده؛ لخلافهم في شمول غير اولي الإربة لبعض المصاديق ، - كالشيخ الهمّ ، والعنّين، و المخنّث ، والخصيّ ونحوه- مضافاً إلى بعض الروايات الواردة في خصوص الخصي،
و الجواب عن الآية: أنّه محمول على الخصيّ الكبير الهمّ الذي ذهبت شهوته، فإنّه يصدق عليه أنّه غير اولي الإربة...
وأمّا المجبوب الذي بقي انثياه، والخصي الذي بقي ذكره، فإنّه كالفحل ، وكذا العنّين، والمخنّث- وهو المتشبّه بالنساء- والشيخ الهمّ، فالأقرب أنّهم كالفحل؛ لعموم الآية».
====قول المحقق الكركي====
وقال المحقّق الكركي : «ولو كان شيخاً كبيراً جدّاً هَرِماً ، ففي جواز نظره احتمال، ومثله العنّين والمخنّث... واختار في التذكرة أنّهم كالفحل؛ لعموم الآية. وهو قويّ ، و «غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ» إنّما يدلّ على الأبله الذي لا يحتاج إلى النساء، ولا يعرف شيئاً من امورهنّ، والمجبوب الذي بقي انثياه، والخصي الذي بقي ذكره كالفحل، وأمّا الخصي الممسوح ففي جواز نظره إلى مالكته- لو كان مملوكاً - قولان:
أحدهما- واختاره بعض الأصحاب و المصنّف في المختلف -: الجواز ...
والثاني- وهو مختار الشيخ في الخلاف والمصنّف في التذكرة-: العدم ... ومختار المختلف لا يخلو من قوّة، وعليه تدلّ الآية».
وقال المحدّث البحراني بعد التعرّض للأخبار السابقة عدا خبر أبي الجارود المتعرّضة للشيخ الكبير-: «قد اشتركت هذه الروايات في تفسيره بالأحمق الذي لا يأتي النساء ... وإنّما قيّده بكونه مولّى عليه؛ لنقصان عقله، ولكن لابدّ من تقييده بمن ذكر في هذه الروايات بأنّه لا يأتي النساء، أي ليس له شهوة توجب إتيانه النساء، وإلّا فمجرّد كونه ناقص العقل وأبلهاً مع حبّه لإتيان النساء و تلذّذه بذلك فإنّه لا يكون داخلًا في الفرد المستثنى».
ثمّ قال: «و الغالب فيمن لا يشتهي إتيان النساء إنّما هو الخصي والعنّين، والمراد هنا ما هو أعمّ منهما».
====قول المحقق النجفي====
وقال المحقّق النجفي : «بعد أن ظهر الحال استقرّ مذهب الشيعة على عدم جواز نظر المملوك الفحل إلى سيّدته وكونه كالأجنبي، بل وكذا استقرّ على عدم الفرق في عدم الجواز بين الخصي الحرّ أو المملوك بالنسبة إلى غير سيّدته أيضاً...
فمن الغريب تردّد بعض أصحابنا في ذلك.
وأغرب منه دعواه اندراجه في غير اولي الإربة المتّفقة أخبارنا على تفسيره بغير ذلك... ثمّ ذكر الأخبار المفسّرة له بالأحمق، ثمّ قال: و دعوى كون الخصي مقطوع الشهوة، يدفعها منع كونه بأقسامه كذلك، وإن قلنا باختصاص محلّ البحث في مقطوع الذكر و الانثيين منه، فإنّ انقطاع الشهوة منه أيضاً مطلقاً ممنوع ... وقد ظهر من ذلك أنّ المراد بغير اولي الإربة من لا يشتهي النكاح لكبر سن ونحوه، شبه القواعد من النساء التي لا ترجو نكاحاً ولا تطمع فيه»».
والذي يظهر أنّ العنوان المأخوذ في الآية هو المعيار ، وأنّ النصوص إنّما جاءت لبيان بعض المصاديق لهذا العنوان، وليس مرادها تأسيس مصاديق ادّعائية بنحو الحكومة، وهذا معناه لزوم ملاحظة كون الرجل غير مشته لمقاربة النساء لكبر شديد أو لعارض بدني بحيث يصدق عليه عرفاً هذا المعنى.
والتفصيل في محلّه.