الإساءة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي إيتاء
العمل أو
الشيء على وجه غير صحيح.
الإساءة:
الإفساد، أساء الشيء:أفسده ولم يحسن عمله.
والإساءة خلاف
الإحسان، يقال: أساء
الرجل إساءةً: خلاف أحسن، وأساء إليه:خلاف أحسن إليه،
والحق به ما يشينه ويضرّه.
وليس
للفقهاء اصطلاح خاص للإساءة، بل
استعمالهم لها لا يخرج عن
معناها اللغوي، فهم يطلقونها تارة ويريدون بها الإفساد بمعنى إيتاء
العمل أو الشيء على وجه غير صحيح، كما في إساءة المقتص عند
استيفائه القصاص،
وإساءة
الرامي عند إساءته
لاستخدام آلة الرمي،
ويطلقونها اخرى ويقصدون منها خلاف الإحسان، كما في إساءة
الوالدين،
وإساءة الزوج لزوجته.
وهي لغةً: أذِيَ الرجل أذىً وصل إليه
المكروه فهو أذٍ مثل عمٍ، ويُعدّى بالهمزة فيقال: آذيته إيذاءً
والأذية اسمٌ منه،
وآذى الرجلُ: فَعلَ الأذى.
وهي تلتقي مع الإساءة في بعض المعاني عند ما يكون الإيذاء من مصاديق (خلاف الإحسان).
وهو لغةً: عدا عليه عدواً وعداءً
وعدواناً: ظلمه
وتجاوز الحدّ.
والاعتداء والتعدّي والعدوان:
الظلم.
فالاعتداء يلتقي مع الإساءة في بعض المعاني.
- لغةً- أفرط:جاوز
الحدّ والقدر في قول أو فعل.
فرّط الشيء، وفيه: قصّر فيه وضيّعه حتى فات.
وفي حديث
الإمام علي عليه السلام: «لا يرى
الجاهل إلّا مُفرِطاً أو مفرِّطاً»،
هو بالتخفيف
المسرف في العمل، وبالتشديد
المقصّر فيه.
وأمرٌ فُرُط: أي مجاوَزٌ فيه الحد، ومنه قوله تعالى: «وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً».
وفَرَطَ في الأمر يَفرُط فرْطاً أي قصّر فيه وضيّعه حتى فات، وكذلك
التفريط. وأفرط في
الأمر: أسرف وتقدم. وفرط عليه يَفرُط: عَجِل عليه وعَدا وآذاه.
وهي تتّحد بالمعنى مع الإساءة حيث إنّ كلّ
إفراط وتفريط إساءة.
وهي لغة: ضرّه، ضُرّاً، وضَرّاً،
وضرَراً: ألحق به مكروهاً أو
أذىً.
والضرر: ضدّ
النفع، والمضرّة: خلاف المنفعة، وروي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «لا ضرر ولا ضرار في
الإسلام»،
فمعنى قوله: لا ضرر أي لا يَضُرّ الرجل
أخاه، وهو ضدّ النفع، وقوله: ولا ضرار أي لا يُضارّ كلّ واحد منهما صاحبه.
فالإساءة والمضرّة يلتقيان بالمعنى، إلّا أنّ الإساءة لا تكون إلّا
قبيحة، أمّا المضرّة فقد تكون
حسنة إذا قُصد بها وجه يحسن نحو المضرّة
بالضرب للتأديب.
تتعلّق بالإساءة
أحكام متعددة في
أبواب الفقه تختلف باختلاف معانيها ومتعلّقها وشرائطها، بعضها
تكليفية واخرى
وضعية، وأهم هذه الموارد:
لا
ريب في
حرمة الإساءة إلى الوالدين،بل هي
عقوق لهما كما عرّفه بعض بها في مقابل
البرّ الذي هو الإحسان، قال
السيد الحكيم- عند عدّه
للكبائر المخلّة
بعدالة المقلّد-: وعقوق الوالدين وهو الإساءة لهما،
ومثله عبارة
السيد الخوئي في
المنهاج.
وظاهرهم أنّ مطلق الإساءة لهما موجب للعقوق، ويدلّ على ذلك ما روى
حديد بن حكيم عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: «أدنى العقوق (افّ)، ولو علم اللَّه شيئاً أهون منه لنهى عنه»،
وما رواه
ابراهيم بن أبي البلاد عن
أبيه عن
جدّه عنه عليه السلام أيضاً قال: «لو يعلم اللَّه شيئاً أدنى من (افّ) لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق، ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ
النظر إليهما».
لكن ذهب بعض
المتأخرين إلى أنّه ليس
مطلق الإساءة موجباً للعقوق الذي هو من الكبائر، مستظهراً ذلك من
خبر عمر بن يزيد، أنّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن
إمامٍ لا بأس به في جميع اموره عارف، غير أنّه يسمع أبويه
الكلام الغليظ الذي يغيظهما، أقرأ
خلفه؟ قال: «لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقّاً
قاطعاً».
استظهر أنّ العقوق الذي هو من الكبائر
القادحة في العدالة مرتبة عالية من الإساءة، وحينئذٍ لا بدّ من حمل
الخبرين المتقدمين على ضرب من
المبالغة، لشدّة
الكراهة أو الحرمة من دون أن يبلغ مرتبة الكبيرة.
ثمّ إنّ ترك الإساءة للوالدين لا يكفي بل لا بدّ من الإحسان لهما، قال تعالى: «قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً»
فوضع اللَّه تعالى الأمر بالإحسان موضع النهي عن الإساءة إليهما؛ للمبالغة
والدلالة على أنّ ترك الإساءة هنا لا يكفي، بل لا بدّ من الإحسان، فيفهم أنّ ترك الإحسان بمنزلة
الشرك في
النهي والقبح.
لا شكّ أنّ إساءة
المسلم غير جائزة؛ ولذا لا ينعقد
النذر ولا يترتب عليه شيء فيما إذا تعلّق بالإساءة لمسلم؛ لأنّه نذر لوجه من وجوه
المعاصي.
ذكر الفقهاء كراهة
معاملة بعض
الأصناف وعدّوا منهم الأدنين، ثمّ فسّروه بمن لا يسرّه الإحسان ولم تسؤه الإساءة.
وأمّا إذا كانت بمعنى الإفساد- أي إتيان العمل أو الشيء على غير وجهه
الصحيح- فيترتب عليها أحكام مختلفة أيضاً بحسب متعلّقها وشرائطه، ومن هذه الموارد:
وفيها يترتب الحكم بحساب
الرمية على
صاحبها وعدم إعادة
السهم إليه ثانية ليعيد رميته، ولها صورتان:
الاولى: لو رمى فابتعد السهم عن
الغرض ابتعاداً مفرطاً لإساءته الرمي.
الثانية: لو أخطأ الغرض بسبب عطبٍ في آلة الرمي حصل بسبب إساءته عند
استخدامها.
وفيها يترتب الحكم بما يناسب متعلّقها،
كالدية أو
التعزير أو غير ذلك، وصورتها الإجمالية هي:إساءة المقتص عند
اقتصاصه من
الجاني بتعدّي ما حدّه
الشارع له بواسطة
الحاكم.
الموسوعة الفقهية ج۱۰، ص۳۱۹-۳۲۳.