الاستقبال (استقبال القبلة في غير الصلاة)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاستقبال (توضيح) .
يختلف حكم استقبال القبلة في غير
الصلاة باختلاف الموارد، فقد يكون
واجباً أو
محرّماً ، وقد يكون
مستحباً أو
مكروهاً :
الأشهر
بل المشهور
وجوب توجيه المحتضر المسلم إلى
القبلة ؛
للروايات
المؤيّدة بسيرة المتشرّعة في جميع الأعصار، فلو لم يكن واجباً لما اهتمّوا به بهذه الدرجة من
الاهتمام ، ولما اعتبروا الموت إلى غير القبلة من سوء الحظ.
واختار جماعة استحبابه؛
لاعتقادهم بضعف دلالة الأخبار الواردة في هذا المجال.
وأمّا كيفية الاستقبال فهي أن يُلقى
المحتضر على ظهره ويُجعل وجهه وباطن قدميه إلى القبلة بحيث لو جلس لكان مستقبل القبلة.
ويدلّ
عليه- مضافاً إلى
الإجماع المدّعى عن غير واحد
- خبر
إبراهيم الشعيري عن الصادق عليه السلام في توجيه
الميّت ، قال: «تستقبل بوجهه القبلة وتجعل قدميه ممّا يلي القبلة».
لا خلاف
في وجوب توجيه الميّت إلى القبلة حال الصلاة عليه، بإلقائه على ظهره بأن يكون رأسه إلى يمين المصلّي غير المأموم ورجلاه إلى يساره،
بحيث لو اضطجع على يمينه كان مستقبل القبلة بوجهه
كحال
اضطجاعه في لحده،
بل ادّعي عليه الإجماع.
واستدلّ
له- مضافاً إلى
التأسّي بفعل
النبي صلى الله عليه وآله وسلم
والأئمة عليهم السلام،
والسيرة المستمرة بين المسلمين
- بموثقة
عمار التي أمر فيها الإمام عليه السلام
بإعادة الصلاة على ميّت كانت رجلاه إلى يمين المصلّي ورأسه إلى يساره.
وقد يقال: إنّ هذا ليس استقبالًا وإنّما هو وضع للميّت على هذه الهيئة للصلاة عليه،
ولعلّه لهذا عبّر بعضهم بدلًا من ذلك
بإلقاء الميّت على ظهره حين الصلاة عليه.
•
الاستقبال (استقبال الميت في القبر)،المشهور وجوب إضجاع الميّت في
القبر مستقبلًا
القبلة بوجهه ومقاديم بدنه،بل ادّعي عليه
الإجماع.
•
الاستقبال ( حال الذبح والنحر )،يجب توجيه الحيوان إلى
القبلة حال ذبحه ونحره،وادّعي عليه استفاضة
الإجماع والنصوص.
المشهور
حرمة استقبال القبلة
واستدبارها حال التخلّي، بلا فرق في ذلك بين الصحاري والأبنية،
بل ادّعي عليه الإجماع.واستدلّ له
بعدّة روايات، منها: ما رواه
عيسى بن
عبد اللَّه الهاشمي عن أبيه عن جدّه عن
أمير المؤمنين عليه السلام، قال:«قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولكن شرّقوا أو غرّبوا»،
وغيره وضعف أسانيدها منجبر بالاستفاضة والعمل، ومناسبة الحكم للتعظيم.
ومع ذلك ذهب بعض الفقهاء إلى نفي التحريم
وإثبات الكراهة؛
لضعف أسانيدها ودعوى
إشعار بعضها بالكراهة.
وذهب
سلار إلى الكراهة في البنيان فقط،
وربّما استدلّ له ببعض الروايات أو بعض وجوه الجمع بينها.
والتفصيل في مصطلح (تخلّي). ويظهر من عبارة
المفيد القول بالكراهة في الصحاري
وإباحته في البنيان.
وربّما نوقش في أصل نسبة ذلك إليه، وأنّ النظر في مجمل العبارة يقضي بأنّ مذهبه التحريم.
ولا فرق في حكم الاستقبال حال التخلّي بين القائم والقاعد والنائم والمستلقي والمضطجع؛ لشهادة العرف بأنّ استقبال القبلة عبارة عن كون المستقبِل مواجهاً لها.
كلّ ذلك في حال
الاختيار . وأمّا في حال الاضطرار فيجوز استقبال القبلة واستدبارها.
وفي
إلحاق الاستنجاء بالتخلّي خلاف، حيث ذهب الأكثر إلى عدم حرمة الاستقبال حال
الاستنجاء ؛
وذلك للأصل،
وظهور الأخبار في خصوص التخلّي،
كما في قوله عليه السلام: «لا تستقبل القبلة بغائط ولا بول».
نعم، صرّح بعض من اختار عدم التحريم باستحباب
الاجتناب ،
وحسن الاحتياط فيه، وأنّه هو الأولى في مرحلة العمل.
وذهب آخرون إلى الحرمة؛
لرواية عمّار الساباطي عن
الإمام الصادق عليه السلام، قال: قلت له: الرجل يريد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال: «كما يقعد للغائط».
لكن نوقش فيه بمنع ظهوره في المقام؛ إذ لم يعلم مراد السائل من الكيفية.
وأمّا
الاستبراء فقد ذهب جماعة إلى عدم حرمة الاستقبال فيه؛ لعدم شمول أدلّة التحريم له.
نعم، ذكر بعضهم
إمكان الحكم بالحرمة مع العلم بخروج البول؛ لعدم قصور النصوص عن شموله.
يكره الاستقبال حال الجماع؛
لما روي عن
محمّد بن العيص عن الإمام الصادق عليه السلام، حيث سأله عن الجماع عرياناً؟ فقال: «لا، ولا تستقبل القبلة».
وخالف في ذلك
الفاضل الاصفهاني حيث صرّح بحرمة الاستقبال في هذه الحالة،
لكنّه ذهب إلى الكراهة في موضع آخر.
حيث عدّهما بعض الفقهاء من مكروهات الاستقبال؛ لمنافاته لتعظيم القبلة،
ولرواية عبد اللَّه بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قلت له: الرجل يكون في
المسجد في الصلاة فيريد أن يبزق، فقال: «عن يساره، وإن كان في غير صلاة فلا يبزق حذاء القبلة، ويبزق عن يمينه ويساره».
وهذه الرواية وإن وردت في البزاق إلّا أنّه يمكن تسريتها إلى
التنخم بالأولوية.
كما صرّح بذلك جماعة؛
ولعلّه لما روي مرسلًا من النهي عن لبسه مستقبل القبلة.
قال
الشيخ البهائي : «ينبغي استقبال القبلة حال الوضوء، وأكثر علمائنا قدّس اللَّه أرواحهم لم يذكروه».
وكذا صرّح
الشهيد الأوّل بأنّه لم يقف على قائل باستحبابه،
ويمكن
الاستدلال له
بما روي عنهم عليهم السلام بأنّ: «خير المجالس ما استقبل به القبلة».
إلّاأنّه في مطلق المجالس لا في خصوص
الوضوء ، من هنا تنظّر
الفاضل النراقي في عدّه من مستحبّات الوضوء بخصوصه، بل يمكن أن يقال: إنّ القيام للوضوء ليس من المجالس ليشمله الخبر المذكور.
يستحب استقبال القبلة
لقراءة القرآن وعند مطلق الذكر،
واستدلّ له ببناء المتشرعة، ويشملها قولهم عليهم السلام أيضاً:«خير المجالس ما استقبل به القبلة».
وكذا يستحب مؤكّداً
استقبال القبلة حال
الدعاء ،
سواء كان الداعي جالساً أو قائماً؛ لأنّه أقرب إلى
الإجابه ،
ولقولهم عليهم السلام: «خير المجالس ما استقبل به القبلة».
لا خلاف في عدم اشتراط الاستقبال في سجدة
التلاوة ،
بل ادّعي عليه
الإجماع ؛
للأصل، وإطلاق النصوص والفتاوى، إلّاأنّه- مع ذلك- لم يستبعد بعض الفقهاء الحكم بالاستحباب؛ لبعض الروايات القاصرة سنداً ودلالة
تسامحاً ،
أو حملًا لها على ذلك.
وذهب بعضهم إلى وجوب الاستقبال فيها؛
ولعلّه لمرسل الدعائم الذي ورد فيه: «إذا قرأت
السجدة وأنت جالس فاسجد متوجّهاً إلى القبلة، وإذا سجدت وأنت راكب فاسجد أينما توجّهت...»،
إلّا أنّ عدم عمل الفقهاء به أسقطه عن الاعتبار.
المشهور
استحباب التوجّه إلى القبلة حين
الأذان والإقامة ، بل ادّعي عليه الإجماع؛
تأسّياً بمؤذّني
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم،
وللأخبار الواردة في هذا المجال،
بل أوجب جماعة الاستقبال في الإقامة؛حكاه عن
ابن الجنيد في
الذكرى،
لما ورد
في بعض الروايات التي منها: رواية
أبي هارون المكفوف ، قال: قال
أبو عبد اللَّه عليه السلام: «يا أبا هارون، الإقامة من الصلاة»،
حيث دلّت على أنّ الإقامة من الصلاة فيشترط فيها ما يشترط في الصلاة.
وهناك من أوجب الاستقبال في شهادتي الأذان خاصة،
وزاد
ابن الجنيد التكبير
والتهليل،
بينما صرّح
ابن البراج بوجوب الاستقبال في الأذان والإقامة لصلاة الجماعة.
صرّح بعض الفقهاء باستحباب الاستقبال للسامع البعيد الذي لا يبلغه صوت الإمام، أمّا القريب فيستحب له استقبال الخطيب حتى يحصل له السماع أو شدّته.
يستحب
للحائض وقت الصلاة اليومية التنظيف والوضوء
والجلوس في مصلّاها مستقبلة القبلة مشغولة بذكر اللَّه تعالى بمقدار
أداء الصلاة؛
للروايات التي منها:
زيد الشحّام ، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «ينبغي للحائض أن تتوضّأ عند وقت كلّ صلاة، ثمّ تستقبل القبلة وتذكر اللَّه مقدار ما كانت تصلّي».
يستحب الاستقبال في جميع أعمال
الحج إلّافي رمي
جمرة العقبة يوم النحر حيث رماها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستدبراً.
ولعلّ ذلك لكون الحج من العبادات المشتملة على الدعاء الذي يستحب فيه الاستقبال.
صرّح غير واحد من الفقهاء باستحباب الاستقبال حال
القضاء ،
وإن اختلفوا في استحبابه للقاضي أو للخصوم، فاختارالأكثر استحبابه للخصوم؛
لما فيه من الردع عن التحدّث بالباطل.
واختار جماعة استحبابه للقاضي؛
لقولهم عليهم السلام: «خير المجالس ما استقبل به القبلة».
يستحب الجلوس إلى جهة
القبلة على كلّ حال؛
لقولهم عليهم السلام: «خير المجالس ما استقبل به القبلة».
يستحب الاستقبال حال
النوم ، إمّا بالاضطجاع على الجانب الأيمن كالملحود في
القبر ؛
لما ورد عن
الإمام علي عليه السلام من أنّ نوم
المؤمن على يمينه مستقبل القبلة،
أو
بالاستلقاء على القفا كالاستقبال حال
الاحتضار ؛
ولعلّه لما ورد أنّه نوم
الأنبياء والأئمة المعصومين عليهم السلام.
صرّح غير واحد من الفقهاء باستحباب الاستقبال حال تلقين الميّت بعد دفنه
وانصراف الناس عنه؛
لأنّ خير المجالس ما استقبل فيه القبلة.
وذهب
أبو الصلاح وابنا البرّاج وسعيد إلى استقبال الملقّن وجه الميّت؛
لأنّه أنسب بالتلقين والتفهيم.
وذكر بعضهم أنّ كلا من الاستقبال وعدمه حسن؛ لإطلاق الروايات المتناولة لذلك ولغيره.
وأطلق بعض الفقهاء الحكم باستحباب الاستقبال حال
التلقين ليشمل التلقين حال الاحتضار وحين الوضع في القبر وعند التكفين.
ذهب الأكثر
بل المشهور
إلى استحباب وضع الميّت باتّجاه القبلة حال
غسله ، كوضع المحتضر باتّجاهها،
بل ادّعي عليه
الإجماع ؛ للأمر به في عدّة روايات؛
ولا يجب؛ للأصل،
ولمقتضى الجمع بين الآمرة به من الأخبار،
وبين ما دلّ على أنّه يوضع إلى أيّ جهة تيسّر.
وخالف في ذلك جماعة فأوجبوا
الاستقبال في ذلك،
مستدلّين بالأمر به في الطائفة الاولى من الأخبار، وعدم منافاة الطائفة الثانية؛ لأنّ ما تعسّر لا يجب.
يستحب استقبال القبلة عند صبّ الماء على القبر بعد
الدفن ،
إمّا بوقوف الصاب مستقبل القبلة عند رأس الميّت
وإدارة الماء- وهو على هذه الحالة- إلى أربعة جوانب كما يظهر ذلك من
الصدوق ،
وإمّا بمراعاة الاستقبال
ابتداءً واستدارة الصاب مع الماء حول القبر كما يفهم ذلك من المنتهى.
ويدلّ
عليه قول الصادق عليه السلام في خبر
ابن أكيل، قال: «السنّة في رشّ الماء على القبر أن تستقبل القبلة وتبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل، ثمّ تدور على القبر من الجانب الآخر، ثمّ يرشّ على وسط القبر، فكذلك السنّة».
صرّح غير واحد من الفقهاء باستحباب استقبال القبلة عند الترحّم على الميّت واضعاً يده على القبر بعد دفنه.
وكذا يستحب الاستقبال لكلّ من زار القبر داعياً لصاحبه.
ويدلّ
عليه- مضافاً إلى أنّها خير المجالس وأقرب إلى
استجابة الدعاء- ما روي عن
الإمام الباقر عليه السلام، قال: «من زار قبر أخيه المؤمن فجلس عند قبره واستقبل القبلة ووضع يده على القبر فقرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرّات أمن من الفزع الأكبر»» .
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۱۳۱-۱۴۴.