أنواع إثبات اليد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وردت في كلمات الفقهاء المتفرّقة عن إثبات اليد إشارات إلى بعض تقسيماته وأنواعه، فنحن نذكرها موضّحين مرادهم منها:
ذكر الفقهاء أنّ إثبات اليد على الشيء على نوعين:
حقيقي و
حكمي.
وهو ما كان في اليد ممسكة به، والحكميّ: هو ما كان في
داره أو تحت
تصرّفه.
قال
الشيخ الطوسي: «اليد يدان: يد مشاهدة، ويد
حكمٍ، قيد المشاهدة ما كان متمسّكاً به، ويمسك بيده، ويد الحكم ما كان في
بيته ويتصرّف فيه».
قال
العلّامة الحلّي: «
اليد الحكمية وهي التصرّف و
الوجدان في بيته، واليد المشاهدة وهو ما كان في يده، أو مشدوداً به».
إثبات اليد-
كالإتلاف- قد يكون
بالمباشرة، وقد يكون
بالتسبيب.
وهوإثباتها على الشيء ذاته، وبالتسبيب وقوع الشيء في
يده بسبب إثبات اليد على غيره.
وهذا التقسيم مختصّ بإثبات اليد بالمعنى
المصدري فقط.
ومن أمثلته إثبات اليد على
أولاد الحيوان بسبب إثبات اليد عليه.
قال العلّامة الحلّي: «إثبات اليد العادية على
مال الغير مباشرة كأن
يغصب الشيء ويأخذه من يد
مالكه، و
يستولي عليه، وتسبيباً كما في الأولاد وسائر
الزوائد من أسباب
الضمان...».
وقال أيضاً قبل ذلك: «
الإتلاف قد يكون
مباشرة، وقد يكون على سبيل التسبيب وكذا اليد. وإثبات اليد على الاصول تسبيب إلى إثبات اليد على الأولاد...».
ومنه إثبات
اليد بواسطة غيره ممّن يقوم مقامه
كالنائب و
الوكيل و
الوصيّ و
القيّم و
الوليّ.
قال
المحقّق الهمداني في
حكم رجوع
المشتري ببدل
الثمن التالف في مسألة
بيع الرهن من قبل
المرتهن أو
العِدل بإذن
الراهن، مع
علم المشتري بكونهما مأذونين، وظهور الرهن
مغصوباً: « (إنّ) له الرجوع على الراهن مطلقاً تعذّر عليه أم لا،
استولى عليه بالمباشرة أم لا؛ لأنّ يد الوكيل يد
الموكِّل، وبمجرّد الاستيلاء على مال الغير ولو
بالواسطة- لو لم يكن للواسطة
استقلال في
اليد- يصدق عليه أنّه
تصرّف في
مال الغير».
نوّع
الفقهاء إثبات اليد على الشيء على أساس نوع
العلاقة الوضعيّة بين صاحب اليد والمال إلى إثبات اليد المالكي و
الأماني و
العدواني.
وهو المعنى الأعمّ الشامل لكافّة موارد
الولاية والإذن المالكي أو
الشرعي من غير
ملك، إلّا أنّ المقسم في هذا التقسيم هو المال
المملوك لا
مطلق المال وإلّا لم يكن حاصراً؛ إذ قد يستولي
الإنسان على المشتركات أو
المباحات من دون قصد التملّك، فلا يكون إثبات اليد مندرجاً في شيء من هذه الأقسام.
قال
الشيخ الطوسي: «واليد على الشيء ينقسم إلى الملك وإلى غيره، كيد
وديعة أو
عارية أو
إجارة، أو
غصب».
وقال
السيّد الحكيم: «إنّ المتعارف في اليد هو يد
الأمين كالمرتهِن و
المستعير و
المستودع و
الأجير على عمل في
العين، و
المستأجر للعين لاستيفاء منافعها، و
الملتقط، والوصيّ والوليّ، و
الشريك وعامل
المضاربة، و
العامل في
المزارعة و
المساقاة و
الجُعالة... إلى غير ذلك، ويد غير الأمين مختصّة
بالغاصب و
القابض بالسوم...»
ذكر بعض الفقهاء انقسام إثبات اليد إلى إثبات متسبِّب عن الملك كإثبات المالك يده على ملكه أو ملك غيره بإذنه، وإثبات مسبِّب له.
قال
السيّد محمّد بحر العلوم: «اليد على الشيء... مرّة تكون سبباً للملك، واخرى مسبَّبة عنه.
وهو
كالحيازة للمباح، فإنّها تحدث ربطاً بينه وبين الحائز ربط إضافة واختصاص يعبّر عنه بالملك...
وهو ما كان مسبّباً عن أحد النواقل
الشرعيّة سواء كانت اختياريّة أو قهريّة... فالملك حينئذٍ
مسبَّب عن
العقد دون
الاستيلاء، بل الاستيلاء والسلطنة عليه مسبّبٌ عن الملك الحاصل بأحد أسبابه».
ويتنوّع إثبات اليد من حيث الأثر الذي يترتّب عليه إلى ما هو سبب، وما هو علامة.
وهو إثبات اليد على المباحات الأوّلية، فإنّه سبب في تملّكها.
وهوإثباتها على
المملوكات فإنّه علامة على تعلّقها بصاحب اليد، وملكيّته إيّاها.
قال
فخر المحقّقين: «اليد إمّا سبب تامّ للملك كما في تملّك المباحات... وإمّا علامة دالّة على خصوصيّة المالك وتعيينه... ولا حالة ثالثة لليد تتعلّق بالملكيّة غير ما ذكرنا»
.
إلّا أنّ إثبات اليد على المباحات المعبّر عنه
بالحيازة لا يجعله
الفقهاء كافياً بمجرّده للسببيّة بمعنى أنّه ليس سبباً تامّاً للملك، وإنّما يجب أن ينضمّ إليه قصد التملّك أو يكون سبباً
للملك لمن
قصده راجع تفصيله في مصطلح (حيازة).
ويتنوّع إثبات اليد من حيث كونه منفرداً أو معه يد اخرى إلى
مستقلّ و
مزاحم أو مشترك أو ضمني.
قال
السيّد محمّد بحر العلوم: «اليد يدان: يد مستقلّة، ويد مزاحمة بمثلها، ومفاد كلٍّ منهما غير مفاد الاخرى.
وهو الملكيّة المستقلّة بمعنى استقلال مالكها بها.
وهو الملكيّة غير المستقلّة بمعنى عدم
استقلال مالكها بها.
(وتوضيح ذلك): أنّ اليد وغيرها من الأمارات المعتبرة
شرعاً في
الأحكام كخبر الواحد و
الإجماع المنقول مثلًا، أو في الموضوعات
كالبيّنة واليد ونحوهما هي أمارات على مؤدّياتها مفيدة لها دالّة عليها عرفاً، غير أنّها لمّا كانت ظنّية غير علميّة احتيج إلى إمضاء الشارع
للعمل بدلالتها،
فالمجعول منه هو اعتبار الدلالة لا كونها دالّة.
وحينئذٍ فاليد إن كانت مستقلّة كانت دالّة على الملكيّة المستقلّة، وإن كانت مزاحمة بمثلها كانت دالّة على النصف كذلك
عرفاً».
وأطلق
السيّد الشهيد الصدر على الثانية اسم الضمنيّة فقال في اليد: «إنّها تارة تكون استقلاليّة واخرى ضمنيّة كيد
الشريك».
والظاهر أنّ تسميتها بالضمنيّة لأنّ التعبير باليد كناية عن نوع
التصرّف وحكمه، فيدا الشريكين معاً يدٌ واحدة جامعة؛ لاتّحاد نوع التصرّف وأحكامه، لكنّها تضمّ وتتضمّن يدين اثنتين تكون كلّ واحدة منهما ضمنيّة بالقياس إلى اليد الجامعة.
إثبات اليد قد يكون أصليّاً كما في إثبات يد المالك على ماله، وقد يكون فرعيّاً كما في إثبات يد
المستأجر و
الوصيّ و
الوكيل ونحوهما بالنسبة إلى المالك.
وهو كونه منشأ لإثبات يدٍ آخر على
المال.
وهو الذي يكون متفرّعاً وناشئاً من إثبات يدٍ أصليّ، وإن كان
صاحب اليد الفرعيّة مستقلًاّ في التصرّف فيما يده عليه كمستأجر
العين.
وربّما اطلق على إثبات اليد الفرعيّ اسم التبعيّ بلحاظ كونه تابعاً للأصلي في الوجود أو في الحكم.
قال
السيد المراغي: «واليد التابعة كالأصليّة في ذلك (الحكم
بالضمان) كيد الوكيل
للغاصب، و
أمين الحاكم في المال مع كونه في الواقع مغصوباً».
وقال
السيد الحكيم: «إنّ اليد على المنافع إنّما هي بتبع اليد على العين، فإذا كانت اليد التابعة مضمّنة فالمتأصّلة بطريق أولى».
ويمكن تقسيم إثبات اليد من حيث الجواز والاستحقاق إلى يد
شرعيّة وغير شرعية. وهذا أوسع من التقسيم المتقدّم تحت رقم (۳) حيث يشمل الشرعي إثبات اليد على المباحات لا بقصد الملك كما يشمل غير المشروع كلّ ما لا يجوز وضع اليد عليه شرعاً ولو لم يكن غصباً لحقّ الغير.
كما يمكن تقسيم
إثبات اليد من حيث ترتّب الحكم
الوضعي بالضمان عليه إلى مضمون وغير
مضمون حيث ورد في كلمات
الفقهاء ذلك كثيراً.
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۳۸۴-۳۸۸.