الأصل في علم الفقه
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الأصل هو
القاعدة والدليل ومايتفرّع عنه فروع والأصول في
الفقه هي المسائل التي يبحث عنها في علم الفقه.
تحدّث الفقهاء عن اصول كثيرة في ثنايا أبحاثهم
الفقهية وبعض هذه الاصول تعدّ اصولًا عملية، ومن صغريات مثل أصل
الاستصحاب ، وبعضها الآخر عبارة عن أحكام وقواعد
اجتهادية . ونشير هنا- فقط- إلى أبرزها:
و
المقصود منها حكم
الشارع بالطهارة الظاهرية في كل شيء يمسّ
الطهارة والنجاسة في حالات الشكّ، بقطع
النظر عن كون متعلّق الشكّ هو الحكم أو
الموضوع أو قل: سواء كان الشكّ بنحو
الشبهة الحكمية أو كان بنحو
الشبهة الموضوعية، فلو وقع الشكّ في نجاسة الكتابي وطهارته فإنّ أصالة الطهارة تقتضي الحكم بالطهارة الظاهرية، وهكذا لو وقع الشكّ في خمرية هذا
المائع فيكون نجساً أو عدم خمريته فيكون طاهراً، فأصالة الطهارة تقتضي الحكم بطهارة هذا المائع المشكوك الخمرية»
.
والتفصيل في محلّه لا سيما من ناحية ثبوت
أصالة الطهارة عند
الشك الحكمي.
أو أصالة
الانتباه والمراد بها أنّ
الإنسان بطبيعته يفعل ما يفعل أو يقول ما يقول عن انتباه و
التفات ، ولذا استقرّ
البناء من العقلاء على عدم
الاعتناء باحتمال
الغفلة ؛ إذ يعدّون
احتمال الغفلة و
السهو خلاف طبيعة الإنسان.
ويعدّ أصل عدم الغفلة من مصادر القاعدتين المعروفتين (
الفراغ والتجاوز) عند بعض الفقهاء، ويجري
لتصحيح عمل الشخص عند الشكّ في صحّته أو وجوده، والتي قد يعبّر عنها بأصالة الصحّة في عمل الإنسان نفسه مقابل
أصالة الصحّة في عمل الغير. وإليها ترجع أصالة عدم
الخطأ .
الأصل في كلّ عاقل أن لا يرتكب العمل الفاسد وأن لا يأتي إلّابالعمل الصحيح، كما أنّ الأصل في
المسلم أن لا يعمل إلّاالصحيح في دينه، تماماً كغيره يعمل الصحيح في عرفه وتقاليده. وهذا الأصل أصل عقلائي أيّدته الشريعة
الإسلامية في الأحاديث الكثيرة المتضمنة لمثل: «احمل
أخاك المسلم على أحسن الوجوه، ولا تظنّ به إلّا خيراً».
ويؤيده سيرة المسلمين
المستمرّة، فإنّهم لا يفتّشون عن المعاملات الواقعة من المسلم في بيعه وشرائه و
إجارته و
زواجه و
طلاقه ونحوها، سواء كانت مع مسلم أو غيره، بل يبنون على صحّتها ويرتّبون
آثار الصحّة عليها أجمع إلّافي مقام الخصومات، فهذا أصل واسع نافع يجري حتى في العبادات والطاعات فضلًا عن
العقود و
الإيقاعات .
وهذا
التعميم بالنسبة لأصالة الصحّة في عمل الغير يبتني على أن يكون مصدر القاعدة هو بناء العقلاء أو سيرة المسلمين كما هي نظرية جملة من الفقهاء، منهم:
الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء .
وأمّا بناءً على كون مصدر هذه القاعدة خصوص
النصوص - كما اشير إليها- فهي غير ناهضة
لإثبات الصحّة في
أعمال غير المسلم، فلابدّ من
الالتزام فيها بأنّ الأصل في أعمالهم هو الفساد كما يتراءى من بعض الفقهاء الآخرين، منهم
المحقّق النجفي .
الأصل الأوّلي عدم ثبوت ولاية أحد من الناس على غيره؛
لتساويهم في
الخلق و
المرتبة ما لم يدلّ دليل على ثبوت
الولاية ؛ ولأنّ الولاية تقتضي أحكاماً
توقيفية لا ريب في أنّ الأصل عدمها إلّا بدليل.
ولعلّه
انطلاقاً من ذلك اسّس أصل عدم حقّ أحد في
إجبار أحد آخر، إلّافي مواضع دلّ الدليل عليها مثل إجبار الولي الصغير والصغيرة على الزواج.
ويقصد به أنّ الأصل تسلّط الملّاك على أموالهم وأملاكهم، فللمالك أن يتصرّف في ملكه بما يشاء إلّاأن يستلزم محذوراً كضرر الآخرين، ويعبّر عن هذا الأصل أيضاً ب (
قاعدة السلطنة ).
الأصل الأوّلي يقتضي حرمة التصرّف في مال الآخرين إلّابرضاهم أو ما يقوم مقامه، مثل:
إذن الشارع.
الأصل الأولي فساد المعاملات- أي العقود والإيقاعات- ما لم يحرز
اشتمالها على كلّ ما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط، فلو شككنا في صحّة عقد أو إيقاع في ذاته أو من جهة الشكّ في
رعاية ما هو جزؤه أو شرطه، فالأصل فساده وعدم وقوعه صحيحاً مؤثراً.
يقصد بأصالة الصحّة الثانوية هنا أنّ الأدلّة الاجتهادية من العمومات والبناء العقلائي و
الإجماع دلّت على أنّ كلّ عقدٍ يقع يحكم بصحّته عند الشك في وقوعه صحيحاً أو فاسداً بنحو الشبهة الموضوعية أو الحكمية.
ويقدّم هذا الأصل على أصالة الفساد الأولية
بالحكومة؛ كما أنّ عدم تقدّمه يوجب
إلغاءه، فيقيد به أصل الفساد الأولي.
وقد اعتبر بعضهم أنّ هذا الأصل من صغريات أصالة الصحّة في عمل الغير.
ولعلّه ناظر إلى خصوص الشبهة المضوعية في عمل الغير.
وتعني أنّ الأصل في كلّ عقد وايقاع أن يكون
لازماً، أي لا يجوز فسخه إلّابسبب وأنّ كون العقد أو الإيقاع جائز- بمعنى جواز
فسخه من دون سبب- يحتاج إلى دليل، فلو شكّ في عقد أو إيقاع أنّه لازم أو جائز فالأصل يقتضي أن يكون لازماً.
ونعني بذلك أنّه إذا باع داره- مثلًا- وأطلق، أو آجر كذلك، فالأصل يقتضي
تسليم الثمن نقداً إلّاأن يشترط
تأجيلها إلّا في الربويات، فإنّ التأجيل يبطلها.
وهذا ما ذكره بعض الفقهاء،
حيث إنّ الأصل في العقود اللزوم، فلا يخرج عن هذا الأصل إلّابمقدار المتيقن، فإذا دلّ
الدليل على
الخيار في الجملة لزم
الاقتصار على المتيقن وهو الفور، فإن فسخ ذو
الخيار فوراً وإلّا صار العقد لازماً.
الأصل في العقود المجانية الجواز إلّا ما خرج بالدليل، وأشهر هذه العقود
الهبة ، فكلّ نوع منها يشك في أنّ حكمه
اللزوم أو الجواز، وكلّ فرد يشكّ في أنّه من الجائز أو اللازم، يبنى على
جوازه؛ للأصل.
تحدّث الفقهاء عن أصالة عدم تداخل
الأسباب والمسببات،
ومن ذلك أنّه إذا اشتريت- مثلًا- واشترطت لنفسك الخيار ثلاثة أيّام لم تتداخل هذه الثلاثة في ثلاثة
خيار الحيوان، بل يكون لك ثلاثة اخرى غيرها؛ لأنّ الأصل في كلّ سبب أن يكون له مسبّب
مستقلّ . ولو قال لك من تجب طاعته: أكرم عالماً وأضف أديباً لا يكفيك
ضيافة عالم أديب في
امتثال الأمرين، بل لابدّ من التعدّد.هذا هو مقتضى القواعد والاصول الأوّلية، وقد يخرج عنها ويصحّ
التداخل ولكن لدليل خاص، كما وقع في الشرع في موارد أشهرها تداخل الأسباب في الأغسال.
الأصل حرمة العمل بالظنّ بشتّى أنواعه ومهما كان منشؤه إلّاما قام الدليل على جوازه كالظواهر وخبر
الثقة . نعم، بناءً على
انسداد باب العلم ينعكس الأصل فيكون الأصل جواز العمل بكلّ ظنّ إلّاما قام الدليل على
حرمة العمل به.
على تفصيل في علم الاصول.
و
المراد بها أنّ الأصل في كلّ مسلم لم يظهر منه فسق أن يكون
عدلًا، وقد نسب لبعض العلماء بل قيل: إنّه أصل معروف عند فقهائنا المتقدّمين
حتى أنّه: «اشتهر في كلام الأصحاب أنّ الأصل في المسلم أن لا يخلّ بواجب ولا يفعل
محرّماً ».
غير أنّ هذا الأصل لم يؤخذ به عند فقهائنا المتأخّرين والمعاصرين
بل شكّك في ذهاب مشهور المتقدّمين إليه أيضاً، وإن كان يبدو من
الشيخ الأنصاري - في مسألة
ادّعاء الفقر في باب
الزكاة قبول الدعوى من غير طلب البيّنة
لأصالة العدالة المسلم- قبول هذا الأصل.
وتفصيله موكول إلى محلّه حيث أفاضوا فيه أيضاً في
علم الرجال .
الأصل في كلّ إنسان أن يكون حرّاً، فلو شككنا في شخص أنّه حرّ أم لا ولم تثبت
عبوديته فالأصل كونه حرّاً.
المراد بها أنّ الأصل في الحيوان أن يكون قابلًا
للتذكية، فلو شككنا في قبول حيوان للتذكية فالأصل
قبوله ما لم يدلّ دليل على
المنع .
إذا شككنا في تذكية حيوان للشكّ في تحقّقها بعد قابليته لها أو في أصل
القابلية ، فالأصل عدم التذكية. على كلام وتفصيل موسّع عندهم تعرّضوا له أيضاً في علم الاصول، وهل الحيوان بعد ذلك ميتة حتى يكون نجساً أم لا؟ فيه كلام.
إلى غير ذلك من الاصول التي عبّروا عنها بذلك في ثنايا
كلماتهم في الفقه، والخارجة عن حدّ الحصر، فلتراجع في محالّها.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۳۳۵-۳۴۰.