سنن الغسل
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ومسنونها سبعة) : الأول : الاستبراء، والثاني :غسل اليدين، والثالث والرابع :المضمضة و الاستنشاق، والخامس :
إمرار اليدين على الجسد، والسادس :تخليل ما يصل إليه الماء، والسابع : الغسل بصاع.
(الاستبراء) اللمنزل أو محتمله، مع تعيّن الغسل أو عدمه، مع استحبابه بالبول للرجل. ولا يجب على الأشهر الأظهر؛ للأصل المؤيّد بخلوّ كثير من الأخبار البيانية المتضمنة لكثير من الواجبات والمستحبات عنه، و
إشعار أخبار إعادة الغسل بتركه به.
وهو المحكي عن المرتضى والحلّي
ومختار الفاضلين والشهيدين.
خلافاً للمبسوط والجمل والعقود والمصباح ومختصره و
المراسم والكامل والوسيلة والغنية والإصباح والجامع،
وفي الغنية
الإجماع عليه كما حكي، فأوجبوه لأخبار إعادة الغسل مع
الإخلال به وخروج شيء من الذكر. ولا دلالة فيها إلّا على الوجوب الشرطي، ولعلّه مرادهم، كما يومئ إليه كلامه في
الاستبصار في المضمار، لذكره الأخبار المزبورة في هذا الباب مع عنوانه بالوجوب.
وليس في الصحيح : عن
غسل الجنابة ، فقال : «تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك وتبول إن قدرت على البول»
دلالة عليه؛ لوروده في سياق الأوامر المستحبة الموهن لدلالة الأمر به على الوجوب، بل سياقه ربما أشعر بالاستحباب. وعدم الترك أحوط. وتخصيصه بالرجل ـ كما ذكرنا ـ محكي عن
المبسوط والجمل والعقود والمصباح ومختصره والوسيلة والإصباح والسرائر والجامع؛
لاختلاف المخرجين في المرأة فلا يثمر، و
اختصاص الأخبار به. خلافاً للمحكي عن
النهاية والمقنعة فعمّماه،
وهو أحوط. ثمَّ إنّه مع تركه وعدم خروج شيء بعد الغسل فلا كلام. وكذا معه مع العلم بالخارج منيّاً فيغتسل، وبولا فيتوضأ. ومع عدمه والشك فيه فلا شيء إن بال واستبرأ منه بعده إجماعاً للأصل، والعمومات، والصحاح المستفيضة وغيرها.
منها : الصحيح في الغسل : «إلّا أن يكون قد بال قبل أن يغتسل فإنّه لا يعيد غسله».
ومثله في
الوضوء : «ينتره ثلاثاً ثمَّ إن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي».
وما في الصحيح : «يجب الوضوء ممّا خرج بعد
الاستبراء »
محمول على التقية كما في الاستبصار. ويغتسل إن لم يأت بهما على الأشهر الأظهر، بل عن الحلّي الإجماع عليه
للصحاح المستفيضة وغيرها الآمرة بإعادة الغسل مع عدم البول مطلقاً (أي سواء استبرأ أم لا. ) كالصحيح : «وإن لم يبل حتى اغتسل ثمَّ وجد البلل فليعد الغسل».
والروايات بعدم
الإعادة مطلقاً أو مع النسيان خاصة
ـ مع ضعفها ـ شاذة لم يعرف قائل بمضمونها وإن نقل عن ظاهر الفقيه والمقنع
الاكتفاء بالوضوء، لعدم التصريح به في شيء منها مع التصريح بنفي الشيء الشامل له في بعضها. ومتمسّكه ليس إلّا ما رواه مرسلاً : «إن كان قد رأى بللاً ولم يكن بال فليتوضأ ولم يغتسل، إنّما ذلك من الحبائل».
وهو ـ مع ضعفه سنداً ومقاومة لما تقدّم من وجوه شتّى ـ يدافع ذيله صدره، بناءً على عدم الوضوء فيما يخرج من الحبائل إجماعاً، فحمله على مجرّد الغسل غير بعيد. وكذا إن لم يبل مع إمكانه وإن استبرأ، على الأشهر الأظهر، وعن الخلاف الإجماع عليه هنا وفي الصورة الآتية؛
لإطلاق ما تقدّم من الصحاح، بل وعموم بعضها كالصحيح : عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شيء، قال : «يغتسل ويعيد الصلاة إلّا أن يكون قد بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله».
خلافاً لظاهر المصنف هنا وفي
الشرائع ،
فلم يوجبه، اكتفاءً منه بالاستبراء باليد. وهو ضعيف، و
الأصل مدفوع بما تقدّم من العموم. ومنه يظهر
اتحاد الحكم في هذه الصورة ومثلها بدون قيد
الإمكان . خلافاً للمحكي عن الأكثر، فلم يوجبوه. والروايات المتقدمة النافية للإعادة ـ مع ما فيها ممّا تقدم ـ لا اختصاص لها بهذه الصورة، والجمع بينها وبين الصحاح بذلك فرع وجود شاهد وليس. نعم، في الرضوي : «إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد أن تبول حتى تخرج فضلة
المني من إحليلك، وإن جهدت ولم تقدر على البول فلا شيء عليك».
وهو أعم من المدعى، ومع ذلك يحتمل نفي الشيء فيه نفي
الإثم أو المرجوحية.
وكيف كان فالأحوط ما ذكرنا. ويتوضأ إن انعكس الفرض في الأخيرين، فبال ولم يستبرئ منه بلا خلاف للصحيح : «وإن كان بال ثمَّ اغتسل ثمَّ وجد بللا، فليس ينقض غسله ولكن عليه الوضوء»
ومثله الموثّق.
مضافاً إلى عموم الأخبار الآمرة بالوضوء بترك الاستبراء بعد البول.
وبمفهومها يقيّد
إطلاق هذين الخبرين الشامل لما إذا استبرأ. وربما ينقل عن ظاهر الشيخين في
المقنعة والتهذيبين
عدم الوضوء أيضاً، بناءً على عدمه مع غسل الجنابة. وفي إطلاقه منع؛ لاختصاصه بخروج موجبه مطلقا قبل الغسل لا بعده، والخبران صريحان في أنّ السبب للأمر بالوضوء نفس البلل المشتبه لا غير.
(و)
كيفية الاستبراء مطلقاً (أي هنا وفي الوضوء منه رحمه الله. ) (هو أن يعصر ذكره من) أصل (المقعدة إلى طرفه) أي الاُنثيين بإصبعه الوسطى بقوّة (ثلاثاً وينتره) بجذب القضيب من أصله إلى الحشفة
بالإصبع المذكورة و
الإبهام (ثلاثاً) على الأشهر الأظهر المحكي عن النهاية والفقيه الهداية وبني حمزة وسعيد وإدريس وزهرة،
وشيخنا المفيد في المقنعة لكن
بإسقاط مسحتين،
ولا دليل عليه.
ومستندهم الحسن : «إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاث مرّات وغمز ما بينهما ثمَّ استنجى» الحديث.
بناءً على رجوع ضمير التثنية إلى الأنثيين والمراد به الذكر ولقبحه لم يذكر ـ لا هما والمقعدة ـ للقرب و
الاعتبار والصحيح : في الرجل يبول، قال : «ينتره ثلاثاً» الحديث.
بناءً على كون ضمير المفعول عائداً إلى الذكر أو البول، ولا مجال لرجوعه إلى ما تحت الأنثيين. وعلى التقديرين يتمّ
الاستشهاد به، بل هو على الثاني نصّ في المطلوب، فتدبّر.
ومنه يظهر وجه تقييد الغمز المطلق في الحسن بالثلاث لتصريح الصحيح به، مضافا إلى عدم القول بالفصل حتى من المفيد، لتصريحه هنا بالمرتين واكتفائه بهما أيضا فيما تحت الأنثيين، والحسن مخالف له في الأمرين. ولا فرق في التحقيق بين القول بالست مسحات وبين القول بالتسع مسحات، كما في القواعد والشرائع وعن المبسوط والتحرير.
وعن والد الصدوق الاكتفاء بمسح ما تحت الأنثيين ثلاثاً
ولا دلالة في الحسن عليه، لما عرفت. كما لا دلالة في الصحيح على مرتضى المرتضى والمهذّب
من الاكتفاء بنتر القضيب من أصله ثلاثاً إلى الطرف كما زعم، لما تقدّم. وربما حمل كلامهما على ما حمل الصحيح عليه، فلا خلاف.
(غسل اليدين) قبل إدخالهما
الإناء (ثلاثاً) لما مرّ في الوضوء. من الزندين في المشهور وأكثر الأخبار، منها الصحيح : «تبدأ بكفيك فتغسلهما ثمَّ تغسل فرجك» الحديث.
أو دون المرفق كما في الموثق.
أو إلى نصف الذراع كما في
المرسل .
أو المرفقين كما في الصحيحين
وغيرهما. والنصوص بالتثليث مستفيضة
ولا دليل على الاكتفاء بالمرة سوى
الإطلاق في المعتبرة، وتقييده بها مقتضى القواعد الشرعية.
(والمضمضة و
الاستنشاق ) بعد تنقية الفرج، وفاقاً للمعظم، بل في
المدارك عليه الإجماع
للنصوص منها الصحيح : «تبدأ فتغسل كفيك، ثمَّ تفرغ بيمينك على شمالك، فتغسل فرجك، ثمَّ تمضمض وتستنشق».
ولم يذكرا في المقنع والكافي لأبي الصلاح. وتمام الكلام قد مضى.
ومقتضى إطلاق المتن ـ كالنصوص
ـ الاكتفاء بالمرّة، ولكن عن صريح المقنعة والنهاية و
السرائر والوسيلة والمهذب والإصباح و
التذكرة والتحرير ونهاية الإحكام والذكرى والبيان :
استحباب التثليث؛
ولعلّه للرضوي وفيه : «وقد يروى أن يتمضمض ويستنشق ثلاثاً، ويروى مرّة يجزيه، والأفضل الثلاث، وإن لم يفعل فغسله تام».
(و
إمرار اليدين على الجسد) إجماعاً كما عن الخلاف والتذكرة وظاهر المعتبر والمنتهى،
و استظهاراً و
التفاتاً إلى الرضوي : «ثمَّ تمسح سائر بدنك بيديك وتذكر اللّه تعالى» الحديث.
وفي الصحيح : «ولو أنّ جنباً ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده».
وهو نص في عدم الوجوب في الجملة كالإجماعات المنقولة ولكنها نفته بالكلية. وعن مالك
إيجابه .
(وتخليل ما يصل إليه الماء) للمعتبرة، منها الصحيح : «يبالغن في الماء»
وفي الحسن «يبالغن في الغسل»
وفي الرضوي : «
الاستظهار إذا أمكن».
(و) (السابع : الغسل بصاع) بالإجماع، والصحاح منها : «كان رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم يتوضأ بمدّ ويغتسل بصاع، والمدّ رطل ونصف، والصاع ستة أرطال».
وحمله الشيخ على أرطال المدينة،
فيكون تسعة أرطال بالعراقي والكلام في تحديده يأتي في بحث
الزكاة إن شاء اللّه تعالى.
ولا يجب بإجماع علمائنا وأكثر
أهل العلم. خلافاً لأبي حنيفة كما في
المعتبر والمنتهى.
وأخبارنا
بإجزاء مثل الدهن
حجّة لنا وما في الصحيح : «من انفرد بالغسل وحده فلا بدّ له من الصاع»
محمول على الاستحباب أو
التقية فتأمّل.
رياض المسائل، ج۱، ص۲۱۳- ۲۲۱.