شروط المقر له
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويقصد به من يثبت له الحقّ الذي أقرّ به المقِر بحيث يحقّ له أخذه أو تركه. ويشترط فيه امور:
اشتراط
أهلية التملّك و
الاستحقاق في المقرّ له ذكرها بعض الفقهاء،
بل هي ممّا لا خلاف فيه؛
إذ مع عدمها يلغو الإقرار، فإنّه ما لم يكن هناك صحّة لمضمون
الإقرار بحيث كان بنفسه غير واقعي فلا يكون الإقرار ثابتاً؛ لتقوّمه
بالإبلاغ عن حقيقة واقعة، والمفروض عدمها، ولهذا لا يرى العقلاء ذلك إقراراً، وحيث إنّ البناء العقلائي هو العمدة هنا فيقتصر فيه عليه، فلو أقرّ لجماد كالحائط أو حيوان كالبهيمة بطل الإقرار.
نعم، احتمل
الشهيد الأوّل فيما لو أقرّ لدابّة الصحّة و الاستفسار ؛
نظراً إلى أنّه إذا أوصى بذلك لعلفها، أو نذره له جاز.
من هنا ذكر بعضهم أنّه لو أوصى للدابّة، فإن قصد التملّك أو أطلق بطل، ولو قصد الصرف إلى علفها فالأقرب الجواز.
ونوقش فيه بأنّ الصحّة في الوصيّة لا تقتضي الصحّة في الإقرار بالملكيّة الظاهرة من اللام، و
الاستفسار إنّما يجب من المبهم، ولا
إبهام في الفرض.
نعم، لو قال: (عليّ كذا بسبب هذه الدابّة) ففيه وجوه وأقوال:
صحّة الإقرار للمالك، ومعنى السبب هنا ثبوت
أرش جنايته عليها، أو اجرة منافعها وما شابه ذلك،
فيكون إقراراً للمالك؛ تنزيلًا للسبب على ما هو الغالب من
استيجارها أو غصبها، وضمان اجرتها ومنافعها،
أو على تقدير هذه الامور في
صيغة الإقرار ،
وقد يدّعى عليه
الإجماع أيضاً.
ونوقش فيه بأنّه كما يحتمل ذلك كذلك يحتمل أنّه يجب بسببها ما لا يستحقّه المالك، كاروش الجنايات على سائقها أو راكبها أو قائدها،
ولا
انسياق في اللفظ للأوّل، فيبطل الإقرار.
وقال بعض آخر: الأصحّ أنّه إقرار صحيح، لكن لا للمالك، بل تكون مجهولة المالك؛ لأنّه أعمّ من استحقاق المالك، ولا دلالة للعام على الخاص. نعم، لو ادّعاه المالك كان له؛ لأنّه مال لا يدّعيه غيره.
أنّه يستفسر المقرّ ويقبل منه تفسيره، فلو فسّره بالجناية على شخص قُبل وإن لم يعيّنه، ثمّ يطالب بالتعيين.
ومع تعذّر الاستفسار فهو إقرار لمجهول.
ونوقش فيه بأنّه لا دليل على وجوب الاستفسار؛ ضرورة عدم كونه كالإقرار بالمبهم. ولا وجه لمطالبة الحاكم بالتعيين؛ لعدم توجّه حقّ له على المقرّ، و إمكان
إبداء العذر عن بيانه. نعم، لو ادّعى مالك الدابّة أنّه قصده توجّه له اليمين عليه، وإلّا فلا.
بطلان الإقرار؛ لأنّه لم يذكر لمن هو، وشرط صحّة الإقرار ذكر المقرّ له.
وقد مرّ توضيحه في مناقشة القول الأوّل.
ولو قال: (لمالك الدابّة أو لزيد بسببها عليّ كذا) لزمه هذا الإقرار كما ذكره جماعة،
بل في الجواهر بلا خلاف فيه ولا إشكال إلّا من بعض الشافعيّة مستدلّاً عليه بأنّ الغالب لزوم المال بالمعاملة، وهي منفيّة في المقام، فيبطل الإقرار. وفساده واضح.
وكذلك لو قال: (لمالكها بسبب حملها عليّ كذا) أو (عليّ كذا بسبب حملها) لزمه الإقرار؛ لذكر المقرّ له في الكلام. نعم، لابدّ من الكلام حينئذٍ في الضميمة- وهي قوله: (بسبب حملها) - هل هي لغو؛ لعدم وضوح المراد، أم لا؛ لاحتمال كون المراد: بسبب
إتلاف حملها، أو الوصيّة له بذلك؟
نعم، لو لم يذكر المقرّ له في الكلام بأن قال: (بسبب حملها عليّ كذا) بطل الإقرار؛ لعدم ذكر المقرّ له.
وسيأتي في الأقارير المبهمة ما يرتبط بهذا الموضوع. ثمّ إنّ من أوضح ما يعتبر في أهلية المقرّ له وجوده، بحيث لو كان معدوماً لم يكن وجه لاعتبار هذا الإقرار، كما سيأتي التصريح به عن جماعة، بل لعلّ الصحيح أنّه ليس إقراراً أصلًا. هذا كلّه في أصل
اشتراط الأهلية، ولا بأس ببسط الكلام في بعض تطبيقاته كما يلي:
•
الإقرار للحمل ، والبحث فيه يقع ضمن امور: ۱- اشتراط وجود الحمل حين الإقرار له، ۲- اشتراط الولادة حيّاً وعدمه، ۳- وجود المصحّح للإقرار للحمل، ۴- اتّحاد الحمل وتعدّده.
•
الإقرار لمملوك ، لو أقرّ لمملوك صحّ الإقرار .
•
الإقرار للجهة ، المقصود من الجهة المساجد والمشاهد المشرّفة والمقابر و
الأوقاف العامّة ونحوها، فلو أقرّ لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو مصنع أو طريق أو مشعر من مشاعر اللَّه مع
الاستناد إلى سبب صحيح من الوقف ونحوه، صحّ الإقرار .
•
الإقرار للميت ، لا يعتبر في المقرّ له الحياة، فلو أقرّ لميّت بمالٍ صحّ هذا الإقرار؛ لأنّ الميّت في حكم المالك، وهو كافٍ في صحّة
الإقرار له.
لا يشترط
انحصار المقرّ له، فلو أقرّ للفقراء أو المساكين ونحوه صحّ، ثمّ يستفسر، فإن كان ممّا يجب فيه التعميم عمّم بحسب
الإمكان ، وإن كان من باب بيان المصرف- كالزكاة- صرف كما تصرف الزكاة، وإن كان ممّا يستوعب فيه
أهل البلد أعطى لمن في البلد، ولا يجب تتبّع الغائب. ولو أقرّ بالزكاة أو الخمس صرف في وجوهه، فلو رجع عن ذلك لم يسمع وإن كان لا مدّعي له.
اشترط بعض الفقهاء عدم تكذيب المقرّ له للمقرّ،
وحينئذٍ فلو أقرّ لزيد بألف فكذّبه لم يدفع إليه، ولا شيء عليه في ذمّته.
ويمكن توجيه ذلك بأنّ تكذيب المقرّ له إقرار على أنّ المال للمقرّ الأوّل فيقع التعارض بين الإقرارين، ولازمه أنّه لو رجع المقرّ له عن إنكاره بعد ذلك فلا
أثر له. ولكن ذهب بعضهم إلى أنّه إذا رجع المقرّ له عن
إنكاره وصدّق المقرّ في إقراره سلّم إليه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۳۷- ۵۲.