ميراث الطبقة الثالثة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
حاول بعض الفقهاء ضبط مراتب
الإرث بأنّ القريب إن تقرّب إلى الميّت من غير واسطة فهو الطبقة الاولى، وإن كان بينه وبين الميّت واسطة واحدة فهو الطبقة الثانية، وإن كان بينه وبين الميّت أزيد من واسطة فهو الطبقة الثالثة و يبحث هنا عن ميراث الطبقة الثالثة وهم
الأعمام و
الأخوال .
وهم الأعمام والأخوال: واصطلحوا عليهم ب (اولي
الأرحام )؛ لأنّ
الأصل في ميراثهم قوله تعالى: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ»
وهي أساس «
قاعدة الأقرب يمنع الأبعد » المسلّمة عند الفقهاء. وقد فسّرت الآية في لسان
أهل البيت عليهم السلام - الذين هم أدرى بما في البيت- بأنّ الأقرب إلى الميّت أولى بإرثه من الأبعد.
فقد روى
عبد الله بن سنان عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «اختلف
علي بن أبي طالب عليه السلام وعثمان في الرجل يموت وليس له عصبة يرثونه وله ذو قرابة لا يرثونه ليس لهم سهم مفروض، فقال علي عليه السلام: ميراثه لذوي قرابته؛ لأنّ اللَّه تعالى يقول: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ»، ••• وقال
عثمان : اجعل ماله في بيت مال المسلمين».
وروى
زرارة عن
الإمام الباقر عليه السلام في قول اللَّه «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ» «أنّ بعضهم أولى بالميراث من بعض؛ لأنّ أقربهم إليه رحماً أولى به»، ثمّ قال
أبو جعفر عليه السلام : «أيّهم أولى بالميّت وأقربهم إليه امّه أو أخوه؟ أ ليس الامّ أقرب إلى الميّت من إخوته وأخواته؟».
وروى
سليمان بن خالد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كان علي عليه السلام لا يعطي الموالي شيئاً مع ذي رحم، سمّيت له فريضة أم لم تسمّ له فريضة، وكان يقول: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»...».
واستفاد الفقهاء باقي أحكامهم من
إعمال النظر في الآية والنصوص الواردة في تفاصيل ميراثهم،
ومن خصوصيّات هذه المرتبة عدم وجود ذي الفرض فيها.
ويقع البحث عنها في جهتين:
۱- لا يرث الأعمام والأخوال مع وجود واحد من الطبقات السابقة ولو كان بعيداً. ويدلّ عليه- مضافاً إلى
الإجماع وقاعدة القرب
- رواية
يزيد الكناسي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «ابنك أولى بك من ابن ابنك، وابن ابنك أولى بك من أخيك»، قال: «وأخوك لأبيك وامّك أولى بك من أخيك لأبيك، وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لُامّك»، قال: «وابن أخيك لأبيك وامّك أولى بك من ابن أخيك لأبيك»، قال: «وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمّك»، قال: «وعمّك أخو أبيك من أبيه وامّه أولى بك من عمّك أخي أبيك من أبيه...».
ولم يذكر مخالف إلّا ما حكي عن
يونس بن عبد الرحمن من أنّ المال بين
ابن الأخ والعمّ نصفان.
وكذا حكي عن
الفضل بن شاذان أنّه جعل للخالة والعمّة مع الجدّة نصيباً من
الإرث .
وردّ بأنّه خلاف مقتضى قاعدة القرب.
اعتبر الفقهاء هذه الطبقة صنفاً واحداً، بخلاف الطبقات السابقة حيث جعلوا لكلّ طبقة صنفين. وسرّ ذلك هو أنّهم لاحظوا أنّ جهة انتساب الورثة إلى الميّت مختلفة، حيث يرث بعضهم بالابوّة وبعضهم بالبنوّة وبعضهم بالاخوّة وبعضهم بالجدودة، وكما تختلف جهة
الانتساب تختلف أدلّة إرثهم أيضاً، فلذلك جعلوا كلّ نسبة متّحدة مع الاخرى في صنف ليتميّز عن الصنف الآخر، وفائدة ذلك هي التركيز على أنّ كلّ صنف- غير
الأبوين - وإن كان له درجات يمنع القريب منها البعيد عن الإرث ما دام موجوداً، إلّا أنّه لا يزاحم الصنف الآخر في طبقته بل يجتمعان ويرثان معاً وإن كانت مراتب القرب بينهما متفاوتة، فالأب يجتمع مع ابن ابن الابن، وكذا الجد يجتمع مع ابن ابن الأخ- مثلًا- وهذا بخلاف الطبقة الثالثة حيث إنّ جهة الانتساب فيها واحدة وهي أنّ
أهل هذه الطبقة كلّهم يعتبرون إخوة أبوي الميّت، فالنسبة هنا من جهة واحدة، وعلى أساس ذلك يحجب الأقرب إلى الميّت الأبعد من الإرث ولو كانا مختلفين من جهة
الاسم والعنوان، فالعمّ يحجب ولد الخال كما يحجب ولده، وكذا الخال يحجب
ابن العمّ كما يحجب ولده».
كما أنّ الدليل على إرثهم هو عموم آية اولي الأرحام، والقاعدة المستفادة منها، ومقتضاه تقديم الأقرب مطلقاً وإن لم يكونوا من صنف واحد فالخال يقدّم على ابن العمّ وإن كان من غير صنفه.
وحاول بعض الفقهاء
أن يطبّق هنا ضابط
الإخوة والأجداد فيجعلهما صنفين، كما أنّ الإخوة والأجداد صنفان؛ ولعلّ منشأ ذلك فتوى أبي علي الذي صرّح أنّ
ابن الخال يرث مع العمّ.
ولكن ردّ ذلك بأنّ هناك فرقاً بين الفريقين، فإنّ إرث الأعمام والأخوال ثبت بمناط أنّهم رحمُ الميّت، بخلاف الإخوة والأجداد فإنّهم يرثون بعنوان أنّهم إخوة الميّت وأجداده، ومن الواضح أنّه فرق بين
الأخ والجدّ.
لا يرث مع المرتبة الاولى أحد من المراتب اللاحقة؛ لأنّهم محجوبون بها بقاعدة القرب، فإنّ الأقرب إلى الميّت ولو كان بسبب واحد- أي
الأب أو الامّ فقط- يمنع المراتب المتأخّرة ولو كانوا يتقرّبون إليه بسببين- أي الأب والامّ- فلا يرث أحد من أولاد العمومة والخؤولة مع وجود واحد من العمومة أو الخؤولة إلّا أنّهم أجمعوا على أنّ ابن العمّ من الأبوين يحجب عمّه من الأب فقط، فيكون ابن العمّ أولى بالإرث من العمّ، وبه خصّصت القاعدة.
قال
الشهيد الثاني : «هذه هي المسألة المعروفة بالإجماعيّة المخالفة للُاصول المقرّرة والقواعد المعتبرة من تقديم الأقرب إلى الميّت على الأبعد، وليس في أصل حكمها خلاف لأحد من الطائفة».
نعم، يظهر من
الشيخ المفيد أنّه يرى أنّ ملاك الأقربيّة وعدمها إلى الميّت هو تعدّد جهة النسبة إليه وعدمه، حيث قال: «ولا يرث ابن العمّ مع العمّ، ولا ابن الخال مع الخال إلّا أن يختلف أسبابهما في النسب، فيكون العمّ لأب، وابن العمّ لأب وامّ، فإن كانا كذلك كان ابن العمّ للأب والامّ أحقّ بالميراث من العمّ للأب؛ لأنّ ابن العمّ يتقرّب إلى الميّت بسببين، والعمّ يتقرّب بسبب واحد».
وقد استدلّ عليه بالإجماع والتسالم القطعي، مضافاً إلى أنّه قد يستدلّ عليه بروايتين:
إحداهما: مرسلة
الصدوق حيث قال: «فإن ترك عمّاً لأب وابن عمّ لأب وامّ فالمال (كلّه) لابن العمّ للأب والامّ؛ لأنّه قد جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الامّ؛ وهذا... للخبر الصحيح الوارد عن
الأئمّة عليهم السلام ».
ثانيتهما: رواية
الحسن بن عمارة قال: قال
أبو عبد اللَّه عليه السلام : «أيّما أقرب ابن عمّ لأب وامّ أو عمّ لأب؟» قال: قلت: حدّثنا
أبو إسحاق السبيعي عن
الحارث الأعور عن
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه كان يقول: «أعيان بني الامّ أقرب من بني العلات»، قال: فاستوى جالساً، ثمّ قال: «جئت بها من عين صافية، إنّ عبد اللَّه أبا
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخو أبي طالب لأبيه وامّه».
ولكنّ الروايتين ضعيفتا السند لا يعتمد عليهما، وإنّما المعوّل هو الإجماع فقط، كما يظهر من الشهيد الثاني.
وهل الحكم يختصّ بهذه الصورة- أي صورة
انحصار الوارث في ابن عمّ لأب وامّ وعمّ لأب لا غير- بناءً على أنّ الحكم فيها على خلاف القاعدة، أو يتعدّى إلى غيرها؟ اختلف الفقهاء في ذلك، وقد ذكر الشهيد الثاني وغيره
مواضع الخلاف كما يلي:
فيما إذا تعدّد ابن العمّ أو العمّ أو كلاهما، فقد ذهب الشهيدان
إلى عدم تغيّر الحكم؛ لأنّ المقتضي للترجيح- وهو القرب بسببين- ثابت هنا فيثبت الحكم.
ونوقش فيه بأنّ المدرك حيث انحصر في الإجماع، وحيث كان مخالفاً للأصل فيقتصر فيه على محلّ الوفاق وهو وجود ابن العمّ لأبوين والعمّ لأب فقط، وفي غيره يرجع إلى مقتضى القاعدة، وليس للإجماع لسان ودلالة لفظيّة ليتمسّك بإطلاقه لمورد تعدّد ابن العمّ أو العمّ أو تلغى الخصوصيّة. نعم، إذا جزمنا بعدم
احتمال الفرق بين الوحدة والتعدّد صحّ إلحاق صورة التعدّد بالوحدة، ولا يبعد ذلك.
فيما إذا تغيّرت الذكوريّة بالانوثيّة فيهما أو في أحدهما، كما إذا كان بدل العمّ عمّة أو بدل ابن العمّ بنت عمّ، ذهب الشيخ إلى ثبوت الحكم بحجّة
اشتراك العمّ والعمّة وابن العمّ وبنت العمّ في سبب الإرث،
فتقدّم بنت العمّ بسببين على العمّ بسبب واحد، وكذا ابن العمّ والعمّة. إلّا أنّ الشهيد الثاني وغيره ذهبوا إلى خروج هذه الصورة عن الحكم بحجّة أنّها خارجة عمّا نصّ عليه.
بل قد عرفت عدم وجود نصّ معتبر، وإنّما المستند الإجماع، وهو لا يشمل هذه الصورة، اللهمّ إلّا إذا قطع بعدم احتمال الفرق، خصوصاً في ابن العمّ مع العمّة.
فيما إذا تغيّر المورد بالهبوط كما إذا اجتمع ابن ابن العمّ للأبوين مع العمّ للأب أو مع ابنه، إذ قد يعلّل الأوّل بصدق
الابن على ابن الابن حقيقة، ونفى الشهيد الثاني وغيره ثبوت الحكم في هذه الصورة؛
لمنع ذلك فلا تشمله الأخبار.
وأمّا الثاني- أي
اجتماع ابن ابن العمّ للأبوين مع ابن العمّ للأب- فظاهرهم الجزم بتغيّر الحكم؛
لعدم صدق العمّ هنا وإن صدق ابن العمّ بالنازل.
وقد عرفت أنّ الدليل المهم هو الإجماع، وهو لا يشمل هذه الصورة، واحتمال الفرق موجود.
فيما إذا انضمّ إليهما زوج أو زوجة فحكمه حكم الصورة الاولى،
بل لعلّ عدم احتمال الفرق هنا أولى؛ لأنّ الزوج أو الزوجة تخرج فروضهما ابتداءً ويكون الباقي من الميراث إرثاً للعمّ وابن العمّ فيكون اجتماعهما هنا أوضح.
فيما إذا انضمّ إليهما خال أو خالة، وفيه أربعة أقوال:
أنّه يحرم ابن العمّ ويقسّم المال بين العمّ والخال، ثلثه للخال والثلثان للعمّ، ذهب إليه أكثر المحقّقين كالفاضلين والشهيدين
بل نسبه الشهيد الثاني إلى جملة المتأخّرين،
و
الفاضل النراقي إلى جمهورهم،
وأصله منسوب إلى
عماد ابن حمزة القمّي ؛
وعلّل ذلك بكونه أوّل من شيّده وأقام عليه الدليل.
وحجّة هؤلاء هي أنّ ابن العمّ يحرم بالخال وبعد حرمانه قد ارتفع المانع من إرث العمّ فيرث مع الخال؛ لأنّهما بمنزلة الأب والامّ، فكما يرثان معاً فكذلك الذين بمنزلتهما.
والأولى في الاستدلال:
أوّلًا: أنّ أهمّ دليل على الحكم المذكور إنّما هو الإجماع، وقدره المتيقّن ما إذا انحصرت الطبقة الثالثة في العمّ لأب وابن العمّ لأبوين، فيبقى غيره من الصور على مقتضى القاعدة، ومنها ما إذا انضمّ إليهما خال أو خالة واحتمال الفرق موجود.
وثانياً:
إطلاق بعض الروايات الصحيحة الدالّة على أنّه مع وجود الخال أو الخالة لا تصل النوبة إلى إرث ابن العمّ؛ إذ مقتضاه ثبوت الحكم حتى إذا كان لأبوين، وهي رواية
سلمة بن محرز عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديث- أنّه قال: في ابن عمّ وخالة، قال: «المال للخالة»، وقال: في ابن عمّ وخال، قال: «المال للخال»، وقال: في ابن عمّ وابن خالة، قال: «للذّكر مثل حظّ الانثيين».
فإذا دلّت الرواية على حرمان ابن العمّ مع الخالة أو الخال أصبح العمّ وارثاً لا محالة معهما؛ لكونه في طبقتهما وقد ارتفع الحاجب له من البين. ومن هنا جزم جملة من الفقهاء- كالسيّدين الحكيم والخوئي
- بحرمان ابن العمّ في هذه الصورة، بينما استشكلوا في الحكم بحرمانه في الصور الاخرى التي لا يكون فيها حاجب لابن العمّ حيث قد يدّعى فيها
الإلحاق .
أنّه يحرم العمّ ويجعل المال بين ابن العمّ والخال، ذهب إليه
القطب الراوندي ومعين الدين المصري
بحجّة أنّ العمّ حرم بابن العمّ، وأمّا هو فلو حرم لكان بسبب الخال وهو غير صالح لذلك؛ لأنّه لا يمنع العمّ من الإرث وابن العمّ أولى منه؛ لأنّه يحجبه ولا يجب به، فلا يجب بالخال بطريق أولى.
وفيه: أنّه قياس، وهو ليس من مذهبنا، على أنّه يلزم منه حرمان الخال إذا كان وحده مع ابن العمّ ولا نقول به.
أنّه يحرم العمّ وابن العمّ معاً ويكون المال كلّه للخال، ذهب إليه
سديد الدين الحمصي ؛
لأنّ العمّ محجوب بابن العمّ وهو محجوب بالخال فيختصّ الإرث بالخال.
وفيه: أنّه لا وجه له؛ إذ ابن العمّ إذا كان محجوباً بالخال لا يمكن أن يحجب العمّ؛ لأنّ المحجوب لا يمكن أن يحجب، على أنّ مثل هذه الاستدلالات أشبه بالقياس و
الاستحسان ، وإنّما الصحيح عدم شمول دليل التخصيص والحجب للمورد، فيرجع إلى مقتضى القاعدة ما لم يقطع بعدم الفرق.
أنّه يحرم العمّ والخال دون ابن العمّ؛ لأنّ العمّ محجوب به، والخال في مرتبته، وحاجب أحد المتساويين حاجب للمساوي الآخر أيضاً.
وفيه: أنّه قياس للُامور الاعتباريّة الشرعيّة بالعلل والموانع التكوينيّة، وهو واضح الفساد.
والمنهج الصحيح ملاحظة الأدلّة، فمقتضى إطلاقات الإرث عدم حجب ابن العمّ للعمّ ولا للخال، خرجنا عن ذلك في خصوص مورد الإجماع وهو وجود العم من طرف الأب مع ابن العمّ من الأب والامّ، وأمّا في غير ذلك من الفروض فلا بد من الرجوع فيه إلى مقتضى القاعدة، وهو عدم الحجب أصلًا. مضافاً إلى
استفادة حرمان ابن العمّ لأبوين مع وجود الخال من رواية سلمة المتقدّمة، فالأقوى من الأقوال القول الأوّل، الذي عليه أكثر المحقّقين، كما تقدّم. ولذلك قوّاه الشهيد الثاني على غيره حيث قال- بعد ذكر الأقوال وأدلّتها- «لكلّ واحد من هذه الأوجه وجه وجيه، وإن كان الأخير أضعفها، والأوّل أقواها»
، وإليه ذهب المحقّق النراقي.
قال
الإمام الخميني : «إذا كان عمّ من قبل الأب وابن عمّ من قبل الأبوين فيقدّم الثاني على الأوّل بشرط أن لا يكون معهما عمّ من قبل الأبوين ولا من قبل الامّ ولا العمّة مطلقاً ولا الخال والخالة مطلقاً، ولا فرق بين كون العمّ من الأب واحداً أو متعدّداً، وكذا بين كون ابن العمّ من قبل
الأبوين واحداً أو متعدّداً، فحينئذٍ يكون الإرث لابن العمّ لا العمّ ولا أبناء الأعمام والعمّات والأخوال والخالات، ولا فرق في ذلك بين وجود أحد الزوجين وعدمه، ولا يجري الحكم المذكور في غير ذلك.
نعم، مع كون الوارث العمّة من قبل الأب وابن العمّ من قبل الأبوين فالاحتياط بالتصالح مطلوب».
واستدلّ له بما تقدّم من الإجماع والرواية، وذكر أنّ ضعف الرواية مجبور بالشهرة، كما أنّها حيث تكون خلاف القاعدة يقتصر فيه على موردها، فلو انضمّ إليهما خال تغيّر الحال وسقط الحكم. نعم، مقتضى فهم العرف أنّه لا فرق بين كون العمّ واحداً أو متعدّداً، كما أنّه لا فرق بين كون ابن العمّ واحداً أو متعدّداً، وكذلك لا فرق بين وجود أحد الزوجين وعدمه. نعم، لو كان مكان العمّ العمّة من الأب لكان
إسراء حكم الرواية مفتقراً إلى دعوى
الأولويّة القطعيّة المعتبرة وهي ممنوعة، لكنّ
الاحتياط فيه مطلوب.
وهذا هو مختار
السيّد الحكيم و
الشهيد الصدر و
السيّد الخوئي .
وعلّل أيضاً بأنّ الإجماع قائم في مورد خاصّ وفي غيره يعمل بما هو مقتضى القاعدة، والمفروض أنّ الأقرب مقدّم وهو يمنع الأبعد.
بينما استشكلوا في الحكم فيما لو تعدّد العمّ أو ابن العمّ أو كان زوج أو زوجة فقالوا: ففي جريان الحكم الأوّل إشكال.
وفي تعليقة السيد الشهيد على
المنهاج : مثل
الإشكال فيما إذا تعدّد العمّ أو ابن العمّ الإشكال فيما كان أحدهما وخصوصاً ابن العمّ انثى؛ لأنّ المدرك هو الإجماع، ويقتصر فيه على
القدر المتيقّن .
•
سهام الطبقة الثالثة، في قوله تعالى: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ» ، أنّ العمّة بمنزلة الأب، والخالة بمنزلة
الامّ ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، الجدّ بمنزلة
الأب وكلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به، إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه.
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۲۲۹- ۲۵۲.