الأمان (شروطه)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأمان (توضيح).
اعتبر
جماعة من
الفقهاء لصحّة
الأمان شروطاً نذكرها فيما يلي:
ذهب بعض
الفقهاء إلى أنّه يعتبر في
الأمان أن يكون
مسبوقاً بالطلب فلا يصحّ
ابتداءً .
قال: «ويترك
القتال وجوباً لُامور، أحدها: الأمان، وهو
الكلام وما في حكمه الدالّ على
سلامة الكافر نفساً ومالًا
إجابة لسؤاله ذلك -الأمان-».
وعلّلوا ذلك بقوله سبحانه وتعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللّهِ»؛
فإنّ
الآية بقرينة «اسْتَجَارَكَ» تدلّ على أنّ الأمان نافذ بعد
المطالبة .
وناقش فيه
السيّد الخوئي بأنّ: «الآية الكريمة وإن كان لها
ظهور في
اعتبار المطالبة في نفوذه بقطع
النظر عمّا في ذيلها، وهو قوله تعالى: «حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللّهِ»، إلّاأنّه مع
ملاحظته لا ظهور لها في ذلك، حيث إنّ
الذيل قرينة على أنّ
الغرض من
إجارة الكافر
المحارب هو أن يسمع كلام اللَّه، فإن احتمل
سماعه جازت إجارته وكانت نافذة وإن لم تكن مسبوقة بالطلب».
وذهب بعض آخر إلى أنّه لا يشترط في الأمان سبق السؤال، فيصحّ ولو كان ابتداءً.
قال: «لا يشترط في الأمان أن يكون مسبوقاً بالسؤال، فيصحّ ولو كان ابتداءً وبلا سؤال؛
لإطلاق الأدلّة
الشامل لكلّ منهما، وما وقع في بعض الأخبار من سؤال الأمان لا يصلح
للتقييد؛ لكونه من
الغالب ».
ويؤيّد ذلك أيضاً بقيام
السيرة قبل الإسلام على الأمان من دون مطالبته، وقد أقرّت
الشريعة عقد الأمان ولم تؤسّسه، فيكون
الإقرار شاملًا لحال عدم المطالبة أيضاً.
صرّح جملة من الفقهاء
باشتراط المصلحة في صحّة الأمان
-
كاستمالة الكافر ليرغب في
الإسلام ، و
ترفيه الجند ، و
ترتيب امورهم، وقلّتهم، ولينتقل
الأمر منه إلى دخولنا دارهم فنطّلع على
عوراتهم - فلو استوى الأمران- أي وجود المصلحة وعدم
المفسدة - أو كان فيه مفسدة و
مضرّة للمسلمين لم يصحّ.
قال: «إنّما يجوز عقد الأمان مع اعتبار المصلحة، فلو اقتضت المصلحة
ترك الأمان وأن لا يجابوا إليه لم يفعل؛ لأنّه مصلحة في بعض
الأحوال و
مكيدة من مكائد القتال في
المبارزة ، فإذا لم تكن مصلحة لم يجز فعله، وسواء في ذلك عقد الأمان لمشرك واحد أو جماعة كثيرة، فإنّه جائز مع المصلحة
إجماعاً ».
وصرّح بعضهم
بالاكتفاء بمجرّد عدم المفسدة؛
لأنّه أوفق بإطلاق الأدلّة الشامل لذلك.
قال: «قد يقال: قد سبق اشتراط المصلحة في صحّته، وهو يقتضي
انتفاء المفسدة. وجوابه: أنّ وجود المصلحة لا ينفي وجود المفسدة من وجه آخر، فيمكن أن يقال: لو كان في
العقد مصلحة ومفسدة عمل بالأرجح، فأيّهما كان الآخر
مضمحلّاً في جنبه أو كان كالمضمحل عمل به.
ولا ريب أنّ هذا الحكم وأمثاله إنّما هو بالنسبة إلى
نائب الإمام، أمّا
الإمام عليه السلام فإنّ مرجع الأحكام إليه من غير
اعتراض عليه ولا حكم».
وبناءً عليه، فلو أمّن
جاسوساً أو من فيه مضرّة لم ينعقد؛
للأصل و
العموم .
قد يقال بأنّ
الحرب من شروط الأمان، فلو اعطي الأمان دون وجود حرب بين الطرفين لم يكن له معنى.ويمكن أن يستدلّ على ذلك بأنّ الآية
القرآنية المتقدّمة
المستدلّ بها على الأمان واقعة في
سياق آيات
مطلع سورة براءة، فيشكّل هذا السياق مانعاً عن
انعقاد إطلاق في الآية لغير حال الحرب التي تعلنها الآيات السابقة واللاحقة.
أمّا الروايات فكثيرة، منها: ما ورد في سياق الحروب، ولا يحرز انعقاد إطلاق في غيرها ولو
لمركوزية كون الأمان من شؤون الحرب وحالات القتال، و
القدر المتيقّن من حالات فعل
المعصوم هي ما وقع في حال وقوع حرب بين الطرفين.
وقد يقال: إنّ الأمان عقد أو
إيقاع عقلائي وليس
تأسيساً من قبل
الشارع ، فتكون الآيات والروايات
إرشاداً لهذا
التباني العقلائي و
العرفي الواقع قبل الإسلام بين
العرب أنفسهم، وفي هذه الحال يكفي في صحّة الأمان أن لا يكون هناك عقد أو إيقاع سابق يفيد
نتيجة الأمان، كما لو وقعت هدنة و
اتّفاق بين الدولتين أو
صلح و
موادعة تسمح للطرفين و
رعاياهما بالتنقّل، فإنّه لا معنى للأمان الفردي في هذا المورد و
الصادر من آحاد
المسلمين ، فالشرط في الأمان أن يكون بحيث يمنح
للمستأمن أماناً لا أن يكون بحيث لا يقدّم له شيئاً جديداً.
هذا، ولعلّ
المستوحى من كلمات الفقهاء أنّ الأمان من شؤون
مجريات الحرب.
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۳۱-۳۴.