ومنها: رواية يعقوب بن سالم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك، قال: «لا آمره أن يغرّر بنفسه فيعرض له لصّ أو سبع».
من شرائط صحّة الصوم الأمن من الضرر و المرض في نفسه و بدنه ، فلو كان الصوم يضرّه باشتداد مرضه أو بطء البرء أو غير ذلك فلا يصحّ منه الصوم، كما صرّح به جملة من الفقهاء،
ممّن يصحّ منه الصوم، منها: رواية المفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّ لنا فتيات و شبّاناً لا يقدرون على الصيام من شدّة ما يصيبهم من العطش ، قال: «فليشربوا بقدر ما تروى به نفوسهم وما يحذرون».
ذهب جمع من الفقهاء إلى أنّ من شرائط وجوبالحجّ أمن الطريق في النفس و المال والعرض، فلو كان الطريق مخوفاً أو كان فيه مانع من عدوّ أو سبع أو لصّ ولم يجد طريقاً آخر سقط الحجّ في ذلك العام؛ لأنّ اللَّه تعالى إنّما فرض الحجّ على المستطيع ، وهذا غير مستطيع.
قال الفاضل الأصفهاني في مباحث إمكانالمسير : «الثالث: أمن الطريق، بل خلوّه ممّا يمنع من سلوكه عندنا؛ للكتاب و السنّة ، ومن الموانع: الخوف، فلابدّ من أمنه في النفس و البضع والمال... فيسقط الحجّ عندنا عنه مع الخوف على النفس، قتلًا أو جرحاً من عدوّ أو سبع أو غيرهما، ولا يجب عليه الاستنابة على رأي».
وحديث الأعمش عنه عليه السلام أيضاً- في حديث شرائع الدين - قال: «والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك، ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه».
وكذا لو وقعت بدعة في الإسلام وكان سكوت العلماء موجباً لهتك الإسلام، يجب عليهم الإنكار بأيّة وسيلة ممكنة ولو مع عدم الأمن، سواء كان الإنكار مؤثّراً في قلع الفساد أم لا.
عدّ الفقهاء من شرائط إقامة الحدود الأمن من الضرر من جهة لحوق الضرر على أنفسهم وغيرهم من المؤمنين، ومن جهة لحوق الضرر الزائد عن ضرر الحدّ عادةً على من يحدّ أو يقتصّ.
قال المحقّق النجفي : «يجوز للفقهاء العارفين بالأحكام الشرعيّة... إقامة الحدود في حال غيبةالإمام عليه السلام كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت، و... هو المشهور ، بل لا أجد فيه خلافاً...».
وقال بعضهم: لا يجلد ولا يحدّ من وجب عليه الحدّ إذا كان مريضاً، أو في جسده قروح كثيرة ويخشى سراية مرضه إلى جسده أو سائر أعضائه، ولا يقام الحدّ في شدّة البرد ولا شدّة الحرّ ؛ خشيةالهلاك ، ولا في أرض العدوّ؛ خشية الالتحاق به،
والظاهر أنّ التعزير حكمه حكم الحدّ هنا؛ لوحدة الدليل و المناط .
إلى غيرها من الموارد الكثيرة التي تظهر من خلال تتبّع كلمات الفقهاء في مباحث الإكراه و الاضطرار وحفظ النفس المحترمة و التقية ، ويمكن مراجعتها في هذه المصطلحات.