الإحتلام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو إنزال المني أثناء النوم.
الحُلْم والاحتلام هو
رؤية الجماع ونحوه في
النوم والفاعل حالم ومحتلم.
وقد حلم الرجل بالمرأة إذا حَلَم في نومه أنّه يباشرها.
وليس لدى
الفقهاء في الاحتلام اصطلاح
خاصّ، بل يطلقونه في
أحكام الجنابة ويريدون به تارة
مطلق الرؤيا في النوم سواء كان مع
الإنزال أو بدونه. كما في عبارة
الشيخ الطوسي: «فإن احتلم الرجل أو المرأة فأنزلا وجب عليهما
الغسل، فإن لم ينزلا لم يجب عليهما الغسل».
وهذا هو الإطلاق بالمعنى اللغوي الأصلي.
واخرى يريدون خصوص الرؤيا في النوم مع الإنزال كقوله: «إذا احتلم
الإنسان في
المسجد الحرام أو
مسجد الرسول فلا يجوز له أن يخرج منهما إلّا بعد أن
يتيمّم».
وهذا هو
الإطلاق الفقهي
الشائع.
وثالثة يطلقونه في علائم البلوغ ويريدون به مطلق الإنزال سواء كان في نوم أو في يقظة؛ تبعاً لإطلاقه في
القرآن الكريم والروايات على ذلك.
كما في قوله تعالى: «وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا».
ورواية
حمران قال: سألت
أبا جعفر عليه السلام: متى يجب على
الغلام أن يؤخذ
بالحدود التامّة؟... فقال: «إذا احتلم أو
بلغ خمس عشرة
سنة».
وهو إنزال
المني، يقال:
أمنى الرجل أي أنزل المني.
وهو
أعمّ من الاحتلام بالمعنى
الشائع؛ لأنّ الاحتلام لا يصدق فيمن أنزل في اليقظة.
وهي من
الجنب ومن معانيه البُعد،
وفي الاصطلاح ما يوجب البعد عن
أحكام الطاهرين،
أو الحالة التي حدثت بعد
الإنزال أو
الجماع.
فالاحتلام يكون من أسباب الجنابة إذا كان مع الإنزال.
وهو في
اللغة الإدراك والوصول، وفي الاصطلاح الوصول إلى حدّ
النكاح والاحتلام من علاماته.
المشهور بين
الفقهاء أنّ المرأة تحتلم كالرجل، وأنّ ما ينزل منها حال
الشهوة من
الماء يكون منيّاً كما ينزله الرجل، وأنّ عليها
الغسل كما على
الرجل. إلّا أنّه ذهب الصدوق إلى القول بعدم الغسل في احتلام
المرأة، حيث قال في المقنع: «إن احتلمت المرأة فأنزلت فليس عليها غسل».
ومال إليه
الفيض الكاشاني بقوله:«الأولى أن يحمل ما ورد في إثبات الغسل لهنّ في احتلامهنّ على
الاستحباب».
وقال
الشهيد الصدر: «المني بالمعنى المعروف في الرجل غير موجود في المرأة، فإذا أنزلت ماءً من دون شهوة فليس عليها غسل، وإذا أنزلت ماءً بشهوة
احتاطت بالغسل وضمَّت إليه
الوضوء إذا كانت
محدثة بالأصغر».
وليس البحث من جهة
صدق مفهوم الاحتلام في حقّ المرأة؛ إذ لا إشكال في تحقّق المعنى اللغوي للاحتلام وهو رؤية
اللّذة في
النوم بحقّها أيضاً، وإنّما البحث في تحقّق الاحتلام بالمعنى
الشائع فقهيّاً والذي تترتّب عليه
الآثار الشرعيّة، والاختلاف في جهتين:
الاولى: في تحقّق الاحتلام بمعنى
الإنزال في حقّها الموجب لتحقّق
الجنابة ووجوب الغسل وتحقّق البلوغ.
الجهة الثانية: في صدق
المني على
الماء الذي ينزل منها ليكون
نجساً كمني الرجل.
ومنشأ البحث في الأوّل اختلاف الروايات، كما أنّ منشأ البحث في الثاني التشكيك في صدق اسم المني على الماء الخارج منها. وتفصيل ذلك في محلّه.
المعروف بين
فقهائنا- بل لعلّه لا خلاف فيه- أنّ الاحتلام الذي تترتّب عليه الآثار
فقهيّاً إنّما يتحقّق بالإنزال وخروج المني،
حيث صرّحوا بأنّه لا عبرة بتحرّكه من محلّه ما دام لم يصل إلى الخارج.
وقد ذكروا علامات لحالات
الشك في كون الخارج منيّاً أو لا ستأتي الإشارة إليها.
لا خلاف بين فقهائنا
أنّ من علامات
البلوغ الاحتلام، بمعنى خروج
المني سواء كان في نومٍ أو يقظة.
والمشهور بينهم أنّها علامة مشتركة بين
الرجل والمرأة،
ويظهر من بعضهم اختصاصه بالرجل فقط.
وقد مرّ البحث فيه آنفاً.
واستدلّ لعلاميّته بقوله تعالى: «إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا».
۱- ما ورد في
رفع القلم عن
الصبيّ حتّى يحتلم.
۲- ما ورد في انتهاء
اليتم بالاحتلام.
۳- ما ورد في وجوب
الصلاة والصوم بالاحتلام.
۴- ما ورد في
عدم وجوب تغطية
المرأة رأسها عن الصبيّ حتى يحتلم.
۵- ما ورد في وجوب
الغسل بإنزال المني.
ثمّ إنّهم اعتبروا في علاميّة الاحتلام والإنزال للبلوغ كونه في الوقت المحتمل للبلوغ.
وصرّح بعضهم بأنّ المراد من وقت الإمكان والوقت المحتمل في
الانثى هو تسع سنين وفي
الذّكر ما تجاوز العشر»؛
لأنّ الاحتلام فيما بين العشر والخمسة عشر قد يقع كثيراً،
بل ذكر الفاضل الآبي أنّه
شاهد من احتلم في اثني عشر وثلاث عشر.
ويؤيّده الروايات الدالّة على جواز
وصيّة من بلغ عشر سنين،
وما دلّ على التفريق بينهم في
المضاجع بعشر سنين،
فلا عبرة بما ينفصل بصفته قبل ذلك.
تقدّم أنّ الاحتلام في الوقت المحتمل للبلوغ- وهو في
الذّكر بعد العشر وفي
الانثى تسع سنين- يكون علامة
للبلوغ، وأنّ ما ينفصل بصفة المني قبل ذلك لا عبرة به، فإذا ادّعى
صبيّ البلوغ بالاحتلام وكان في وقت يمكن في حقّه ذلك فقد اختلف الأصحاب فيه: فمنهم من قال بأنّه
يصدّق من غير
بيّنة ولا يمين؛
لأنّه من الامور التي لا تعرف إلّا من قبله فلا يمكن إقامة البيّنة عليه، ولأنّ
التصديق مع
اليمين مستلزم
للدّور؛ إذ صحّة اليمين مشروطة بكون
الحالف بالغاً وثبوت البلوغ هاهنا يتوقّف على اليمين.
ومنهم من قال
بعدم تصديقه بلا بيّنة ولا يمين سواء كان في مقام
المخاصمة والمعارضة أو لا.
قال
السيد اليزدي: «يشكل سماع قوله في غير مقام
الدّعوى والمرافعة فضلًا عنه، فيشكل ترتّب
آثار البلوغ عليه ممّا له أو عليه بأن
يحكم بصحّة
معاملاته ودفع
ماله إليه وهكذا.
ومجرّد كون الاحتلام ممّا لا يعلم إلّا من قبله لا يكفي في ترتّب الآثار المشروطة بالبلوغ.
وثانياً: نمنع جواز
الحكم بلا يمين في مقام الدّعوى بمجرّد عدم إمكان اليمين، بل مقتضى القاعدة إيقاف الدّعوى.
وثالثاً: نمنع لزوم
الدّور إذا قلنا بالحاجة إلى
اليمين؛ إذ على فرض القول بسماع
إقراره لكونه ممّا لا يعلم إلّا من قبله لا تتوقّف اليمين على
البلوغ بل على الدليل الدالّ على سماع إقراره... وهو قاعدة قبول قول من ادّعى ما لا يعلم إلّا من قبله عند احتمال صدقه».
ومنهم من قال بعدم
تصديقه في مقام المرافعة
والإنكار وتصديقه في غير هذا المقام.
هذا بالنسبة
للصبي. وأمّا
الصبيّة فقد ذكر
المحقّق النجفي في الجواهر أنّه صرّح غير واحد بأنّ الصبيّة مثله أيضاً في قبول دعوى الاحتلام.
هذا في دعوى الصبي البلوغ بالاحتلام، وأمّا ثبوته بغير الدّعوى، فقد صرّح
الشهيد الثاني والمحقّق القمّي
بأنّ البلوغ بالاحتلام يثبت
بالبيّنة والشّياع. وذكر
صاحب المناهل أنّ ثبوته
بالشياع إنّما هو فيما كان مفيداً
للعلم حسب.
إنّ سببيّة الاحتلام- بمعنى
الانزال سواء كان في
النوم أو اليقظة-
للجنابة في الرجل متّفق عليه بين الأصحاب بل بين
المسلمين، وأمّا في
المرأة فقد تقدّم الخلاف فيه.
الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۱۴۸-۱۵۲