ولا يخرج استعمال الفقهاء للإشاعة عن المعنى اللغوي المتقدّم، فتارة استعملت بمعنى التفريق، وذلك في موارد إشاعة السهم و الحصّة في الأموال و الحقوق المشتركة، وكثير من موارد الاستعمال في هذا المعنى في باب الشركة و القسمة.
واخرى استعملت بمعنى الانتشار، وذلك في مورد إشاعة الخبر بمعنى شياعه و استفاضته.
وقد ذكروا في إشاعة الفاحشة أكثر من معنى:
أ- فتارةً فسّروها بنشر الفحشاء بين المؤمنين و الترويج للمفاسد الأخلاقية والمحرّمات الشرعية لتنشر بين الناس، كما في القيادة و الجمع على الحرام، أو حثّ الناس على ارتكاب الحرام في الموارد المختلفة، كما في نشر المفاسد الأخلاقية على وسائلالإعلام أو إجراءمسابقات ملكات الجمال أو ما شابه ذلك.
ب- واخرى فسّروها بنشر الأخبار التي تتضمّن الفاحشة، كأن يتحدث عمّن زنى أو قتل أو سرق أو نحو ذلك، وينشر بين الناس أخبار المفاسد الأخلاقية و الجرائم و المخالفات الشرعية.
والمعنى الثاني غير واضح الحرمة بالعنوان الأوّلي بصرف النظر عن كونه مصداقاً في هذا المورد أو ذاك لعنوان محرم، كالقذف أو الغيبة أو ما شابه ذلك.
وقد ذكر السيد الخوئي أنّ ظاهر الآية هو نشر الفاحشة بعينها لا نشر خبرها أو الحكاية عنها؛
لأنّ متعلّق الإشاعة فيها هو الفاحشة بنفسها وليس خبرها.
ويحكم بالحرمة بالعنوان الثانوي على كل إشاعةٍ لخبر يؤدي إلى ضعف المسلمين في قوّتهم أو حدوثالقلاقل بينهم أو تثبيط عزائمهم.
إذ في ذلك للمؤمن ضرر الإذاعة والإشاعة، و التشهير الذي لا يرضى به.
ومن الواضح أنّ موضوع إشاعة السرّ لا يتحقّق إلّاإذا كان المؤمن مصرّاً على إبقاء السرّ مخفياً، وإلّا فلا معنى لحرمة الإشاعة.
وهذا ما يفهم منه أنّ أسرار المؤمنين تمثل حقوقاً شخصيةً لهم لا يجوز التعدّي عليها من دون إذنهم.
نعم، إذا كان في الإشاعة ضررٌ على المؤمن لم تجز، بصرف النظر عن رغبته في الكتمان وعدمه؛ لحرمة الإضرار بالمؤمنين.
تعتبر الإشاعة في المقسوم، وذلك في الأعيان المشتركة التي يراد قسمتها، بل أضاف المحقّق النجفي: أنّه «لا موضوع للقسمة في غيره ممّا آحاده مشتركة بأسباب مستقلّة من دون شركة بمجموعه».