المرتهن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو الذي يقبض و يأخذ مال الذي رهن الراهن .
(الرابع : في) بيان (المرتهن).
(ويشترط فيه) ما اشترط في
الراهن والمتعاقدين في سائر العقود : من (كمال العقل) بما مرّ (وجواز التصرف) لاتّحاد الدليل.
واعلم أن إطلاق
الرهن لا يقتضي كون المرتهن وكيلاً في البيع (و) لكن (يجوز اشتراط
الوكالة في) بيع (الرهن) عند حلول أجل الدين، له ولوارثه وغيره، في عقد الرهن وغيره من العقود اللازمة، بلا خلاف يعرف، بل عليه
الإجماع في الغنية؛
وهو الحجة، مضافاً إلى
الأصل ، وعمومات الأدلة بلزوم
الوفاء بالعقود والشروط السائغة الغير المخالفة للكتاب والسنة، وما نحن فيه منها بالبديهة.
(ولو عزل) الراهن المشروط (له) الوكالة، مرتهناً كان أو غيره (لم ينعزل) عنها، على الأظهر، وفاقاً للفاضلين والشهيد الثاني والمفلح الصيمري
وجماعة؛
للزوم الرهن من جهته، وهو الذي شرطها على نفسه، فيلزم من جهته.
خلافاً لنادر، فقال : ينعزل؛ إما لأن الوكالة من العقود الجائزة التي من شأنها تسلّط كلّ منهما على الفسخ؛ أو لعدم وجوب الوفاء بالشرط مطلقاً وإن كان في عقد لازم، بل شأنه تسلّط المشروط له على فسخ العقد المشروط فيه؛ أو لأن لزوم الشرط إنما يكون مع ذكره في عقد لازم كالبيع، وليس كذلك الرهن، فإن ترجيح أحد طرفيه على الآخر ترجيح من غير مرجّح.
ويضعّف الأوّل : بأن جواز الوكالة بحسب الأصل لا ينافي لزومها بسبب العارض،
كالاشتراط في العقد اللازم، وهو هنا كذلك. والثاني : بمنع عدم وجوب الوفاء بالشرط في العقد اللازم، بل الظاهر الوجوب، وفاقاً للأكثر، وقد تقدّم البحث في ذلك. والثالث : بأن عقد الرهن لمّا كان لازماً من طرف الراهن كان ما يلزمه الراهن على نفسه بعقده لازماً من قبله، عملاً بمقتضى اللزوم، والشرط وقع من الراهن على نفسه فيلزم، ولمّا كان جائزاً من طرف المرتهن كان ما يلزمه كذلك فيجوز له فسخ الوكالة، وهو واضح، لأنه حقّه فله تركه.
وأما فسخ العقد المشروط فيه فغير متوجّه في المقام، بناءً على تعقّبه الضرر على المرتهن. نعم، لو كان مشروطاً في عقد لازم آخر توجّه الفسخ حينئذٍ، إلاّ أن المقصود هنا شرطها في عقد الرهن خاصة.
(و) أما ما ربما يستدل لهذا القول
باتّفاق الأصحاب في الظاهر على أنه (تبطل الوكالة) المشروطة فيه أي في عقد الرهن (بموت الموكّل دون الرهانة) بناءً على أن لزومها يستدعي عدم بطلانها، كما هو شأن العقود اللازمة،
فالبطلان به منافٍ للّزوم.
فمضعّف بأن تغيّر حكم الوكالة بالشرط لا يوجب تغيّر حقيقتها التي هي
استنابة الوكيل بإيقاع الفعل عن الموكّل، وهي بموت الموكل منتفية، لعدم جواز
إيقاع الفعل هنا عن الميّت،
لانتقال متعلّق الوكالة إلى الغير، ومع انتفاء الحقيقة ينتفي الحكم، لأن الجواز واللزوم من أحكام الوكالة، ولا بقاء للحكم مع
انتفاء الحقيقة.
وكما تبطل بموت الموكّل تبطل بموت الوكيل، لا من حيث كون الوكالة من العقود الجائزة التي من شأنها البطلان بالموت، بل من حيث إنّ الغرض من الوكالة
الإذن في التصرّف، فيقتصر فيها على من اذن له خاصّة، فإذا مات بطلت من هذه الجهة،
كالإجارة المشروط فيها العمل بنفسه، فإنها تبطل بموته.
وأما الرهانة فلا تبطل بموت أحدهما؛ للزومها من جهة الراهن وكونها حقّا للمرتهن. لكن إذا مات أحدهما كان للآخر
الامتناع من تسليمه إلى وارثه، وكذا للوارث الامتناع من تسليمه إليه؛ لأن وضعه عند أحد مشروط باتّفاقهما عليه. وإن تشاحّا فللحاكم تسلّمه وتسليمه إلى عدل ليقبضه لهما، كذا قالوه.
(ويجوز للمرتهن ابتياع الرهن) لنفسه برضاء المالك مطلقاً، كان وكيلاً في بيعه أم لا،
إجماعاً على الظاهر؛ للأصل، والعمومات، مع فقد المانع.مضافاً إلى الصحيح : عن الرجل يكون له الدين على الرجل ومعه الرهن، أيشتري الرهن منه؟ قال : «نعم».
وفي جوازه بمجرّد وكالته في بيعه مع عدم معلومية رضاء المالك به وبعدمه قولان، مبنيان على جواز بيع الوكيل من نفسه وعدمه، وليس هنا محل ذكره. ولا ريب أن الترك أو
الاستيذان أحوط.والمشهور جواز ابتياعه لولده وشريكه ومن يجري مجراهما.
خلافاً للإسكافي،
فمنع عنه أيضاً. ولا شاهد له سوى القياس جدّاً، فإنّ الأخبار المانعة عن بيع الوكيل من نفسه
غير ظاهرة الشمول للمفروض أصلاً. وما ربما يتوهّم منه الشمول له من حيث التعليل للمنع فيه بالتهمة الجارية فيه ظاهر في كراهة المنع لا تحريمه، فلا وجه للاستناد إليه
لإثباته .
(والمرتهن أحقّ من غيره باستيفاء دينه من الرهن) مطلقاً (سواء كان الراهن حياً أو ميّتاً) بلا خلاف في الأول فتوًى ورواية، بل عليه
الإجماع في ظاهر كلام المقدس الأردبيلي وغيره؛
وهو الحجة.مضافاً إلى أن فائدة الرهن شرعاً وعرفاً ولغةً
اختصاص المرتهن
بالاستيفاء ، ومقتضاها تقديمه على غيره من الغرماء.
ومنها يظهر الوجه في
انسحاب الحكم في الثاني، مع اشتهاره بين الأصحاب من غير خلاف يعرف بينهم في ذلك، وإن أشعر كثير من العبارات بوقوعه، ولكن لم يصرّح أحد منهم بقائله، إلاّ أن بعض متأخّري المتأخّرين عزاه إلى الصدوق في الفقيه و حكاه في الحدائق عن السيد عبد الله بن المقدس السيد نور الدين بن العلاّمة
السيد نعمة الله الجزائري ، وهو في الفقيه،
بناءً على ذكره فيه الرواية المخالفة المشار إليها في العبارة بقوله : (وفي الميت رواية أُخرى) مع ذكره في أوله ما يستدل به على فتواه بها. وفيه نظر.
والمراد بالرواية هنا الجنس، لتعددها، في بعضها : عن رجل أفلس وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهون وليس عند بعضهم، فمات ولا يحيط ماله بما عليه من الدين، قال : «يقسم
جميع ما خلّف من الرهون وغيرها على أرباب الدين بالحصص».
ونحوه آخر : «
جميع الديّان في ذلك سواء ويوزّعونه بينهم بالحصص»
الخبر.وهما قاصرا الأسانيد، بل الأُولى ضعيفة، والثانية مع الجهالة مكاتبة، ومع ذلك شاذّتان مخالفتان لما مرّ من الفائدة المتفق عليها فتوًى ورواية.
مضافاً إلى سبق حق المرتهن بالرهانة، وأصالة بقائه وثبوت سلطنته المتقدمة، ولا يخرج عن هاتين القاعدتين المعتضدتين بعمل الأصحاب في البين بنحو هذين الخبرين اللذين أُمرنا بطرح أمثالهما من شواذّ الأخبار. وربما يؤوّلان بتأويلات بعيدة، لكن لا بأس بها،
جمعاً بين الأدلّة، هذا.
مع أن في
الدروس الرواية مهجورة،
وهذه العبارة في دعوى
الإجماع على خلافها ظاهرة، بل عبارة السرائر
في دعواه صريحة، وفي المسالك أن تحقق التعارض في الحي إنما هو إذا كان مفلساً محجوراً عليه؛ إذ بدونه يتخير في الوفاء.
وهو كذلك.
(ولو قصر الرهن عن الدين) المرهون به (ضرب) المرتهن (مع الغرماء في الفاضل) من الدين؛ لعدم
انحصار الحق في الرهن بعقده، فيتناوله عموم الأدلّة بضرب صاحب الدين مع الغرماء في مال المفلس والميت، وكذلك لو زاد عنه صرفه إلى الغرماء أو الورثة.
•
الرهن أمانة في يد المرتهن ، الرهن أمانة في يد
المرتهن ، ولا يسقط بتلفه شيء من ماله ما لم يتلف بتعدٍ أو تفريط.
(ولو تصرف فيه من غير إذن) مطلقاً خرج عن
الأمانة و (ضمن العين) مع التلف بالمثل إن كان مثلياً، وبالقيمة يوم التلف إن كان قيميّاً. (و) ضمن (الأُجرة) أيضاً إن تصرف في المنفعة بدون الإذن، أو معه على وجه العوض.
وفي الصحيح : «في الأرض البور يرتهنها الرجل ليس فيها ثمرة، فيزرعها وينفق عليها من ماله، أنه يحسب له نفقته وعمله خالصاً، ثم ينظر نصيب الأرض فيحسبه من ماله الذي ارتهن به الأرض حتى يستوفي ماله، فإذا استوفى ماله فليدفع الأرض إلى صاحبها».
(ولو كان الرهن دابة قام) المرتهن (بمئونتها) حيث لم يقم الراهن بها وجوباً؛ لوجوب الحفظ عليه، ولا يتم إلاّ بالإنفاق عليه فيكون واجباً.
(و) إذا أنفق (تقاصّا) ورجع كلّ ذي فضل بفضله مع
الإنفاق بنية الرجوع لا مطلقاً،
إجماعاً، بل يرجع معها خاصّة إمّا مطلقاً، كما هنا وفي الشرائع وعن الحلّي والفاضل،
أو بشرط إذن المالك أو الحاكم، أو
الإشهاد بعد تعذّرهما، كما قيّده الشهيدان وغيرهما.
ويأتي في التقاصّ على إطلاقه ما مضى، ولذا إن الحلّي ذكر الرجوع إلى ما أنفق من دون ذكره. وهو الأوفق بالأصل حيث يمكن الرجوع إليه، إلاّ أنه ربما يستفاد من النصوص الآتية بعد الحمل على ما يأتي إليه
الإشارة جوازه كذلك، وربما أيّدته الروايات السابقة، ولا ريب فيه مع المراضاة، وأما مع عدمها فالمصير إلى الأوّل أحوط وأولى.
وكيف كان، هذه الأقوال متّفقة على عدم جواز تصرف المرتهن في الرهن بدون إذن الراهن، ورجوع كل منهما معه إلى الآخر فيما يستحقه بعد إنفاق المرتهن، فهو إلى نفقته، والراهن إلى منفعة ماله على
الإطلاق .خلافاً للطوسي والحلّي في الدابة،
فجوّزا
الركوب والحلب بعد الإنفاق، وحكما بأن المنفعة بإزاء النفقة على الإطلاق، ولو مع عدم المراضاة وتفاوت الحقين بالزيادة والنقصان.
(و) استندا في ذلك إلى ما (في رواية) من أن (الظهر
يُركب والدرّ يُشرب، وعلى الذي
يَركب ويَشرب النفقة)
رواها
السكوني .وقريب منها الصحيح : عن الرجل يأخذ الدابة أو البعير، إله أن
يركبه؟ قال : فقال : «إن كان يعلفه فله أن
يركبه، وإن كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس له أن
يركبه».
والأوّل قاصر السند، وإن روى إلى الراوي في الموثق، إلاّ أنه كالثاني مخالف للأدلّة المتقدمة القاطعة على عدم جواز تصرف كلّ من الراهن والمرتهن في الرهن بدون إذن الآخر.
مع مخالفتهما القاعدة المقرّرة في الضمان، فإنّ مقتضاها ما تقدّم إليه الإشارة : من رجوع الراهن بحق المنفعة والمرتهن بحق النفقة، وتخصيص كلّ من هاتين القاعدتين المعتضدتين
بالإجماع في الأصل، والشهرة العظيمة في خصوص المسألة جرأة عظيمة، فإنه لا يقاوم شيئاً منهما الروايتان بالضرورة.مع احتمالهما الحمل على ما حملهما عليه الأصحاب : من حصول الإذن ومساواة الحقّين، وهو وإن كان بعيداً غايته، إلاّ أنه لا بأس به،
جمعاً بين الأدلّة.
(و) قد صرّح الأصحاب من غير خلاف يعرف، بل في شرح الإرشاد
الإجماع عليه
بأن (للمرتهن استيفاء دينه من الرهن) وإن لم يكن وكيلاً في
البيع ، أو انفسخت الوكالة بموت الراهن (إن خاف جحود) الراهن أو (
الوارث ) للحق ولم يتمكّن من إثباته عند الحاكم لعدم البينة أو غيره من العوارض؛ لعدم الحرج والضرر في الشرع.
وللخبر، وربما عدّ من الحسن، بل الصحيح : رجل مات وله ورثة، فجاء رجل فادّعى عليه مالاً وأن عنده رهناً، فكتب عليه السلام : «إن كان له على الميت مال ولا بيّنة له عليه فليأخذ ماله مما في يده، وليردّ الباقي على ورثته، ومتى أقرّ بما عنده أُخذ به وطولب بالبينة على دعواه، وأوفى حقه بعد اليمين، ومتى لم تقم البينة والورثة ينكرون فله عليهم يمين علم، يحلفون بالله تعالى ما يعلمون على ميّتهم حقّا».
والمرجع في الخوف إلى القرائن الموجبة للظن الغالب لجحوده، وربما احتمل كفاية مطلق
الاحتمال .
(و) يستفاد من الخبر المستند في الحكم أنه (لو اعترف) المرتهن (بالرهن وادّعى الدين) على الراهن (ولا بيّنة له فالقول قول الوارث، وله إحلافه إن ادّعى عليه العلم) بثبوت الحق؛ مضافاً إلى موافقته
الأصل العام،مع عدم خلاف فيه في المقام.
(ولو باع) المرتهن (الرهن) بدون إذن الراهن (وقف على الإجازة) وصحّ بعدها، على الأشهر الأقوى من جواز
الفضولي ، وبطل الرهن، كما لو أذن
ابتداءً أو باع هو بإذن المرتهن مطلقاً، لزوال متعلّقه. ولا يجب جعل الثمن رهناً إلاّ مع اشتراطه.
قيل : أما إذا أتلفه متلف إتلافاً يقتضي العوض كان العوض رهناً؛ لإمكان
الاستيثاق به وعدم خروجه عن الفرض، لكنه يبطل وكالة المرتهن في الحفظ والبيع إن كانت لاختلاف الأغراض في ذلك باختلاف الأموال. انتهى.
وفي الفرق وتعليل قيام العوض مقام المتلف رهناً نظر يظهر وجهه لمن تدبّر.
(ولو كان) المرتهن (وكيلاً) في بيع الرهن (فباع بعد الحلول صحّ) البيع بلا ريب، وجاز له استيفاء دينه من الثمن إما مطلقاً، كما ربما يظهر من إطلاق مفهوم سياق العبارة، وبه صرّح في الشرائع وعن
جماعة،
أو بشرط توافق الدين مع الثمن في الجنس والوصف، كما عن آخرين.
والوجه إن لم يكن
إجماع على خلافه عدم الجواز مطلقاً؛ للأصل، وعدم دليل على الجواز سوى
الإذن في البيع، وهو لا يستلزم الإذن في الاستيفاء.
والشرط في القول الثاني غير مخصّص له؛ لعدم قيام دليل صالح عليه، وإن قيل مثله فيما إذا كان ما في ذمّة المديون مثل الدين في الوصفين، فإنّه يجوز له الأخذ مقاصّةً حينئذ من دون توقّف على المراضاة.
ويمكن
الاستناد للأوّل أوّلاً : بظواهر النصوص المتقدمة بجواز المقاصّة الجارية في المسألة بحكم المظنّة الحاصلة من التتبع لها
والاستقراء .وثانياً : بقيام القرينة الحالية في الإذن بالبيع بعد الحلول على الرخصة في
الاستيفاء في الأغلب، وينزل عليه إطلاقات الجواز في نحو عبارة الشرائع.
(ولو أذن الراهن في البيع قبل الحلول) جاز البيع، ولكن (لم يستوف دينه) من الثمن (حتى يحلّ) الأجل؛ لعدم
الاستحقاق قبله، والإذن في البيع لا يقتضي تعجيل الاستيفاء، بل ولا مطلقة إلاّ مع قيام القرينة، كما مضى.
واعلم أنه إذا حلّ الدين فإن كان المرتهن وكيلاً في البيع والاستيفاء جازا له، وعليه يحمل إطلاق الموثق، بل ربما عُدّ من الصحيح : عن الرجل يكون عنده الرهن، فلا يدري لمن هو من الناس، فقال عليه السلام : «لا أُحبّ أن يبيعه حتى يجيء صاحبه» ثم قال : «إن كان فيه نقصان فهو أهون لبيعه فيؤجر فيما نقص من ماله، وإن كان فيه فضل فهو أشدّهما عليه، يبيعه ويمسك فضله حتى يجيء صاحبه».
وإلاّ لم يجز له تولّيهما، وعليه يحمل إطلاق الموثقين اللذين في بحث حجر المرتهن عن التصرف قد مضيا ، بل طلبهما منه، أو الإذن فيهما، فإن فعل، وإلاّ رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بهما، فإن أبى كان له حبسه، لأنه ولي الممتنع.
وللخبر : «كان
أمير المؤمنين عليه السلام يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه، ثم يأمر فيقسم ماله بالحصص، فإن أبى باعه فقسّمه فيهم» يعني ماله.
ولو لم يمكن الوصول إلى الحاكم لعدمه أو بُعده قيل : احتمل جواز
استقلاله بالبيع بنفسه واستيفاء حقّه، كما لو ظفر بغير جنس حقّه من مال المديون الجاحد مع عدم البيّنة، وفاقاً
لجماعة.
المسالك، ج۱، ص۲۳۲. />
ولا بأس به؛ دفعاً للضرر والحرج المنفيين آية ورواية؛ مضافاً إلى إطلاق الموثّق المتقدم. ولا يعارضه في المقام الموثقان؛ لعدم
انصرافهما إليه.
(ويلحق به مسائل النزاع، وهي أربع :).
•
ضمان المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه، يضمن
المرتهن قيمة
الرهن ) إذا أتلفه بتعدٍّ أو تفريط .
(الثانية : لو اختلفا فيما عليه الرهن) من الدين، فادّعى المرتهن زيادته والراهن نقصه (فالقول قول الراهن) وفاقاً للأكثر، كالصدوق والطوسي والقاضي والتقي وابن حمزة والحلّي وابن زهرة
مدّعيين عليه
الإجماع؛ وهو الحجة.
مضافاً إلى الأصل والنبوي المتقدمين، والمعتبرة المستفيضة، منهاالصحيح : في رجل يرهن عند صاحبه رهناً ولا بيّنة بينهما فيه، ادّعى الذي عنده الرهن أنه بألف درهم، وقال صاحب الرهن : إنه بمائة، قال : «البينة على الذي عنده الرهن أنه بألف درهم، فإن لم يكن له بينة فعلى الراهن اليمين»
ونحوه الباقي
الموثقة
جميعها، بل ربما قيل بصحة بعضها.
(وفي رواية) قاصرة السند،
ضعيفة التكافؤ عن المقاومة لما مرّ من الأدلّة من وجوه عديدة (أن القول قول المرتهن ما لم يَدَّعِ زيادةً عن قيمة الرهن).وهو في غاية الضعف وإن حكي عن
الإسكافي .
وربما يحتمل الحمل على التقية؛ لفتواه بها، مع
الاعتضاد بكون الرواية عن السكوني الذي هو من قضاة العامة.
(الثالثة : لو) اختلفا في الرهانة فـ (قال القابض :) المرتهن (هو رهن، وقال المالك :) الراهن (هو وديعة، فالقول قول المالك مع يمينه) مطلقاً، وفاقاً للأكثر، كما في المسالك،
بل المشهور، كما في
الدروس ،
وربما أشعر عبارة الماتن هنا
بالإجماع عليه؛ لأصالة عدم الرهن الذي يترتب عليه عدم جواز التصرف المخالف لها بالضرورة،ولكونه منكراً فيشمله النبوي المتقدم.
وللصحيحين، في أحدهما المروي في التهذيب : في رجل رهن عند صاحبه رهناً، فقال الذي عنده الرهن : أرهنته عندي بكذا وكذا، وقال الآخر : إنما هو عندك وديعة، فقال : «البينة على الذي عنده الرهن أنه بكذا وكذا، فإن لم يكن له بينة فعلى الذي له الرهن اليمين».
وفي الثاني المروي في الكافي في رجل قال لرجل : لي عليك ألف درهم، فقال الرجل : لا، ولكنها وديعة، فقال عليه السلام : «القول قول صاحب المال مع يمينه».
(وفيه رواية أُخرى) بل روايات بالعكس، منها : عن متاع في يد رجلين أحدهما يقول : استودعتكه، والآخر يقول : هو رهن، قال : فقال : «القول قول الذي يقول : إنه رهن عندي، إلاّ أن يأتي الذي ادّعى أنه أودعه بشهود».
ومنها : «يسأل صاحب الوديعة البينة، فإن لم يكن له بينة حلف صاحب الرهن».
ونحوها رواية أُخرى
هي كسابقتيها معتبرة الأسانيد بالموثقية في بعض، والقرب منها في آخر، ومن الصحة في ثالث. إلاّ أنها (متروكة) وإن عمل بها
جماعة، كالصدوق في المقنع والطوسي في
الاستبصار ؛
ضعفها عن المقاومة لما مرّ من الأدلّة المعتضدة بالشهرة العظيمة، سيّما بين متأخّري الطائفة.
وهنا قولان آخران مفصِّلان بين صورتي
اعتراف المالك بالدين فالثاني، وإنكاره له فالأول، كما في أحدهما، ونسب إلى ابن حمزة.
وفي الثاني المحكي عن الإسكافي
التفصيل بين صورتي اعتراف القابض للمالك بكونه في يده على سبيل الأمانة ثم صار رهناً فالأوّل، وادعاؤه إيّاه ابتداءً فالثاني.
ولا حجة عليهما واضحة سوى ما يذكر لهما من
الجمع بين الأخبار والأدلّة، وهو فرع المقاومة التي هي في المقام مفقودة، مع عدم وضوح شاهد عليهما، وتعارض أحدهما بالآخر بالضرورة. نعم للأوّل في الصورة الأُولى ظاهر الحال، ولكنه غير صالح لمعارضة الأصل وما مرّ من النصوص في هذا المجال.
(الرابعة : إن اختلفا في التفريط فالقول قول المرتهن مع يمينه) بلا خلاف يظهر، بل عليه
الإجماع في الغنية؛
وهو الحجة، مضافاً إلى الأُصول المتقدمة السليمة هنا عن المعارض.
رياض المسائل، ج۹، ص۲۱۴-۲۳۵.