صفة الاستنجاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
صرّح الفقهاء بوجوب
الاستنجاء وتطهير موضع البول والغائط، وجوباً شرطياً مقدّميّاً،
باعتبار شرطيّة
الطهارة في صحّة جملة من الأعمال العبادية كالصلاة
والطواف ،
بل هو مراد كلّ من أطلق وجوبه من دون تقييد.
واستدلّ له:
أوّلًا: بالروايات المستفيضة أعلى درجات
الاستفاضة ،
بل قيل: إنّها متواترة
:منها: رواية
يونس بن يعقوب ، قال:قلت
لأبي عبد اللَّه عليه السلام:
الوضوء الذي افترضه اللَّه على العباد لمن جاء من الغائط أو بال، قال: «يغسل ذكره ويذهب الغائط، ثمّ يتوضّأ مرّتين مرّتين».
ومنها: رواية
بريد بن معاوية عن
أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «يجزي من الغائط
المسح بالأحجار، ولا يجزي من البول إلّا الماء».
وثانياً: بما دلّ على اشتراط الصلاة بالطهارة،
وأنّه لا صلاة إلّابطهور، بناءً على شموله للطهارة من
الخبث أيضاً، وفيه بحث عند الفقهاء.وكذلك ما دلّ على لزوم
إعادة الصلاة لمن صلّاها من دون استنجاء.
وثالثاً:
بالإجماع وضرورة المذهب
بل ضرورة الدين.
هذا، ولا ريب في رجحان الاستنجاء ذاتاً؛ لرجحان التطهّر من كلّ القذارات شرعاً، فهو مستحبّ بنفسه أيضاً.
ثمّ إنّ وجوب الاستنجاء إنّما هو في صورة تلوّث مخرج البول والغائط،
فمع عدم التلوّث لم يبق هناك مبرّر للاستنجاء والتطهير.
إلّاأنّه يظهر من
العلّامة في
المنتهى وجوب الاستنجاء ولو بخروج بعرة يابسة، تمسّكاً بإطلاق الروايات الآمرة بالاستنجاء من البول والغائط.
ورُدّ بأنّ ظاهر أوامر
الغسل والتمسّح عرفاً هو
الإرشاد إلى رفع النجاسة والتلوّث الحاصل من البول والغائط، كما هو كذلك في البول دائماً، وفي الغائط غالباً.
هذا، مضافاً إلى أنّ بعض الروايات قد عبّرت
بإذهاب الغائط،
كما في موثقة يونس بن يعقوب، قال عليه السلام: «يغسل ذكره ويذهب الغائط، ثمّ يتوضّأ مرّتين مرّتين»،
وظاهرها أنّ الميزان ذهاب الغائط العالق بموضع النجو.وعليه لا مجال لحمل أوامر الغسل أو المسح على التعبّد ليتمسّك بإطلاقه.
ولو فرض
الشكّ في هذا
الاستظهار فلا شكّ في أنّ مقتضى
الأصل هو
البراءة عن الوجوب التعبدي.
ولازم القول الأوّل أنّه مع حصول الشكّ في تلوّث موضع الغائط يحكم بالطهارة، كما في سائر موارد الشكّ، إلّاأنّ بعض الفقهاء ذكر أنّه لو حصل الشكّ في التلوّث
وإصابة الحواشي بالنجاسة فالحكم بالإصابة والنجاسة أقرب إلى
الصواب ؛ لقيام
السيرة على الاستنجاء مطلقاً، ولأنّه أوفق
بالاحتياط .
هذا كلّه في غير المسلوس والمبطون.وأمّا فيهما ففي وجوب التطهير لكلّ صلاة- مع صدور الحدث أثناء الصلاة أو خارجها
واستمراره أو
انقطاعه- كلام بين الفقهاء
مذكور في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۲۴۳-۲۴۵.