ما يستنجى به من الغائط
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا خلاف بين الفقهاء بل الإجماع قائم على أنّ المكلّف مخيّر في
الاستنجاء من الغائط بين الماء والأحجار لكن بشروط، في مقدّمتها عدم
التعدّي عن المخرج، وتوضيح المسألة وما يتفرّع عليها من فروع ويترتب عليها من أحكام ضمن العناوين التالية:
لا شبهة في جواز
الاكتفاء بالماء في الاستنجاء من الغائط؛ لقيام
الإجماع ، ولعموم ما دلّ على المطهّرية به، وللأخبار المستفيضة، بل روي: أنّ قوله تعالى: «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»
نزل في رجل من الأنصار أكل طعاماً فلان بطنه فاستنجى بالماء، فأنزل اللَّه فيه ذلك.
لا خلاف بين الفقهاء في عدم وجوب التعدد في الاستنجاء من الغائط بالماء، بل تكفي الغسلة الواحدة
مع حصول النقاء
وذهاب العين،
بل ادّعي الإجماع عليه؛
لقول [[|أبي الحسن]] عليه السلام في حسنة
ابن المغيرة : «حتى ينقى ما ثمّة»،
وقول
أبي عبد اللَّه عليه السلام في موثّقة
يونس بن يعقوب : «يغسل ذكره ويذهب الغائط»،
حيث دلّتا بإطلاقهما على كفاية الغسلة في تحقّق التطهير، بل يمكن
الاستدلال لذلك بسائر الأدلّة غير المقيّدة بعدد.
وقد عبّر المشهور
عن النقاء بزوال العين والأثر، فقالوا: حتى يزول العين والأثر بالماء في الغائط،
إلّاأنّه لم يرد التعبير بالأثر في نصوص الباب.
وقد اضطربت كلمات الفقهاء في تفسير الأثر،
وذلك على عدّة آراء:
الرأي الأوّل: الرطوبة المتبقّية بعد قلع الجرم.نقل ذلك على نحو القيل عن الدلائل في مفتاح الكرامة،
واورد عليه بأنّ الرطوبة نجاسة بعينها وليست أثراً من آثارها.
الرأي الثاني: اللزوجة،
وهي مقصود من قال بأنّ الأثر عبارة عن أجزاء صغيرة لا ترى
للطافتها وإن كانت تحسّ،
بل إلى هذا المعنى يرجع التعبير باللون إذا كان المقصود منه اللزوجة.
ونسب إلى
سلّار أنّ حدّ النقاء من الأثر بهذا المعنى هو الصرير حين الغسل.
واورد عليه بأنّ الصرير لا علاقة له بنقاوة المحلّ؛ فقد يحدث بسبب برودة الماء الذي يجعل المحلّ خشناً له صرير.
الرأي الثالث: اللون المتبقّي من النجاسة. قال
الفاضل السيوري : «يجب في الماء
الاجتهاد بإزالة العين والأثر أي اللون؛ لأنّه عرض لا يقوم بنفسه، فلابدّ له من محلّ جوهري يقوم به؛ إذ
الانتقال على الأعراض محال، فوجود اللون دليل على وجود العين فيجب إزالته».
واورد عليه:
أوّلًا: بأنّه نمنع ضرورة وجود العرض في محلّه الأوّلي حتى يكون كافياً عن وجود عين النجاسة فيه، بل يكفي فيه وجود محلّ جوهري يقوم به كالرائحة، فإنّها قد تكتسب من المجاورة.
وثانياً: بأنّ اللون إذا كان معفوّاً عنه في سائر النجاسات- كما صرّح به الأصحاب- فمن الأولى أن يكون كذلك في الاستنجاء،
المبتني على التسهيل
والمسامحة .
وثالثاً: بأنّ المدار في الأحكام الشرعية على الصدق العرفي لا التدقيقات الفلسفية.
الرأي الرابع: الرائحة، استظهره
المحقّق الأردبيلي ، وجعل إزالتها مستحبّة وليست واجبة، مع عدم بقاء
الأصل وكسب المحل تلك الرائحة بالمجاورة وواجبة معه، أو أنّها كناية عن إزالتها بالكلية.
الرأي الخامس: النجاسة الحكمية التي تعني الحكم بالنجاسة على المحلّ بعد إزالة عينها عنه ممّا يعني اشتراط طهارته بالتعدّد.
ولعلّ منشأ هذا الرأي ذيل رواية
أبي العلاء الذي سأل الإمام الصادق عليه السلام فيها عن الثوب يصيبه البول، قال: «اغسله مرّتين، الاولى للإزالة، والثانية
للإنقاء »،
ورواها في
التهذيب إلى «اغسله مرّتين».
وهي مشعرة بأنّ النظافة في نظر الشارع غير إزالة العين.
وأورد على هذا الرأي بأنّ إزالة الأثر - بناءً على هذا- أمر تعبّدي يعني الحكم بطهارة المحلّ، وهو لا يصحّ جعله حدّاً للغسل، مع أنّ التعدّد في الاستنجاء من الغائط منفي إجماعاً.
لا خلاف بين الفقهاء في تخيير المكلّف بين الاستنجاء من الغائط بالماء أو الأحجار،
بل ادّعي عليه الإجماع
مستفيضاً، بل كاد يكون
متواتراً ،
بل ربما يدّعى كونه في الجملة من ضروريات الدين.
ويدلّ عليه- مضافاً إلى ذلك- روايات متواترة
:
منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب ومعه ثلاثة أحجار، فإنّها تجزي».
ومنها: صحيحة
زرارة عن
الباقر عليه السلام، قال: «لا صلاة إلّابطهور، ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنّة من
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وأمّا البول فإنّه لابدّ من غسله».
ومنها: رواية
بريد بن معاوية عن الباقر عليه السلام أنّه قال: «يجزي من الغائط المسح بالأحجار، ولا يجزي من البول إلّا الماء».
لكنّ هناك روايات اخرى دالّة على نفي
التخيير بين الماء والأحجار، كرواية
عمّار الساباطي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: في الرجل ينسى أن يغسل دبره بالماء حتى صلّى، إلّا أنّه قد تمسّح بثلاثة أحجار، قال: «إن كان في وقت تلك الصلاة فليعد الصلاة وليعد
الوضوء ، وإن كان قد مضى وقت تلك الصلاة التي صلّى فقد جازت صلاته، وليتوضّأ لما يستقبل من الصلاة».
إلّاأنّ هذا النوع من الروايات محمول إمّا على تأكّد
استحباب الاستنجاء بالماء، أو على صورة تعدّي الغائط عن محلّ النجو، ومع عدم صحّة توجيهها بأحد هذين الوجهين فلابدّ من طرحها وعدم العمل بها؛
لمخالفتها لضرورة المذهب.
أفضلية الاستنجاء بالماء:
ذكر الفقهاء أنّ الماء أفضل للاستنجاء من غيره،
بل ادّعي عليه
الإجماع .
وهو مذهب أهل العلم.
ويدلّ عليه:
أوّلًا: روايات متعدّدة، منها: رواية
هشام عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: يا معشر الأنصار، إنّ اللَّه قد أحسن عليكم الثناء فماذا تصنعون؟قالوا: نستنجي بالماء».
وثانياً: أنّ الماء أبلغ في التنظيف وإزالة العين والأثر، بخلاف الأحجار.
ولا ينافيه ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «كان
الحسين بن علي عليه السلام يتمسّح من الغائط بالكرسف ولا يغسل»؛
إذ من الممكن أن يترك الأئمّة عليهم السلام العمل بالأفضل، فلا دلالة للرواية على نفي أفضلية الغسل بالماء.
ولا منافاة بين استحباب تقديمه على الأحجار وبين الوجوب التخييري بينه وبينها؛ لأنّ متعلّق الواجب في المخيّر ليس عين واحد من الأفراد، بل الأمر الكلّي، فتعلّق الاستحباب والأفضلية بواحد منهما لا محذور فيه.
الجمع بين الماء والأحجار:
المشهور بل المجمع عليه
أنّ الجمع بين الماء والأحجار أفضل، كما عبّر المتقدّمون،
أو أكمل كما عبّر أكثر المتأخّرين،
واقتصر آخرون على ذكر استحبابه من دون التعرّض لأفضليّته أو أكمليّته،
وكأنّ المقصود واحد، وهو أنّ الجمع بينهما أفضل وأكمل مرتبةً من التطهير بأحدهما.واستدلّوا على ذلك- مضافاً إلى الإجماع- بعدّة روايات:
منها: مرسلة
أحمد بن محمّد عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «جرت السنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار، ويتبع بالماء».
ومنها: ما رواه الجمهور عن
الإمام علي عليه السلام، قال: «(إنّكم) كنتم تبعرون بعراً وأنتم اليوم تثلطون ثلطاً (تثلطون: تتغوّطون غائطاً رقيقاً.)،
فأتبعوا الماء الأحجار».
والوجه في أفضلية الجمع أنّ فيه تنزيهاً لليد عن مخامرة النجاسة.
لكن
السيّد الخوئي خالف المشهور وأكّد على نفي استحباب الجمع بين الماء والأحجار وإن لم يتردّد في جواز العمل به،
انطلاقاً من فهمه لروايات
التسامح في أدلّة السنن وتفسيره لها بأنّها لا تعني أكثر من ثبوت الثواب، والإرشاد إلى حسن
الانقياد ، وأمّا الاستحباب فهو كالوجوب لا يمكن
إثباته إلّابحجّة معتبرة؛ لضعف الأخبار هنا.
بل قال
السيّد العاملي : إنّه «لولا الإجماع المنقول على هذا الحكم لكان للمناقشة فيه من أصله مجال».
وعلى أيّة حال، فبناءً على رأي المشهور ينبغي تقديم الأحجار على الماء- رغم
إطلاق عبارة أكثر الفقهاء في هذا المجال
- مبالغةً في تنزيه المحلّ،
واجتناباً عن مباشرة اليد للنجاسة،
ولأنّه مقتضى
الإتباع المذكور
في قول الإمام الصادق عليه السلام: «جرت السنّة في
الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار، ويتبع بالماء».
وهل الحكم بالجمع يختصّ بغير المتعدّي من النجاسة أم يعمّ المتعدّي أيضاً؟
ذهب جماعة إلى
اختصاصه بغير المتعدّي؛
للأصل، وعدم الدليل على شموله للمتعدّي، خصوصاً مع عدم صدق الاستنجاء عليه، وانصراف الرواية إلى الفرد الغالب، وهو غير المتعدّي.
بينما يظهر من
العلّامة في
القواعد اختصاصه بالمتعدّي
من دون أن يوضّح سبب الاختصاص، ويمكن أن يكون منشؤه الرواية المنقولة عن الإمام علي عليه السلام المتقدّمة.إلّاأنّ الذي يظهر
من كلّ من أطلق
الحكم بأفضليّة الجمع شموله للمتعدّي وغيره بل صرّح بذلك بعضهم.
•
كيفية الاستنجاء بالأحجار،يجب في
الاستنجاء بالأحجار إمرار الحجر على المحلّ وعدم
الاكتفاء بوضعه عليه حتى مع حصول النقاء به.
الاستنجاء بالحجر ذي الجهات الثلاث:
•
الاستنجاء بالحجر ذي الجهات،اختلف الفقهاء- بناءً على وجوب
التثليث - في
إجزاء التمسّح بالحجر الواحد من ثلاث جهات على قولين.
الاستنجاء بالحجر العظيم والخرقة الطويلة:
رغم ذهاب جماعة من الفقهاء إلى عدم إجزاء الاستنجاء بالحجر ذي الشعب الثلاث إلّاأنّهم اختاروا
الإجزاء إذا كان الحجر كبيراً جدّاً.
وكذا ما شابه ذلك كالأرض المتّسعة والنخل والشجر؛
لصدق التمسّح بالأحجار الثلاثة بسبب طول الفاصلة بين الأطراف.
وأمّا الخرقة الطويلة فقد اختلف الفقهاء فيها على قولين:
أحدهما: الإجزاء، وهو الذي صرّح به بعضهم،
بل في المدارك أنّه ينبغي
القطع بإجزائها إذا استعملت من جهاتها الثلاث؛ للعموم.
والظاهر أنّه يريد به الإطلاق المتقدم في حسنة ابن المغيرة وغيره.
فإن كان مراده أنّه ينبغي
الاقتصار في الخروج عن الإطلاق على الأحجار لتقييدها في الأخبار بالثلاثة فتبقى غير الأحجار تحت الإطلاق فيجوز الاستنجاء بأطرافها، ففيه- مع عدم ظهور قائل بالفصل-: أنّه لا ينبغي التقييد بكونها طويلة، وإن كان مراده بقاءها داخلة تحت الإطلاق لطولها، ففيه: أنّه لا فرق بين الأحجار والخرق، فينبغي أن يلتزم بجواز الاستنجاء بذي الشعب إذا كان طويلًا، ولعلّه يلتزم بذلك.
ثانيهما: عدم الإجزاء، وهو ظاهر المحقق في المعتبر حيث قال: «لو كانت (الخرقة) طويلة فاستعمل طرفها أمكن استعمال الآخر بعد قطعه»،
ممّا يعني عدم إجزاء الاستنجاء بالخرقة قبل قطعها.
لا إشكال في العفو عن الأثر المتبقّي في المحلّ بعد الاستنجاء وزوال العين،
وأمّا طهارة المحلّ فقد اختارها المشهور، بل صريح الفاضلين في
المعتبر والمنتهى
عدم وجود مخالف إلّاالشافعي وأبي حنيفة.إلّاأنّ هناك إشكالًا أثاره بعض المعاصرين حول عدم حصول
الطهارة بالاستجمار، وحاصله: أنّ
الاستجمار بالأحجار لا يؤدّي إلى زوال عين النجاسة، ومع عدم زوالها يبقى حكمها وهو النجاسة؛ لعدم وجود ما يدلّ على التطهير بالأحجار إلّاقول أبي جعفر عليه السلام في حديث زرارة: «ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار»،
وهو لا دلالة فيه إلّاعلى العفو عن نجاسة العذرة، بل يمكن
استفادة بقاء النجاسة من بعض الروايات،
كصحيحة
مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام، قال:«إنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لبعض نسائه: مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن؛ فإنّه مطهرة للحواشي، ومذهبة للبواسير»،
وظاهر هذه الرواية أنّ طهارة الحواشي تتوقّف على الاستنجاء بالماء دون غيره.
وأمّا المشهور فقد استدلّوا على حصول الطهارة مع وجود الأثر بعدّة أدلّة:
منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا صلاة إلّابطهور، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار».
فإنّ المراد من الطهور فيها ما يعمّ الطهارة الخبثية والحدثية، وهي تدلّ بمفهومها على أنّ الاستجمار من الطهور؛
لأنّ الحكم بكفاية الأحجار في الاستنجاء من الغائط بعد نفي الصلاة عمّا لا تكون مع الطهور ظاهر في أنّ
المسح بالأحجار يؤثّر في حصول الطهارة المعتبرة في الصلاة.
واورد عليه بأنّ التعبير بالإجزاء لو لم يكن قرينة على عدم حصول الطهارة فلا أقلّ من كونه مانعاً عن ظهوره في حصول الطهارة، ولو سلّم فغاية الأمر
إشعار الرواية بذلك، وهو لا يكفي في رفع اليد عن تلك العمومات.
ومنها: ما روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:«لا تستنجوا بعظم ولا روث، فإنّهما لا يطهّران»،
حيث دلّت بمفهومها على حصول الطهارة بغير العظم والروث.
واورد عليها:أوّلًا: بأنّها عامّية غير ثابتة عندنا، ولعلّهم ذكروها لمحاجّة الجمهور القائلين بعدم الطهارة.
وثانياً: بأنّها معارضة بظاهر قوله تعالى:«إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»
الذي فسّر بالاستنجاء بالماء.
ومنها:
السيرة المتداولة بين الصحابة باستعمال الأحجار كثيراً حتى أنكر البعض الاستنجاء بالماء، بل لم ينقل عنهم
الاحتراز عن المحلّ المستنجى بغير الماء، مع أنّ أبدانهم مقرونة بالعرق عادةً.
وعلى أيّة حال، ليس هناك مخالف في طهارة المحلّ بين علمائنا إلّا
السيّد الخميني الذي حكم بنجاسة المحلّ مع العفو عنه في
الصلاة وعدم سرايته إلى غيره إذا كان مرطوباً، مستدلّاً له بصحيحة مسعدة بن زياد المتقدّمة وغيرها.
•
شروط الاستنجاء بالأحجار،هناك عدّة شروط لابدّ من توفّرها قبل
الاستنجاء بالأحجار وغيرها.
•
الاستجمار بغير الأحجار،اختلف الفقهاء في كفاية
الاستنجاء بغير الأحجار على عدّة أقوال...
يظهر جواز الاستنجاء بالأصابع وسائر أعضاء البدن من كلّ من التزم بجواز الاستنجاء بكلّ جسم طاهر قالع للنجاسة، بل صرّح بعضهم بجواز الاستنجاء بها.
وهو الظاهر من كلّ من لم يعلّق عليها.واستدلّ له بدليلين:
الأوّل: الأخبار الدالّة على كفاية الاستجمار بغير الأحجار من المدر والخرق
والكرسف وغيرهاذكر الاستدلال عنهم في التنقيح في شرح العروة
:
منها: ما رواه زرارة قال: سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول: «كان الحسين بن علي عليه السلام يتمسّح من الغائط بالكرسف، ولا يغسل».
ومنها:
المضمرة المنقولة عن زرارة قال:كان يستنجي من البول ثلاث مرّات، ومن الغائط بالمدر والخرق.
ومنها: ما ورد في رواية
ليث المرادي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البعر أو العود، قال: «أمّا العظم والروث فطعام الجنّ، وذلك ممّا اشترطوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لا يصلح بشيء من ذلك»،
فإنّ ظاهرها صلاحيّة جميع الأجسام حتى الأصابع للاستنجاء عدا العظم والروث اللذين منع الاستنجاء بهما تعهّد النبي صلى الله عليه وآله وسلم للجنّ بعدم استعمال طعامهم في الاستنجاء.واورد عليه بأنّ الأحجار وإن لم يحتمل أن تكون فيها خصوصية تمنع التعدّي عنها إلى كلّ جسم قالع للنجاسة، إلّاأنّ التعدّي إلى مثل الأصابع يحتاج إلى دليل؛ إذ غاية ما يستفاد من النصوص التعدّي إلى الأجسام الخارجيّة، وأمّا الأصابع فلا دلالة للنصوص عليها.
ومنها: موثّقة
يونس بن يعقوب ، قال:قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: الوضوء الذي افترضه اللَّه على العباد لمن جاء من الغائط أو بال، قال: «يغسل ذكره ويذهب الغائط، ثمّ يتوضّأ مرّتين مرّتين»،
فإنّها ظاهرة في كفاية
إذهاب الغائط بكلّ وسيلة حتى لو كانت بالأصابع وأعضاء البدن.
وأورد عليها بأنّ الإطلاق فيها لا يشمل الأصابع؛ لكون الرواية بصدد بيان ما اعتبر في الوضوء ومقدّماته، ومن الواضح أنّ طهارة الأصابع أولى بالاشتراط من غيرها؛ لأنّها من مواضع الوضوء، والاستنجاء بها يوجب تلوّثها وعدم إمكان
إسباغ الوضوء عليها. مع أنّها بظاهرها اعتبرت طهارة الذكر وموضع الغائط في الوضوء، فكيف لا تعتبر الطهارة في أعضائه التي منها الأصابع؟!.
وبالردّ على هذا
الدليل يقوى الرأي القائل بعدم إجزاء الاستنجاء بالأصابع،كما اختاره السيد الخوئي
والمرعشي النجفي في تعليقتهما على العروة.
خصوصاً مع استدلال البعض بالروايات الآمرة بالاستجمار وتحصيل الأحجار، كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب ومعه ثلاثة أحجار، فإنّها تجزي»،
فإنّ عدم تعرّض هذه الروايات لأعضاء البدن يصرف سائر أخبار الباب إلى الاستنجاء بغير الأعضاء.
لكن هناك من بقي متردّداً في المسألة، معتبراً أنّها محلّ إشكال
أو تأمّل.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۲۶۳-۳۰۴.