إثبات الصيد (وسائله)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
إثبات الصيد (توضيح).
أنّ بعض
الفقهاء اشترط في
الآلة أن تكون مما تعارف
الصيد بها بلحاظ أنّ
إثبات اليد على الصيد لا يصدق بها
حقيقة فلا بد في صدقه مجازاً من
الاقتصار على
القدر المتيقن وهو ما إذا كانت آلة الصيد مما تعارف الصيد بها.
إثبات الصيد الموجب لترتب الأحكام المتقدّمة- سواء قلنا: إنّه معنى أصلي
واسع يعمّ إثبات
اليد ، أو قلنا برجوعه إليه أو قلنا بأنّه في مقابله- لا يتوقّف على وسائل وآلات معيّنة؛ لعدم
الدليل على
اعتبار آلة خاصّة في تحقّقه، بل
المستفاد من النصوص- وهو مفاد
سيرة العقلاء أيضاً- أنّ تملّك الصيد يحصل بمجرّد
إحالته إلى
حيوان مقدور عليه وقابل
للحيازة و
الأخذ . غاية
الأمر أنّ بعض الفقهاء اشترط في الآلة أن تكون مما تعارف الصيد بها بلحاظ أنّ إثبات اليد على الصيد لا يصدق بها
حقيقة فلا بد في صدقه مجازاً من
الاقتصار على
القدر المتيقن وهو ما إذا كانت آلة الصيد مما تعارف الصيد بها. وبهذا المعنى صرّح بعض الفقهاء:
قال: «الصيد بالمعنى الأوّل -أي بمعنى إثبات اليد- جائز إجماعاً بكلّ آلة يتوصّل بها من
كلب و
سبع و
جارح وغيرها».
قال: «في تملّك
الإنسان صيداً بحبسه وجعله غير ممتنع بغير الآلات
المعتادة للأخذ والصيد مثل أن يغلق عليه باب موضع دخل فيه سواء كان داره أو داراً
مباحة أو ملك شخص... وكذا بتصييره وجعله إيّاه في مضيق يتعذّر خروجه عنه ولا يتعذّر أخذه بل يسهل مثل
حظيرة صغيرة أو بتوحّله في
أرض جعلها واتخذها لذلك أي هيّأها لذلك بإيصال
الماء وتهيئة أسباب دخول الصيد فيها وعدم خروجه منها، إشكال في الكلّ، من ثبوت
انتفاء الامتناع وخروجه عن كونه صيداً ممتنعاً كما في سائر الآلات
المعدّة لذلك، ومن
الأصل وعدم كون مثل ذلك موجباً لأخذ الصيد، وإنّما علم تملّكه بالآلات المعتادة لذلك، ولا يسمى مثل ذلك آلة صيد عادة.
ولو كان
الوجه ذلك كان
اتباع العرف و
الصدق حسناً، لكن الظاهر أنّ السبب ليس الصدق، ولا كون الأخذ عادة بذلك في تملّك الصيد في
المجمع عليه؛ إذ ليس في
النصوص والدليل أنّ الأخذ بالآلة للملك حتى تحمل الآلة على العرف.
بل الظاهر أنّ مجرّد
القدرة عليه وسلب قدرته و
إمكان أخذه بسهولة وكون ذلك بمنزلة الأخذ موجب للملك وسبب للتملّك كما أشار إليه -
الشهيد الثاني - في الشرح -أي
المسالك - فيملك. لكن لما كان الأصل عدم التملّك فثبوته
محتاج إلى
دليل شرعي ، ولم يثبت في
الشرع كون ذلك دليلًا إلّا أن يثبت أنّ الدليل في المثبت موجود فيه، فتأمّل واحتط».
وبالرغم من هذا فقد ذكر الفقهاء
وسائل إثبات الصيد في عباراتهم، إمّا على
سبيل المثال أو الحصر، وقد سبقت الإشارة إلى بعض منها في العبارات المتقدّمة، وسيأتي في عبارات لاحقة الإشارة اليها أيضاً. فمن وسائل إثبات الصيد التي ذكروها:
۱- الإمساك باليد.
۲-
الوقوع في آلة الصيد المعدّة لذلك
كالشبكة و
الحبالة والحيوانات الصيودة مثل الكلب و
الصقر وغيرهما و
الفخاخ وغير ذلك.
۳-
الإصابة المعيقة للحركة أو المبطلة للامتناع، سواء أدّت إلى الجرح أو
الكسر أو
الرض أو غير ذلك.
۴- سدّ
المنافذ عليه
بإغلاق باب خروجه أو تضييق مجرى حركته، فانّه إذا أدّى إلى
إبطال منعته عُدّ إثباتاً وثبتت له أحكامه. وربّما صنّف ضمن الآلات.
قال : «وهو يحصل بامور:
منها: أن يضبط الصيد بيده...
ومنها: أن يجرحه جراحة
مذففة أو يرميه فيثخنه ويزمنه... وكذا إن كان طائراً فكسر جناحه حتى عجز عن
الطيران و
العدو جميعاً، ويكفي للتملّك إبطال شدّة العدو و
صيرورته بحيث يسهل
اللحوق به. ولو جرحه فعطش بعد
الجراحة وثبت لم يملكه إن كان
العطش لعدم الماء، وإن كان لعجزه عن
الوصول إلى الماء بسبب
الجرح ملكه؛ لأنّ سبب العجز الجراحة.
ومنها: وقوعه في الشبكة
المنصوبة له... ومنها: أن يرسل عليه كلباً فيثبته أو سبعاً آخر فيعقره، ويثبته بحيث يكون له يد على السبع.
ومنها: أن يلجئه إلى مضيق لا يقدر على
الإفلات منه؛ بأن يُدخله إلى
بيت ونحوه.
وجميع هذه الوجوه ترجع إلى أمر واحد ويجعل سبباً لملك الصيد، وهو ما أشار إليه المصنّف -أي
المحقّق الحلّي - من إبطال امتناعه وحصول
الاستيلاء عليه».
وكيف كان فقد وقع بين الفقهاء كلام فيما يثبت بالآلة حول
اشتراط كون الآلة معدّة للصيد وإثباته لكي يحصل التملّك، وقد تقدّمت
الإشارة إلى ذلك في بعض عباراتهم التي نقلناها، وهناك عبارات اخرى لهم في ذلك نذكر بعضاً منها تاركين
التفصيل إلى بحث (صيد).
قال : «ما يثبت في آلة الصيّاد كالحبالة والشبكة يملكه ناصبها، وكذا كلّ ما يعتاد
الاصطياد به، ولا يخرج عن ملكه
بانفلاته بعد إثباته. نعم، لا يملكه
بتوحّله في أرضه، ولا
بتعشيشه في داره، ولا بوثوب
السمك إلى
سفينته .
ولو اتّخذ
موحلة للصيد فنشب بحيث لا يمكنه
التخلّص لم يملكه بذلك؛ لأنّها ليست آلة معتادة. وفيه تردّد.
ولو أغلق عليه باباً ولا مخرج له أو في مضيق لا يتعذّر قبضه ملكه. وفيه أيضاً إشكال. ولعلّ الأشبه أنّه لا يملك هنا، إلّا مع
القبض باليد أو الآلة».
قال : «وكلّ من رمى صيداً لا يدَ لأحد عليه ولا أثر ملك فانّه يملكه إذا صيّره غير ممتنع وإن لم يقبضه، فإن أخذه غيره دُفع إلى الأوّل.
وما يثبت في آلة الصيد- كالحبالة أو الشبكة- يملكها ناصبها، وكذا جميع ما يُصاد به عادة... ولا يملك الصيد بتوحُّله في أرضه ولا
بتعشيشه في داره، ولا بوثوب السمكة إلى سفينته. نعم هو أولى، فإن تخطّى أجنبي
داره أو دخل سفينته وأخذ الصيد أساء وملكه. فلو اتّخذ مُوحلة للصيد فوقع فيها بحيث لا يمكنه التخلّص لم يملكه؛ لأنّها ليست آلة في
العادة على إشكال.
ولو أغلق عليه باباً ولا مخرج له أو ألجأه إلى مضيق وأمكنه قبضه ففي تملّكه بذلك نظر.
أمّا لو قبضه بيده أو بآلته فإنّه يملكه قطعاً... ولو قصد ببناء الدار تعشيش
الطائر أو بالسفينة و
ثوب السمك فإشكال.
ولو اضطرّ السمكة إلى
بركة واسعة لم يملك، وهو أولى ولو كانت ضيّقة ملك على إشكال».
وقال أيضاً: «ولو صيَّره
الرامي غير ممتنع ملكه وإن لم يقبضه، وكذا إذا أثبته في آلته كالحبالة والشبكة وكُلّ ما يُعتاد الاصطياد به وإن انفلت.
ولا يملكه بتوحُّله في أرضه ولا بتعشيشه في داره ولا بوثوب السمكة في سفينته.
وفي تملّكه بإغلاق باب عليه أو بتصييره في مضيق لا يتعذّر قبضه أو بتوحُّله في أرض اتخذها لذلك إشكال».
وقال كذلك: «ما يثبت من الصيود في آلات الصيد- كالحبالة والشبكة و
الشرك - يملكه ناصبها، وكذا كلّ ما يُعتاد الاصطياد به... و لو توحّل الصيد في أرض إنسان لم يملكه بذلك.
ولو اتّخذ مُوحلة للصيد فتوحّل بحيث لا يمكنه
التخلّص لم يملكه أيضاً؛ لأنّها ليست آلة معتادة للصيد على إشكال. وكذا لا يملك الصيد بتعشيشه في داره.
ولو وثبت سمكة إلى
سفينة لم يملكها صاحب السفينة ما لم يقبضها.
ولو وثبت
سمكة فسقطت في حجر
إنسان فهي له دون صاحب السفينة.
ولو قصد صاحب السفينة الصيد بها بأن جعل في السفينة ضوءً
بالليل ودقّ بشيء
كالجرس ليثبت السمك فيها فوثبت في السفينة فالوجه أنّه يملكها.
ولو وقعت في حجر إنسان فكذلك دون من وقعت في حجره، على إشكال.
ولو أغلق عليه باباً ولا
مخرج له ففي تملّكه بذلك نظر. وكذا لو ألجأه إلى
مضيق لا يمكنه
الخروج منه. والوجه عندي أنّه لا يملكه ما لم يقبضه باليد أو بالآلة»
.
قال : «ويملك
المصيد بإثباته وإن لم يقبضه، وبقبضه بيده أو بالآلة كالحبالة و
الشبكة ... ولا يملك الصيد بتوحُّله في أرضه أو تعشيشه في داره، ولا بوثوب السمكة إلى سفينته ودخول الصيد إلى منزله، نعم يصير أولى به... و
المعتبر في الآلة بالعادة، فلو اتخذ موحلة أو قصد ببناء داره
احتباس الصيد أو تعشيشه أو بالسفينة وثوب السمك ففي
التملك وجهان: من
انتفاء الاعتياد ، وكونه في معناه مع
القصد ، وهو قوي».
و
المستفاد من كلماتهم إلى الآن أنّ آلة الإثبات على أقسام:
أوّلها: أن تكون آلة الإثبات من
الآلات المتعارفة للصيد، فهذه لا إشكال في
ملكية صاحبها لما يثبت بها.
ثانيها: أن تكون آلة الإثبات آلة غير متعارفة للصيد، ولا يقصد بها صاحبها الاصطياد، فهذه أيضاً مما لا إشكال في عدم ملكية صاحبها لما يثبت بها.
ثالثها: أن تكون الآلة من الآلات غير
المتعارفة وقد قصد صاحبها الاصطياد بها، فقد اختلف
الفقهاء بشأنها، حيث ذهب بعض إلى أنّها توجب ملك صاحبها للصيد، وذهب بعض إلى عدم الملك، وتردّد آخرون في ذلك.
وقد حاول بعض الفقهاء
الاستدلال لهذه الأقسام أو بعضها.
قال: «ولا يملك ما عشش في داره أو وقع في
موحلته أو وثب إلى سفينته؛ لأنّ ذلك لا يعدُّ آلة للاصطياد ولا إثباتاً لليد، نعم يصير أولى به من غيره... ولو قصد ببناء الدار
إحباس الصيد أو تعشيشه وبالسفينة وثوب السمك وبالموحلة توحّله ففي الملك به وجهان، من انتفاء كون ذلك آلة للاصطياد، وكونه مع القصد بمعناه، وهو
الأقوى . ويملك الصيد بإثباته بحيث يسهل تناوله وإن لم يقبضه بيده أو بآلته».
وقال أيضاً: «إذا أثبت الصائد الصيد في آلته وصيّره غير
ممتنع ملكه ... ولا إشكال في ذلك إذا كانت الآلة معتادة لذلك كالشبكة والحِبالة بكسر الحاء مخفّفة. ولو لم تكن معتادة لذلك كما لو توحّل في أرضه فصار غير ممتنع أو عشش في داره كذلك أو وثب إلى سفينته فإن لم يقصد بذلك اصطياده فلا إشكال في عدم ملكه له؛ لأنّ ذلك ليس آلة معتادة، ولا قصد صيده، و
الأصل بقاء
إباحته إلى أن يوجد سبب مملِّك. وإن قصد به التملّك بأن اتخذ الموحلة لذلك أو قصد ببناء
الدار أو بالسفينة إثبات الصيد ففي ملكه له إذا ثبت فيها وجهان، منشؤهما ثبوت يده عليه مع القصد إلى تملّكه.
وهذه الامور وإن لم تكن آلة معتادة إلّا أنّها تصلح للآلية؛ لأنّها قد أوصلته إليه، فإذا انضمّ اليها قصد التملّك تحقّق الملك؛ لأنّ المعتبر في تملّك
المباحات وضع اليد عليها مع
نيّته، وهو متحقّق هنا.
والآلة المعتادة لم تقتضِ الملك من حيث كونها معتادة، بل من
إزالة المنعة وهو موجود في
المتنازع . ووجه العدم: أنّها ليست آلة معتادة، بل ليست آلة للصيد إلّا مجازاً، ومن ثمّ لا يتبادر
الذهن إليها عند
الإطلاق . والشارع إنّما يحمل
الحكم على
الحقيقة الشرعية أو العرفية، وهما مفقودان. ويضعّف بأنّ
المعلوم اعتباره وضع اليد على الصيد مع النية كما في نظائره من المباحات، ولا دليل على اعتبار أمر آخر، بل كلّ ما كان
وسيلة إلى
الاستيلاء عليه، فهو مقتضٍ للملك. فالقول بملكه أقوى».
وخلاصة
المحاولة أنّ الاصطياد ليس من قبيل
التذكية التي يشترط في آلتها شروطاً خاصّة؛ إذ يكفي فيه الفعل المؤدّي
صيرورة الصيد قابلًا للأخذ والاستيلاء في العادة بأيّة وسيلة كان ذلك. غاية ما في الأمر لا بدّ في تحقّق الملكيّة من قصد
المثبت للتملّك كما في جميع المباحات.
لكن يظهر من
المحقّق الأردبيلي أنّ
اعتياد الآلة وعدمها ليس من أجل دخالتها في الحكم بالملكيّة على
غرار الحكم بالتذكية مثلًا، بل من أجل أنّ
القدر المتيقّن من الحكم بالملكية هو
القبض باليد. وأمّا الحكم بالملكية بالصيد بالآلة المتعارفة فلجريان
السيرة على
التمليك بها من غير
اعتراض من
الإمام ، والسيرة لا إطلاق لها لتشمل كلّ آلة، والقبض باليد لم يحصل على المفروض، فيرجع إلى الأصل وهو بقاء الصيد على حكم
الإباحة وعدم تحقّق الملكية للمثبت.
قال: «لو صيّر
الرامي صيداً
ممتنعاً غير مملوك غير ممتنع ملكه بذلك وإن لم يقبضه بيده.. وكذا إذا أثبت الصيد في الاصطياد في آلته المعتادة له مثل الحبالة أو الشبكة وغيرهما من الامور المعتادة للاصطياد و
الأخذ في كلّ
بلاد ولكلّ صيد، وإن انفلت وخلص بعد ذلك فانّه لا يخرج عن ملك صائده بل ملكه... ولا يملكه بغير الآلة المعتادة المتهيئة للأخذ والاصطياد مثل التوحّل في أرض شخص، وبقاؤه فيه لا يقدر على
الذهاب و
الخلاص منه. وكذا التعشيش في ملكه وداره، ولا بوثوب السمك ونحوه إلى سفينته ونحوها؛ للأصل وعدم الاصطياد وتحقق سبب للملك...».
قال: «
الظاهر أنّ ما يثبت في آلة الصائد- كالحبالة والشبكة- يملكه ناصبها، وكذا كلّ ما يعتاد الاصطياد به، ولا يخرج عن ملكه بانفلاته بعد إثباته، بخلاف ما لو لم تكن الآلة معتادة لذلك، فلا يملكه بتوحّله ولا بتعشيشه في داره، ولا
بوثوب السمكة في سفينته. وإن قصد به التملّك بأن اتخذ الموحلة لذلك أو قصد ببناء الدار أو بالسفينة إثبات الصيد ففي ملكه له إذا ثبت فيها وجهان».
وبناءً على ما ذكره
الأردبيلي وغيره ممّن تعرّض للحكم بملكية الصيد بالآلة المتعارفة وغيرها يكون المراد من الإثبات باليد
إثبات اليد الحقيقية بما هي
عضو من أعضاء
الجسد .
لكن
المحقّق النراقي خالف في ذلك وذهب إلى أنّ
استعمال اليد هنا ليس بمعناها الحقيقي بل المجازيّ، وهو
إدخال الصيد تحت تصرّف الصائد بعد إذ كان ممتنعاً غير مقدور عليه. ولازم ما ذكره الحكم بملكية الصيد بإثباته بأيّة آلة مع القصد إلى ذلك وصدق
إبطال الامتناع .
قال: «يتحقّق الصيد المملِّك بهذا المعنى بالأخذ الحقيقي ووضع اليد
حقيقة عليه- كأن يأخذ رجله أو قرنه أو جناحه أو
الحبل المشدود عليه بنفسه أو بوكيله-
بالإجماع و
أخبار الأخذ ... وكذا يتحقّق الصيد المملّك بأخذه وإثبات اليد عليه بكلّ آلة معتادة لذلك يتوصّل بها إليه كالكلب و
الصقر و
الباز و
الشاهين وسائر الجوارح والشبكة والحبالة و
الفخ ونحوها مع قصد الأخذ بها عند استعمالها، بمعنى
تسلُّط الآلة عليه أو وقوعه في الآلة، وإن لم يضع الصائد يده عليه بعدُ بالإجماع و
النصوص ... -إذ- دلّت ... الأخبار على تملُّك الممتنع
بالأصالة من
الحيوانات بالأخذ كما في أكثرها، وبالصيد كما في صحيحة
البزنطي ورواية
ابن الفضيل، ولا شكّ بصدق الصيد عرفاً بإثبات واحدٍ من الآلات المذكورة عليه بعد استعماله بقصد الصيد. وكذا الأخذ؛ إذ ليس
المراد وضع الجارحة المسمّاة باليد بخصوصها عليه، بل المراد إدخاله تحت تصرّفه
واقتداره، وهو حاصل بأخذ الآلة له.
ومنه يظهر أنّ الأقوى تحقّق التملُّك بكلّ آلة استعملها لذلك مع قصد ذلك،
كوقوعه في
حفيرة حفرها في طريق صيد فوقع فيه وضربه بالحجر حتى يقع، أو
اتخاذ أرض و
إجراء ماء عليها بحيث تصير موحلة ليتوحّل فيها الصيد فتوحّل، أو بناء دار للتعشيش، أو فتح باب بيت و
إلقاء الحيوانات فيه لتدخل فيه العصافير فتدخل فيه فيغلق عليها الباب؛
لاتحاد كلّ ذلك مع الآلات المعتادة في صدق الاصطياد والأخذ اللذين هما موجبان للحكم بالتملّك، فبعد الوقوع في تلك الآلات يصير ملكه، ولا يجوز لغيره أخذه منه.
ولكن يشترط في مثل
الأرض والدار والبيت أن يخرج الصيد الواقع فيه عن الامتناع عرفاً وصدق عليه الاصطياد كذلك. فلو كان بيت كبير تطير فيه العصافير ويصعب تصرّفه فلا؛ لعدم معلومية
صدق الصيد ولا الأخذ عليه».
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۳۷۰-۳۷۹.