الانتفاع (انتهائه)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الانتفاع (توضيح).
المراد من إنهاء حقّ
الانتفاع وقف الانتفاع و
آثاره بإرادة و
قصد من قبل شخص
المنتفع أو من قبل
مالك العين أو من قبل من له
الولاية على
تجويز الانتفاع كما هو الحال في
الحاكم الشرعي .
أمّا
انتهاء حقّ الانتفاع فالمراد به وقف
جواز الانتفاع من دون
إرادة وقصد من قبل المنتفع أو مالك العين أو الحاكم الشرعي، بل يقف
نتيجة لانتفاء بعض الشروط أو
انتهاء المدّة المحدّدة له. ويقع
الكلام في كلا المعنيين كالتالي:
يمكن أن يُنهى
جواز الانتفاع بأحد
الأسباب التالية:
يمكن
إنهاء حقّ الانتفاع
بالإرادة المنفردة لكلّ من
المتعاقدين ، أي مالك
العين والمنتفع، حيث يجوز لكلّ منهما
الرجوع في
العقود الجائزة
كالعارية ، فإنّه يجوز للمعير الرجوع فيها متى ما شاء، وينهي بذلك حقّ
المستعير بالانتفاع، كما يمكن للمستعير
إرجاع العارية إلى مالكها متى ما أراد، وينهي بذلك حقّه بالانتفاع بالعين.
وكذا الحال في
الإباحات المالكية
المختلفة ، حيث يجوز للمالك متى شاء أن ينهي الحقّ الذي أعطاه للغير في الانتفاع
بالأعيان التي يملكها برجوعه عن تلك الإباحة.
من الأسباب التي يمكن بها إنهاء حقّ الانتفاع هو
الفسخ بالخيار في بعض العقود اللازمة كالإجارة، حيث يجوز للمستأجر أن يفسخ
الإجارة وينهي بذلك حقّ الانتفاع بالعين.
والظاهر جريان
خيار الشرط و
خيار العيب و
الغبن ، بل سائر الخيارات- عدا ما استثني
كخيار المجلس و
الحيوان و
التأخير - في الإجارة مثل
خيار الاشتراط وتبعّض
الصفقة وتعذّر
التسليم و
التفليس و
التدليس و
الشركة ،
فيمكن إنهاء الانتفاع في الإجارة بفسخها بسبب إحدى هذه الخيارات.
ويمكن إنهاء الانتفاع
بالإقالة ، وهي فسخ في حقّ المتعاقدين، ولا ريب في
مشروعيتها ، بل
رجحانها للنادم
المسلم ، وقد وردت الروايات التي تؤكّد على إقالة المسلم
النادم في
البيع .
والإقالة إنّما تكون في
العقود اللازمة ، بأن يستقيل أحد المتعاقدين
الطرف الآخر فيقيله، وأمّا
العقود الجائزة فلا
حاجة فيها إلى الإقالة؛
لتمكّن كلّ من طرفي العقد على إنهائه متى ما أراد ذلك، كما أشرنا إليه في خصوص العارية، وكذا
الأمر في الإباحات
المالكية حيث يمكن للمالك أن يرجع عن
إذنه للغير في الانتفاع بالعين المملوكة متى شاء.
كما إذا باع
المالك العين الذي أباح التصرّف فيها للغير، فإنّه يرتفع بذلك حقّ الانتفاع للغير ما لم يأذن له المالك الجديد، أو أعتق عبده فلا يحقّ له الانتفاع في أموال
سيّده بعد
الحرّية ، أو طلّق
زوجته بائناً فلا يحقّ له
الاستمتاع بها؛ لخروجها عن الزوجية، وهكذا كلّ
تصرّف قانوني يوجب
ارتفاع موضوع جواز الانتفاع وتبدّله يكون من أسباب إنهاء حقّ الانتفاع.
ينتهي حقّ الانتفاع في الحالات التالية:
لا
شبهة في أنّ الحقّ الذي يملكه المنتفع من خلال
العقد أو
الإذن ينتهي بانتهاء المدّة المقرّرة له في العقد أو التي تضمّنها الإذن، فحقّ
المستأجر في الانتفاع بالعين المستأجرة ينتهي بانتهاء مدّة الإجارة، فإن استأجر
الدار لسنة واحدة- مثلًا- فله الانتفاع بها خلال هذه السنة، ومع
انقضاء المدّة ينتهي حقّ المستأجر في الانتفاع بها، ويكون ضامناً للعين المستأجرة بعد المدّة.
وكذا الحال في انتفاع المستعير بالعين المستعارة، فإنّ حقّه بالانتفاع هذا يكون محدّداً بالمدّة التي يعيّنها له مالك العين، فإذا انتهت المدّة ينتهي حقّه وليس له
الانتفاع بالعين بعدها، وإلّا يكون
متعدّياً وضامناً للعين
المستعارة .
وكذا الحكم في جعل المالك
سكنى الدار لغيره لمدّة محدّدة، فإنّ حقّ المنتفع ينتهي بانتهاء تلك المدّة، سنة كانت أو سنتين أو مقدار
حياة المالك، وكذلك الأمر في
الوصيّة بالمنافع إذا كانت بأجل معيّن.
كذلك ينتهي حقّ الانتفاع بخروج العين المنتفع بها عن
قابلية الانتفاع، كما لو هلكت
الدابّة المستأجرة لحمل
الأمتعة من دون
تفريط من المستأجر، أو انهدمت الدار المستأجرة للسكنى أو الموصى بمنفعتها أو المستعارة لفترة معيّنة بصورة لا يمكن الانتفاع بها
أصلًا .
قال
المحقّق النجفي : «إذا انهدم
المسكن - مثلًا- وفات أصل الانتفاع ولم يمكن
إعادته انفسخت الإجارة».
تقدّم في مصطلح (اضطرار) أنّ إباحة الانتفاع بالأشياء المحظورة
للمضطر تكون مقيّدة بدوام حالة
الاضطرار ، سواء كان هذا الاضطرار ناشئاً عن
الإكراه أو
التقية ، أو
الضرر المتوجّه إلى الشخص، أو الحاجة الشديدة إلى الشيء المحظور، فمع زوال وصف الاضطرار في المضطر ينتهي جواز الانتفاع أيضاً.
وكذا الأمر في باب
الوقف إذا أوقف المالك منفعة
الموقوف على الأشخاص المتّصفين ببعض
الأوصاف كالفقر أو
الاشتغال بالدراسة أو ببعض
المهن ، فمع زوال هذه الأوصاف ينتهي جواز الانتفاع بالوقت بالنسبة لُاولئك الذين زال عنهم
الوصف .
تقدّم الكلام في
توريث الانتفاع أنّ بعض أنواع الانتفاع ينتهي جوازه بموت المنتفع ولا يمكن
انتقاله إلى ورثته كما في موارد العارية، وأنّ هناك أنواعاً اخرى يمكن انتقالها إلى
الوارث ولا ينتهي جوازها بموت المنتفع كسكنى الدار المستأجرة.
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۴۴۸-۴۵۱.