ومعناه إقامة الشيء مقام غيره.
قال ابن فارس: «الباءوالدالواللام أصل واحد، وهو قيام الشيء مقام الشيء الذاهب. يقال: هذا بدل الشيء وبديله.
ويقولون: بدّلت الشيء إذا غيّرته وإن لم تأت له ببدل».
والفرق بينه وبين الإبدال أنّ الشيء وبديله ليسا في مرتبة واحدة، إذ البديل متأخِّر عن المبدل عنه رتبة، بخلاف الأشياء المخيَّر بينها فإنّها في رتبة واحدة عند المخيِّر.
لا إشكال في أنّ الأحكام الشرعيّةتوقيفيّة على الشارع فلا يجوز لغيره تبديل ما جعله الشارع حكماً من وجوب أو حرمة أو استحباب أو صحّة أو غيرها بغيره فإنّه بدعة، قال تعالى: «قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ».
نعم قد يحصل تبدّل للحكم نتيجة تبدّل أو ارتفاع موضوع الحكم، كتبدّل حكم وجوب الصوم إلى عدم الوجوب نتيجة السفر أو المرض، أو تبدّل الميتةالنجسةواستحالتها إلى ملح. وهذا تبدّل في موضوع الحكم الواقعي.
وقد يتبدّل موضوع الحكم الظاهري، كمن كان شاكّاً في نجاسة شيء وطهارته فحكم له بالطهارة الظاهرية؛ لأنّ كلّ شيء لا يعلم قذارته فهو طاهر. ثمّ يتبدّل شكّه بيقين بالنجاسة فعلًا أو سابقاً فيحكم عليه بالنجاسة؛ لتبدّل موضوع الحكم الظاهري، ومثله تبدّل حكم المقلّد بتبدّل تقليده من مجتهد إلى آخر أو بتبدّل نظر مقلَّده.
وهناك في الواجبات ما يكون لها بدل وما لا يكون لها بدل. والبدل الواجب على نحوين: ما يكون بدلًا في عرض البدل كما في خصال الكفارة، وما يكون بدلًا في طول تعذّر المبدل أو سقوطه كوجوب التيمم {الطهور الترابي} بالنسبة لوجوب الوضوء {الطهور المائي}.
والصيام بدل الهدي لمن لا يملك ثمنه.
وإجزاء الأبدال عمّا هو الفرض في الزكاة لمن لم يكن عنده.
وقد تعرّض الاصوليّون للواجبات التي لها بدل وذكروا لها أحكاماً، منها ترجيح الواجب الذي ليس له بدل على ما له بدل عند التزاحم.
الإبدال في الواجبات الماليّة، أي الأعيان المخرجة من مال المكلف على أنّه مصداق للمال الواجب إخراجه شرعاً، كمال الزكاة والخمس والكفّارة وهدي الحج للقارن وغيرها بعد إخراجه.
ومقتضىالقاعدة فيه عدم تعيُّن دفع ما أخرجه وبقاء ما كان عليه من الأمر بطبيعي الحصّة من المال القابليةللانطباق على أيّ فرد من أفرادها ما لم يمنع من ذلك دليل شرعي، كما في الزكاةوهدي الحجّ وغيرهما، حيث ذهب بعض إلى عدم جواز الإبدال.
وجوب إبدال المالالتالف المضمون لمالكه بدفع بدله، وهو مثله في المثليّات وقيمته في القيميّات. وهناك بحث في أنّ الميزان في القيمة هل يكون بيوم القبض أو يوم التلف أو يوم الأداء أو أعلى القيم منها؟
في العقودوالمعاوضاتكالبيع وغيره لا يجوز إبدال أحد العوضين إذا كان شخصياً، ويجوز ذلك إذا كان كلياً أو في الذمة قبل القبض، وأمّا بعده فلا يجوز إلّا مع رضا الطرف الآخر. وإذا كان كليّاً أو في الذمّة وظهر بعد القبض نقص أو عيب فيه وجب إبداله لبقاء العقد صحيحاً ونافذاً؛ لأنّه متعلّق بالكلي أو المال في الذمّة، وهو بعد قابل للوفاء والأداء فيجب.
من لزمه دفع مال للغير بخصوصيات معيّنة ولم يكن واجداً لها حين الأداء وجب إبداله بالواجد لها، كمن وجب عليه في دية دفع إبلحوامل وأسقطت الحمل بعد الإحضار وقبل التسليم لزم الإبدال.
نعم، لو كان الإسقاط بعد القبض لا يلزم الإبدال؛ لأنّ الواجب إقباض الحوامل وقد حصل، لا الولادة.
وهناك بحث لدى علماءالأصول في جواز تبديل الامتثال بالامتثال كمن صلّى الفريضة أوّلًا ثمّ يريد تبديل امتثاله السابق بالاتيان بها من جديد في فرد آخر مساوٍ له أو أفضل منه كمن صلّاها فرادى فيريد إعادتها جماعة، وفيه تفاصيل وشقوق تطلب من محلّه من الاصول.