• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

اختبار الرشد

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



اتّفق الفقهاء على اشتراط الرشد في التصرّفات الماليّة، فمن لم يثبت رشده لا يحق له التصرّف في أمواله، بمعنى أنّه لا ينفذ تصرّفه شرعاً فيها ببيع أو شراء أو إجارة أو هبة أو صدقة أو وقف أو غير ذلك.

محتويات

۱ - أقوال الفقهاء
۲ - حكم الاختبار
       ۲.۱ - قول الشيخ الطوسي
       ۲.۲ - قول العلامة الحلي
       ۲.۳ - قول الشهيد الثاني
       ۲.۴ - قول المقدس الأردبيلي
       ۲.۵ - قول السيد الطباطبائي
       ۲.۶ - قول السيد جواد العاملي
       ۲.۷ - قول المحقق الخوانساري
۳ - متعلق الاختبار
       ۳.۱ - رواية الإمام الباقر عليه السلام
       ۳.۲ - قول المحدث البحراني
۴ - محل الاختبار
۵ - وقت الاختبار
       ۵.۱ - قول الشيخ الطوسي
       ۵.۲ - قول المحقق الحلي
       ۵.۳ - قول العلامة الحلي
       ۵.۴ - قول المحقق الكركي
       ۵.۵ - قول الشهيد الثاني
       ۵.۶ - قول المقدس الأردبيلي
       ۵.۷ - قول المحقق النجفي
       ۵.۸ - قول السيد علي الطباطبائي
۶ - كيفية الاختبار
       ۶.۱ - قول الشيخ الطوسي
       ۶.۲ - قول المحقق الحلي
       ۶.۳ - قول العلامة الحلي
       ۶.۴ - قول المحقّق الأردبيلي
۷ - حكم المعاملة الاختبارية
       ۷.۱ - قول العلامة الحلي
       ۷.۲ - قول ابن العلامة الحلي
       ۷.۳ - قول المحقق الكركي
       ۷.۴ - قول المحقق النجفي
       ۷.۵ - قول الشيخ الطوسي
       ۷.۶ - قول المحقق الحلي
       ۷.۷ - قول الشهيد الثاني
       ۷.۸ - قول السيد الحكيم
۸ - المراجع
۹ - المصدر



اتّفق الفقهاء على اشتراط الرشد في التصرّفات الماليّة، فمن لم يثبت رشده لا يحق له التصرّف في أمواله، بمعنى أنّه لا ينفذ تصرّفه شرعاً فيها ببيع أو شراء أو إجارة أو هبة أو صدقة أو وقف أو غير ذلك. ويندرج في من لم يثبت رشده صنفان:
أحدهما: الصغير، وهو مطلق غير البالغ سواء كان يتيماً- بأن فقد أباه حال صغره- أم لم يكن. والثاني: السفيه، وهو الذي يصرف أمواله في غير الوجه الملائم لأفعال العقلاء أو في غير الأغراض الصحيحة. والرشد ملكة باطنيّة تمنع من إفساد المال وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء.
[۹] حاشية الارشاد (غاية المراد)، ج۲، ص۱۹۶.
وربّما فُسّر الرشد برجحان العقل، وحسن التصرّف في المال من آثاره. وعلى كلا التقديرين فإنّ الرشد أمر غير بيّن فيفتقر إلى الاختبار؛ ليحصل العلم بوجوده أو عدمه.
وقد تعرّض الفقهاء في اختبار الرشد لجملة من الامور نستعرضها ضمن النقاط التالية:



المشهور بين الفقهاء أنّ اختبار اليتيم واجب، واستدلّوا عليه بقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» فإنّها أمرت بالابتلاء، والأمر ظاهر في الوجوب، و الابتلاء هو الاختبار و الامتحان .

۲.۱ - قول الشيخ الطوسي


قال الشيخ الطوسي - في مقام الاستدلال للحجر على الصغير بقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا...» -: «وقوله: وابتلوا، أراد وامتحنوا؛ لأنّ الابتلاء الاختبار في اللغة...».

۲.۲ - قول العلامة الحلي


قال العلّامة الحلّي : «يجب اختبار الصبيّ قبل فكّ الحجر عنه، فإن اونس منه الرشد دفع إليه المال، وإلّا فلا؛ لقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏»، والابتلاء الاختبار كما قال تعالى: «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» أي نختبركم».
لكن لا ينبغي حمل كلمات الفقهاء على إرادة الوجوب النفسي منه، بل الإشارة إلى ما يحرز به الرشد، ويُحفظ به حقّ اليتيم ؛ إذ في دفع الوليّ ماله إلى اليتيم- ولو بعد بلوغه- بغير اختبار تعريض لماله للضياع، وهو حرام؛ لوجوب حفظه على الوليّ. وفي إبقائه تحت يده بدونه أيضاً- مع فرض رشده وثبوت سلطنته عليه واقعاً- منع له من التصرّف في ماله، وتصرّف منه في مال الغير بغير إذن منه أو من الشارع وهو حرام أيضاً، فالاختبار وسيلة عقلائية لمعرفة رشد ذي المال، ومقدّمة للواجب الذي هو دفع مال اليتيم إليه وتسليطه عليه على فرض كونه راشداً، فلو أهمل أو قصّر في الدفع بسبب عدم الابتلاء وتصرّف في المال ولو بمنعه صاحبه أثم لتأخير الدفع لا لتأخير الاختبار؛ ولذلك خلت كلمات كثير من فقهائنا عن التعبير بالوجوب وعبّروا بدلًا عنه بلفظ (لا بدّ).

۲.۳ - قول الشهيد الثاني


قال الشهيد الثاني : «لمّا كان الرشد ملكة تقتضي إصلاح المال على الوجه المتقدّم، فلا بدّ من اختبار البالغ قبل فكّ الحجر عنه، ذكراً كان أو انثى؛ ليعلم اتّصافه بالملكة المذكورة».

۲.۴ - قول المقدس الأردبيلي


قال المقدّس الأردبيلي : «واعلم أنّه لا بدّ من الاختبار لثبوت الرشد بما يناسب حال الصبيّ كما دلّ عليه قوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا» فإنّه الامتحان والاختبار، و الإجماع والأخبار أيضاً يدلّان عليه».

۲.۵ - قول السيد الطباطبائي


قال السيد الطباطبائي : «يمكن أن يراد وجوبه ( الاختبار قبل البلوغ‏) حذراً من منع ربّ المال من التصرّف فيه بعد بلوغه».

۲.۶ - قول السيد جواد العاملي


قد أكّد السيد جواد العاملي هذا المعنى من الوجوب المقدّمي الغيري عبر استعراضه لكلمات الفقهاء المشيرة إلى ذلك حيث قال: «وهل هو على سبيل الوجوب أو الجواز؟ صريح جماعة كالشهيد والمقداد والكركي وظاهر آخرين الأوّل؛ لأنّ المنع يمتدّ إلى أن يختبر ويعلم رشده، وربّما طال ما به يثبت العلم بالملكة، فإذا أمكن دفع هذا الضرر بتقديم الاختبار كان أولى كما في التذكرة والمسالك، فتأمّل. وفي غاية المراد و كنز العرفان : لو كان الاختبار بعد البلوغ لأدّى إلى الحجر على البالغ الرشيد، وهو خلاف الإجماع. وفي جامع المقاصد : لو كان بعد البلوغ لم يؤمن معه الحجر على البالغ الرشيد وهو ظلم محرّم، فيجب التحفّظ عنه، ولا يكون إلّا بالاختبار قبل البلوغ، فتأمّل».
[۲۰] مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۸- ۲۴۹.
والمستفاد من الأدلّة المساقة على وجوب الاختبار ومن مناسبات الحكم والموضوع أنّ الحكم المذكور لا يختصّ بما قبل البلوغ، بل يستمرّ إلى ما بعده أيضاً وإن قصرت أغلب كلمات الفقهاء عن التعرّض لذلك.

۲.۷ - قول المحقق الخوانساري


لكنّ المحقّق الخوانساري حصر الحاجة إلى الاختبار بما قبل البلوغ، وأمّا بعده بمدّة فقد اعتمد على أصل السلامة في إثبات الرشد. قال: «إنّ الرشد ضدّه السفه، وهو يرجع إلى سخافة العقل ونقصانه، والسخافة في العقل على خلاف الطبيعة كالجنون فلا حاجة في الرشد إلى الممارسة، ولعلّ الأمر بالابتلاء والامتحان من جهة أنّ الصبي غالباً ناقص العقل ويصل إلى الكمال العقلي بالتدريج، وبمجرّد البلوغ لم يحرز كماله العقلي المقتضي لإصلاح المال والتجنّب عمّا لا يليق بأفعال العقلاء، وبعد التجاوز عن حدّ البلوغ يعامل معه معاملة الرشيد من جهة أصالة السلامة كما يعامل معه معاملة العاقل يؤخذ بإقراره على نفسه، ويقام عليه الحدّ؛ ولعلّه لهذا جرت السيرة على المعاملة مع مجهول الحال معاملة الرشيد...».
وقال بعد ذلك: «أمّا صورة الشكّ في الرشد فإن كان قبل البلوغ أو بعده قبل مضيّ مدّة فلا بدّ من رفعه بالاختبار، أو بشهادة البيّنة، ولا يبعد الاكتفاء بما يوجب الوثوق و الاطمئنان لاعتماد العقلاء، و إمضاء هذا البناء من طرف الشرع... وأمّا بعد مضيّ مدّة من البلوغ فالظاهر عدم الحاجة إلى ما ذكر لقيام السيرة على المعاملة مع المجهول الحال معاملة الرشيد». وما ذكر في اليتيم يمكن إسراؤه إلى السفيه بنفس الملاك والمناط، فإنّه يجب اختباره عند احتمال رشده حذراً من بقاء ماله عند وليّه، فيلزم منه الضرر عليه، ومنعه من التصرّف فيه لو صادف كونه رشيداً في الواقع وحقيقة الحال.



اتّفق الفقهاء على أنّ متعلّق اختبار ذي المال هو الرشد وكمال العقل والقدرة على التصرّف في ماله دون تضييع وإفساد، وبذا تواترت كلماتهم التي تقدّمت جملة منها وتأتي غيرها. وخالفهم في ذلك المحدّث البحراني حيث ذهب إلى أنّ متعلّق الاختبار البلوغ لا الرشد، فيمتحن إنبات اليتيم و احتلامه ليعرف بلوغه وعدمه فكأنّ مفاد الآية:

۳.۱ - رواية الإمام الباقر عليه السلام


اختبروا اليتامى بالبلوغ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. ودليله في ذلك ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام - في حديث- قال فيه: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏» قال: «من كان في يده مال بعض اليتامى فلا يجوز له أن يعطيه حتّى يبلغ النكاح ويحتلم، فإذا احتلم وجب عليه الحدود و إقامة الفرائض، ولا يكون مضيّعاً ولا شارب خمر ولا زانياً، وإذا آنس منه الرشد دفع إليه المال وأشهد عليه، فإن كانوا لا يعلمون أنّه قد بلغ فإنّه يمتحن بريح إبطه ونبت عانته، فإذا كان ذلك فقد بلغ، فيدفع إليه ماله إذا كان رشيداً، ولا يجوز أن يحبس عنه ماله ويعتلّ عليه بأنّه لم يكبر بعد».

۳.۲ - قول المحدث البحراني


قال- بعد نقله-: «وظاهر الخبر أنّ المراد بالآية المذكورة أنّه يجب اختبار اليتامى بالبلوغ وعدمه، فإذا علم البلوغ بأحد أسبابه وجب دفع ماله إليه إذا آنس منه الرشد، وإلّا فلا يدفع إليه». وأجاب السيد جواد العاملي عنه بمنع الظهور والشذوذ وضعف السند حيث قال: «لكن في خبر أبي الجارود... دلالة على أنّ الاختبار إنّما هو بالبلوغ وعدمه، فإذا علم بلوغه بأحد الأسباب دفع إليه المال إن انس منه الرشد، وإلّا فلا... وقد نمنع ظهوره في مخالفة الأصحاب، فإن كان ولا بدّ قلنا: هو شاذ مخالف لما عليه الأصحاب، ويكفيك أنّ راويه سرحوب الشيطان الأعمى بصراً وبصيرة الذي لا شبهة في ذمّه».
[۲۶] مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۸.
وفسّر المحقّق النجفي منع الظهور باحتمال إرادة أنّه إذا كان قد آنس منه الرشد بالاختبار السابق دفع إليه المال، والامتحان بريح الإبط لا يقضي بإرادة ذلك من الابتلاء في الآية.



لا ريب أنّ اليتيم هو القدر المتيقّن من محلّ الاختبار لدى الفقهاء؛ لاقتضاء الطبع و الاعتبار ، ووروده في النصوص التي منها الآية. وأمّا غير اليتيم كالسفيه ونحوه فلم يتعرّض لاختباره إلّا عدد قليل من الفقهاء، والظاهر عدم مخالفة الباقين؛ لوضوح تعلّق الغرض من الاختبار به أيضاً.
وقد صرّح السيد الخوئي و الإمام الخميني و السيد الگلبايگاني وغيرهم بثبوت الحكم بالاختبار للسفيه. وكما يختبر اليتيم والسفيه لمعرفة رشده كذلك يختبر الرشيد الذي يشكّ في ارتفاع رشده أيضاً، لكنّ الاختبار بحقّه لا يكون واجباً ويكفي اعتماد الاستصحاب في نفيه عند الشكّ، إلّا عند ادّعاء من يليه ويرثه ذلك، فيجب حفاظاً على حقوقه.



اتّفق فقهاؤنا على أنّ اختبار رشد الصبي واليتيم يكون قبل بلوغه لكون موضوعه في الآية اليتيم، وهو حقيقة فيمن توفّي أبوه ولم يبلغ بعدُ، دون من بلغ، فلا يقال له اليتيم إلّا مجازاً، ولجعل البلوغ غاية للاختبار فيها، و لاستلزام جعل الاختبار بعد البلوغ بقاء المال تحت تصرّف الولي مدّة الاختبار فيكون- على فرض كونه راشداً واقعاً- تصرّفاً في مال الغير بدون إذنه، وهو منافٍ لقاعدة السلطنة. وقد وردت كلمات فقهائنا متضمّنة لهذا المعنى.

۲.۱ - قول الشيخ الطوسي


قال: «ووقت الاختبار يجب أن يكون قبل البلوغ، حتّى إذا بلغ إمّا أن يسلَّم ماله إليه أو يحجر عليه، وقيل: إنّه يكون الاختبار بعد البلوغ. والأوّل أحوط؛ لقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً» فدلّ على أنّه يكون قبله، ولأنّه لو كان الاختبار بعد البلوغ أدّى إلى الحجر على البالغ الرشيد إلى أن يعرف حاله، وذلك لا يجوز».

۵.۲ - قول المحقق الحلي


قال المحقّق الحلّي : «يختبر الصبي قبل بلوغه».

۲.۲ - قول العلامة الحلي


قال: «وقت الاختبار قبل البلوغ، وهو قول بعض الشافعيّة وأحمد في إحدى الروايتين؛ لقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا...» وظاهر الآية أنّ الابتلاء قبل البلوغ؛ لأنّه تعالى سمّاهم يتامى، وإنّما يصدق عليهم هذا الاسم قبل البلوغ، ولأنّه تعالى مدّ اختبارهم إلى البلوغ بلفظ حتّى، فدلّ على أنّ الاختبار قبل البلوغ، ولأنّ تأخير اختباره إلى بعد البلوغ يؤدّي إلى الحجر على البالغ الرشيد؛ لأنّ الحجر يمتدّ إلى أن يختبر ويعلم رشده بمنع ماله، واختباره قبل البلوغ يمنع ذلك فكان أولى. وقال بعض الشافعيّة وأحمد في الرواية الاخرى: إنّ الاختبار إنّما يكون بعد البلوغ؛ لأنّه قبل البلوغ محجور عليه لبقاء الصغر، وإنّما يزول الحجر عنه بالبلوغ، وتصرّف الصبي قد بيّنا أنّه غير نافذ. والأوّل أصحّ الوجهين عند الشافعيّة، وهو الذي اخترناه».

۵.۴ - قول المحقق الكركي


قال المحقّق الكركي : «واعلم أنّ الذي صرّح به المصنّف في التذكرة و الإرشاد و التحرير أنّ محلّ الاختبار قبل البلوغ؛ لقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏» والبالغ لا يُعدّ يتيماً، وقوله تعالى: «حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ»، ولأنّه لو كان الاختبار بعد البلوغ لم يؤمن معه الحجر على البالغ الرشيد، وهو ظلم محرّم فيجب التحفّظ عنه، ولا يكون إلّا بالاختبار قبل البلوغ».

۲.۳ - قول الشهيد الثاني


قال الشهيد الثاني : «بيّن (المحقّق الحلّي‏) هنا أنّ محلّ هذا الاختبار قبل البلوغ؛ لقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُم‏ْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ». ووجه دلالة الآية على ذلك من وجهين: أحدهما: جعل متعلّق الابتلاء اليتامى. والمراد باليتيم لغة وشرعاً من لا أب له وهو دون البلوغ، فالبالغ ليس بيتيم بطريق الحقيقة، و إطلاق اللفظ محمول على الحقيقة إذا لم يمنع منها مانع، وهو منتفٍ هنا. والثاني: قوله تعالى: «حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ» جعل غاية اختبارهم البلوغ، فدلّ على أنّ الاختبار قبله، ولأنّ تأخير الاختبار إلى البلوغ يؤدّي إلى الإضرار به بسبب الحجر عليه ومنعه ماله مع جواز كونه بالغاً رشيداً؛ لأنّ المنع يمتدّ إلى أن يختبر ويعلم رشده، وربّما طال زمانه بسبب العلم بالملكة السابقة، فإذا أمكن دفع هذا الضرر بتقديم الاختبار كان أولى. وهذا ممّا لا خلاف فيه عندنا، وإنّما خالف فيه بعض العامّة وجعله بعده. نعم، شارحا القواعد حملا عبارتها على أنّ الاختبار بعد البلوغ، وجعلا الخلاف في صحّة البيع الواقع بالاختبار متفرّعاً على ذلك، ولا ضرورة داعية إليه».

۲.۴ - قول المقدس الأردبيلي


لكن المقدّس الأردبيلي ناقش- مع ذلك- في دلالة الآية على كون وقت الاختبار قبل البلوغ حيث قال: «ولكن ظاهر قوله تعالى: «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» يدلّ على دفع المال بعد إيناس الرشد بلا فصل، فلو كان قبل البلوغ لزم وجوب الإعطاء بعد الرشد بلا فصل، فلو كان قبل البلوغ لزم وجوب الإعطاء بعد الرشد قبل البلوغ، وهو منفيٌّ بالإجماع. ولا يبعُد صدق اليتيم على البالغ القريب من زمان عدمه باعتبار ما كان، وهو شائع ذائع. وأيضاً معلوم أنّ الابتلاء لا ينتهي إلى حين البلوغ (بل يستمرّ بعده‏)؛ لأنّه مقيّد بعدم الرشد أيضاً بقرينة قوله: «فَإِنْ آنَسْتُمْ»، أو أنّ المراد من «ابْتَلُوا» هو عدم إعطاء المال (حتّى يبلغوا النكاح ويرشدوا)، والتقدير: ابتلوا اليتامى حتّى إذا بلغوا النكاح ورشدوا (فادفعوا إليهم أموالهم‏). ويمكن أيضاً تقدير (فبلغوا) بعد قوله: «آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً» أيضاً فيكون الاختبار مقدّماً، فلا يبعد جواز الأمرين بجواز التقديرين، ولكنّ الظاهر الأوّل، فتأمّل. والظاهر صحّة المعاملات والتصرّفات التي وقعت في حال الاختبار مع ظهور كونه رشيداً حينئذٍ إذا كان بالغاً لحصول الشرائط في نفس الأمر ، بل عند المعامل أيضاً، فيدخل تحت عموم أدلّة صحّة البيع ونحوه، وهو ظاهر، ولأنّه تصرّف صدر من أهله في محلّه، وإذا كان الابتلاء قبل البلوغ فالظاهر عدم الصحّة بناءً على قوانينهم. ويحتمل الصحّة كما قاله البعض، وكما في التذكرة؛ لظاهر الآية. وفيه تأمّل، فإنّ الظاهر فرض الابتلاء بعد البلوغ، أو تقدير البلوغ أيضاً بعد الإيناس كما مرّ جمعاً بين القوانين، وهو ظاهر...».
وقال في زبدة البيان : «وقد بيّنا في شرح الإرشاد كون الابتلاء قبل البلوغ أو بعده... وظاهر قوله: «فَإِنْ آنَسْتُمْ» إلى آخره كونه بعد البلوغ؛ لأنّه أوجب اللَّه تعالى دفع الأموال إليهم بعد إيناس الرشد، فلو كان الامتحان قبله لما جاز ذلك فكيف الوجوب؟! ولا يدلّ «الْيَتامى‏» على كونه قبل البلوغ؛ فإنّ إطلاقه على البالغ- خصوصاً القريب إلى حال البلوغ الممنوع من التصرّف في ماله باعتبار ما كان- شائع ذائع كما مرّ...». ولم تلقَ هذه المناقشات قبولًا ممّن جاء بعده من الفقهاء فردّها المحقّق النجفي وغيره.
[۴۰] مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۹.


۵.۷ - قول المحقق النجفي


قال: «يختبر الصبي لمعرفة رشده قبل بلوغه كما صرّح به جماعة، بل لا أجد فيه خلافاً، بل في المسالك : هذا ممّا لا خلاف فيه عندنا، إنّما خالف فيه بعض العامّة، ونحوه المحكيّ عن المفاتيح، بل عن ظاهر التذكرة وغاية المراد الإجماع عليه، ولعلّه ظاهر كلّ من قصر الخلاف على بعض العامّة... فما عن الأردبيلي... لا يخفى عليك ما فيه. وظهور الآية في تسليم المال بعد إيناس الرشد مسلّم لو لا الشرط الآخر، وهو قوله: «إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ» فإنّ المراد اختبروهم قبل البلوغ إليه، فإن كان قد بلغوا وقد آنستم منهم رشداً بالاختبار السابق فادفعوا إليهم أموالهم، ومعلوميّة عدم انتهاء الابتلاء بالبلوغ لا يقضي بكونه بعده، بل المراد أنّ هذا محلّه الذي يتعقّبه تسليم المال بعد البلوغ بلا فصل إذا فرض حصول الرشد منه، وصدق اليتيم على قريب العهد مجاز لا داعي إليه، بل قد عرفت وجود الداعي إلى خلافه من اتّفاق الأصحاب ظاهراً... مضافاً إلى ما في تأخير الاختبار بعد البلوغ إلى حصول الضرر بالحجر على مال البالغ خصوصاً إذا طال الزمان، ولا ملازمة بين ابتلائه قبل بلوغه وبين صحّة معاملاته المعلوم اشتراطها بالبلوغ؛ إذ الاختبار أعمّ من ذلك قطعاً؛ لاحتمال حصوله بالمساومة والمماكسة خاصّة، وبالتواطؤ من الوليّ والبائع فيما هو مال الطفل ونحو ذلك، بل يحصل الابتلاء بغير العقود».
وكيف كان، فقد تقدّم أنّ تصريح الفقهاء القائلين بأنّ وقت الاختبار قبل البلوغ لا يعني انحصاره به وعدم امتداده إلى ما بعده؛ لوضوح جوازه في مطلق المحجور عليه بسبب عدم الرشد سواء كان عدمه لصغره وعدم بلوغه، أو لبلوغه سفيهاً أو لعروض السفه عليه بعدئذٍ كان رشيداً كما مرّت الإشارة إليه قبلًا.

۵.۸ - قول السيد علي الطباطبائي


ولذلك قال السيد عليّ الطباطبائي: «وقت الاختبار قبل البلوغ عملًا بظاهر الآية، وهو كذلك إن اريد به جوازه قبله، لا انحصار وقته فيه». كما تقدّمت عبارة المحقّق الأردبيلي الدالّة على ذلك أيضاً، وموافقة المحقّق النجفي عليها. ومع ذلك فإنّ السيد الخوانساري أنكر الحاجة إلى الاختبار بعد تجاوز البلوغ بمدّة؛ اعتماداً على أصالة السلامة على ما تقدّم في عبارته. وكيف كان فإنّ أدنى ما يحصل به الاختبار للصبي هو احتمال رشده، فغير المميّز الذي لا يعرف الخير من الشرّ لا يعقل في حقّه الاختبار. وبه صرّح العلّامة الحلّي حيث قال: «لا يصحّ تحصيل المصلحة بتصرّفه؛ لعدم تميّزه وعدم معرفته، ولا حاجة إلى اختباره؛ لأنّه قد علم حاله».



تعرّض الفقهاء مفصّلًا لكيفيّة اختبار الرشد في اليتيم وغيره، ففرّقوا بين الأيتام بحسب الذكورة و الأنوثة ولاحظوا حرفة الأب ومنزلته الاجتماعيّة ، وفرضوا لكلّ صنف وجنس منهم كيفيّة خاصّة للاختبار.

۲.۱ - قول الشيخ الطوسي


قال: «الأيتام على قسمين: ذكور وإناث، فالذكور على ضربين: ضرب يبذلون في الأسواق ويخالطون الناس بالبيع والشراء، وضرب يصانون عن الأسواق. فالذين يخالطون الناس فإنّه يعرف اختبارهم بأن يأمره الوليّ أن يذهب إلى السوق ويساوم في السلع ويقاول فيها ولا يعقد العقد، فإن رآه يُحسن ذلك ولا يغبن فيه عُلم أنّه رشيد، وإلّا لم يفكّ عنه الحجر. وقيل: إنّه يشتري له بغير أمره ويواطئ البائع على بيعها من اليتيم وينفذه الوليّ ليشتريها منه. وقيل: إنّه يدفع إليه شي‏ء من المال يشتري به سلعة ويصحّ شراؤه للضرورة فيُجيز. وإن كان اليتيم ممّن يصان عن الأسواق مثل أولاد الرؤساء فإنّ اختبارهم أصعب، فيدفع الولي إليهم نفقة شهر يختبرهم فينظر، فإن دفعوا إلى أكرتهم وغلمانهم وعمّالهم ومعامليهم حقوقهم من غير تبذير، وأقسطوا في النفقة على أنفسهم في مطاعمهم ومكاسبهم سلّم إليهم المال.
وأمّا الإناث فإنّه يصعب اختبارهنّ... فيدفع إليهنّ شيئاً من المال ويجعل نساء ثقات يشرفن عليهنّ فإن غزلن واستغزلن، ونسجن واستنسجن ولم يبذّرن سلّم المال إليهنّ، وإن كُنّ بخلاف ذلك لم يسلّم إليهنّ». لكن ما ذكره ليس على وجه التعيين قطعاً، وإنّما هو بيان لطرق اختبار الرشد المتّبعة عند العرف؛ ولذلك حاول بعض الفقهاء إدراج كلّ ذلك تحت ضابطة كلّية جامعة.

۵.۲ - قول المحقق الحلي


قال: «ويعلم رشده باختباره بما يلائمه من التصرّفات ليعلم قوّته على المكايسة في المبايعات وتحفّظه من الانخداع . وكذا تختبر الصبيّة، ورشدها أن تتحفّظ من التبذير وأن تعتني بالاستغزال - مثلًا- و الاستنساج إن كانت من أهل ذلك أو بما يضاهيه من الحركات المناسبة لها».

۲.۲ - قول العلامة الحلي


قال: «ويعلم باختباره بما يناسبه من التصرّفات، فإذا عرف منه جودة المعاملة وعدم المغابنة إن كان تاجراً، والمحافظة على ما يتكسّب به، والملازمة إن كان صانعاً وأشباه ذلك في الذكر، و الاستغزال والاستنساج في الانثى- إن كانت من أهلهما- وأشباهه حكم بالرشد». وقال أيضاً: «ويعلم الرشد بإصلاح ماله بحيث يتحفّظ من الانخداع والتغابن في المعاملات». وقد يناقش في اندراج بعض التطبيقات تحت الضوابط التي ذكرت.

۶.۴ - قول المحقّق الأردبيلي


قال: «الظاهر الذي نفهمه أنّ الضابط هو حصول العلم أو الظنّ المتاخم له بأنّه ضابط لماله ولا يصرفه إلّا في الأغراض الصحيحة عند العقلاء بالنسبة إلى حاله بأيّ شي‏ء كان، ولا يعيّن لذلك أمر وشي‏ء، فلا يتعيّن في أولاد التجّار البيع، ولا في غيرهم عدمه، بل إذا علم أو ظنّ ظنّاً متاخماً للعلم (بالضابط المذكور) من أيّ شي‏ء كان يحصل الرشد، وأنّه لا يحتاج إلى إيقاع البيع لا من الولي ولا من غيره، وأنّه قد لا يعرف ذلك أولاد التجّار ويعرفه غيرهم لعدم علمهم، وإن كان أولاد الأكابر قد يعرفون البيع ولا يعرفون غيره، بل ينبغي كونهم بحيث لو كان المال بيدهم لا يضيّعونه ولا يصرفونه في غير الأغراض الصحيحة، وأنّهم إن أرادوا البيع ونحوه لا يفعلونه من غير تحقيق، بل يصبرون إلى أن يحقّقوه ثمّ يفعلوه حتّى لا يتغابنوا فيه، وذلك كافٍ.
ولا يحتاج إلى العلم السابق والمعرفة السابقة ولا كونه صنعة أبيه عنده، بل لا بدّ من حصول العلم بتلك الملكة الآن بهذه الأفعال... وأنّه قد لا يعرف صرفه في مواضعه، ولكنّه إذا اعطي يحفظه حتّى يتحقّق ذلك فيفعل سواء كان بيعاً وشراء أو صرفاً في مصالحه. وأيضاً لا نكلّف المرأة بالصناعة؛ إذ المقصود العلم بعدم تضييع المال وحفظه وعدم صرفه في غير الأغراض الصحيحة، لا اكتسابه وعدم تضييع وقتها وتحصيل المال، فينبغي اختبارها بشراء آلات الغزل والخياطة والنساجة، و إعارتها ، و استئجارها و استئجار المغازل، وحفظ متاع البيت من التضييع بأن تحفظ عن الفأرة والسنّور وغيرهما مما يضيّعه، ووضعه في محلّ لا يضيع غالباً، وأمثال ذلك... وبالجملة: الغرض حصول العلم أو الظن المذكور بأيّ شي‏ء كان». وتبعه على ذلك كلّ من جاء بعده.
[۵۰] مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۷.




اختلف فقهاؤنا في صحّة معاملة اليتيم الواقعة مورداً للاختبار تارة بالنسبة إلى الرشد المقصود إحرازه بها، واخرى بالنسبة إلى البلوغ بناءً على القول بأنّ وقت اختبار اليتيم قبل بلوغه أمّا ما يتعلّق بالبحث الأوّل فينبغي استثناء صورة إحراز رشد اليتيم حال وقوع المعاملة، سواء كان الشرط هو نفس الرشد أو العلم به؛ إذ المعاملة تكون صحيحة على طبق القاعدة؛ لتوفّر ما هو دخيل فيها حال انعقادها. كما ينبغي استثناء صورة تبيّن حصوله واقعاً حال الانعقاد أيضاً وإن لم يعلم به إلّا بعد ذلك، بناءً على أنّ ما هو دخيل في صحّتها هو ذات الرشد دون العلم به؛ وذلك لنفس ما ذكرناه. وأمّا مع إحراز عدم الرشد أو الشكّ فيه فإنّ الاختبار حيث كان عن إذن شرعيّ به فقد يقال بأنّ الإذن الشرعي في الاختبار كافٍ في إثبات مشروعيّته.

۲.۲ - قول العلامة الحلي


قال: «ويعلم (رشد اليتيم‏) باختباره بما يناسبه من التصرّفات... وفي صحّة العقد حينئذٍ إشكال».

۷.۲ - قول ابن العلامة الحلي


وعلّق عليه ولده الفخر فقال: «أقول: إن ظهر رشده حال العقود صحّت العقود قطعاً، وإن ظهر سفهه أو لم يتبيّن شي‏ء بعد فهل يحكم بصحّة العقود أو لا؟ والإشكال في هذين الموضعين لا غير، ومنشؤه أنّ السفيه يصحّ تصرّفه بإذن الوليّ وهذه العقود مأذون فيها شرعاً، ومن حيث بطلان تصرّفات السفيه، وهذا سفيه، وإليه ذهب الشيخ و ابن البرّاج ومنعا صغرى الأوّل (أي الإذن الشرعي في العقود الاختباريّة)، وفي المجهول الحال أنّه كان محجوراً عليه شرعاً، ولم يعلم المزيل للحجر، و الأصل بقاء ما كان على ما كان فالمقتضي للبطلان موجود والمانع لم يتحقّق».
[۵۳] الإيضاح، ج۲، ص۵۲.
وعبارته صريحة في استثناء صورة ظهور الرشد حال العقد وكونها محكومة بالصحّة وحصره الإشكال في صورتي ظهور السفه والشكّ فيه.

۵.۴ - قول المحقق الكركي


ولذلك قال المحقّق الكركي: «استثنى منه ( من الإشكال‏) ولد المصنّف ما إذا علم رشده حال العقود فإنّها صحيحة قطعاً، وخصّ الإشكال بما إذا ظهر عدم رشده، أو لم يظهر شي‏ء منها...».

۵.۷ - قول المحقق النجفي


قال: «يكون الإشكال... فيما لو صادف التصرّف ظهور سفهه أو عدم ظهور رشده فقد يقال بالصحة حينئذٍ؛ لأصالتها، وإطلاق الأدلّة، و الأمر بالابتلاء و الاضطرار إلى الاختبار، ولأنّ الفرض وقوع الاختبار بإذن الولي فتكون عقوده حينئذٍ مصاحبة للإذن ولغير ذلك، وقد يقال بالفساد لمعلوميّة اشتراط الرشد في البيع والعلم بانتفائه، بل الشكّ فيه كاشف عن تزلزل العقد السابق وإن كان قد وقع مع الجهل بالحال. نعم، لو صادف الرشد واقعاً اتّجه الصحّة، ولإطلاق ما دلّ على بطلان معاملة السفيه المنصرف إلى الواقع».
وأمّا ما يتعلّق بالبحث الثاني وهو البحث عن صحّة المعاملة من حيث فقدانها لشرط البلوغ فقد ذهب بعض إلى الصحّة؛ نظراً لصدور المعاملة بإذن الشارع وإذن الولي فيما جعلها البعض الآخر باطلة؛ لعدم اقتضاء إذن الشارع تصحيحها مع كونها فاقدة للشرط، وأمّا إذن الأب فقد يقال: إنّ مورده أصل الاختبار دون المعاملة الخاصّة.

۲.۱ - قول الشيخ الطوسي


قال في بيان كيفية اختبار اليتيم: «فالذين يخالطون الناس ويبذلون في الأسواق فإنّه يقرب اختبارهم بأن يأمره الولي أن يذهب إلى السوق، ويساوم في السلع ويقاول فيها، ولا يعقد العقد، فإن رآه يحسن ذلك ولا يغبن فيه علم أنّه رشيد، وإلّا لم يفكّ عنه الحجر. وقيل أيضاً: إنّه يشتري له سلعة بغير أمره ويواطئ البائع على بيعها من اليتيم، وينفذه الولي إليه ليشتريها منه، وقيل أيضاً: إنّه يدفع إليه شيئاً من المال ليشتري به سلعة، ويصحّ شراؤه للضرورة في حال صغره فيختبر...».

۵.۲ - قول المحقق الحلي


قال: «يختبر الصبي قبل بلوغه، وهل يصحّ بيعه؟ الأشبه أنّه لا يصحّ». وقال العلّامة الحلّي: «ولو أذن له الولي لم يصحّ إلّا في صورة الاختبار إن قلنا بأنّه قبل البلوغ على ما تقدّم». لكنّه استشكل في الصحّة في القواعد، وحصر ولده الفخر الإشكال بشرط الرشد في شرحه على العبارة كما تقدّم، وفهم منه كون زمان الاختبار بعد البلوغ، كما حمل عميد الدين والشهيد و ابن المتوّج العبارة عليه أيضاً.
[۵۹] مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۵۰.

وردّهم المحقّق الكركي والشهيد الثاني وآخرون وحملوها على كونه بعد البلوغ، وقرّروا الإشكال في الصحّة وعدمها على أساسه.
قال المحقّق الكركي: «وعلى هذا فمنشأ الإشكال: من أنّ الأمر بالابتلاء يقتضي كون الفعل الصادر من الصبيّ معتبراً، خصوصاً على القول بأنّ أفعال الصبيّ شرعيّة. ومن أنّ الصغر مانع من الصحّة وأفعال الصبيّ وأقواله غير شرعيّة كما هو مبيّن في موضعه، والأمر بالابتلاء لا يستلزم أزيد من كون ما به الابتلاء معتبراً في إفادة الرشد وعدمه فلا يقتضي ترتّب أثر آخر عليه. والأصحّ بطلان العقد الواقع قبل البلوغ».

۲.۳ - قول الشهيد الثاني


قال بعد نقله عبارة المحقّق الحلّي المتقدّمة: «بيّن هنا أنّ محلّ الاختبار قبل البلوغ... وهذا ممّا لا خلاف فيه عندنا، وإنّما خالف فيه بعض العامّة وجعله بعده. نعم، شارحا القواعد حملا عبارتها على أنّ الاختبار بعد البلوغ، وجعلا الخلاف في صحّة البيع الواقع بالاختبار متفرّعاً على ذلك، ولا ضرورة داعية إليه. إذا تقرّر ذلك فنقول: إذا كان الاختبار بمثل البيع لمن هو أهله فماكس الصبي فيه وظهر رشده وأوقعه هل يكون صحيحاً أو لا؟ وجهان:
أحدهما: الوقوع؛ لأمره تعالى بالابتلاء، وهو يقتضي كون الفعل الصادر من الصبيّ معتبراً، خصوصاً على القول بأنّ أفعاله شرعيّة، ومع ذلك قد انضمّ إلى إذن الوليّ له؛ لأنّ إعطاء المال وأمره به إذن، فيجب أن يكون صحيحاً.
والثاني: عدمه؛ لمنع دلالة الأمر بالابتلاء على الصحّة، بل غايته استفادة الرشد بما به الابتلاء. أمّا كونه صحيحاً أو لا فهو خارج عن مقتضاه، وهذا هو الأقوى».

۷.۸ - قول السيد الحكيم


وقال السيد الحكيم في جواز تصرّف الصبي بإذن الولي: «وقد يستدلّ على جواز تصرّفه بإذن الولي بامور: الأوّل: قوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» فإنّ الظاهر من ابتلائهم ابتلاؤهم بالمعاملة بالأموال لاختبار رشدهم. وحملها على الابتلاء بمقدّمات العقد خلاف الظاهر. والمراد من قوله تعالى: «فَادْفَعُوا» ادفعوا بقيّة أموالهم، فلا ينافي دفع بعض أموالهم لأجل الابتلاء والاختبار».
وقال أيضاً: «فيما يمكن الاستدلال به على خلاف المشهور (من عدم صحّة عقد الصبي‏)، وهو امور: الأوّل: قوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ»؛ لظهورها في كون الابتلاء قبل البلوغ بقرينة التعبير عنهم باليتامى، وقوله تعالى: «حَتَّى» سواء أ كانت للغاية أم للابتداء، والظاهر من الابتلاء الابتلاء بالمعاملات على الأموال، واختبار رشدهم فيها. وحملها على الابتلاء بمقدّمات العقد خلاف الظاهر.
ودعوى أنّ قوله‏ تعالى: «فَادْفَعُوا...» الآية، ظاهر في اختصاص دفع المال بإيناس الرشد بعد البلوغ، فلا يكون الابتلاء السابق على البلوغ بدفع المال، مندفعة: بأنّ الظاهر من دفع المال بعد البلوغ وإيناس الرشد ارتفاع الحجر و الاستقلال بالتصرّف، ودفع المال كناية عنه، يعني: إذا آنستم منهم رشداً فولاية أموالهم لأنفسهم، لا لكم أيّها الأولياء، مع أنّ الابتلاء بالبيع والشراء لا يتوقّف على دفع المال حتّى يكون الأمر بالدفع بعد البلوغ منافياً له، فلا مانع من الالتزام بصحّة عقدهم الاختباري وإن لم يجُز دفع المال إليهم حينئذٍ. ولو سلّم فالمراد دفع بقيّة أموالهم الزائدة على المقدار المحتاج إليه في اختبارهم ونفقاتهم. نعم، تمكن المناقشة في الدلالة بأنّ الاختبار لا يتوقّف على صحّة المعاملة، فتكون معاملاتهم تمرينيّة كعباداتهم على القول بكونها تمرينيّة، لكنها خلاف الظاهر».
وقد ظهر ممّا قدّمناه أنّ صحّة المعاملة الاختباريّة لليتيم تتمّ على مقتضى القاعدة وأنّ مقتضاها الصحّة في صورة وجدان العمل الاختباري لكلّ ما هو دخيل فيه من شرائط وأجزاء. نعم، قد يعتبر قيام الدليل الشرعي بالأمر بإجراء العمل الاختباري إذناً شرعيّاً فيه ولو مع فقده لبعض الشرائط المعتبرة فيها، فيكون محكوماً بالصحّة والمشروعيّة لذلك. كما تبيّن أيضاً أنّ اختلاف الفقهاء في الصحّة وعدمها يرجع إلى استفادة الإذن الشرعي وعدمه من الدليل المذكور.


 
۱. الشرائع، ج۲، ص۳۵۴.    
۲. القواعد، ج۲، ص۱۳۴.    
۳. الشرائع، ج۲، ص۳۵۴.    
۴. القواعد، ج۲، ص۱۳۵.    
۵. الشرائع، ج۲، ص۳۵۳.    
۶. القواعد، ج۲، ص۱۳۷.    
۷. القواعد، ج۲، ص۱۳۴.    
۸. المسالك، ج۴، ص۱۵۰.    
۹. حاشية الارشاد (غاية المراد)، ج۲، ص۱۹۶.
۱۰. مجمع البيان، ج۳، ص۲۰.    
۱۱. النساء/سورة ۴، الآية ۶.    
۱۲. المبسوط، ج۲، ص۲۸۱.    
۱۳. هود/سورة ۱۱، الآية ۷.    
۱۴. الملك/سورة ۶۷، الآية ۲.    
۱۵. التذكرة، ج۱۴، ص۲۲۴.    
۱۶. المسالك، ج۴، ص۱۵۰.    
۱۷. النساء/سورة ۴، الآية ۶.    
۱۸. مجمع الفائدة، ج۹، ص۲۰۵.    
۱۹. الرياض، ج۸، ص۵۶۲.    
۲۰. مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۸- ۲۴۹.
۲۱. جامع المدارك، ج۳، ص۳۶۷.    
۲۲. جامع المدارك، ج۳، ص۳۶۸.    
۲۳. النساء/سورة ۴، الآية ۶.    
۲۴. تفسير القمّي‌، ج۱، ص۱۳۱.    
۲۵. الحدائق، ج۱۸، ص۳۷۱.    
۲۶. مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۸.
۲۷. جواهر الكلام، ج۲۶، ص۱۰۹.    
۲۸. المنهاج (الخوئي)، ج۲، ص۱۷۹.    
۲۹. تحرير الوسيلة، ج۲، ص۱۷، م ۱۰.    
۳۰. هداية العباد، ج۲، ص۶۸، م ۲۸۶.    
۳۱. النساء/سورة ۴، الآية ۶.    
۳۲. المبسوط، ج۲، ص۲۸۴.    
۳۳. الشرائع، ج۲، ص۳۵۴.    
۳۴. التذكرة، ج۱۴، ص۲۲۵.    
۳۵. جامع المقاصد، ج۵، ص۱۸۴.    
۳۶. المسالك، ج۴، ص۱۶۶.    
۳۷. مجمع الفائدة، ج۹، ص۲۰۷- ۲۰۸.    
۳۸. زبدة البيان، ج۱، ص۴۷۹- ۴۸۰.    
۳۹. جواهر الكلام، ج۲۶، ص۱۰۸- ۱۱۰.    
۴۰. مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۹.
۴۱. النساء/سورة ۴، الآية ۶.    
۴۲. جواهر الكلام، ج۲۶، ص۱۰۸- ۱۱۰.    
۴۳. الرياض، ج۸، ص۵۶۲.    
۴۴. التذكرة، ج۱۴، ص۲۴۲.    
۴۵. المبسوط، ج۲، ص۲۸۴.    
۴۶. الشرائع، ج۲، ص۳۵۲.    
۴۷. القواعد، ج۲، ص۱۳۴.    
۴۸. الارشاد، ج۱، ص۳۹۵.    
۴۹. مجمع الفائدة، ج۹، ص۲۰۶- ۲۰۷.    
۵۰. مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۴۷.
۵۱. جواهر الكلام، ج۲۶، ص۱۰۸- ۱۱۱.    
۵۲. القواعد، ج۲، ص۱۳۴.    
۵۳. الإيضاح، ج۲، ص۵۲.
۵۴. جامع المقاصد، ج۵، ص۱۸۵.    
۵۵. جواهر الكلام، ج۲۶، ص۱۱۲.    
۵۶. المبسوط، ج۲، ص۲۸۴.    
۵۷. الشرائع، ج۲، ص۳۵۴.    
۵۸. التذكرة، ج۱۴، ص۲۴۱.    
۵۹. مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۵۰.
۶۰. جامع المقاصد، ج۵، ص۱۸۵- ۱۸۶.    
۶۱. المسالك، ج۴، ص۱۶۶- ۱۶۷.    
۶۲. النساء/سورة ۴، الآية ۶.    
۶۳. مستمسك العروة، ج۱۴، ص۳۸۴- ۳۸۵.    
۶۴. النساء/سورة ۴، الآية ۶.    
۶۵. نهج الفقاهة، ج۱، ص۱۸۲- ۱۸۳.    




[]



جعبه ابزار