الأيّم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي
المرأة التي لا
زوج لها و
الرجل الذي لا
زوجة لها .
الأيّم- على وزن فَيعل
كسيّد و
ميّت -:
المرأة التي لا
زوج لها،
بكراً كانت أو
ثيّباً، مطلّقة كانت أو
متوفّى عنها زوجها.
ويستعمل في الرجل الذي لا زوج له أيضاً؛
تشبيهاً بالمرأة.
فيستوي فيه
الذكر و
الانثى ، و
الجمع أيامى
كيتامى .
قال
الفيّومي : «الأيّم:
العزب ، رجلًا كان أو امرأة، قال
الصغاني : وسواء تزوّج من قَبلُ أو لم يتزوّج، فيقال: رجل أيّم وامرأة أيّم».
والمحكي عن بعض
أهل اللغة : امرأة أيّمة أيضاً.
ويستعمل لدى
الفقهاء في نفس
المعنى اللغوي. نعم، قد يستعمل في خصوص
الثيّب كما في رواية
عبد اللَّه بن عبّاس عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الأيّم أحقّ بنفسها من
وليّها »،
وهو
استعمال بالقرينة لمعلوميّة
الحكم في خصوص الثيّب، دون
مطلق من لا زوج لها، بل روى نفس
الحديث بلفظ (الثيّب) عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو قوله: «الثيّب أحقّ بنفسها من وليّها».
ورواهما معاً
مسلم في
صحيحه عن ابن عبّاس.
- على وزن
فيعل - ضد
البكر و
العذراء ، قال اللَّه تعالى: «ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً»،
يقال للتي تثوب عن
الزوج ،
أصله ثاب، أي رَجَع عنه، ويستوي فيه الذكر الانثى، إلّاأنّ إطلاقه على
المرأة أكثر؛ لأنّها ترجع إلى
أهلها بوجه غير الأوّل.
وفي
الخبر : «لا يبيتنّ رجلٌ عند امرأة ثيّب»،
خصّها بالذكر؛ لأنّ البكر تكون
أخوف على نفسها،
وهي أخص من الأيّم؛ لأنّ كلّ من رجع عن الزوج فهو أيّم وليس كذلك
العكس .
وهو- لغة-
الانقطاع إلى اللَّه تعالى بالعبادة و
إخلاص النيّة له، ويستعمل بمعنى ترك
النكاح أيضاً، ولعلّه مختصّ
بالنساء، ومنه ما يقال
لمريم عليها السلام البتول ، وفي رواية
عبد الصمد بن بشير قال: دخلت امرأة على
أبي عبد اللَّه عليه السلام فقالت: أصلحك اللَّه، إنّي امرأة
متبتّلة، فقال: «وما التبتّل عندك؟» قالت:
لا أتزوّج، قال: «ولِمَ؟» قالت: ألتمس بذلك
الفضل ، فقال: «انصرفي فلو كان ذلك فضلًا لكانت
فاطمة عليها السلام أحقّ به منك، أنّه ليس أحد يسبقها إلى الفضل».
وستأتي رواية
ابن أبي يعفور أيضاً في هذا المعنى.
العمدة فيما يتعلّق بهذا
الموضوع ما يستفاد من قوله تعالى: «وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ
وَالصَّالِحِينَ مِنْ
عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا
فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ»،
وبعض الروايات الواردة في فضل النكاح وترك
العزوبة ونحوها من الأحكام، ونتعرّض لها
إجمالًا كما يلي:
يستحبّ النكاح
استحباباً مؤكّداً، خصوصاً لمن اشتاقت نفسه إليه من الرجال والنساء؛ وذلك
للروايات المتعدّدة:
منها: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تناكحوا تناسلوا».
ومنها: رواية
كليب بن معاوية عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:
من تزوّج أحرز نصف
دينه ».
ومنها: حديث آخر: «فليتّق اللَّه في النصف الآخر أو الباقي».
ومنها: رواية
صفوان بن مهران عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:...
ما من شيء أحبّ إلى اللَّه عزّوجلّ من بيت يعمر في
الإسلام بالنكاح...».
وقد يجب بطروّ
العناوين الثانوية.
والاستحباب
الوارد في النصوص وإن كان مطلقاً، إلّاأنّ [[|القدر]]
المتيقّن من كثير منها هو النكاح لمن ليس لديه
زوجة أو ليست بذات زوج، بل هذا هو
الظاهر من النصوص الكثيرة الدالّة على
الترغيب في
صيانة النفس بالنكاح وغير ذلك، فيكون الأيّم هو
المصداق الأبرز.
هذا، وقد صرّح
الشيخ الحرّ العاملي بكراهة العزوبة زيادة على ما ذكره أوّلًا من استحباب النكاح،
وقد تدلّ عليها رواية
محمّد الأصم عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: رُذّال
موتاكم العُزّاب»،
ورواه
الصدوق مرسلًا إلّاأنّه قال:
«أراذل...».
ورواية الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «أكثر أهل
النار العُزّاب».
وأمّا التبتّل- وهو
تعطيل المرأة النكاح مطلقاً أو
طلباً للفضل- فقد ورد
النهي عنه، ففي رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم النساء أن يتبتّلن ويعطّلن أنفسهنّ من الأزواج»،
وقد تقدّم
خبر عبد الصمد ابن بشير عن الإمام الصادق عليه السلام في ذلك أيضاً.
كما يستحبّ النكاح لنفس الأيّم، كذلك يستحبّ لأهله
الإقدام على
إنكاحه و
تزويجه ، بل
إنفاق المال فيه، فإنّهم المقدار المتيقّن من
المخاطب في
الآية الكريمة: «وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ».
قال
المحقّق الأردبيلي : «فالآية دليل
ترغيب الأولياء و
الوكلاء وإن لم يكونوا
أولياء شرعاً بتزويج من يسمع كلامهم ويتّبعهم، وعدم جعل
فقر الزوج والزوجة مانعاً؛
معلّلًا بأنّ اللَّه هو
المغني - إلى أن قال:- ففيها
دلالة على مرغوبيّة النكاح مطلقاً وأفضليّته، وعلى استقلال
الآباء والأولياء- وإن كان المولّى عليه بُلّاغاً تأمّل- وعلى استقلال الموالي أيضاً في نكاح
المماليك ...».
بل يمكن القول بأنّ الآية الكريمة خطاب
للمؤمنين عامّة فلا يختصّ الترغيب و
الحثّ على التزويج للأيامى بالأولياء بل يشمل عامّة المؤمنين.
ولعلّه لذلك قال
الشيخ الطبرسي :
«معناه زوّجوا أيّها المؤمنون من لا زوج له من
أحرار رجالكم ونسائكم، وهذا أمر
ندب واستحباب»،
حيث جعل الخطاب موجّهاً للمؤمنين.
وتدلّ عليه أيضاً رواية صفوان بن مهران عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: تزوّجوا وزوِّجوا، ألا فمِن
حظِّ امرءٍ
مسلم إنفاق قيمة أيّمة...».
وظاهر هذا الحديث عدم
حصر الاستحباب في الأهل، بل يشمل كلّ قادر على تزويجهم والإنفاق عليهم، كما هو
مقتضى عمومات
المعروف و
قضاء حاجة المؤمنين أيضاً.
ولكن الظاهر من بعضهم أنّ
الخطاب في الآية الكريمة ينحصر في من له
الولاية ، وظاهره الولاية الشرعية»، فيبقى
الاستدلال لعموم الحكم لغير الولي بالخبر المزبور و
عمومات المعروف.
وهذا الحكم
بناءً على استحبابه عيني لكلّ قادر؛ لعموم الأدلّة السابقة،
وبالنسبة للأولياء آكد، وأمّا بناء الوجوب فينحصر وجهه في الآية، وظاهرها العينيّة، وقد تحتمل
الكفاية أيضاً.
وقد يقال بأنّ الأمر فيها لمّا كان
لتحقيق أمر مستحبّ بالنسبة إلى الغير وهو النكاح فلا يعقل
وجوبه ، فإن وجب النكاح عليه
لطارئ فقد يتصوّر الحكم بالوجوب حينئذٍ.
قال
الشيخ الطوسي : «وقيل: إنّ الأمر بتزويج الأيامى إذا أردن ذلك أمرٌ
فرض ».
وظاهره أنّه غير قائل به.
وقال
فخر المحقّقين : «قالوا: قال اللَّه تعالى: «وَأَنكِحُوا الأَيَامَى...»،
والأمر للوجوب، وأجاب قومٌ بوجوب الكفاية، وهو تحكّم، و
الحقّ الاستحباب...».
وقد يقال بأنّ ظاهر الآية الكريمة الوجوب، إلّاأنّ
الارتكاز المتشرّعي و
السيرة المتشرّعية- بعد توجّه الخطاب لعامّة المؤمنين- يصلح قرينة على
الاستحباب ؛ لمركوزية عدم الوجوب في
الذهن المتشرّعي، وبذلك يرتفع
الإشكال .
ومهما يكن فإنّ هذا الحكم يندب إلى
سعي المؤمنين لتشكيل
المؤسّسات الخيرية التي تعنى بتزويج الأيامى والعزّاب، وهو مشمولٌ أيضاً لعمومات الجمع بين رأسين على
فراش واحد، وغيرها.
وتفصيل
الكلام فيه متروك إلى محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۴۳۵-۴۳۹.